جهينة نيوز
ركزت صحيفة تشرين في عددها الصادر اليوم السبت 27 كانون الثاني 2018 على خرق القانون وارتكاب مخالفات بموافقات حسب الاصول حيث بدأت معاناة جيران وساكني بناء مشفى المعونة سابقاً في جرمانا بعد بيعه لمجموعة من الأطباء قبل عدة سنوات وقيام المالكين الجدد بشراء شقق سكنية ملاصقة ومجاورة له في البناء ذاته وفي مبنى مجاور وضمّها إلى المشفى بغية توسعته وتحويله من مشفى بعشرة أسرة إلى مشفى بثلاثين سريراً من دون الاكتراث بما تسببه هذه التوسعة من تعدٍ على أملاك سكان الجوار الخاصة وكذلك على المرافق الخاصة لبنائهم، وبما تسببه من ضرر وإزعاج وقلق للقاطنين بجوار المشفى الذي تغيرت تسميته إلى مشفى الرعاية الخاصة.
السيدة عبير أبو شقرا من ساكني البناء تقول: توصيلات الشوفاج والمداخن والمولدة كلها شيدوها داخل أملاك البناية وفي المرافق الخاصة بسكان البناية، ووضعوا مولدة ضخمة جداً في الوجيبة الخلفية للمشفى المطلة على شققنا وشقق الجيران وركنوا بجانبها خزانات المازوت الخاصة بها تحت غرف نومنا وهي تحدث ضجيجاً واهتزازاً على النوافذ وتصدر رائحة قوية اضطرتنا إلى إغلاق نوافذنا المطلة على الوجيبة بشكل دائم وإلى إغلاق مكان تهوية الحمام بلصاقة نايلون عازل لمنع دخول وتسرب رائحة المازوت وغيره إلى منزلنا لأننا كدنا أن نختنق من الرائحة.
وأشارت أبو شقرا إلى أن المولدة تشتغل أوتوماتيكياً فور انقطاع الكهرباء النظامية وبعدها لا يعودون قادرين على النوم، وأضافت: تحدثنا مع دكاترة المشفى وشرحنا لهم معاناتنا مع هذا الوضع وأعطونا وعوداً بتغطية المدخنة ومعالجة الصوت والرائحة لكنهم ضحكوا علينا ولم ينفذوا وعودهم ولم يلتزموا بأي شيء وتابعوا أعمالهم من دون أن يكترثوا بنا، موضحة أنهم تقدموا بشكوى للبلدية بهذا الخصوص منذ أكثر من شهر وشكوى أخرى حديثة، لكن البلدية أجابتهم بالقول: احكوا مع الأطباء واتفقوا معهم كي يقوموا بالإصلاحات والتعديلات المطلوبة.
وأشارت إلى أن الجيران قدموا شكوى إلى محافظة ريف دمشق وأعطى المحافظ أمراً بإجراء كشف ودراسة على المشفى كي يتأكدوا من الأضرار، مضيفة أن أحد الجيران قدم شكوى لأنهم وضعوا خزانات وتوربينات فوق سطح بيته الذي يملكه، وجاء أمر من المحافظ إلى بلدية جرمانا بفك التوربينات، لكن البلدية لم تنفذ أمر المحافظ.
ولفتت أبو شقرا إلى أنه كان في استطاعتهم وضع المولدة في قبو المشفى أو أن يشتروا قطعة الأرض الفارغة المقابلة للمشفى ويضعوها فيها بدلاً من أن يضعوها تحت غرف نومهم.
ن.ر أحد جيران المشفى أوضح أن المشفى كان سابقاً بطابق واحد والوجيبة كانت تستخدم فقط لنشر الغسيل وبعد أن جاء المالكون الجدد وقاموا بتوسيع المشفى وضعوا المولدة الضخمة في الوجيبة كما مددوا أنابيب التهوية منها إلى الأعلى، وقال ن.ر: ألحقت التمديدات الجديدة الضرر بنا وأساءت لنا ولم أعد قادراً على تهوية غرفة نومي لأنهم وضعوا خزانات المازوت بجانب المولدة أيضاً وعندما أعود من عملي في المساء كي أستريح لا أستطيع لأن صوت دوي المولدة المزعج والقوي لا يجعلنا قادرين على النوم في الليل، وأضاف: إنشاء المشفى يعد عملاً انسانياً، وهل ضرر الجيران وازعاجهم عمل انساني؟!
ولفت ن.ر إلى أن المولدة في المشفى القديم كانت موجودة في القبو ولم تكن تصدر أي صوت أو رائحة تزعج الجيران وكانت لها تهويتها بعيداً عنهم.
مدير إدارة مشفى الرعاية الخاصة ب.ر قال: اشترينا هذا المشفى من أصحابه القديمين منذ العام 2010 ونقوم بتوسعته بموافقات، حسب الأصول، ووسعناه إلى 30 سريراً من دون مخالفات، موضحاً أنه يوجد في وجيبة المشفى في الطابق الأرضي مولدة كهربائية وهي من شروط وزارة الصحة حتى لا تؤثر في المرضى في حال انقطاع التيار الكهربائي. وأضاف مدير إدارة المشفى: طلب الجيران مني عن طريق بلدية جرمانا أن نزيل السقف المعدني الذي فوقها وأزلناه كما أضفنا على المولدة (كبيناً إضافياً) ووضعنا تحتها ست مخمدات للاهتزاز وعملنا لها مدخنة، حسب الأصول، حتى لا تسبب أي إزعاج للجيران، مشيراً إلى أنه تم تشكيل لجنة في بلدية جرمانا مؤلفة من مهندسين وجاؤوا إلى المكان ودرسوا الوضع ووجدوا أنه لا يوجد أي أذى على الجيران. ولفت ب.ر إلى أنهم يرحبون بأي لجنة أخرى تأتي لدراسة وكشف إن كان هناك أي أذى يقع على الجيران من قبل المشفى، وقال: المشفى مرخص، حسب الأصول، ونحن ليس ذنبنا أن التراخيص القديمة كانت تسمح بإقامة مشاف ومنشآت داخل أبنية سكنية.
رئيس بلدية جرمانا خلدون عفوف أكد أنه جاءتهم شكوتان من قبل جيران المشفى يشرحون فيهما الوضع الحالي، موضحاً أن الجيران الذين اشتكوا ليس لديهم مانع في إقامة المشفى ولكن لديهم بعض الطلبات بخصوص رائحة المازوت ومكان المولدة، وأضاف عفوف: اقترحنا عليهم أن يجتمعوا مع المسؤولين في المشفى وراسلنا محامي المشفى كي نجتمع بأصحابها ونوجد حلاً لهذه المشكلة.
وأوضح عفوف أن الكشف الأول الذي أجرته البلدية بيّن أن هذه الوجيبة ملك للمشفى ولهم الحق في استغلالها والاستفادة منها.
وبخصوص الشكوى التي جاءت من المحافظة قال عفوف: لم يأتنا أي أمر من المحافظ بإزالة الخزانات والتوربينات من على سطح البناء، وصاحب الشكوى لم يقل لنا أن لديه مانعاً من وضع الخزانات فوق بيته، وإنما هو منزعج من صوت الهدير.
من جهة اخرى اهتمت الصحيفة بظاهرة الانتشار التي باتت مؤخراً بكثرة بين الفئات العمرية الصغيرة من الشباب والفتيات، وأصبحت ضمن السلوكيات والنشاطات والبرامج اليومية لعدد كبير منهم، وطقوس النرجيلة متعددة لهم، فمنهم من يرتاد المقاهي ومنهم من يتبادل الزيارات أو يجدون في الأماكن العامة مكاناً يدخنون فيه، حيث يحضر كل منهم نرجيلته الخاصة به.
للوقوف على هذا الموضوع جالت «تشرين» في عدد من المقاهي، واللافت وجود نسبة كبيرة من المراهقين الذين يرتادون هذه المقاهي ويدخنون النرجيلة.
نجمع المصروف للنرجيلة
ينادي بملء صوته، ولد لم يتجاوز الخامسة عشرة من العمر على ولد مثله ليحضر له نارة وفحماً ظناً منه أن الرجولة تكتمل بنفخ دخانها.. يجلس عمار مع أصدقائه بمثل سنه في إحدى المقاهي متأبطين ذراع النرجيلة، هي جزء من حياتنا -يقولها عمار- ولا نستطيع الاستغناء عنها بابتسامة يرسمها على وجهه، يشير إلى آنسة، «بطلبلك» نرجيلة؟ فسارعته بالقول: لا شكراً لا أحبها، فأجاب بلهجة الاستهجان (في حدا بها الأيام ما بنرجل)،ـ حاولت أن أفهم منه منذ متى يدخن النرجيلة؟ فقال: بدأت أول «نفس أرجيلة» في الصف السادس من دون علم أهلي، ومن ثم أصبحنا نجمع المصروف ونشتري معدات النرجيلة، وتطوّر بنا الأمر للذهاب إلى المقاهي في العطل أو بعد المدرسة.
وما المتعة التي تجدها في النرجيلة سألته؟ أجاب: كل المتعة أجدها فيها، وأنسى الدنيا عندما أدخنها برفقة أصدقائي، وخصوصا أثناء متابعة المباريات، كما أنها تريح البال وتُنسي الهموم. وما الذي يشغل بال طالب بعمرك؟ فقال: وما الذي لا يشغل بالنا ونحن جيل استيقظ على حرب حرمتنا من كل شيء ومن أبسط حقوق طفولتنا، أضاف بنبرة حزينة: لن تؤذيني أكثر من الوضع والظروف في بلدي، صديقه موسى أكد فكرة أن النرجيلة تنسي الهموم وتعمل جواً خاصاً.
موضة وبريستيج
في مكان آخر اجتمعت مجموعة من الفتيات بأعمار بين 15- 17عاماً ودخان النرجيلة يغطي المكان، بالكاد نستطيع رؤية وجوههن.. قلن: إن النرجيلة نوع من المتعة والموضة والبريستيج، فالطالبة هبة 16عاماً تقول: إنها من عشاق النرجيلة، وأصبحت وصديقاتها من الزبائن الأوفياء للمقاهي، وتعدّ النرجيلة نوعاً من الموضة في العصر الحالي، وهي مثلها مثل الاكسسوار، وهذا ما أكدته صديقتها فرح ذات 17 عاماً قائلة: كنت أرفض فكرة النرجيلة، ولكن مع انتشارها بين صديقاتي أصبحت أحس أنني شخصية شاذة عنهن، وأمام الإلحاح جربتها، وفي البداية سعلت كثيراً وشعرت بدوار، ولكن مع الأيام اعتدت تدخينها.
هروب من واقع
ميرا ذات 17 ربيعاً تقول: أشرب النرجيلة بشكل يومي، وأعرف أنها عادة سيئة ومرفوضة اجتماعياً ولكن بالنسبة لي هي هروب من واقع أعيشه في منزلي، فأمي متوفية وأبي يعمل كل الوقت خارج المنزل، ولا أحب الجلوس مع زوجة أبي التي تملأ حياتي بالمشكلات، فأخرج مع صديقاتي هرباً، وأشرب النرجيلة التي تشعرني بالمتعة برائحتها الجذابة ودخانها الكثيف والجلسة الجميلة مع الصديقات.
مع الآباء
أجمعَ كل من التقيناهم من الآباء على رفضهم للنرجيلة، ولكن مع مجتمع منفتح ووسائل تواصل اجتماعية متعددة وانتشار هذه الظاهرة بكثرة أصبح من الصعوبة تقييد حرية الأولاد أو حتى منعهم من كثير من الظواهر التي أصبحت موضة وتقليداً أعمى.
أبو أوس قال: كسرت كل النراجيل الموجودة في المنزل وحاولت منع ولدي مرات ومرات منها ولكن عبثاً، ووصل بي الأمر إلى قطع المصروف عنه، وحاولت أنا التوقف عن هذه العادة من أجله، هو الآن لا يدخن في البيت، ولكن لا أضمن أنه لا يقوم بذلك عند أصدقائه، ويؤكد أن هناك آباء يصطحبون أولادهم للمقاهي ويطلبون لهم النرجيلة.
يشاطره الرأي ولكن بطريقة أخرى أبو صالح (معلم مدرسة) قائلاً: أعرف مهما فعلت لن أستطيع منعه بالعنف لأنه لن يقتنع حتى يجرب، لذلك أحضر له معدات النرجيلة وأجعله (ينرجل) معي لأكسر له هذا الحاجز، وليكون بكميات مقبولة حتى لا تتحول عنده إلى إدمان، وحسب قوله (هيك هيك بدو يأرجل) فليكن بمراقبتي أفضل، ووجّه الأهالي نداء لجميع الجهات المعنية أن تكون هناك حملات دائمة مكثفة تشمل المدارس والجامعات وبوسائل الاعلام جميعها لتوعية الشباب وتحذيرهم من مخاطر التدخين بشكل عام والنرجيلة بشكل خاص، وأن تعتمد هذه الحملات على عوامل جذب تستطيع إقناع الشباب والتركيز على الوسائل التي ترتبط بشكل مباشر بالشباب، والقادرة على الوصول إليهم بشكل سريع كوسائل التواصل الاجتماعي، وأن يكون هناك دور رقابي على المطاعم والمقاهي.
النرجيلة بطلب من الأهالي
ماهر صاحب مقهى يقول: إن تدخين النرجيلة يشكل موضة لدى الشباب، ويقبلون عليها من باب التسلية برفقة الأصدقاء، ونحرص أن يكون سن الزبون فوق الثامنة عشرة، ولكن في أغلب الأحيان الأهالي هم من يطلبون النرجيلة لأبنائهم المراهقين.
مواد مسرطنة
كشف كل من التقيناهم من الأطباء بمختلف اختصاصاتهم خطر النرجيلة الكبير على الصحة وأنها تحوي مواد مسرطنة ونيكوتيناً ولا يمكن أن تصفى من خلال الماء الذي تحويه النرجيلة كما هو شائع، وبيّن الدكتور عماد عبد الرحمن- اختصاصي جراحة عامة أن مدخن النرجيلة معرّض كمدخن السجائر لمخاطر أمراض القلب والشرايين والسرطان وأمراض الجهاز التنفسي، وآفات الرئة الانسدادية، كذلك أجمعوا على أنها قد تصل إلى حد الإدمان، حيث يشعر مدخنها بالحاجة لها كل يوم كمدخن السجائر تماماً.
حالات إغلاق ومخالفات
مدير الترويج في وزارة السياحة زهير أرض روملي أكد أن هناك تعميماً لمختلف المنشآت والمقاهي يمنع تقديم النرجيلة للمراهقين تحت سن 18 ويوجد تشديد في هذا الموضوع وحملات دائمة، وتم تنفيذ 12ضبط مخالفة تدخين بشكل عام، وتقديم نراجيل للمراهقين بشكل خاص، لأن هذا يعدّ مخالفاً لأحكام المرسوم التشريعي62 الذي صدر في عام 2009 الخاص بمكافحة التدخين، موضحاً أن غرامة المخالف صاحب المنشأة 25 ألفاً والمراهق المخالف 2000 ليرة، وإذا تكررت المخالفة يتم إغلاق المنشأة، كاشفاً عن 3 حالات إغلاق بسبب عدم التقيد بالتعليمات الصحية الخاصة لمادة المعسل، وتقديم النراجيل للمراهقين.
وفي السياق نفسه أكد أرض روملي أن هناك تعليمات صدرت من وزارة السياحة بالتعاون مع وزارة الصحة وكل الوزارت بإعادة تفعيل بعض أحكام المرسوم 62 من خلال اقتراح بعض التعديلات اللازمة عليها، وخصوصاً فيما يتعلق بموضوع الاشتراطات المطلوبة لتقديم منتجات التبغ ومراعاة الشروط الصحية في التقديم.
وختم أرض روملي أنه في أغلب الحملات التي قامت بها وزارة السياحة على المقاهي كان اللافت وجود الأهالي إلى جانب أبنائهم وهم من يطلبون النرجيلة لهم، وفي أغلب الأحيان يقوم الأب بدفع المخالفة الخاصة بابنه.
إثبات الذات بطريقة سلبية
بدورها الدكتورة الباحثة الاجتماعية في جامعة دمشق رشا شعبان بيّنت أن سلوك المراهق يحاكي سلوك الكبار، والنرجيلة أو التدخين هو حالة تقليد للكبار ليشعر بمكانته وأنه ذو مستوى وله قيمة بين أقرانه وفي المجتمع، وعلى حد تعبيرها فإن التدخين بكل أنواعه هو حالة إثبات الذات بالطريقة السلبية الخاطئة، مضيفة: إن المشكلة بعوامل وأدوات الضبط الاجتماعي، فهناك –في رأيها- تراخٍ من قبل الجميع، وهناك تراجع قيمي، حيث غلبت الثقافة المادية على الثقافة الأخلاقية بشكل عام، وضربت شعبان مثالاً أن صاحب المقهى أصبح همه المال والربح أكثر من الموضوع الأخلاقي، مشيرة إلى التراخي والإهمال من قبل الأهل والمدرسة وغياب الدور ليس فقط التعليمي في المدارس وإنما الدور التربوي التوعوي، كذلك انشغال الأهل بتأمين معيشتهم في ظل الظروف المعيشية الراهنة على حساب الحوار مع الأبناء وتوعيتهم وفهم مشكلاتهم، كلها -حسب رأي شعبان- كان لها الدور الأبرز في السلوكيات السلبية ولاسيما التدخين، وعن الحلول المقترحة للتخفيف من هذه الظاهرة قالت شعبان: يجب علينا جميعاً إعادة إعمار الإنسان من خلال تفعيل دور الأندية الخاصة بالشباب التي تعنى بعقلهم وبوعيهم وتربيتهم.