جهينة نيوز
ركزت صحيفة الثورة في عددها الصادر اليوم الاحد 25 اذار 2018 اهتمامها في مناقصة الموز التي أعلنت عنها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك حيث تعاقدت مع تاجر بحقه قراران حجز احتياطي على أمواله المنقولة وغير المنقولة بتهمة التهريب.
وبينت الصحيفة ان المادة رقم (11) من القانون الخاص بنظام العقود للجهات العامة: يشترط في من يود الاشتراك في المناقصة ألا يكون محجوزاً على أمواله حجزاً احتياطياً لصالح الجهات العامة أو حجزاً تنفيذياً.
يبدو كلاماً واضحاً وغير قابل للتأويل، لكن ما حصل في هذه المناقصة كان خرقاً واضحاً، فتجاهلت الوزارة تلك المادة وقامت بالتعاقد مع هذا التاجر والسؤال المطروح: إذا كان مضمون المادة واضحاً فكيف تجرأت وزارة التجارة الداخلية على خرق هذا البند؟ وما الحجة التي تبنتها السورية للتجارة لتتعاقد مع تاجر – مخضرم في التهريب- بعقد قيمته 6 مليارات و750 مليون ليرة وبحقه حجوزات مقابل دفع غرامة مالية تقدر بمليار و900 مليون؟! وهذا كما يقول المثل: «أول الرقص حنجلة» فهذه هي أول مخالفة في قضية مناقصة الموز اللبناني وما ارتكب من مخالفات أخرى أعظم وأفدح.
على الهامش
منذ البداية والبلبلة في قضية استيراد الموز بدت واضحة للعيان، فبالعودة قليلاً إلى الوراء لا يزال الجميع يذكر تصريح وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عبد الله الغربي وتعهده بإيصال الموز إلى يد المواطن بمبلغ 400 ليرة من خلال استيراده من لبنان تلك القضية التي أخذت من الضجة الإعلامية الكثير حتى باتت حديث الكبير والصغير، وخاصة بعد أن بات الموز حكراً على الطبقة الراقية، لتأتي أول دفعة مخيبة للآمال من الموز لم تتعد 250 طناً، لم يعلم بها إلا بعض الموظفين في الجهات الحكومية – بما أن الوزارة كانت حريصة على توزيع الموز على دوائر الدولة- ونفدت الكمية خلال أيام، ما حمل بعض التجار على استغلال الموقف بإدخال الموز المهرب من لبنان وبيعه بـ900 ليرة، لتأتي بعد فترة الدفعة الثانية من الموز 25 ألف طن وتأتي معها تلك التجاوزات فيطرح الموز في الأسواق بمبلغ 500 ليرة أي بزيادة 100 ليرة عما صرح به الوزير، بينما فقد الموز من صالات السورية إلا بالنادر، ما أثار البلبلة أكثر وجعل البعض يسأل عن كيفية بيعه من قبل تجار سوق الهال بينما كان الاستيراد محصوراً بصالات السورية للتجارة.
مَنْ المستفيد؟!
عدة تجاوزات تورطت بارتكابها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أولها خرق لمادة قانون واضحة والتعاقد مع تاجر محجوز على أملاكه، فمنذ اليوم الأول للمناقصة والتجاوزات بدت واضحة، فبرغم من أن مسؤولة الشؤون القانونية الحاضرة لجلسة المناقصة نبهت الموجودين لوجود مخالفة بدون قصدها حينما سألت التاجر (هـ.ل) إذا كان بحقه حجوزات ودعاوى جمركية لينفي الأخير، لكن المناقصة المعلن عنها بتاريخ 28/12/2017/ رست على التاجر(هـ.ل) المحجوز على أملاكه – وهذه هي أول مخالفة- بسعر 250 ليرة للكيلو غرام الواحد وما حصل هو إفشال الجلسة وخروج الوزير من الجلسة من دون السماح بأي مناقشة أو إعلان انتهاء الجلسة !، لتعقد الجلسة الثانية بعد 4 أيام فقط ويتم إرساء المناقصة على التاجر نفسه الذي رست عليه المناقصة الأولى ولكن بسعر 270 ليرة أي بزيادة 20 ليرة على الكيلو غرام الواحد أي بزيادة 500 مليون ليرة على كامل الكمية المستوردة من الموز اللبناني المقدرة بـ25 ألف طن تعود لصالح التاجر – وهذه هي ثاني مخالفة- والسؤال هنا: لِمَ تم إفشال المناقصة الأولى إذا كان سيتم إرسائها على التاجر نفسه ولِمَ ارتفع السعر 20 ليرة خلال أربعة أيام ؟.
لماذا تغاضت؟؟
وإذا كنا نريد أن نحسن الظن بكل تلك التجاوزات السابقة ونفترض أن الوزارة لم تكن على علم بالحجز السابق على أملاك التاجر (ه.ل) عند إجراء المناقصة – وهذا طبعاً عذر أقبح من ذنب فتاريخ التاجر يشهد بشهرته بتهريب الموز والثوم، لكن من باب حسن الظن- فلماذا عند صدور حجز جديد على أملاكه منذ حوالي الشهر تقريباً بتاريخ 8/2/2018 لم تقم الوزارة بحجز الموز الموجود في براداته والمقدر بما يعادل المليار ليرة وتحصيل الغرامة المالية المفروضة عليه لصالح خزينة الدولة ؟!.
خرق لحصرية الاستيراد
يكشف أحد خبراء الموز عن عدم وجود نوع أول من الموز المطروح في الأسواق وكل ما يباع حالياً عبارة عن نوع ثان وثالث ويوضح قائلاً: من المفترض أن يصل سعر النوع الأول من الموز اللبناني إلى يد المستهلك بسعر 300 ليرة كحد أقصى، فما بالك بكم يجب أن يكون عليه سعر الموز المبيع حالياً في الأسواق وجميعه نوع ثان وثالث، يجب أن لا يتعدى سعره 250 ليرة في حين تراه في الأسواق حالياً بين ـ550و600 ليرة ويتساءل ترى مَنْ هو المستفيد وأين الوزارة من ذلك الأمر؟.
وإذا ما عدنا إلى إعلان المناقصة ذاته نجد بدايةً ومن نص الإعلان تبدأ التجاوزات، فقد نص إعلان استدراج العروض بالحرف «تعلن المؤسسة السورية للتجارة عن استدراج عروض لشراء وتسويق» مادة الموز اللبناني – وهذه مخالفة إذ إن التسويق محصور في السورية للتجارة فقط وفق قرار وزارة الاقتصاد- على أن تسلم السورية للتجارة كمية 15% فقط من الكمية المستوردة باسمها، وإعطاء الباقي للتاجر للتصرف به، وهذا ما جعل التاجر يتحكم بسعر الموز ويبيعه بـ500 ليرة بدلاً عما هو مقرر 400 ليرة، هذه الزيادة البالغة 100 ليرة في الكيلو تعني ربحاً إضافياً للتاجر يقدر بـ 2,5 مليار ليرة عما حددته الوزارة، والسؤال: ما مصلحة الوزارة في التغاضي عن كل تلك التجاوزات ؟!
أسالوا المدير
أحد المسؤولين في المؤسسة السورية للتجارة برر أن التاجر قام في تقديم المناقصة باسم زوجته وليس باسمه الشخصي ولكن عندما أكدنا لها أن القرار الصادر ينص على الحجز على أمواله وأموال زوجته أكد أنه لم يكن على علم في ذلك رغم أن أحد الموجودين في القاعة أعلمه مسبقاً بوجود حجز احتياطي باسم التاجر وزوجاته لكنه كما قال: «مو كل شخص حكى كلمة منرد عليه» مؤكداً أنه قام بسؤال الشخص أمام الحضور ومن بينهم الوزير لكن التاجر نفى ذلك، وليس هو المسؤول عن الموضوع، فالمناقصة جرت في مبنى الوزارة وأمام فعاليات رسمية من بينها الوزير والمدير العام للسورية للتجارة مردفاً بقوله: «ياريت تسألوا المدير العام أنا ما دخلني بالموضوع».
في حين أكد أحد المسؤولين في الشؤون القانونية في الوزارة ضرورة تقدم أي تاجر للأوراق المطلوبة لأي مناقصة ومن بينها تعهد بعدم وجود حجوزات مالية باسمه وليس من شأن الجهة التي يتقدم إليها التبيين من الموضوع، وفي حال قام بتقديم تصريح كاذب فإنه يجرم قانونياً فهذا جرم جزائي، مشيراً إلى أن الوزارة لا علاقة لها بمناقصة الموز، والمؤسسة السورية للتجارة هي المسؤولة عن الموضوع.
بدورها صحيفة الوطن اشارت الى وجود خلاف بين هيئة الرسوم والضرائب وتقارير للجهاز المركزي للرقابة المالية حيث برز هذا الخلاف، حول إصدار تكاليف إضافية لتكاليف اكتسبت الدرجة القطعية بموجب قرارات اللجان المالية الضريبية (مالية- طعن- إعادة نظر)، وذلك بحسب ما كشفته مذكرة في وزارة المالية (حصلت «الوطن» على نسخة منها)، إذ بيّنت أن هيئة الرسوم والضرائب بعد اطلاعها ودراستها لتقرير الجهاز المركزي للرقابة المالية بخصوص تكاليف الأرباح الحقيقية والتدقيق فيها؛ أن الملاحظات المسطرة على الأضابير هي لأضابير مكتسبة الدرجة القطعية، والدوائر المالية لم تتقدم بالطعن على قرارات لجان الطعن وفق ما هو منصوص عليه بقانون الدخل 24 لعام 2003، وأنه يتعذر على الدوائر المالية إصدار تكليف إضافي استناداً إلى ملاحظات الجهاز على اعتبار أن الملاحظات المسطرة غير مدرجة في المادة 37 من قانون الدخل 24 لعام 2003، وأن الدوائر المالية صاحبة الاختصاص بفرض الضريبة ولا يمكنها الأخذ بها لأن التكليف مكتسب الدرجة القطعية أسوة بعمل القضاة في المحاكم، وأسوة بعمل الأطباء في المشافي، مع التنويه بأن التعليمات تحدد متى يجب التكليف المباشر وتترك للجان الضريبة تحديد أسس التكليف الواقعية.
علماً بأن إصدار التكاليف الإضافية لتكاليف مكتسبة الدرجة القطعية يتطلب حكماً قضائياً، وإصدار تكليف إضافي من دون حكم قضائي سوف يدفع المكلف إلى استصدار أحكام قضائية بعدم قانونية إصدار هذا التكليف الإضافي.
وتبين الهيئة عبر المذكرة أن مطالبة الجهاز بإعادة دراسة التكاليف وإصدار تكاليف إضافية قد بنيت بشكل عام على افتراضات وتقديرات لا تستند إلى أي نص قانوني أو أسس محاسبية وضريبية أو علمية صحيحة، وقد تمحورت بشكل خاص على أنه لوحظ في جميع أضابير التكاليف التي طالب فيها مفتشو الجهاز المركزي بإعادة دراستها وتكليفها من جديد؛ قد تمحورت حول افتراضات بأنه لو أن تقرير التكليف قد اعتمد نسبة مصاريف إدارية بمعدل ما بين 5 بالمئة و6 بالمئة من إجمالي التكلفة على جميع التكاليف التي تمت المطالبة بإعادة تكليفها، وكذلك فقد ذكر بأنه لو أن تقرير التكليف قد اعتمد نسبة مصاريف صناعية ما بين 20 بالمئة و25 بالمئة بحجة أن نسبة المصاريف الصناعية التي تناسب هذه المهنة هي بهذه الحدود، ووردت عبارة بأن هذه النسب هي المتعارف عليها بخصوص هذه المهنة، والشيء نفسه بالنسبة للمصاريف الإدارية المقترحة ما بين 5 بالمئة و6 بالمئة بحجة أنها هي النسب المتعارف عليها، وكذلك تمت ملاحظة المطالبة باعتماد نسبة مصاريف بيع وتوزيع بحدود 1 بالمئة وكذلك هي نسبة ثابتة.
وهنا تؤكد هيئة الرسوم والضرائب بناء على المذكرة أنه بالنسبة للمصاريف الإدارية فإن أكثر من 80 بالمئة منها تعتبر من المصاريف غير المرنة أي بمعنى أنها تعتبر من المصاريف الثابتة والتي تكون استجابتها ضعيفة للتغير في حجم الإنتاج أي إنها لا تتأثر بزيادة الإنتاج أو نقصانه ومن هذه المصاريف على سبيل المثال لا الحصر الرواتب والأجور للعاملين في الحقل الإداري وكذلك مصاريف الكهرباء والهاتف والمياه والمطبوعات ونقل العاملين.
أما بالنسبة للمصاريف الصناعية فهي تعتبر مصاريف مركبة من جزأين؛ مصاريف ثابتة وهي لا تتأثر بتغير الإنتاج زيادة أو نقصاناً ومنها كتلة الرواتب والأجور للعاملين في قطاع التصنيع والتشغيل والتي قد تشكل في كثير من الأحيان ما نسبته ما بين 50 بالمئة إلى 75 بالمئة وذلك في مراحل الإنتاج المنخفضة وكذلك هناك استهلاك الآلات والتي تعتبر ثابتة وكذلك إيجار المصنع، ومصاريف متغيرة وهي المصاريف التي تعتبر من المصاريف المرنة والتي تستجيب للتغير في حجم الإنتاج زيادة أو نقصاناً ومنها على سبيل المثال لا الحصر مصاريف الوقود والقوى المحركة واستهلاك الكهرباء الصناعية والزيوت والشحوم وغيرها.
وأشارت المذكرة إلى أنه في مراحل الإنتاج الدنيا تكون نسبة المصاريف الثابتة إلى إجمالي المصاريف الصناعية هي النسبة العليا، وكلما زاد الإنتاج انخفض مؤشر المصاريف الثابتة ضمن كتلة المصاريف الصناعية وذلك مع ارتفاع مؤشر المصاريف المتغيرة ضمن كتلة المصاريف الصناعية حتى يتم الوصول إلى نقطة التعادل وهي النقطة التي يكون فيها حجم وقيمة الإنتاج التي تنتجه المنشأة في هذه النقطة تكون جميع المصاريف الثابتة ضمن المصاريف الصناعية أصبحت مغطاة بالكامل وكذلك المصاريف المتغيرة تكون مغطاة بما يخص حجم الإنتاج في هذه النقطة، وهنا يكون بعد هذه النقطة كل زيادة في الإنتاج يتبعه زيادة فقط في جزء المصاريف المتغيرة دون أن يكون هناك أية مصاريف ثابتة تتطلب تغطيتها أي إنه في هذه الحالة وبعد نقطة التعادل تكون قيمة المصاريف الثابتة هي صفر لذا فإننا نلاحظ أن المنشآت الصناعية تحقق أرباحاً تنافسية بعد الوصول إلى هذه النقطة وفي مراحل ومعادلات الإنتاج المتقدمة.
وبالتالي رأت المذكرة أنه لا يمكن الركون إلى نسب ثابتة للمصاريف الصناعية في كل مراحل الإنتاج حتى بالنسبة لنفس المنشأة.
وتمنت الهيئة على المفتشين من الجهاز المركزي للرقابة المالية أن تتركز ملاحظاتهم حول قانونية التكاليف، وفيما إذا كانت هناك مخالفة للنصوص القانونية أو إغفال لوثيقة لم يتم أخذها بعين الاعتبار بالتكاليف وليس الطلب بإصدار تكاليف إضافية بناء على افتراضات تفتقر إلى السند القانوني والأسس المحاسبية الصحيحة وتحتمل الصواب والخطأ.
مشيرةً إلى افتقار البيئة التجارية لنظام التوثيق والفوترة الذي لو كان لساعد بشكل كبير في ضبط أمور المكلفين والعلاقة بينهم في عملية الشراء والبيع، إذ إنه في الواقع تتم أغلب التعاملات التجارية من دون فواتير كما أن التعاملات التي تتم بشكل موثق هي مقصورة على الاستيراد وكذلك العقود والفواتير مع القطاع العام، وفي ظل هذا الواقع الموجود في البيئة التجارية فإن الدوائر المالية تلجأ إلى التقدير لكثير من الجوانب المتعلقة بنشاط المكلف.
في المحصلة، رأت هيئة الرسوم والضرائب أنه من الناحية القانونية لا يمكن فسخ تكليف ضريبي قد اكتسب الدرجة القطعية بحق المكلف والدوائر المالية تحت أي مبرر أو سبب، وإنما يصدر تكليف إضافي بحق المكلف في حال ورود معلومات موثقة عن المكلف للدوائر المالية تتعلق بأحد جوانب الفعاليات التي يمارسها المكلف وفي هذه الحالة يتم تكليف المكلف تكليفاً مباشراً وتغريمه بمثلي فرق الضريبة عن الربح المكتوم.