جهينة نيوز:
يا جماعة يبدو أن ثمّة لَبْساً يكاد يُصيبني بالجنون، حيث آمنا وصدَّقنا أن تتضمن قناة «سورية دراما» برامج لا علاقة لها بالدراما من قريب أو بعيد، لكن ما لا يجوز في أي عُرْف من الأعراف الإعلامية، قديمها وحديثها، ألا يكون العنوان متلائماً مع المضمون، وحتى لا نُتَّهم بأننا نُطْلِق الأحكام جُزافاً، هل هناك من يستطيع أن يُبَرِّر ظهور المطربة السورية الراحلة «ربا الجمال» ضمن برنامج «عالموضة» بأغنية من الأغنيات الطربية الأصيلة؟ بكل صدق، نتمنى أن تُصبِح مثل تلك الأغنيات موضة، لاسيما إن كان بصوت جبَّار وفريد كصوت «الجمال»، لكننا نتحدث هُنا عن أبسط أنواع المنطق وأكثرها سهولة في الوصول إلى الذهن!.
المُسَبِّب الآخر للجنون ضمن هذا البرنامج، هو استضافته في إحدى حلقاته شخصاً أتحدى أحداً سمع باسمه في إطار النقد الدرامي، والأنكى أن هذا الناقد الفذ لم يكن يتحدث عن موضة الأجزاء في مسلسلات البيئة الشامية مثلاً، ولا حتى عن الدرامات المقتبسة من الأفلام الأجنبية، بل عن عادة التدخين باعتبارها سلوكاً غير حميد على الإطلاق، وأن الصغار يقومون بتقليد الكبار في هذا الشأن، وغير ذلك، فإن كُنَّا نستطيع تبرير أغنية طربية ضمن ذاك البرنامج من منطلق الدرامية العالية والتعبيرية الخارقة في صوت «ربا الجمال»، فإننا لن نسمح بالاستهتار بعقولنا وجعل التدخين موضوعاً درامياً بهذه الطريقة السخيفة، ومن ثم من أين لكم الحق بتوزيع الصِّفات والألقاب كيفما اتفق على أشخاص لا يعلمون ما معنى الدراما، ولا أياً من نظريات النقد ومدارسه المختلفة؟ لكن على ما يبدو أن مصائب الدراما لا تكفينا، فارتأى البعض أن يضاعفوها ببرامج «مجعلكة» من صنف «عالموضة».
«صَباح الخير» وليس «سَباح الخير» يا أوادم
أليس مُستغرباً بالنسبة لقناة «الخبر» التي تعتمد فقط على تقنية السلايدات «الشرائح» من دون أن تحتوي على أي برنامج، بحيث لا مذيعين ولا مذيعات في أي وقت من أوقات بثها وتكتفي ببث الأغنيات، أن تكون الجملة الترويجية شبه الوحيدة على مدار الساعة منطوقة بطريقة «مفشكلة» عربياً، إذ تختفي الأغنية لنسمع صوتاً مُخنَّثاً يقول: «سَباح الخبر من سورية»، أليس بالإمكان الاعتناء قليلاً بهذه الجملة الفريدة، أم إن هُناك مُشكلة لهذه الفضائية مع حرف «الصاد»، لدرجة أحسست أن ثمَّة «خربوطاً» ما يكره الأحداث السعيدة التي نعيشها أثناء استماعنا إلى الأغنيات المنتقاة بعناية في «قناة الخبر»، ما يجعلنا بحاجة ماسّة إلى أن نستعير «أبي الحروف» من برامج المناهل لاستعادة «صاد» صباحاتنا بعد أن استبدلها «خربوط» بـ«سين» سخيفة، أم إن الموضوع برُمَّته هو تقليد لبعض مُقدِّمي البرامج من القنوات اللبنانية الشقيقة، الذين غلبت لغتهم الفرنسية اللغة العربية بالضربة القاضية منذ زمن، فباتت الـ«ضاد» دالاً، والـ«طاء» تاءً، وغير ذلك من التشويه السَّمعي للغتنا، ولا أعتقد أننا مضطرون لذلك، أم علينا أن نقولها: «مُدْتَرُّون» حتى تفهموا علينا يا أوادم؟!!.
إعلانك فوق!
مع مرور الوقت صرت أحزن على قناة «زنوبيا» الفضائية، فرغم أنها لا تكفّ عن وضع إعلانها الترويجي بأنها ستُحصِّل للمُعلنين عندها على أعلى نسبة وصول إلى الزبائن المُستهدفين، واصفةً ذلك بأنها قادرة على وضع «إعلانك فوق»، إلا أنها حتى هذه اللحظة لم تحصل على أي إعلان عليه القيمة، وحتى الآن لم نتأكد إن كانت تقصد بـ«فوق» على الرَّفّ، بمعنى أن يُصبح المُنتَجْ المُعلَن عنه مُكدَّساً على الرفوف في المحلات والمولات، ولا رغبة لأحد بشرائه، أم إن تلك الـ«فوق» تأتي من التَّفوُّق التي ستُحقِّقُه للإعلان، مع أننا متأكدون أنه طالما لا تعتني «زنوبيا» بنوعية صورها وبرامجها وشرائط أخبارها وكل ما يتعلق بالغرافيك الذي تنشره، فإنها لن تصل إلى جمهور ما عاد بالإمكان خداعه بالكلمات البراقة، فكيف بإيصال الهدف من الإعلان إلى المُستهدفين منه، على كُلٍّ نتمنى لهذه القناة أن تُصبِح فوق باعتماد استراتيجيات إعلامية جديدة، مع أننا شبه متأكدين لو أننا نملك أرقاماً دقيقة للمتابعة أو ما يسمّى الـrating ونسب المشاهدة لكانت هذه القناة حظيت بأقل التقييمات.
عقدة الهمزة!
ربما لا نقف كثيراً عند خطأ لغوي في شريط إخباري عاجل، لأن السُّرعة قد تؤدي إلى نسيان حرفٍ ما، أو استبدال حرف بآخر جانبه على لوحة المفاتيح أثناء تنضيد الخبر، فضلاً عن الأخطاء الإدراكية الواردة، لكن كيف لنا أن نسكت عن خطأ يتكرر باستمرار على قناة «شام إف إم» في تعليق على صورة تُعرِّف بأحد المنتجات الزراعية، بحيث يكتب عليها «أنتقلَ إلى بلاد الشام» والصحيح «انتقلَ».
وفي الإطار ذاته في قناة «الطبية السورية» الأخطاء اللغوية فادحة أكثر، ففي شريحة واحدة العديد من الأخطاء، وكأن من كتبها لديه عقدة «الهمزة»، إذ كتب «اللّهم استودعك سوريا وأهلها.... فأحفظها ربي يا من لا تضيع عنده الودائع» بحيث أسقط همزة «أستودعك»، في حين أضاف الهمزة لـ«فأحفظها»، والأمر الذي يحزّ في النفس أنه ما من طبيب من الذين يديرون هذه القناة انتبه إلى هذا الخطأ وتداركه، أم إنه حصل على علامة الدكتوراه في البكالوريا وكانت تنقصه عدة علامات خَسِرها في اللغة العربية نتيجة عدم تمييزه بين همزة القطع وهمزة الوصل؟!.
«التربوية» تُلاصِق الجدار مرة أخرى
لا يُقنعنَّني أحد، فما زالت قناة «التربوية السورية» تُغرِّد خارج السِّرب. أساساً هي لاتعرف أن تُغرِّد مع قريناتها، فهي معتادة على الصولو والعزف المنفرد والتَّطريب الذاتي، فمنذ فترة صادفت فقرةً هائلة تعرض فيها بعض النباتات أشبه بشتلات الذُّرَة «العرانيس»، لتنتقل بعدها إلى تصوير عباد الشَّمس على خلفية لموسيقا رومانسية جعل خيالي يجنح أقصى درجات جنوحه من دون أن يصل إلى أي جدوى تربوية تُرجى من هذه الفقرة، ولم أكد أستفيق من صدمتي الإعلامية حتى جاء برنامج وثائقي تحت عنوان «الحياة السرية للثديات الأوروبية» جعلني ألاصق الجدار مرة أخرى (تعبير أدبي عن كونني فتت بالحيط)، وبدأت بعدها الصلاة مباشرةً، أن يا إلهي ماذا فعلت حتى تُعاقبني هكذا؟ ثم استدركت دُعائي بـ: يا الله ترأَّف بالقائمين على هذه القناة، وارحمهم بعظيم رحمتك، لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون. وما إن أنهيت صلاتي حتى أمسكت بـ«الريموت كونترول» وغيرت القناة مباشرةً، إذ خشيت أن تُطالعني القناة التربوية بفيلمٍ مُخِلٍّ، لا لشيء إلا لأن القائمين على برامجها يعتمدون مبدأ العفوية، والنيات الطيبة، والجود بالموجود، مُتناسين أن «الطريق إلى الجحيم مفروش بالنيات الطيبة».
إعلام النفخ
ربما معظمكم سَمِعَ بمذيعات السيليكون، ومُغنيات البوتوكس، ومقدِّمات التَّاتو، لكن هل سمعتم بمُقدِّمي النَّفخ أو مذيعي بناء الأجسام؟ صدِّقوني الموضوع صادم بالدرجة ذاتها لما سبق أن سمعتم به، فمن حق الجميع الاهتمام بأجسامهم، والسَّعي وراء كمالها، لكن من قال إن قواعد الكَمَال الجسماني تنطبق على الكَمَال الإعلامي، بمعنى من قال إن شخصاً لا يدخل من الباب كما تقول العامة، أي إن طوله متران وعرضه متراً ونصف المتر، ومحيط زنده يفوق محيط خصر رجل طبيعي، من قال إنه مُناسب للظهور كمقدم نشرات إخبارية، ولا ننسى أن الكاميرات تُضخِّم بنسبة لا بأس بها لدرجة أن ذاك المُقدِّم الذي ظهر في نشرة أخبار الثامنة والنصف على «الفضائية السورية» كان بحاجة إلى عدسة من نوع خاص حتى تستطيع إظهاره بالكامل، وحتى لا يُساء فهمنا فإننا من الآن نعتذر من ذاك المُقدِّم، بصراحة لأننا نشعر أمامه كما شعر عادل إمام عندما نظر أمامه فوجد رُكباً، لكننا نُطالب «الفضائية» بالاعتذار للمشاهدين على هذه المشاهد المؤذية.
نقلاً عن جهينة