جهينة نيوز
اهتمت صحيفة تشرين في عددها الصادر اليوم الاثنين 29 تشرين اول 2018 بما خلفته الامطار الغزيرة التي هطلت على دمشق وريفها والخسائر والاضرار الكبيرة التي لحقت المواطنين وتقصير المؤسسات الحكومية وقالت : على الرغم من نفي المسؤولين في محافظة دمشق وجود أي تقصير في موضوع الاستعداد لفصل الشتاء إلا أننا نجد أن هناك تقصيراً كبيراً فيجب أن يكون هناك استعداد كبير لتلافي ما حدث العام الماضي خلال شهري أيار وحزيران الماضيين فقد أرجعوا السبب فيما حدث الى كمية الأمطار الكبيرة والاستثنائية التي هطلت في أقل من ساعة وكانت أكبر من طاقة استيعاب شبكات الصرف الصحي.
ففي المزة 86 تقصير آخر وواضح حيث قامت محافظة دمشق بتزفيت جميع الشوارع الرئيسة وتغطية الريكارات جميعها بالزفت وسدها وعند هطل الأمطار لم تجد المياه منفذاً لها وبقيت في الشوارع حتى أصبح هناك مسبح للمياه واضطر جميع السكان للسباحة بها حتى يصلوا إلى منازلهم، فقد وصل عمق المياه إلى أكثر من ثلاثة أمتار ولولا أن شباب الحي وبمبادرة منهم خرجوا وقاموا بفتح الريكارات وتكسير الزفت لكانت هناك كارثة كبيرة ستحصل وستصل للأرواح.. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما الذي يحول دون تهيئة الشوارع والمصافي لاستقبال أمطار كهذه حتى لا يصاب أحد بأذى فهناك أضرار جسيمة تسببت بها العاصفة المطرية في أحياء عديدة من دمشق وريفها الكثير من الشوارع وهناك تخريب في الممتلكات العامة ووفاة بعض المواطنين في ريف دمشق، إضافة إلى تدمير عدد كبير من المنازل والسيارات وممتلكات المواطنين وتخريب شبكات الصرف الصحي.
مدير النظافة في محافظة دمشق المهندس عماد العلي قال: إن كمية الأمطار التي هطلت في أقل من ساعة بلغت 61 مم، بينما شبكة الصرف الصحي في مدينة دمشق مصممة لاستيعاب كمية 6مم من الأمطار في الساعة، معتبراً تجمع المياه في المناطق المنخفضة نتيجة طبيعية إضافة إلى عجز شبكات الصرف الصحي عن تصريف مياه الأمطار بسبب تراكم الأتربة والأوساخ التي حملتها الأمطار من أعالي جبل قاسيون والسومرية والمزة 86 وركن الدين والمهاجرين ونقلت في طريقها كل شيء لتستقر جميعها في أنفاق 17 نيسان والأمويين والثورة.
جمال ابراهيم- مدير الصيانة في مدينة دمشق أكد أن العاصفة التي حصلت في الأسبوع الماضي حصلت في جميع الدول العربية وليس في سورية فقط، فقد حصل في الأردن ولبنان أيضاً أكثر مما حصل في دمشق لأن كمية الأمطار كبيرة وغير قادرة أي شبكة للصرف الصحي على استيعابها، فهناك سيول وانجرافات حصلت وهي خارج السيطرة، فجميع شبكات الصرف الصحي مصممة لاستيعاب 8 مم في الساعة فقط من الأمطار والكمية التي هطلت 42 مم في نصف ساعة فقط، بينما خلال الموسم الكامل تهطل 213 مم من الأمطار لكن الذي حدث أن هطلت كمية كبيرة في نصف ساعة.
وعن الإجراءات التي تقوم بها مديرية الصيانة الآن لتلافي حدوث ذلك في الأمطار القادمة قال إبراهيم: نقوم الآن في محافظة دمشق بإحداث مطريات جديدة تصب في الأنهار وليس في شبكات الصرف الصحي، فنهر بردى مثلاً تصب فيه مياه الأمطار القادمة من نفق الأمويين، ونهر الديراني تصب فيه مياه الأمطار القادمة من نفق 17 نيسان، ونهر دورا تصب فيه المياه القادمة من نفق الفيحاء وذلك تفادياً لتجمع المياه في الانفاق مثل ما حدث في المرة السابقة، فشبكة الصرف الصحي غير قادرة على استيعاب كمية الأمطار التي هطلت، كما أننا نقوم بعمليات يومية وإضافية لسحب الطمي والأتربة والأوساخ من شبكات الصرف الصحي حتى نتمكن من رفع الأذى عن المواطنين.
وفي ذات السياق بينت الصحيفة ان مياه الأمطار التي تساقطت منذ عدة أيام غمرت أغلب الأحياء والطرقات، ما أربك الحركة المرورية التي نجم عنها بعض الحوادث، فضلاً عن حالات التأخر لدى الموظفين الذين انطلقوا إلى مقار عملهم مع بداية الصباح، أما في الأحياء العشوائية فقد فاضت المنازل ودخلت إليها المياه مسببة خسائر كبيرة للمواطنين.
هيام تسكن في منطقة مخالفات تقول: من المؤسف أن هذه الكارثة تتكرر كل عام وتلحق الأضرار نفسها بشكل متفاوت حسب نسبة تفاوت الأمطار، والسبب أن الجهات المعنية لا تجد الحلول الجذرية، ومن جهة أخرى نجد أن التخطيط العمراني وبناء المساكن والمنشآت الحيوية لم تراع فيها مسالك عبور مياه الأمطار.
بدر أحمد مهندس يقطن في منطقة عشوائية قال: إن الأمطار الأخيرة كشفت خللاً في تلك المشروعات، فليس من واجب شباب الحي تعزيل الريكارات بعد طوفانها ودخولها المنازل وإحداث خسائر مادية تستلزم قرضاً مالياً لإعادة تأهيلها.
عند اجتياح العاصفة المطرية اتصلت داليدا بالمعنيين لإرسال صاروخ لفتح ريكار الصرف الصحي الذي فاض ودخلت مياهه إلى منزلها وكانت الإجابة من المعنيين أنه لا توجد آلية أو صاروخ من أجل تعزيل ريكار الصرف الصحي.
وقالت: قام شباب الحي بفتح الريكار.
المهندس بسام عسيكرية- المدير العام للشركة العامة للصرف الصحي في دمشق رفع المسؤولية عن مؤسسة الصرف الصحي حيث قال: إن هذا العمل من مسؤولية المحافظة والمقصود به (تعزيل المطريات) وأوضح أن المؤسسة تقوم بتخديم مدينة دمشق عن طريق مراكز موزعة توزيعاً جغرافياً في أنحاء مدينة دمشق، مبيناً: أن المؤسسة قامت مؤخراً بالاستعداد لاستقبال فصل الشتاء، تحسباً لحدوث أي اختناق في موسم الشتاء من خلال تعزيل جميع المطريات الموجودة ضمن أنفاق السيارات في مدينة دمشق (نفق الأمويين – 17 نيسان – الكارلتون – الثورة – الفيحاء – العباسيين)، وبعد هذه العاصفة أصبح واضحاً أن العمل مستمر، كما تم تعزيل ريكارات خطوط الصرف الصحي الرئيسة وفق برنامج زمني موضوع مسبقاً ومعد لهذه الغاية قبل حلول فصل الشتاء من كل عام، حيث تبدأ المؤسسة برنامجها الزمني من بداية الشهر الثامن وحتى نهاية الشهر التاسع متضمناً تعزيل المصائد المطرية الكبيرة المنفذة بجانب الأنهار وتعزيل غرف الضخ الموجودة ضمن الأنفاق، كما تم رفع جاهزية جميع آليات الطوارئ سواء آليات الكسح والشفط لخطوط الصرف الصحي والمضخات المقطورة المستقلة، إضافة إلى جاهزية سيارات الشركة للعمل كآلية كسح للشوارع والحارات الضيقة في دمشق القديمة.
وبيّن المهندس عسيكرية أن المطريات موزعة على أطراف الأنفاق ولكن غزارة الأمطار التي تجاوزت 42 ملم في أقل من ساعة جعلت تصريف المياه بطيئاً جداً.
وقالت الصحيفة ايضا في مادة اخرى.. يبدو أننا لم نتعلم الدرس بعد وما حدث في أواخر شتاء العام الماضي حين أغرقت العاصفة المطرية الأنفاق في مدينة دمشق وبعض المناطق فيها وأحدثت أضراراً مادية كبيرة تكرر للعام الثاني على التوالي مع ثلاث ضحايا وتشريد ما لا يقل عن 150 عائلة من منازلهم، ثمانية منازل منها دمرت بشكل كامل، وأضرار مادية مضاعفة في الممتلكات الشخصية والمنشآت الصناعية والمستودعات وفي البنى التحتية العامة، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل كان بالإمكان تخفيف أضرار العاصفة؟.
«تشرين» التقت مدير مكتب الإغاثة والتنسيق مع المنظمات الدولية في محافظة ريف دمشق تيسير القادري الذي قال: قمنا بجولة في قرى وادي بردى وباتجاه منطقة القلمون والضمير والمنطقة الصناعية في عدرا وكلفنا فريقاً بجرد الأضرار، موضحاً أنه تم إحصاء 160 منزلاً متضرراً في منطقة كفير الزيت ودير مقرن منها ثمانية منازل منهارة كلياً.
وأشار القادري إلى أنه تم تقدير الردميات من كتل حصوية وأتربة استقدمتها السيول التي تشكلت بسبب العاصفة، وأضاف: هناك تضرر في البنى التحتية، وعلى سبيل المثال، توجد بئر ماء تضررت بفعل العاصفة تغطي 50% من حاجة سكان قريتي كفير الزيت ودير مقرن قطعت عنها التغذية الكهربائية بفعل العاصفة وقد وجّه المحافظ إلى مديرية الزراعة والموارد المائية والكهرباء لمعالجة الأضرار بشكل آني.
ولفت القادري إلى أن المحافظة قدمت مساعدات للبلديات(آليات ترحيل الأنقاض والحصويات والأضرار المتراكمة) وقال: نحن كـ مكتب إغاثة قمنا بتأمين سلل غذائية وصحية وسلة مطبخ للعائلات المتضررة، مضيفاً أن حوالي 150 أسرة تضررت بفعل العاصفة واضطرت لمغادرة منازلها إلى منازل ذويهم وأقاربهم، والبعض منهم بدأ فوراً بتنظيف منزله بعد انتهاء العاصفة للعودة إليه في أقرب وقت ولاسيما الذين تضررت بيوتهم بشكل جزئي.
وأفاد القادري بأنه أصبحت هناك ضبوط عن طريق وزارة الداخلية لتقدير الأضرار وتعويض الأهالي.
وعن إمكانية تخفيف الأضرار قال القادري: منطقتنا ليست مصنفة كمنطقة تحدث فيها كوارث من هذا النوع، ورغم ذلك كان من المفترض أن تؤخذ بالحسبان سعة العبّارات المائية كي تستوعب أكبر ذروة مطرية محتملة والمحافظة على حرم السيول ومجاري السيول وعدم البناء فيها، لافتاً إلى ضرورة ترحيل الطمي في العبارات في أسرع وقت ممكن خوفاً من تجدد العاصفة.
مخالفات في مجرى السيل
عضو لجنة السلامة العامة في محافظة ريف دمشق عبد الفتاح خولاني أكد أن أغلب البيوت التي تضررت هي تلك المبنية في وسط مجرى السيل أو في حرم السيل، وقال: المنزل الذي تدمر في منطقة الجبة وتوفي فيه أحد الأشخاص مبني مباشرة في مواجهة مجرى السيل.
ونصح خولاني بإزالة البيوت المشيدة في مجرى السيل لأن العاصفة يمكن أن تتكرر، موضحاً أن العاصفة التي تسببت بحدوث السيل في منطقة الجبة حدثت خلال ثلث ساعة فقط. وأضاف خولاني: أغلب البيوت المبنية في مناطق مجرى السيل هي بيوت مخالفات وليست مرخصة بشكل نظامي لأن مجرى السيل عبارة عن أملاك عامة للموارد المائية.
فتح العّبارات وتنظيف مجرى السيل من عمل مديرية الموارد المائية.. هذا ما أشار إليه مدير الشؤون الفنية في محافظة ريف دمشق غسان الجاسم، كما أضاف أنه يجب على البلديات فتح وتنظيف الشوايات المطرية من الأتربة والأوساخ لأن هذه الاجراءات هي التي تخفف من الأضرار الناجمة عن العواصف المطرية.
وأكد الجاسم أنه صدر كتاب من قبل وزارة الإدارة المحلية لجميع المحافظات والوحدات الإدارية منذ عدة أشهر لأخذ الاحتياطات اللازمة لمثل هذه الظروف الجوية.
وقال الجاسم: عمل الوحدات الادارية هو الأساس لأنها تعرف واقعها الجغرافي بشكل جيد وتعرف ماذا تحتاج من إجراءات ويجب أن تتضمن خطتها الاستثمارية هذه الحاجات، وترفعها للمحافظة مع كشف تقديري ونحن كمديرية نصادق عليها ومن ثم تجب علينا متابعة تنفيذ هذه الاجراءات ولاسيما في فترة الصيف إن كان هناك لزوم لصيانة الريكارات والشوايات المطرية أو تعبيد الطرقات.
توجهنا بالسؤال لمدير الشؤون الفنية إن كانت لديه ملاحظات على عمل الوحدات الإدارية أو لمس تقصيراً في عمل البلديات أو الموارد المائية لجهة تنظيف وتعزيل الريكارات وفتح العبارات المائية بعد الجولة الميدانية التي قام بها برفقة المحافظ وعدد من المعنيين على بعض المناطق التي تضررت بفعل العاصفة، الجاسم نفى أن تكون لديه أي ملاحظات، معللاً ذلك بأن الجولة التي قاموا بها كانت بعد حدوث الفيضانات وليس قبلها.
والسؤال الذي يطرح نفسه، من يقوم إذاً بمراقبة عمل الوحدات الادارية والتأكد من التزامها بإجراء الأعمال الاحتياطية والاحترازية لموسم الأمطار؟!
توجهنا بالسؤال لمدير الموارد المائية في دمشق وريفها محمود الكعر عن مسؤوليتها عن تنظيف وفتح العبارات المائية ومجاري السيل، الكعر قال: صحيح أن مسؤوليتنا هي تنظيف مجاري السيل وفتح السدود والعبارات والإشراف على مجاري الأنهر لكن السيول المحلية التي ليست لدينا فيها منشأة لسنا معنيين بها.
وتابع الكعر: ماحدث في المدينة الصناعية في عدرا ليست لنا علاقة به من قريب ولا من بعيد، سد الضمير امتلأ بمياه الأمطار ولكنه ليس سبب تحول المياه إلى المدينة الصناعية والمسافة بين سد الضمير والمدينة الصناعية 13 كم والمسيلات التي سببت الأضرار في المدينة الصناعية هي المسيلات الموجودة شمالها وهي مسيلات محلية تتشكل أثناء الموجات المطرية. وأشار الكعر إلى أن الموارد المائية بادرت مباشرة لإيجاد الحل الفني المناسب للمدينة الصناعية وأرسلت فريقاً فنياً لإنشاء قناة تصريف لمياه السيول من شمال وشمال غرب المدينة الصناعية وبالتعاون مع إدارة المدينة لمنع أي ضرر مستقبلي.
وأوضح مدير الموارد المائية في دمشق وريفها أن هناك مخالفات على نهر بردى كالمخالفات الموجودة في منطقة الربوة ولها عشرات السنين، وأضاف: طبيعي أن تتأثر هذه المنشآت الموجودة ضمن حرم مجرى نهر بردى عند حدوث عواصف. وبخصوص التعميم الخاص بإزالة الحواجز المعدنية عن مجرى الأنهر والعبارات ومجاري الصرف الصحي في دمشق وريفها قال الكعر: هذا الأمر يتعلق بمدينة دمشق لأنه يخص الأقنية الرئيسة لشبكة الصرف الصحي داخل دمشق وأخذنا قراراً بإزالتها منذ أشهر ولكن حسب الضرورة الفنية والموقع والمكان، مضيفاً أنه قد أزيل بعضها وأن هناك حواجز أخرى تم اتخاذ قرار بإزالتها مؤخراً.
وبين الكعر أن الموارد المائية تقوم دورياً وفق خطة سنوية بتعزيل مجرى نهر بردى وفروعه الرئيسة، لافتاً إلى أن جميع أعمال التعزيل تتم بالتنسيق مع الجمعيات الفلاحية والوحدات الإدارية وبناء على طلباتها.