جهينة نيوز:
الاحتلال أو التوغل التركي في الأراضي السورية مُنيَّ بفشل سياسي وعسكري على الصعيد الدولي والإقليمي والتركي، وأفضى إلى نتائج كثيرة يوضحها جواد الهنداوي، سفير سابق ورئيس المركز العربي الأوربي للسياسات وتعزيز القدرات في بروكسل، في مقالته المنشورة في صحيفة "رأي اليوم"، فيقول: فضحَ الدور التركي في دعم وتسليح الجماعات الإرهابية في سورية وخارجها، ومشاركة وحدات ومشاة من الجيش التركي بالقتال مع صفوف الإرهابيين، وهذه المعلومات ليست فقط من منشورات أو توجيهات الدعاية الروسية أو السورية أو الإيرانية، إنما حقائق ووقائع موثقّة لدى الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية والغربية، وعلى أساسها ولاعتبارات أخرى يتبنى الرئيس الأمريكي موقفه تجاه توسلاّت أردوغان بدعم أمريكي عسكري سريع، خاصة في بيع أو إعارة منظومة الباتريوت الدفاعية، كما خسرَ أردوغان ثقة الجميع، الأصدقاء والخصوم، وثقة ترامب كما خسِرَ ثقة الرئيس بوتين، لقد أدركَ جميع الرؤساء الأوربيين استغلال وتوظيف الرئيس أردوغان لملف اللاجئين السوريين، ومحاولته ابتزازهم بمصائب ومعاناة اللاجئين، ولولا الاحتلال التركي للأراضي السورية والدعم اللامحدود للجماعات المسلحة والإرهابية لما سادت الفوضى وانعدم الأمن والنظام في منطقة أدلب، ولما اضطر المواطنون السوريون إلى اللجوء هرباً من الحرب والقصف والقتال.
يتابع الكاتب: لقد فقدَ الرئيس أردوغان الكثير مِنْ رصيده الشعبي والسياسي، وظهر عجزه عن الوفاء بالتزاماته وتهديداته العسكرية حين أمهلَ الجيش السوري مُدّة زمنية للانسحاب من المناطق التي حرررها وانتهت.. وسارعَت القيادة الروسية بتوجيه ضربات جويّة قاسية، أدت إلى قتل العشرات من الجنود الأتراك، والذين كانوا يقاتلون جنباً إلى جنب مع الإرهابين، وحسب البيان الرسمي الروسي فقد كان القصف الروسي بمنزلة إنذار للرئيس أردوغان قبل نهاية المدة، ونعتقد بأنَّه استلمَ الرسالة وفهِمَ المقصود، ولاسيما أنه لم يتلق دعماً سياسياً أو عسكرياً لا من أمريكا ولا من حلفائه أو شركائه في الناتو، غير تصريحات في المواساة والتضامن.
ويتساءل الكاتب: هل تسلّم أمريكا الباتريوت إلى تركيا؟ موضحاً: لن تسّلم أمريكا السلاح المطلوب إلى تركيا، على الرغم من الاتصالات التي جرتْ بين الرئيس أردوغان والرئيس ترامب، حيث رفض الرئيس ترامب بيع أو إعارة من أجل البيع.. سببان يفسران أو يبرران الموقف الأمريكي، أولهما هو أن لأمريكا شروطاً ينبغي الالتزام بها من قبل تركيا، وفي مقدمة هذه الشروط التخلي عن السلاح الروسي وعن التفاهم الروسي الإيراني، ومن بين الشروط أيضاً ترطيب أو تطييب الأجواء مع حلفاء أمريكا في المنطقة وهم المملكة العربية السعودية ومصر و"اسرائيل"، والأسهل والممكن لتركيا هو "إسرائيل" طبعاً، أما السبب الثاني فهو قناعة أمريكا بعقم الدور التركي في سورية، أمريكا لا تعّول كثيراً على الدور التركي في سورية وتعدّه دوراً فاشلاً لعلاقته الوثيقة بالإرهاب، ولقصرهِ وعدم فاعليته تجاه الدور الروسي والإيراني، ولتصادمه مع الموقف الكردي، المدعوم أمريكياً.
أما السؤال الثاني الذي يطرحه الكاتب فهو: هل سيسمح الناتو لتركيا بنشر بطاريات الباتريوت التي تعود لإسبانيا والمموجود ة على الأراضي التركية؟ يجيب: بالطبع لن يوافق الناتو على ذلك، فقرار الناتو لا يمكن أن يكون من دون موافقة أمريكية، مضيفاً: يسعى الآن أردوغان إلى الحصول على منظومة دفاع جوي من أوكرانيا ولا نعتقد بنجاح مسعاه.
ويختم الكاتب مقالته بالقول: سيضطر الرئيس أردوغان إلى العودة إلى الخصم الصديق الروسي، وسيجد في كفوف الرئيس بوتين ماءاً يمسحَ به غبار وعار أدلب.. سيفرض وبلياقة دبلوماسية الرئيس بوتين شروطه على أردوغان، وفي مقدمة هذه الشروط تسليم تركي بلزومية تحرير كامل الأراضي السورية وبسط الدولة السورية نفوذها وسيادتها على كامل أراضيها، وإنهاء وجود الجماعات المسلحة والعودة إلى اتفاقية أظنة لضمان الأمن القومي التركي واحترام السيادة السورية.