احتمال: على وجه التَّأكيد لا الاحتمال، "هافال حمدي" يدحض النَّظريَّة، "وفايز قزق" يفرز مشاهد ماستر

الإثنين, 20 كانون الثاني 2025 الساعة 13:58 | ثقافة وفن, تلفزيون

احتمال: على وجه التَّأكيد لا الاحتمال،

بقلم: د.رهف القصَّار بني المرجه

على وجه التَّأكيد لا الاحتمال، يصرُّ الفنان الشَّاب، هافال حمدي، على أن يحسب خطاه في عالم التَّمثيل، مقدِّماً دحضاً لنظريَّة متداولة، "والدك نجم معروف، إذاً لك السَّاحة"، وذلك في عملٍ من ثلاثة أجزاء، والاستهلال مع سباعيَّةٍ دراميَّةٍ جديدةٍ، حملت اسم (احتمال)، وهي من تأليف وسيناريو: تمَّام ونعيم زليق، وإخراج سليم جميل سموع، وإنتاج شركة أبوظبي للإعلام.

تدور أحداث العمل حول أستاذ رياضيَّات (هافال حمدي/ جميل)، يدفعه تيمه بتخصصه، إلى الدُّخول في عالم اليانصيب، معتمداً على الاحتمالات الرِّياضيَّة، وبمساعدة ذكيَّة من طالبٍ فتيٍّ، (ميخائيل صليبي/ غازي)، فإذ بتداعيات غير متوقَّعة، تلوح في الأفق، لتودي الاثنين إلى مصائر غير محمودة.

لا جرم أنَّ (ميخائيل صليبي/غازي)، خريج مسرحي فطن، فالعفوية الأدائيَّة ملعبه، ولم يترك ثانيةً سانحةً لناقد، كي يشكَّ في سيميائيَّة المراهق، طالب ثانوي، يافع متخبِّط، لا يتوانى لحظة عن اقتناص فرصٍ جادَّةٍ، تعمل على إظهاره كبالغٍ متحمِّلٍ لمسؤوليَّاتٍ مجتمعيَّةٍ، فتفوَّق في التقاط أبعاد شخصيته بدراية، وتصفِّح تاريخها بدقَّة، وكنتيجة مُرضية، عكس نموذجاً صالحاً نراه في اليوميَّات.

إخراجيَّاً، لم تُوزَّع عناصر تكوين الصُّورة بعناية دقيقة، إذ لم تشغل الشُّخوص نقاط القوَّة على الدَّوام، بل تبعّثرت على حواف الكادر أحياناً ليس بقليلة، وأجبرت المخرج على الاستقطاع السَّلبي غير المدروس، كما لم تُوظَّف لقطات فوق الكتف، رغم أنَّها الأنسب في الحوار، وأقلَّ المخرج من زوايا الثَّلاثة أرباع مواجهة، مستعيضاً عنها بزوايا التَّصوير النِّصفيَّة أو الجانبيَّة، (البروفايل)، التي خلَّفت تكاسلاً في التَّقطيع المشهدي، وأنهكت قارئ الصُّورة في محاولة افتراس الإيماءات الوجهيَّة، ويبدو أنَّ دافع المخرج في اعتمادها، ميلٌ شغوفٌ إلى عكس حالة المجابهة الدّراميَّة التي فرضتها تيمة العمل.

وفي استعراض تفاصيل السِّياق، فهناك عبثيَّة مفرطة في تحديد هويَّة الزَّمكانيَّة، فأسعار السُّوق لا تناسب الحاضر الحكائي، هذا الزَّمن الٱني الذي أشارت إليه عناصر متضافرة، تجلَّت في نوع أجهزة الموبايل، والملابس المأخوذة من موضة العصر، والاكسسوار المكاني كوسائل النَّقل، والاكسسوار الشَّخصي كسمَّاعات الموسيقا وغيرها..

أما التَّتبع التَّحليلي للصيرورة الحدثيَّة، فيمكن أن يُستخلص منه تبايناً ملفتاً، فالإيقاع في الحلقات الأولى مونتوني للغاية، في حين اتَّسمت الحلقة الأخيرة وما قبلها بضجيج مبهم، أدخل المشاهد بإرباك مزعج، ناهيك عن تكرار غير مبرر للقطات، فقد بنيت أغلب المشاهد بحشوٍ مخلوطٍ من هنا وهناك، ما سبَّب تيهاناً بيِّناً، وتعويماً للغة الفوضى، إضافة إلى نمطيَّة مستوحاة من أرشيف السَّرد الدِّرامي، وذلك في حكاية الصَّبية (راما زين العابدين/ليلى)، الهاربة من الموت، اللَّاجئة لمنزل شابٍ غريبٍ، الهائمة في هواه خلال بضع ساعات، القاضية لليلتها الأولى في غرفته، مع رقي معلوك لشابٍ عفيفٍ، يُؤثر النَّوم في الصَّالون، ويُخلِي فراشه الوثير لفتاة عابرة، مقترحاً عليها إيصاد باب الغرفة بمفتاح داخلي، كنوع من الطَّمأنينة، لتنهض صباحاً وقد أعدَّت فطوراً رومانسيَّاً، وأضفت لمساتها الأنثويَّة على أركان فوضويَّة العازب، فيترك لها المنزل مؤمناً بطيب معشرها، وذلك رغم هزالة الفترة الزَّمنيَّة التي أهَّلته لمنحها مثل تلك الثَّقة، ثمَّ تسير الأقصوصة بنهجٍ معروفٍ، فيمرض (جميل) وتسهر (ليلى) على تطبيبه، مستخدمة الخرق المبلَّلة، وذاك وفق ترتيبٍ تعاقبيٍ مستهلكٍ، إذ بإمكان أيِّ مشاهدٍ أن يتنبَّأ بتفاصيله.

من المؤكَّد طبعاً، أنَّ العملاق (فايز قزق/فاتشيه) ساهم في تمتين حبكة العمل، كما طعَّم رتمه، وقاده نحو ذراه الرَّئيسة بأدواتٍ عتيدةٍ، فأفرز مشاهد ماستر، تحوَّلت بين يديه إلى ثروة ركائزيَّة، استند عليها العمل بكل ثقله.

لم يوفق العمل بموسيقاه التَّصويريَّة، ففيها تهجين غير مدروس، مع تصاعدٍ غير مرتبطٍ بتعويم الحدث، وإن تجمّهر الاستثناء حول أغنية الشَّارة، وهي من تأليف: نعيم زليق، وألحان: سامي شمسي، وأداء: مرعي سرحان، فقد قدَّم الفريق مقطوعة غنائيَّة مغلَّفة بالتَّأثير، محفوفة بالجمال.

وبالانتقال إلى قفلات الخواتيم، فقد تراوحت بين التَّقليديَّة والنَّاجحة، وحملت المسلسل نحو شدٍّ دراميٍّ مقبولٍ لمتابعة الحلقة التَّالية.

يشهد العمل عودة مباركة للسَّيدة (صباح السَّالم/ أمُّ جميل)، التي وُفِّقت في تأدية دورها، شريطة ألَّا يُعاد قولبة الفنانة، وجرِّها نحو أدوار السَّقم والمسكنة.

أغلق العمل على نفسه بكلمة (يُتبع)، ملمِّحاً لاستمراريَّة ممِّكنة مع تغيير في جغرافية البلوك، إذ من المحتمل أن يحتضن لبنان، جزءاً ثانياً، وتكملة دراميَّة زاخمة ل(احتمال).


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا