محمد زهير رجب ..دينمو الحدوتة الشَّاميَّة..وجودت البيك يوقِّع روائيَّة فارسٍ بجوادٍ

السبت, 29 آذار 2025 الساعة 20:30 | ثقافة وفن, تلفزيون

محمد زهير رجب ..دينمو الحدوتة الشَّاميَّة..وجودت البيك يوقِّع روائيَّة فارسٍ بجوادٍ

بقلم: رهف القصَّار بني المرجه

كطودٍ عظيمٍ، مَتَّن بُوصلته الإخراجيَّة، مازجاً بين صلادة التِّقنية، وسميائيَّة الأداء، مقدِّماً لوحة دمشقيَّة مُوّسرة بالأكشن، عبر حدوتةٍ بأسلوب حرق الأنفاس، حملت اسم (العهد)، تأليف: عدنان ديُّوب، وإنتاج شركة قبنض، وبتكريس لمثلٍ شعبيٍّ شهيرٍ: "الجبلان لا يلتقيان"، لكنَّ (أبو غزوان/سعد مينه)، و(أبو خطَّار/ فراس ابراهيم) قد التقوا..

محمد زهير رجب، مخرجٌ سوريٌّ مكينٌ، يعكف سنويَّاً على تقديم حكايات البيوتات الشَّاميَّة، بقوامٍ رهيفٍ، انصهر مع اسمه، فأردف لعهده هذا الموسم خضاباً تقنيَّاً، أدرَّ تشكيلاتٍ سمعبصريَّةً، مثقلةً باللَّونيَّة، مطرزةً بالإغوائيَّة المرئيَّة، عبر رمزيَّاتٍ صوريَّةٍ، تكشَّفت في تصميم كوادر مضبوطة على البكلة، فالعناصر الأهمُّ شغلت نقاط القوة الأربع، التي تضمُّها كلُّ لوحةٍ إخراجيَّةٍ، وهي بُنى ارتكاز نفَّاذة، تدلِّل على حِذْق الإخراج لدى كلِّ محترفٍ للمهنة.

وببلاغة بيِّنة، عَمَّر (رجب) تراكميَّة حواريَّة، اِستُلهمت من لقطات فوق الكتف (الأوفر-شولدرات)، فأغدق البنائيَّة التَّصويريَّة ب(انسرتات) متغلغلة، تنقل للمشاهد كوداتٍ مبطَّنةً لدخاليج ردود الأفعال، التي تنهض بجوهريَّة السَّرد، القائم على صراع العائلتين.

ومع تحليلٍ قَصيِّ للشخوص، فالاستهلال يخطُّ أسطره، مع النَّجم (جودت البيك/ خطَّار)، الذي وقَّع روائيَّةً جديدةً لفارس بجواد، فكَتَّل أدواته التَّمثيليَّة بين كفين جامحين، ونصب صرحاً عصيباً، قوامه روح الكاركتر، ففاض عنفوان الشَّباب على التَّشخيص الأدائي، وتسبَّب بعدوى الحماس لدى المشاهد، وإذ بصيحات متتَّبعي السُّوشل ميديا تستعجل تحميل الحلقات التَّالية، لاسيَّما مع حنكة الاختيار لقفلات الخواتيم، ولم يقف (البيك) عند ذلك، بل عزم أن يطلَّ بزيِّ ذي علامات مطويَّةٍ، ولقارئ الصُّورة متعة تقصِّيها.

وانتقالاً للمتألِّقة النجمة (رنا شميس/ جوريَّة)، فلم تتوانَ صراحةً، عن المضي مع الكوكبة الظَّافرة، فتلك الموهوبة الفطنة، كريمةٌ في التَّقمص، متفانيةٌ في التَّماهي، صانعةٌ للحديث والأكثر حداثة، في رُدهة سايكولوجيا القوَّة للشّخصيَّات النِّسائيَّة.

وبالانتقال إلى المفاتيح النَّصيَّة، فقد تراقص إيقاعها بجديَّةٍ باهظةٍ، استأثر بها رجلا الأقصوصة (سعد مينه/ أبو غزوان)، في مواجهة (فراس ابراهيم/ أبو خطَّار) ما أفرز عطفةً ميمونةً ل(فراس) نحو أدوار البطولة، فساس دفَّتها، منعشاً الذَّاكرة الأرشيفيَّة للمشاهد السُّوري، بدماثة النَّجم، واكتنازه للغةٍ دلاليَّةٍ، مفعمةٍ بإيماءات وجهيَّة، اختصَّ بها (فراس إبراهيم)، فكانت لازمةً حركيَّةً، وقرينةً ناجعةً منذ باكورة أعماله، كلُّ هذا وذاك ليقابل في نهاية المطاف، شريكه العملاق (سعد مينه)، في لقطاتٍ بزوايا نصفيَّة (بروفايل)، اعتمدها (رجب)، لفرعنة احتدام الحدث، وجلجلة ضراوته، وصولاً إلى ذُرى فالحة، نُسجت بخيال متداخل، وبسنارة السِّيناريست الدَّؤوب (عدنان ديوب).

إضافة إلى ذلك، أغدق (رجب) من الاعتماديَّة الأدائيَّة على أطقمٍ مجتباةٍ بدراية، من الجمهرة الشَّبابيَّة، محفِّزاً تلك الكوادر على خوض غمار اللُّعبة، ومعافرة عراقيلها، ومنهم: (دلع نادر/ قمر الزَّمان، صفاء سليمان/ امتثال، دجانة عيسى/ لطفيَّة، سالي أحمد/ أميمة)، وٱخرون، ويُحسب ل(رجب) أيضاً، تشبِّثه بنهجٍ وقورٍ، تتجلَّى دعامته في إعادة مخضرمي الدِّراما السُّوريَّة، إلى الواجهة، ومنهم السَّادة: (رضوان عقيلي، علي كريِّم، نجاح سفكوني، أيمن بهنسي).

وتعزيزاً للوظيفة المتوخَّاة من الدِّراما، والتي تتَّمثَّل في التَّرفيه والمتعة، فقد جاد الفنان (وسيم شبلي/ أصلان) في دوره، وأدَّى مشاهد ماستر، مخلِّفاً كوماً إشاراتياً، يجبر محبِّي المهنة على استشفافه، ومارس فنون الإلقاء بحصافة مشهودة، واعتزل سياسة المونوتونية، نكوصاً عن الرَّتابة الكلاميَّة، وتعامل مع البنود التَّصميميَّة بنُهى بالغة، فتسلَّم بأمانة مشاهده، وسلَّمها بغلبة واثقة، منجزاً عنصر المشهديَّة بنباهة مجدٍّ، لتنضمَّ لاحقاً إلى إرث البيئة الدِّراميَّة السُّوريَّة.

أمَّا الأكثر ظرافة، فهو فريق البنات والصِّبية، مثل: (يارا مريش/ صبريَّة الصَّغيرة، وحمزة عُقلة/ خطَّار الصَّغير)، الذين وثق بقدراتهم (رجب)، فوزَّع بينهم أدواراً رئيسةً، وبديهي أنَّه إيمانٌ لم يأتِ من فراغ، فقد أشرف على تدريبهم مسرحيٌّ كفؤٌ، الأستاذ (جلال الخراط)، وهو رجلٌ ضليعٌ بامتياز، أكاديميٌّ ومهنيٌ معاً، باعٌ طويلٌ في المجال، وأناةٌ وتبصُّرٌ في تحليل الشُّخوص، وتعقِّب تواريخها، فانعكس ذلك في بروفاتٍ متلاحقةٍ، وإشرافٍ مباشرٍ في (السيت)، إذ لم يهجر المعلِّم تلاميذه طوال أشهرٍ خمسةٍ، استغرقها تصوير العمل، وبظروفٍ مناخيَّةٍ وأمنيَّةٍ محفوفةٍ بكلِّ طارئٍ ومفاجئٍ.

وبالانتقال إلى الظَّواهر السَّمعيَّة، فقد تزاوجت بألفةٍ، صوتيَّاتٌ طنَّانةٌ، فأخصبت وقعاً محموداً في ٱذان متابعي (العهد)، كما انضمَّ للشق السَّمعي، موسيقا (جينريك)، ذات صخبٍٍ عاتٍ، وهي من كلمات عبد الرَّحمن الحلبي، وغناء عاصم سكر، وألحان وتوزيع سعد الحسيني.

وإنصافاً لتَّتبع بواعث نجاح العمل، فلابدَّ أن يُعزى في كثيرٍ من المطارح، إلى فريقٍ إعلاميٍّ مثابرٍ، يديره الصَّحفي وائل الحفيان، والذي ضبط منهجيَّة السُّبوتات التَّرويجيَّة للعمل، فحال دون هبوطه في فخ تفكيك الواقعة قبل أوانها، محرِّكاً أدوات خبرته، لتقديم المطلوب في ساعته، ليٱزر فريق (العهد) في وعد قطعوه جمعاً، يحملهم نحو قفزةٍ بيئويَّةٍ، معتَّقةٍ بدفء القناطر، وكبَّادات الفسح السَّماويَّة، التي شكَّلت بلوكات رئيسة، أينعت فوقها الحدثيَّة الدِّراميَّة لمسلسل (العهد).


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا