رياض صالح الحسين.. الألم والفاجعة الإنسانية في قصيدة

الأربعاء, 23 تشرين الثاني 2011 الساعة 10:49 | , أدب

رياض صالح الحسين.. الألم والفاجعة الإنسانية في قصيدة
جهينة نيوز: يركض في عينيه كوكب مذبوح وسماء منكسرة يركض في عينيه بحر من النيون ومحيط من العتمة الطبقية في عينيه أيضاً تركض صبية جميلة بقدمين حافيتين .. جاء ذلك في ديوان خراب الدورة الدموية ليجسد أحلام الشاعر السوري الراحل رياض صالح الحسين التي لم تكتمل والتي مزج فيها أفق الرؤية الشعرية مع الألم الجسدي المضني والمعاناة النفسية حيث حرم من السمع والكلام وعاش سنيه الثماني والعشرين إما في البحث عن عمل أو عن مستشفى يعطيه جرعة مسكنات يتم بعدها قصائده. ولد الحسين في مدينة درعا عام 1954 لأسرة بسيطة تتنقل بين القرى بحثاً عن العمل حيث كان والده موظفاً بسيطاً من قرية مارع في شمال حلب ولم يستطع الشاعر الطفل إكمال دراسته بسبب الصمم والبكم فحاول تثقيف نفسه بعيدا عن المدارس واضطر إلى ممارسة العمل مبكرا كعامل وموظف وصحفي ولكن بشكل مؤقت دائما ما جعله يعاني بشدة من أزمة البطالة إلا أن كل هذه المشكلات لم تمنعه من مزاولة الشعر والكتابة بشكل عام حتى وفاته المبكرة في مشفى المواساة تاريخ 21-11-1982 ورحل الشاب تاركاً آلامه وقصته بكتاباته التي لم تتفتح عيون النقاد والقراء عليها إلا بعد وفاته. أصدر الحسين ثلاث مجموعات شعرية في حياته هي خراب الدورة الدموية 1979 اساطير يومية 1980 بسيط كالماء واضح كطلقة مسدس 1982 وانجز مجموعته الشعرية "وعل في الغابة" قبل وفاته كما كتب القصة القصيرة وقصص الأطفال والمقالة الصحفية والنقد الأدبي. اعتبر الحسين حالة شعرية سورية فريدة من نوعها خاصة بالأسلوبية الحداثية المبكرة التي رافقت كتاباته والحس الإنساني العالي والصادق في دواوينه فما ولد من أسى بين الحروف كان حقيقياً وكل تلك الآلام النفسية والجسدية كانت أكثر من صادقة. كان رحيل "الوعل الجميل" كما سماه فارس زرزور علامة فارقة في الشعر العربي ككل فقد اختتمت تجربة ممعنة بالوعي ومضرجة بالألم لشاعر لا ينطق ولا يسمع وكان مجال الرؤيا أمام عينيه بين جدران مشفى أو منزل بسيط أو شوارع تلفظه إلا أن ما كتبه كان بحجم المعاناة وأكبر وبأسلوبية تفوقت على السائد الشعري في نهاية السبعينيات ومطلع الثمانينيات وهو العشريني الصغير. في قصيدة له يخاطب الحسين وطنه سورية قائلاً: يا سورية الجميلة السعيدة/ كمدفأة في كانون/ يا سورية القاسية كمشرط في يد جراح/نحن أبناؤك الطيبون /الذين أكلنا خبزك وزيتونك/ أبداً سنقودك إلى الينابيع/ أبداً سنجفف دمك بأصابعنا الخضراء/ ودموعك بشفاهنا اليابسة/ أبداً سنشق أمامك الدروب /ولن نتركك تضيعين يا سورية/ كأغنية في صحراء. لم يعتب الشاعر على القدر ولم يحاسب المحيط الاجتماعي ولا الذات الإنسانية فيما اعتراه.. كان يستطيع التفوق على الحالة المأساوية بما عرفه باطنه عن المحيط الحيوي الضيق وبما استطاع أن يخلقه لنفسه من مكونات بسيطة حرمته أبسط تفاصيل الحياة وخطفته في ريعان تجربته الشعرية وأصالة كلماته لكنه تساءل كثيراً: من سيفتح لي صنبور الحياة لأشرب/ إذا جف قلبي تحت هذه السماء الخائنة/من سيغني لي أغنية في المساء لأنام/ إذا وضعوا بين جفني صخرة مدببة. اكتفى الحسين بعينين تجيدان القراءة وأنامل تحترف القصيدة فقرأ عن الوجود والفلسفة والإنسان والوطن والحب وكتب عن كل شيء يخطر في بال متعب يعد أيامه الباقية بعدد الصفحات التي بقيت له ليكتبها ويؤجل رحيله كيفما استطاع ليتم الديوان الأخير فلا بد من قارئ ما في زمن ما يكتب اسمه رياض صالح الحسين ولو على ورقة نعوة.  


اقرأ المزيد...
أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 Ahlam
    14/3/2012
    12:58
    VHkJUzbeYufTYe
    Your artciles are for when it absolutely, positively, needs to be understood overnight.

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا