تأبين الشاعر الكبير سليمان العيسى: قامة ثقافية شامخة

الخميس, 26 أيلول 2013 الساعة 04:43 | , ثقافة

تأبين الشاعر الكبير سليمان العيسى: قامة ثقافية شامخة

جهينة نيوز:

بحضور الدكتورة نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية للشؤون الثقافية أقام مجمع اللغة العربية اليوم حفلا تأبينيا للشاعر سليمان العيسى بمناسبة مرور أربعين يوما على رحيله أكد المشاركون فيه أن الشاعر العيسى كان "قامة ثقافية شامخة" وكان شاعر "الحلم القومي العربي" الذي ثبت في عقول أبناء الأمة ووجدانهم ولاسيما الأطفال الذين يشبههم ببراءته وصدقه.

وبدأ حفل التأبين بعرض فيلم وثائقي تضمن لمحة موجزة عن حياة الشاعر العيسى التي تميزت بالعطاء الأدبي والحس النضالي منذ أن شارك بتأسيس حزب البعث وجريدته التي كتب العدد الأول منها بخط يده كما سلط الفيلم الضوء على نضاله ضد الفرنسيين وعلى أشهر كتاباته في ذلك الحين ولاسيما نشيد يا شباب العرب هيا كما تضمن الفيلم عرض صور وثائقية تجسد محطات من مراحل حياته.

وبين الدكتور محمود السيد نائب رئيس مجمع اللغة العربية في كلمة له أن سليمان العيسى كان يؤمن بزوال الإنسان وبقاء ما يقدمه من ثقافات وكتابات وأشعار حيث ظلت سيرته متألقة نظرا لتمكنه من دخول ذاكرة الأجيال إضافة إلى أنه قامة أدبية شامخة عاش الحياة بآلامها وشقائها فخرج من أيام البؤس والحرمان ليظل متفائلا حاملا رسالة قومية طوال حياته.

وأضاف أن الشاعر العيسى كان شاعر الحلم القومي العربي الذي ثبت في عقول أبناء الأمة ووجدانهم ولاسيما الأطفال الذين يشبههم ببراءته وهو الذي توجه بالكتابة إليهم من أجل التشبث بالمستقبل فكان وفيا لوطنه وقيمه وأرضه السليبة وأشار إلى أن سليمان العيسى كان يحلم منذ الطفولة بزيارة مجمع اللغة العربية وظل هذا الحلم يتنامى معه ومع تطور ثقافته إلى أن كتبت له هذه الزيارة وهو طالب في المرحلة الثانوية حيث التقى الشاعر شفيق جبري عضو مجمع اللغة العربية وشاءت الأقدار عام 1990 أن ينتخبه الأعضاء عضوا عاملا في المجمع ليكون واحدا من أهم ركائزه.

وقال الدكتور هزوان الوز وزير التربية لقد عاش العيسى هم أمة تنوشها ضواري العاديات في كل مكان وعلى مر الأزمان فراح يحلم بأمة موحدة من المحيط إلى الخليج.

وأضاف: لقد شرد العيسى منذ كان صغيرا ليصبح لواء اسكندرون جرحا وحلما ثم كبر اللواء في داخله وكبر الحلم والقضية ثم خاطبه قائلا: يا شاعر البعث كنت تبعث حياة كل بعث عربي فهل رأيت أننا الآن نواجه أبناء الشياطين ونتصدى لمؤامراتهم وأنت تدرك وتؤمن بالحرية والرسالة الخالدة.. في بلادنا اليوم ما يعجز الوصف عنه من قتل وسفك دم كرمى عيون بني صهيون والكل والغ في دمنا باسم الله زورا وبهتانا وفي بلادي اليوم أخوة يوسف يتآمرون عليه ويوسف أنقاهم وأطهرهم يا شاعر البعث أيقظ البدوي وقل له أن قتلة الأبرياء في العالم يريدون النيل منا فعلينا أن نصمد.

من جهته قال الدكتور حسين جمعة رئيس اتحاد الكتاب العرب: كان الشاعر سليمان العيسى بعيدا عن الحقد والأنانية والرياء وكانت مواقفه وكلامه عبقا في أفواه تمطر ليل نهار لقد جبل بالتواضع وحب الآخرين كما أنه خاض معركة الشرف على امتداد التاريخ الذي عاشه لتحرير الأمة من شرنقة الهزيمة فتجاوز اللحظات الحرجة في حياة أمته وهتف في ذاكرة الأجيال وسجل في دفاترها أن الأمة التي أنجبت خالد وعمر وعلي تستطيع أن تنجب آخرين من أمثالهم.

واستعرض الدكتور نضال الصالح معاون وزيرة الثقافة محطات من سيرة الشاعر الراحل قائلا إن ذلك الطفل سليمان العيسى الذي هجر لواء اسكندرون قسرا إلى جسر الشغور وإلى حماة فاللاذقية فدمشق فحلب احتضن في حلب أول لسعة جمر في أتون الاغتراب وتحول إلى شاعر بين الجدران ظل يغني وروحه متعبة بالتوق إلى الإنسان وإلى العروبة وظل مترفا بالشدو للطفولة وللأمة التي حمل همومها من أقصى جرح منها إلى أقسى ملح في جرحها.

وألقى كلمة وزارة الإعلام توفيق أحمد معاون المدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون تناول فيها لمحة من كتاب سليمان العيسى حب وبطولة وما ترك من تأثير في نفوس الأجيال التي توالت على اقتناء الكتاب حيث كان أسلوبه بسيطا وصريحا وواضحا يمثل موقفه من الوطن والحياة ويسعى فيه للحقيقة بكل ما يملك من قيم سامية ومن حب وبطولة فيرى أنه بالحب والبطولة يعم السلام ويرتوي البشر وتتوارد الأحلام وتستطيع الأمة العربية أن تستعيد ماضيها المجيد فكان الحب رفيقه الأخير.

وتابع: كان سليمان العيسى من أبرز الشعراء العرب في العصر الحديث الذي يغني لحياة حرة كريمة إضافة إلى أنه وقف مع إعلامنا بالصوت والصورة وقفات تعمل إلى دفع مسيرة الإنسان العربي إلى الأمام فقدم قصائده المليئة بالوطنية والقومية ولم يلكأ عن أي دعوة للمشاركة في إغناء الإعلام العربي وكان سباقا للحضور في كل نشاط إعلامي للذود عن كرامة الأمة العربية فقام بدور الشاعر العربي القديم الذي كان يدافع عن القبيلة وكرامتها.

وقال السفير السابق سليمان حداد في كلمة أصدقاء الفقيد: لقد تعلمت منه الإيمان بوحدة القرية والمدينة والوطن وآمنت بأن الشمس يمكن أن تطلع من قلب البؤس كما تعلمت كيف تعلم الأجيال أن تسير على إشعاع المدى القوي في بلادنا إنه الشاعر الذي تدرب على يده كثير من الرواد والمناضلين فكان قويا شامخا متجذرا في الأرض يحب العطاء دون أن يأخذ ودون أن يفتش كغيره عن مال أو سلطة ليدخل التاريخ وذاكرة الأجيال.

وكانت كلمة لواء اسكندرون السليب للدكتور حيدر اليازجي حيث قال بعد محاولة الدولة الغاصبة التركية طمس هوية لواء اسكندرون أنشئت جمعية في اللواء تعمل على إبقاء هوية الأرض الحبيبة فأفرد لها سليمان العيسى جزءا من عطاءاته عبر مسيرته الأدبية الطويلة فجمع بعضها في كتاب سمي النعيرية قريتي وظلت هناك أشياء كثيرة متناثرة حيث ظل صوت اللواء المدوي ورجع غناء الأرض التي انتقلت مع سليمان العيسى أينما ذهب.

وألقت الدكتورة ملكة أبيض زوجة الراحل سليمان العيسى كلمة آل الفقيد أشارت فيها لموهبة سليمان العيسى الشعرية وثقافته الواسعة المتأصلة بالتراث العربي وانفتاحها على الثقافة الغربية إضافة إلى شخصيته الممتلئة بالقيم والأخلاق وقالت إنه "الشاعر الذي احترم الحلم فأصبح رمزا ودلالة عليه".

وأضافت لقد عشت معه رحلة الكفاح وكنا شركاء فيها منذ الخمسينيات فهناك ما تحقق من أحلامنا وهناك ما تبدد لافته إلى أن سليمان العيسى كان قلقا منذ سنوات عديدة ويدرك أن هناك خيوط مؤامرة تحاك ضد سورية وهذا ما قرأه الشاعر عبد العزيز المقالح في رسائل سليمان العيسى التي أرسلها له خلال حفل التأبين الذي أقيم لسليمان العيسى في اليمن.

واستحضر الدكتور جهاد بكفلوني بيت شعر للجواهري "ومزية العظماء أن حياتهم خصب وأن مماتهم أثمار".

وقال لقد عاش سليمان العيسى في قلوبنا منذ أن جلسنا على مقاعد الدراسة فحفظنا قصائده وآمنا من خلالها أن العروبة جسد حي يملك القدرة على تجديد خلاياه على نحو دائم بحيث لا تعرف الشيخوخة إلى هذا الجسد سبيلا وما زلنا نتمثل بيته الذي يقول فيه "أمة العرب لن تموت وإني أتحداك باسمها يا فناء".

غنى للعروبة فازداد الناس بها تعلقا وغنى الطفولة ففتح كوة تسلل الضياء منها إلى سريرة الطفل العربي الذي درسنا فيه قيما ربما لم تكن واضحة في ذهنه لولا قصائد العيسى المشبعة ببخار العروبة الذي يتصاعد في السماء ثم تهمي قطرات تعيده إلى الأرض التي حاول الجدب أن يمسها وتعيد إليها النبض والحياة.

وتم في نهاية حفل التأبين توزيع كتاب صادر عن اتحاد الكتاب العرب بعنوان سليمان العيسى النعيرية.. قريتي ضمن سلسلة الشعر.

حضر الحفل عدد من الأمناء العامين لأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية وأعضاء القيادة القطرية ووزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح وأعضاء مجمع اللغة العربية ولفيف من الأدباء والمفكرين والمهتمين.


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا