جهينة نيوز:
من المؤكد أن خسارة أي مساحة جغرافية من الأراضي السورية مؤلمة لكن من المؤكد أيضاً أن خسائر الأرواح أيضاً مؤلمة.
إدلب هل ما حدث فيها هو عملية انسحاب عشوائية، هل تم اتخاذ قرار عسكري بالانسحاب وما التطورات التي دفعت لاتخاذ قرار تجمع الجيش خارج المدينة؟.
الواقع الميداني والتقارير الواردة من إدلب تشير إلى أن القيادة العسكرية كانت موفقة بقرار إعادة انتشار وتجميع القوات فهي نجحت إلى حدّ كبير في تأمين انسحاب قواتها وآلاف المدنيين بأقل الخسائر في الأرواح والعتاد.
الكاتب والباحث الإستراتيجي د. سليم حربا تحدث في تصريح خاص لـ"جهينة نيوز" عن مخطط تركي سعودي للسيطرة على إدلب، وشرح تفاصيل العملية ومواجهات الإرهابيين مع الجيش العربي السوري والقرارات العسكرية التي تم اتخاذها وأهميتها.
المخطط وبدء العمليات الإرهابية؟
مصادر مطلعة كشفت أن التخطيط للهجوم على مدينة إدلب تم خلال لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز في زيارته الأخيرة، المعلومات تفيد أنه تم خلال الاجتماع السري اختيار منطقة في سورية للسيطرة عليها وذلك لرفع معنويات المجموعات الإرهابية بعد الخسائر المتتالية التي تكبدها المسلحون في جنوب سورية وشرقها.
يقول د. سليم حربا: إن العملية بدأت بتجميع الآلاف من المسلحين من ريف حمص وريف حماة وريف اللاذقية الأمر الذي يفسر هدوء العمليات الإرهابية في تلك المناطق خلال الفترة الأخيرة، إضافة إلى المجموعات الإرهابية الموجودة في ريف إدلب.
ويضيف حربا: إن العملية تمت بقيادة "جبهة النصرة" ودفعت حكومة أردوغان بأعداد كبيرة من الإرهابيين وصلت إلى 10 آلاف مسلح في محاولة للسيطرة على إدلب، وقد تم توجيه المجموعات الإرهابية من خلال غرفة عمليات بإشراف ضباط أتراك في أضنة والخضيرة والريحانية، في وقت قام طيران الاستطلاع الأمريكي بالتحليق فوق إدلب لتقديم المعلومات للمسلحين عن مناطق توزع الجيش العربي السوري وأماكن تواجده.
بدء المعركة..
أُعطيت الأوامر للقيادي في "جبهة النصرة" الإرهابي السعودي عبد الله المحسيني، بتجهيز 100 سيارة وعربة مفخخة والاقتراب من حدود مدينة إدلب لاستهدافها بقذائف الهاون، وعلى مدى سبعة أيام استهدف الإرهابيون المدينة بالهاون، ونذكر في تقريرنا ارتفاع عدد الشهداء من المدنيين بين تاريخ 10 إلى 20 آذار.
الأيام الأولى لمخطط السيطرة على المدينة فشل، حيث قام الجيش بقصف مروحي وصاروخي مكثف ودقيق للمجموعات الإرهابية في الريف الشمالي والشرقي شملت مناطق معرة النعمان وجبل الزاوية وبنش، في وقت قامت وحدات المشاة مدعومة بآليات عسكرية بإبعاد المسلحين بضع كيلومترات عن مدينة إدلب، قصف الجيش المدفعي والمروحي أدى إلى مقتل أكثر من 2000 مسلح وإصابة نحو 3000 إضافة إلى تدمير أكثر من 70% من الآليات والأسلحة الثقيلة للإرهابيين.
ومع تراجع الإرهابيين جغرافياً والخسائر المتتالية اتخذت غرفة العمليات قراراً بمد المسلحين بمجموعات جديدة تم نقلها من معسكرات ما يسمى (المعارضة المعتدلة) على الحدود التركية، ومع وصول قطعان الإرهابيين وتواصل عمليات القصف تمكنت المجموعات الإرهابية من السيطرة على حواجز بمحيط مدينة ادلب "حاجز الكونسروة، معمل الزيت، وبعض الأحياء المشرفة على المدينة كحي السكن الشبابي وحي الصناعة".
انسحاب الجيش..
ازدادت عمليات استهداف مدينة ادلب بالهاون، كما تمكن قناصة إرهابيون من التمركز في المباني المشرفة على مدينة ادلب وقاموا باستهداف المدنيين وعناصر الجيش. يقول الدكتور حربا: في هذه المرحلة قام الجيش بتدمير بعض الآليات الثقيلة له ونقل الوثائق والمستندات العسكرية والخدمية ذات الأهمية الكبيرة، ثم تم اتخاذ قرار الانسحاب الذي فرضته عدة عوامل:
1- الحفاظ على أرواح المدنيين:
في ساعات الصباح الأولى قام الجيش بعملية إخلاء للمدنيين، حيث انتشر مشاة الجيش رافقته آليات عسكرية لتأمين خروج المدنيين من ساحة المدينة، في وقت انتشر قناصة الجيش على المباني لمنع استهداف الأهالي، وتم نقل الأهالي إلى أريحا وصولاً إلى جسر الشغور فاللاذقية، عملية الإخلاء هذه رافقتها اشتباكات عنيفة مع المسلحين مما أسفر عن استشهاد عدد من عناصر الجيش وإصابة آخرين.
2- إعادة تجميع للقوات والحفاظ على أرواحهم:
عمليات الإرهابيين وعلى مدار 7 أيام وعلى مساحات واسعة فرضت على الجيش نقاط انتشار متعددة، ما اضطره للتمركز في أكثر من منطقة للدفاع عن المدينة، فيما القرار العسكري كان بإعادة تجمع عناصر الجيش في نقطة واحدة حفاظاً على أرواحهم وعلى قوتهم العسكرية تمهيداً لعملية منتظرة.
إعادة التجمع والانتشار ومحاولة استعادة المدينة
بعد إخلاء أكبر عدد من المدنيين تم تنفيذ إعادة تجمع للقوات العسكرية في المشارف القريبة والمتوسطة لمدينة إدلب في معسكر القرميد والمسطومة وأريحا لاتخاذ وضعية قتالية أكثر فعالية.
الجيش انتشر في المناطق الجنوبية والجنوبية الغربية للمدينة، رافق ذلك قيام مدفعية الجيش باستهداف المجموعات الإرهابية في المدينة وتنفيذ سلاح الجو عدة غارات على تجمعاتهم، حيث بدأت المجموعات الإرهابية تشعر بفقدان توازنها وخاصة بعد سقوط العديد من القتلى والجرحى وتدمير العديد من آلياتهم.
ويختم الدكتور حربا بالقول: إن المعركة لاتزال مستمرة لكنها لم تنته وأن قوات الجيش العربي السوري تستعد مع وصول تعزيزات عسكرية للقيام بعملية برية كبيرة، لكنه أشار إلى أن خطط الجيش قد تكون في استنزاف المجموعات الإرهابية في البداية تمهيداً لعملية برية، أو قد تتمثل بإحكام الطوق على المجموعات الإرهابية في إدلب ومن ثم البدء بالعملية، ويضيف: بالنسبة للجيش كل الخيارات متاحة، لكن قرار استعادة إدلب اتُخذ إلا أن طبيعة الواقع الميداني هي من تفرض توقيت العملية وكيفيتها.
16:50
17:18
12:57
19:08
08:23
00:15