خاص جهينة نيوز – كفاح نصر
في المقالين السابقين تحدثت عن بدء تلاشي الاحتكارات الامريكية التي من خلالها تم نهب العالم ومن خلالها صنعت واشنطن نظام عالمي لخدمتها فقط ولكن هناك تحديات مستقبلية تحتاج انفاق مئات مليارات الدولارات في ظل تراكم ديون هائل على الإدارة الأمريكية وتلاشي مواردها الواحد تلو الآخر بشكل تصاعدي.
الدفاع الصاروخي:
ومن أهم هذه التحديات التي تواجهها واشنطن هو الدفاع الصاروخي فواشنطن وخلال العقود الماضية كانت تبني سياستها على أساس هجومي وأنفقت عشرات مليارات الدولارات على بناء نظام دفاع صاروخي في بولندا وإسبانيا وأسيا وذلك بهدف هجوم ضد روسيا بالدرجة الأولى والصين بالدرجة الثانية وهذه المليارات قامت روسيا بتصفيرها في لحظة نهاية بناء الدرع الصاروخي الامريكي فلم تعلن روسيا عن أسلحتها المتطورة مثل سارامات و بوسيدون وغيره إلا بعد إنتهاء الولايات المتحدة من إنفاق عشرات مليارات الدولارات هباء والطريف في الأمر أن إنفاق عشرات المليارات هباء ليس الكارثة فالكارثة أن الولايات المتحدة التي دمرت معاهدة الدفاع الصاروخي لا تملك حالياً نظام دفاع صاروخي على أراضيها بينما في المقابل روسيا طورت نظام ا-235 وأجرت اختبارات مذهلة بحسب المشاهد التي نشرت وبالتالي حين يهدأ غبار الحروب القائمة حاليا يحتاج الأمريكي الى نظام دفاع صاروخي داخل الأراضي الأمريكية أو اعادة إحياء اتفاقية الدفاع الصاروخي مع روسيا ومن المستبعد أن يحدث ذلك بسهولة والناتو قريب من روسيا, علماً بأن روسيا حتى الآن لم تعلن عن مناطق انتشار دفاعها الصاروخي الذي كان خلال اتفاقية الدفاع الصاروخي حصرا لموسكو فقط ولم تعد ملزمة بذلك حاليا.
الدفاع الجوي والسلاح الفرط صوتي:
أفرزت الحرب الأوكرانية أسلحة جديدة في المعركة ولاسيما كينجال وتسيركون , فـ وبحسب المشاهد التي نشرها الأوكران فإن 36 صاروخ أطلقت من نظام باتريوت لاعتراض صاروخ كينجال لم تمنع صاروخ كينجال من تدمير منظومة باتريوت قريب كييف, وفي المقابل نجح نظام اس-400 خلال العملية العسكرية الروسية بإسقاط طائرات لا تبقى في الجو سوى دقائق وذلك بسبب سرعته الفائقة علماً بأن النظام اعترض صواريخ فرط صوتية وبالتالي المطلوب من الولايات المتحدة تحديث كامل منظومة الدفاع الجوي وهو أمير غير ممكن حاليا قبل أن تحصل الولايات المتحدة على سلاح فرط صوتي لتختبر طرق إعتراضه ومن المتوقع أن تمتلك واشنطن قريبا سلاح فرط صوتي ولكن حين يتم ذلك سيكون عليها تحدي بناء دفاع جوي قادر على اعتراض الاسلحة الفرط صوتية.
نظام تحديد المواقع
يعترف الأمريكي رسمياً بأن روسيا والصين قادرتين على التشويش على نظام ( جي بي اس ) الأمريكي وقد حدث هذا فعليا في أوكرانيا وبحر البلطيق وهو ما دفع واشنطن لتزويد أوكرانيا بتقنيات الذكاء الصناعي لتتمكن من ضرب أهداف روسية في حين لم ينجح الأمريكي بالتشويش على نظام غلوناس الروسي أو بيدو الصيني ومن المعلوم أن نظام تحديد المواقع مهامه لا تقتصر على الأهداف العسكرية بل على الملاحة وعليه يجب على واشنطن بناء نظام ملاحة عالمي جديد يتناسب مع التطورات التقنية الموجودة حالياً.
الفضاء
لا يخفى على أحد أن روسيا والصين تستعدان للإقامة في القمر, في حين الولايات المتحدة التي نجحت مؤخراً بالاستغناء عن الخدمات الروسية للصعود إلى محطة الفضاء الدولية سيكون عليها خلال السنوات القادمة أولاً بناء محطة فضاء دولية خاصة بها لان عمر المحطة الروسية الحالية شارف على نهايته والصين بنت محطتها و روسيا تستعد لفض الشراكة مع الأمريكي وبناء محطتها الخاصة وبالتالي تحتاج الولايات المتحدة أولا الى محطة فضاء مستقلة وثانياً الى الاستعداد لغزو القمر ومثل هذه الأمور تتطلب نفقات هائلة في ظل كل ما سبق ذكره وفي مواجهة تعاون بين روسيا والصين.
حوامل السلاح النووي
ادى انهيار حلف وارسو وزحف الناتو بإتجاه روسيا و الوجود الأمريكي حول الصين الى إهمال الولايات المتحدة للحوامل النووية العابرة للقارات وذلك بسبب إنتفاء الحاجة العسكرية لهم وأحدث صاروخ عابر للقارات في الولايات المتحدة صنع منذ أكثر من 50 عام ولكن حاليا تملك كل من روسيا والصين وكوريا الديمقراطية صواريخ فرط صوتية قادرة على توجيه ضربة ساحقة لكل القوات الامريكية القريبة وبناء عليه يصبح الحفاظ على قوة الولايات المتحدة كقوة عالمية هناك حاجة الى السلاح العابر للقارات فمع التغيرات العسكرية الحالية ولبقاء الولايات المتحدة قوة عظمى وجب عليها إحياء أسلحتها العابرة للقارات وتحديث المنظومة الامريكية يحتاج الى سنوات طويلة وإنفاق هائل.
الحاجة لمضاعفة القوات البرية خارج الحدود الامريكية
مع غض النظر عن طرح صاروخ تسيركون في البحار بفرقاطات صغيرة قادرة على تدمير إسطول فإن الحديث عن إمتلاك الصين صواريخ باليستية مضادة للسفن أصبح حقيقة وكان الحوثيين أول من أطلق مثل هذه الصواريخ بنجاح ومع الاخذ بعين الإعتبار المثلث الذي يحيط بآسيا من روسيا الى الصين وصولاً الى إيران بدأت القوات البحرية الامريكية وهي الذراع الامريكي الضارب تفقد قيمتها ويأتي ذلك بالتوازي مع تعاظم القوة البحرية الصينية وعليه يمكن الجزم بأن ما يحدث حاليا هو تصفير للقوات البحرية الأمريكية ونتيجة لذلك أصبح هناك حاجة الى قوات أمريكية برية اضافية خارج الحدود الامريكية وفعليا أعلنت واشنطن نيتها نشر صواريخ متوسطة المدى في آسيا وهو ما دفع موسكو للتهديد بنشر صواريخ متوسطة المدى ضد أوروبا ومناطق أخرى ومن غير المعلوم ما إذا كانت واشنطن ستنفذ ذلك ولكن ومع إقترابها من إمتلاك سلاح فرط صوتي فإن نشر صواريخ متوسطة المدى في آسيا قد يكون سبب رئيسي لحرب نووية استباقية فقيام واشنطن بنشر صواريخ متوسطة المدى على الوضع الجيوسياسي العالمي اذا تبعه رد روسي ولاحقا رد أمريكي من الممكن جداً أن يدفع نحو حرب نووية, وفي حال لم تفعل واشنطن ذلك سيتعين عليها التعايش مع عدم قدرتها على التأثير العسكري على الاحداث في أسيا وخصوصاً مع فقدان السيطرة على الممرات العالمية وهو جوهر المقال القادم.