ما أن إقترب تشغيل الدرع الصاروخي الأمريكي في بولندا حتى بدأت واشنطن برفع مستوى الاستفزاز والتهديد لموسكو وكانت الاجراءات التالية وفق التسلسل التالي:
1-تسريب اعلامي (نيويورك تايمز – رويترز) بالسماح لنظام كييف باستهداف العمق الروسي بالسلاح بعيد المدى
2-نفي التسريب الاعلامي
3-تأكيد التسريب الاعلامي بشكل رسمي
4-قصف قوات كييف لقاعدة عسكرية روسية حدودية
5-تشغيل الدرع الصاروخي الامريكي في بولندا بعد عملية بناء استمر أكثر من عشر سنوات
6-تصريح رسمي من البنتاغون على لسان ممثل القيادة الاستراتيجية في وزارة الحرب الامريكية (البنتاغون) الأدميرال توماس بيوكانن بموافقة واشنطن على تبادل الضربات النووية
وللتذكير أيضا ذات الخطوات قامت بها بريطانيا العظمى من نفي وتأكيد وصولا لاستعمال صواريخ بريطانية على مناطق حدودية روسية.
مما سبق أي عاقل يدرك أن الغرب ربما كان يهدد بضربة نووية ضد روسيا, أو يهدد روسيا وذلك على اثر تشغيل نظام الدفاع الصاروخي في بولندا, وذلك يمكن أن يتم بالخطوات التالية:
1-هجوم أوكراني بالسلاح التقليدي على الانذار الصاروخي المبكر في روسيا والدفاع الصاروخي الروسي والذي غالبا يكون في مناطق حدودية وربما جزء من القوات النووية الروسية.
2-مع تعطيل الانذار المبكر الروسي يمكن توجيه ضربات نووية من قبل الناتو بالسلاح متوسط المدى لاستهداف الدرع النووي الروسي على أمل قدرة الدرع الصاروخي الامريكي على صد اي هجوم روسي مضاد لا ينجح الغرب بإستهدافه مثل منظومة ياريس المتحركة.
ما سبق هو بالتأكيد إما مشروع استعمال سلاح نووي أو تهديد بإستعمال السلاح النووي, فتصريح ممثل القيادة الاستراتيجية في البنتاغون هو تهديد علني بإستعمال السلاح النووي, ولكن كانت المفاجأة بولادة صاروخ روسي جديد وهو صاروخ أوريشنك وهذا ما حدث وفق تسلسل الاحداث:
1-روسيا تطلق صاروخ مجهول وتستهدف معمل سوفيتي لانتاج الصواريخ في أوكرانيا
2-عدم قدرة الغرب والأوكران على فهم ما حدث الا بعد ظهور مشاهد لتساقط 6 رؤوس حربية على المعمل لم ترصدها الرادارات وسط العديد من التكهنات
3- بعد ساعات أوكرانيا تعلن أن موسكو استعملت سلاح عابر للقارات
وبعد ساعات طويلة من الاقاويل يحسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن الصاروخ هو صاروخ أوريشنك متوسط المدى فرط صوتي ويلوح بإجراء إختبارات على هذا الصاروخ على موردي السلاح لأوكرانيا ومن يرسل جنوده مؤكدا أن أي تصعيد غربي ايا كان لن يبقى دون رد وهو ما يعني حرفيا أن بوتين بهدد بإستهداف دول نووية هددت روسيا بواسطة سلاح متوسط المدى يحمل رأس حربي تقليدي وليس نووي وهذا الأمر في الواقع هو لحماية العالم من شر استعمال السلاح النووي ولكن الوجه الآخر للقرار أن روسيا تتحدى أكثر من 35 دولة وبالسلاح التقليدي وهو ما يعني أن روسيا لايزال لديها ما تخفيه من السلاح وقادرة على مواجهة الجميع أيا كان نوع المواجهة وهو عسكريا أمر مرعب.
وكذلك هناك جانب آخر لما حدث وفق التالي:
1-تم بشكل رسمي غير قابل للنقاش تصفير الدرع الصاروخي الأمريكي في بولندا و عشرات المليارات التي انفقت عليه ذهبت مع الريح وقد كتبنا عن هذا سابقاً.
2-عودة الرعب النووي الى أوروبا حتى لو لم تنشر روسيا هذا السلاح بشكل رسمي فقد أصبح السلاح موجود.
3-اثبتت روسيا لشعوب أوروبا أن خروج واشنطن من اتفاقية حظر الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى ومعاهدة الدفاع الصاروخي على اثر زحف الناتو باتجاه حدود روسيا قد دمر أمن أوروبا, وبالتالي زحف الناتو هو من دمر أمن أوروبا وهذا الزحف ليس لحماية أوروبا ولم يكن هناك تهديد روسي يستحق أن يتم تدمير أمن أوروبا بسببه لكن حاليا ولد التهديد.
4-أصبحت جميع الصواريخ الروسية الـ 800 العابرة للقارات ومعها صوارخ سارمات و بولافا موجهة تحديداً بإتجاه الولايات المتحدة بعد تحييد كامل أوروبا بواسطة السلاح متوسط وقصير المدى أي لم يع هناك خصم سوى الولايات المتحدة يحتاج الى صواريخ عابرة للقارات .
5-يعتبر الاعلام نقطة ضعف الامريكي وبعد الإعلان عن السماح لكييف بضرب العمق الروسي بصواريخ متوسطة المدى سيتوجب عليهم إما الغاء القرار وبالتالي تحطيم صورة الولايات المتحدة كدولة عظمى أو إعطاء بوتين فرصة ضرب أهداف داخل دول الناتو و قد تكون هذه الاهداف في الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا دون أن يتجرأ الغرب على الرد وتدمير صورة الولايات المتحدة كقوة عظمى.
6-تأتي هذه التطورات بالتزامن بدء إنهيار الجبهة الأوكرانية ومع انتهاء عقد تمرير الغاز الى أوروبا عبر أوكرانيا وبعد تهديد ماكرون بإرسال قوات فرنسية للدفاع عن أوكرانيا وتسريبات المانية عن حشد 800 الف جندي و200 الف مدرعة للتدخل في أوكرانيا.
ما هي خيارات واشنطن:
إما التصعيد وتحمل المسؤولية في دولهم بالتزامن مع سقوط أوكرانيا أمام أعينهم أو إستغلال وصول ترامب الى السلطة ودفع أوكرانيا للإستسلام .