خاص جهينة نيوز – كفاح نصر
تحت عنوان " الإمبراطورية الأمريكية دمرت نفسها ونهاية الحضارة الانجلوساكسونية قريبة جداً وبالأرقام" سيتم بحث الحالة المزرية التي وصلت لها الولايات المتحدة في سلسلة مقالات ومنها عوامل طبيعية تندرج تحت بند الفعل ورد الفعل وعوامل داخلية وانتهاء الاحتكارات وصولاً إلى التحديات المقبلة التي ستضغط على الاقتصاد الأمريكي وخيارات النهوض.
من المؤكد أن كلمة إنهيار لا تعني بالضبط زوال الدولة فالدولة ستبقى موجودة وستبقى دولة نووية, بل تغير جذري في طبيعة الحكم كما حدث في روسيا بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي وحلف وارسو حيث تلاشى دورها أكثر من عشر سنوات وعند الحديث عن الإنهيار الأمريكي فيكفي أن تبدأ الدولة بسحب قواتها الى داخل حدودها, أو أن تفقد السيطرة على التجارة الدولية والممرات الدولية ويفقد الدولار الأمريكي أهميته وتفقد الولايات المتحدة الإحتكارات وترضخ للعالم الجديد الذي يتم بنائه حاليا والاعتراف بالقوى العظمى الجديدة وهو ما يحدث بشكل متسارع حالياً وكذلك قد يكون الانهيار هو عدم قدرة الولايات المتحدة على مواكبة ما يحدث في العالم والانعزال عن العالم وصولاً إلى الفوضى والحرب الاهلية.
ولكن كيف وصلت الولايات المتحدة الأمريكية إلى هذه المرحلة التي يتم فيها الحديث عن انهيارها ومن ساستها قبل خصومها وهي حتى الأمس القريب تسيطر على العالم بإحتكارات كبرى كطباعة الدولارات التي لا قيمة مادية لها وشراء ما تريد بها من أمور مادية من دول العالم ولاسيما براءات الإختراع التي تجمعها من حول العالم وتصنعها في دول أخرى ولا تجني سوى الأرباح فضلا عن السيطرة على التجارة الدولية والتحويلات المالية والقروض وبطاقات الاعتماد والانترنيت والكثير من الاحتكارات ليعيش في الأرض ما يسمى المليار الذهبي وهم سكان الغرب (بعض الدول الغربية) على حساب باقي شعوب العالم فكيف لمثل هذه الامبرطورية أن تنهار.
العوامل الطبيعية التي قادت الولايات المتحدة للإنهيار:
ترك الدولار بدون غطاء ذهبي منذ السبعينات دفع الكثير من دول العالم إلى خفض قيمة عملاتها مقابل الدولار بشكل تصاعدي حتى الآن وذلك لتشجيع الصناعة الداخلية وبالتالي أصبحت اليد العاملة خارج الولايات المتحدة لا تقارن بالداخل الأمريكي وهو ما دمر الصناعة الأمريكية ونقلها إلى الخارج فلا يخفى على أحد أن غالبية المنتجات الأمريكية أو ما تبقى من منتجات أمريكية تصنع في الصين بشكل خاص ودول أخرى مثل سنغافورة والهند كوريا وغيرها من الدول وفي المقابل أصبحت الاحتكارات الامريكية والغربية باهضة الثمن على باقي الدول بفعل الاحتكار وثمنها زهيد في الغرب فمثلا المواطن الغربي قادر على شراء سيارة خلال العمل في الصيف وكأنه يعيش في دولة بترولية ذات كثافة سكانية منخفضة كدول الخليج وهو ما لا يستطيع القيام به مواطن أفريقي أو آسيوي على سبيل المثال وكذلك الحواسب والمنتجات عالية التقنية وبالتالي زاد إنفاق الدول الغربية بالتزامن مع تراجع إنتاجها كرد فعل طبيعي على إلغاء الغطاء الذهبي للدولار وبالمختصر مرور عقود من الإنفاق دون الإنتاج هو سبب رئيسي لظهور عملاق الصناعة الصيني وظهور قوة اقتصادية في الدول ذات الكثافة السكانية العالية كالهند والبرازيل.
محاولة إحتلال العالم عسكرياً بالفوضى الخلاقة
كان الرئيس العراقي أحمد حسن البكر قادر على سد الفراغ الذي تركته مصر مع توقيع السادات على اتفاق الذل كامب ديفيد وفعليا ارسل قواته الى سورية لدعم الجيش العربي السوري بعد خيانة السادات وفي عهده كان التعليم في العراق يضاهي أوروبا ويقف سداً في وجه شاه إيران الموالي للغرب ولكن مع إنقلاب صدام حسين تغير الوضع في العراق والعالم فأول ما قام به صدام هو ترحيل الخميني من العراق والانفتاح على شاه إيران وحين عاد الخميني الى إيران وسقط نظام الشاه العميل شن الحرب على إيران لمدة تسع سنوات وحول العراق من حليف داعم لسورية كانت دباباته داخل سورية الى جانب الجيش السوري الى تهديد لها ودباباته تهدد الحدود السورية بمهاجمة مواقع الجيش السوري وبدأ بشراء السلاح الأمريكي ولاحقا احتل الكويت برضى أمريكي ليكون السبب المباشر لنشر القوات الامريكية في دول الخليج فما قام به صدام لصالح الولايات المتحدة إن كان عن قصد أو غير قصد لم تقم به حتى اسرائيل ولا جميع حلفاء الولايات المتحدة مجتمعين (وأكبر معضلات الأمريكية حاليا عي غياب نظام صدام حسيت) وكذلك ما قامت بهد حركة طالبان لصالح الولايات المتحدة لا يستطيع كل حلفاء الولايات المتحدة تقديمه للامريكي من خلال تعجيل انهيار الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو وتحويل افغانستان من بلد متقدم يناطح الامريكي نفسه الى بلد متخلف ومتحكم بهد يستعمل كخنجر ضد روسيا والصين وإيران, ولكن من قتل صدام واسقط نظامه ومن حول حركة طالبان من أداة أمريكية ضد خصومها الى خنجر بالحلق الأمريكي , أليس الأمريكي نفسه صاحب مشروع الفوضى الخلاقة ونهاية التاريخ, هو الذي دمر وقتل اهم حلفائه في العالم معتقدا بأنه ومن خلال الفوضى الخلاقة سيحتل العالم ويسقط الصين وروسيا ولكن خطط الأمريكي جاءت بنتائج معاكسة فحرب أفغانستان بالتحديد وقبلها يوغسلافيا وبعدها العراق هي من صنع خصوم الولايات المتحدة و وحد جهودهم وأضعف النفوذ الامريكي.
وللمفارقة الأمر لا يقتصر على نظام صدام وحركة طالبان وبل تعداه الى نظام حسني مبارك وبن علي وغيرهم.
فحروب الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان لم تكلف الشعب الامريكي 5 تريليونات دولار فحسب بل قضت على أهم عوامل قوة الولايات المتحدة حول العالم وعوامل سيطرتها ولا يمكن وصف هذه الحرب إلا بالمقاتل الذي أطلق النار على قدمه ويريد الوقوف, الطريف في الأمر انه حاليا يتفق جميع الأمريكيين بأن جورج بوش الابن كان غبي دمر الولايات المتحدة في حين يقول الرئيس الروسي لم يكن غبيا أي أنه كان صاحب مشروع وانهار مشروعه.
عقوبات الولايات المتحدة ضد نفسها
ربما الكثيرين لا يعلمون أن العقوبات الأمريكية ضد بلد ما هي أكبر الحماقات التاريخية للادارات الأمريكية المتعاقبة ولم تحقق لواشنطن أي هدف وبعض العقوبات كانت قاتلة للامريكي ومثال ذلك شركات الاعتماد الأمريكية (ماستر كارد وفيزا واميركان اكسبرس اللواتي يحصلن على أرباح من كل عملية شراء في غالبية دول العالم فضلا عن الفوائد الهائلة من الاعتمادات الصغيرة المضمونة) تقوم هذه الشركات بحماية الدولار الأمريكي وتجني مئات مليارات الدولارات من خلال دولارات غير ملموسة أصلا فتقوم الولايات المتحدة بمعاقبة دولة ما ومنعها من نظام الاعتماد الأمريكي كما حدث مع روسيا عام 2014 ومثل هذه العقوبات تزعج الناس العاديين ولكن فعليا تساعد الدولة المستهدفة بالعقوبات لانها توقف حنفية مال الى الخارج والخاسر الأخير هو الشركات الأمريكية لانها تغلق حنفية أموال لا يدفع مقابلها اي شئ والأهم هو أن هذه العقوبات خلقت بطاقات اعتماد منافسة للشركات الأمريكية كبطاقة مير الروسية على سبيل المثال لا الحصر وبدأت تتوسع في العالم والأمر ينطبق على الكثير من الأمور التي كانت لاتزال الولايات المتحدة تحتكرها وبسبب العقوبات الأمريكية فقدت احتكارها وهو جوهر الجزء الثاني من المقال.