جهينة نيوز:
تثير الدهشة والاستغراب حينا، وقد تجنح إلى تأكيد ما بات معتادا ومألوفا، تلك التحاليل السياسية المتناسلة بمداليلها وإسقاطاتها فضلا عن تواطؤاتها وارتهانها بتأثير ما يتم تخصيصه لها من أرصدة «مدولرة» أو «مرييلة»، أو حتى ما يخضع منها لمضاربات السوق الإعلامية بعملاتها المحلية في كثير من أقطار الوطن الذي حلمنا به كبيراً ولا نزال..
لكن تلك التحليلات التي تَشْخُص بين الحين والآخر في مواجهة مع الذات الفاحصة، أو حتى الراكنة إلى التلهي عن مصائب هذا الوطن بكليبات "البورنو سلفية"، عبر شاشات التدجيل، تدور حول استهداف الجمهوريات العربية ذات الرسوخ الوطني بما سمي " الربيع العربي " والتغيير على أجندات «كاوباوية» متعولمة، فيما تنجو من هذا الاستهداف ممالك وإمارات النفط، التي يتشدق ملوكها وأمراؤها بالديمقراطيات الغربية وضرورة استزراعها في صحراوات عربية لايرون رمالا إلا فيها ، ولا يجدون تقحلا إلا في أراضيها، وكأن أراضيهم واحات خضر ، وجنان مورقة أشجارها الديمقراطية ووروف ظلال حقوق الإنسان فيها لا مجال لقياس امتداده!
أي عاقل ، أو متعقل ، لايحتاج إعمالا لذهن ، ولو تكاسل تحت وطأة عوامل عدة عن إعماله، وسيدرك ، من فور إنصاته للسؤال المتناسل هذا أن المؤامرة أجلى ماتكون ، يستوى الضالعون جميعا فيها ، وإن اختلفت سحنهم ، وتباينت أسماؤهم ، فلا فرق مطلقا بين عربي متنفط يظن الله اختصه بالثروة اصطفاء له، وبين صهيوني مرتكز على نفي الأغيار، ونازي قديم أو عصري يرى الناس وفق تراتبية عنصرية ، وجلي جلاء شمس رابعة النهار أن ممالك النفط ، وهي لاتملك في حقيقة الأمر إلا أجرة حراسة آبارها ، على طريقة خفير الدرك ، وخدمة التاجر الرئيس في بورصات السياسة والاقتصاد العالميين..
هذه الممالك لا غاية لها إلا إسقاط الدول التي ترى في مواطنيها أعظم ثروة ، وأن الاعتماد على الذات في مواجهة الغرب المتحكم في القوت والدواء والسلاح، موجب لاتحاد التاجر ووكيله الحارس ، و موزعي التجزئة في مواجهتها ، بادعاءات الحرية والتغيير الثوري، فيما تقمع هذه الممالك أيَّ تحركات ساعية للمطالبة بأبسط حقوق الإنسان ، الأمر الذي يجعل الجواب عن نجاة ممالك الشر من الربيع المزعوم أيسر، وأبلج ، قطعا ليس لأن الله راض عنها وعن قاطنيها فيما يرسل شياطين الأرض انتقاما من أبناء الجمهوريات الوطنية ، وكأن النظام الجمهوري كفر تسعى السماء لتخليص الأرض منه ، فيما يظل الملوك الذين يكادون يتألهون بعيدين عن غضب السماء .
ولعل الازدواجية بالغة السفور في مواقف ممالك النفط من محاولة للتغيير في "البحرين " مثلا، وما سمى بالثورة في " سورية" تجيب ببساطة وسفور أيضا عن كثير من الأسئلة المتناسلة، وتحدد بدقة أن وكلاء قوى (الاستدمار) لا الاستعمار الجديد ، والإمبريالية المتحورة ، خدم خلّص للشيطان الأمريكي الصهيوني ، وأن إسرائيل التي يتشدقون في مؤتمراتهم بمعاداتها ، فيما يقدمون لها أجل الخدمات سوف تضمن لهم بقاء على عروش ممالكهم ونهب ثرواتها ، ولا ضير أن يرفع أحدهم شعارا هنا ، ولافتة هناك، فالمصالح المشتركة ، بل المتماهية كاشفة عمن سميتهم بأعراب العولمة، عرب السحنة واللكنة، وسداسييّ القلوب .
خاص جهينة نيوز