الاردن-خاص:
* العدوان فشل في تحقيق أهدافه والنتائج السياسية لمصلحة سورية العروبة.
* ليس أمام سورية قيادة وجيشاً وشعباً سوى الانتصار على المؤامرة الصهيوأميركية الرجعية الإرهابية.
بات من الواضح أن العدوان الأمريكي الفاشل بامتياز على قاعدة الشعيرات الجوية قرب حمص بصواريخ توماهوك، جرى التمهيد له سياسياً في جلسة مجلس الأمن عبر مسلسل التصريحات الصادرة عن وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة ، وجرى التمهيد له عسكرياً منذ زمن – وفق القراءة العسكرية لوزارة الدفاع الروسية - إذ أن هذا النوع من العمليات العسكرية يحتاج إلى فترة طويلة من التخطيط والرصد والاستطلاع .
ومن تابع جلسة مجلس الأمن التي عقدت مساء الأربعاء الماضي، يكتشف بسهولة أننا أمام سيناريو أمريكي غربي رجعي معد مسبقاً للعدوان على سورية، وأن مجزرة الكيماوي في خان شيخون، تمت من قبل جبهة النصرة وأخواتها، بتخطيط تركي سعودي قطري، لتوفير قوة المبرر للعدوان على سورية.
فجوقة قوى الاستعمار "واشنطن، باريس، لندن" كلها عزفت على وتر واحد ألا وهو الجزم بأن الجيش العربي السوري، هو من وقف وراء مجزرة الكيماوي في مدينة خان شيخون، دون تقديم أي دليل أو برهان، ودون انتظار تشكيل لجنة تحقيق محايدة لتحقق في الحادث الكيماوي بشكل مهني وشفاف .
لقد فند العديد من المحللين الإستراتيجيين – ومن ضمنهم ريتشارد نيتز كبير المحللين العسكريين والسياسيين الإستراتيجيين في معهد هدسون الأمريكي- المزاعم الغربية المزعومة، بقولهم إنه لا يمكن أن يقوم النظام السوري بهذا العمل في ضوء عاملين هما : ( أولاً) أن الجيش العربي يحقق انتصارات إستراتيجية متتالية ولم يكن في حالة تراجع أو ضعف (وثانياً) لا يمكن للدولة السورية أن تقوم بهذا العمل في الوقت الذي تعلن فيه الإدارة الأمريكية، بأن مصير الرئيس الأسد يحدده الشعب السوري.
لماذا العدوان الأمريكي المباشر؟
إذ أن هذه الجوقة وفي ضوء إخفاقها في تمرير قرار في مجلس الأمن يدين سورية وفق الفصل السابع، ويمكِّنها من تفتيش القواعد الجوية السورية، والتحقيق مع ضباط سلاح الطيران على غرار ما جرى في العراق عشية العدوان عليه واحتلاله عام 2003، أعلنت بكل وضوح أنها ستلجأ إلى خيارها العسكري خارج إطار مجلس الأمن، وقد لجأت إليه فجر اليوم الأربعاء.
وهذا العدوان، جاء بعد فشل مراهنة الإدارة الأمريكية على الفصائل الإرهابية ومشغليها في تحقيق أهدافها في سوريةـ خاصةً بعد انتصار حلب الإستراتيجي، كما أنه وبتوقيته يستهدف رفع الحالة المعنوية، لفصائل الإرهاب التي لعقت مر الهزائم في محيط دمشق وحماة وشرق حلب، وتسهيل مهمة جبهة النصرة وتنظيم داعش الإرهابيين وبقية فصائل الإرهاب، لإنجاز أمل خائب بإسقاط قيادة الحكم السوري العروبي, هذا من جانب . ومن جانب آخر ، يستهدف تعديل ميزان القوى لصالح الإرهاب، بعد أن بات دور الإدارة الأمريكية غائباً ومغيباً في معادلة جنيف والأستانة، وبعد أن باتت واشنطن ولندن وباريس، تلهث وراء روسيا التي باتت تمسك بالملف وحدها، ناهيك أن أردوغان الذي جر إلى أستانة بعد انتصار حلب الإستراتيجي- إثر هزيمة أدواته الإرهابية في حلب- عاد للتنكر للدور الروسي الذي منحه فرصة الحضور السياسي في تسوية الأزمة – عبر تخطيطه ودعمه لهجومي جوبر ومحيط حماة ، على أمل التعويض عن هزيمته وهزيمة أدواته في معركة حلب الإستراتيجية.
كان على الإدارة الأمريكية أن تعلم جيداً أنها لا تستطيع أن تنفذ في سورية ما عملته في العراق ، وأن مياهاً كثيرة جرت، وأن متغيرات هائلة قد حصلت منذ احتلال العراق عام 2003 ، وأن سورية ليست لقمة سائغة لالتهامها من قبل الأمريكان من أجل تقسيمها لصالح الكيان الصهيوني وللرجعيات التركية والنفطية وغيرها.
كان عليها أن تدرك أن قطبيتها الأحادية ولّت إلى غير رجعة، وأنها لم ولن تعد شرطي العالم، وأن روسيا بوتين ليست روسيا يلتسين، وأن روسيا بوتين باتت الرقم الصعب في معادلة الشرق الأوسط ، بعد أن ألقت بكل تثقلها العسكري والمادي وراء القيادة العروبية في سورية لتحطيم المؤامرة وإفشالها.
وكان عليها أن تعلم أن الجيش العربي السوري قلب ميزان القوى العسكري وبشكل استراتيجي بدعم من أطراف حلف المقاومة والحليف الروسي الموثوق، وأن سورية التي هي حجر الزاوية في مقاومة المشروع الصهيوأميركي الرجعي في المنطقة هي غير قابلة للهزيمة وعصية على الانكسار.
فخ الكيماوي في خان شيخون
لقد نفذت جبهة النصرة وأخواتها كمين خان شيخون بتخطيط ودعم من مشغليها في أنقرة والرياض والدوحة وباريس ولندن ومن معسكر الصقور في البنتاغون والإدارة الأمريكية لعدة أسباب:
السبب الأول: لجر الفيل الأمريكي " ترامب" للمصيدة ودفعه للتراجع عن موقفه "في أن نظام الرئيس الأسد " واقع سياسي" وأن تغييره ليس من أولوياتها، وأن مصير الأسد يقرره الشعب السوري" ، ما جعل فصائل الإرهاب ومشغليها يفقدون صوابهم، وهم من كانوا يطالبون ويصرون على خروج الرئيس الأسد من معادلة الحكم كشرط للحل ولما يسمى " بالانتقال السياسي".
السبب الثاني: هو انكسار الهجوم الإرهابي في محيط دمشق في منطقة جوبر وكذلك انكسار الهجوم الإرهابي الكبير في ريف حماة الشمالي، الذي عول عليه أردوغان كثيراً للتعويض عن هزيمته في حلب، والذي حشدت له جبهة النصرة وحلفاؤها سبعة عشر ألف مسلح.
وقد خسرت فصائل الإرهاب ما يزيد عن 2000 إرهابي لقوا مصرعهم في الهجومين، حيث تفتق عقل مشغلي الإرهاب في أنقرة والدوحة والرياض ولندن وباريس وواشنطن، عن وسيلة لمحاصرة القيادة العروبية في سورية ، عبر تنفيذ هذا الهجوم الكيماوي عبر جبهة النصرة، ومن ثم تحميل الجيش العربي السوري مسؤولية الهجوم.
السبب الثالث: هو انعكاس فشل مجاميع الإرهاب في هذه المعارك الفاشلة، على جولة جنيف 5 لجهة إمساك المفاوض السوري بزمام المبادرة في فرض سلة مكافحة الإرهاب كسلة أساسية، وإفشال تفسير معارضة الرياض المزعومة للقرار 2254 حول الانتقال السياسي للسلطة.
الفشل العسكري للعدوان الأمريكي
إن قراءة النتائج لهذا العدوان- الذي جرى التخطيط له بالتنسيق الاستخباري مع الكيان الصهيوني- تؤكد أن العدوان الأمريكي على قاعدة الشعيرات الجوية، فشل فشلاً ذريعاً بالمقياسين العسكري والسياسي.
فبالمقياس العسكري، تبين من الصور والفيديوهات الخاصة بالقاعدة التي عرضها العسكريون الروس، أن الصواريخ الأمريكية لم تحدث أضراراً كبيرة في مدرجات ومهابط الطائرات بل وقعت على مسافة 150 متراً من محيط القاعدة، وأن أضراراً بسيطة حصلت في المنشآت وخسائر قليلة في صفوف قوات الدفاع الجوي السورية، كما تبين سقوط 23 صاروخا فقط في محيط القاعدة الجوية، في حين سقطت الــ 26 صاروخا الأخرى في مناطق غير عسكرية يجري البحث عنها ما يعني إهانة وفشلا ذريعا للعسكرتاريا الأمريكية.
تطورات سياسية لمصلحة سورية
وبالمقياس السياسي كانت نتائج العدوان الفاشل بالمقياس السياسي لمصلحة سورية من الزوايا التالية :
1- تطور روسي جذري، تمثل في وقف القيادة الروسية العمل بمذكرة السلامة الجوية مع الأمريكان، والخاصة بتنسيق العمليات الجوية لضمان سلامة طيران الحربي في السماء السورية من قبل الطرفين، ما يعني إمكانية كبيرة لإسقاط طائرات حربية أمريكية وأطلسية، بصواريخ روسية أو سورية في أي مواجهات قادمة.
2- التصريحات الصادرة عن المستويين السياسي والعسكري الروسي، تؤكد أن ميدان الحرب في سورية، سيشهد تصعيداً هائلاً في العمليات العسكرية الروسية ضد فصائل الإرهاب، وسنشهد تطوراً أكبر في الدعم العسكري التسليحي النوعي لسورية، وهذا ما نلمسه في إعلان وزارة الدفاع الروسية بعد اجتماع مجلس الأمن القومي الروسي، أنه سيتم تنفيذ مجموعة تدابير لتعزيز نظام الدفاع السوري المضاد للصواريخ.
3- من خلال رصد التصريحات الروسية، نلحظ أن موسكو تعد العدوان على قاعدة الشعيرات الجوية هو عدوان عليها، خاصةً وأن وحدات من الدفاع الجوي الروسية كانت متواجدة في القاعدة.
4- وصف القيادة الروسية للعدوان بأنه عمل إرهابي، ومناقض للقانون الدولي، وأن الوجود الأمريكي برمته في سورية وجود غير شرعي.
5- هنالك إمكانية محتملة كبيرة جداً لوقف التفاهمات الروسية مع الكيان الصهيوني بخصوص تجنب الاشتباك في الجو، ولعل التوبيخ الشديد الذي وجهه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لرئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو، على إثر اتهام الأخير للجيش العربي السوري بالوقوف وراء التفجير الكيماوي في خان شيخون لمؤشر على ذلك.
6- انكشاف حقيقة التحالف الإسرائيلي مع كل من الحكم السعودي والقطري وغيره من الحكومات الرجعية أكثر أمام الرأي العام العربي، وذلك جراء تأييد هذه الأطراف بشكل سافر للعدوان الأمريكي على سورية، وجراء انكشاف الدور الإسرائيلي الداعم لفصائل الإرهاب في سورية، وإعلان حكومة العدو الصهيوني عن التحضير لمناقشة التدخل العميق في سورية في مجلس الوزراء المصغر، ما يدفع قوى اجتماعية وسياسية واسعة من الشارع العربي، لتغيير موقفها من معادلة الصراع في سورية، لصالح القيادة العروبية في سورية وجيشها الباسل في مواجهة العدوان منذ عام 2011.
7- في ضوء تأييد أردوغان للعدوان الصهيوأميركي على سورية، واستعداده لتقديم كل أشكال الدعم لهذا العدوان، تشير توقعات العديد من المحللين أن موسكو ستعيد بشكل جذري تقييم علاقتها مع النظام التركي باتجاه تحجيم الدور التركي ومحاصرة تركيا اقتصادياً وسياسياَ، والعمل جدياً لإخراج القوات التركية الغازية من المناطق التي احتلتها في شمال سورية.
8- بات من المؤكد أن الموقف الروسي، سيكون أكثر صلابة في أي دورة من دورات جنيف في حال انعقادها، وأن موسكو ستتخلى عن المرونة التي أبدتها منذ جنيف 1 وحتى اللحظة اتجاه الفصائل المسلحة وقياداتها " الإرهابية ".
9- تطور إيجابي أكثر في الموقف الصيني لصالح الدولة السورية، إذ أن الحكومة الصينية لم تكتف بإدانة العدوان الأمريكي على سورية، بل أعلنت عن دعمها للحكومة السورية الشرعية، وللرئيس السوري المنتخب ديمقراطيا وشرعياً .
10- تبلور وفرز شعبي ورسمي عالمي، لجهة من يقف في صف الإمبريالية الأمريكية وحلفائها، ومن يقف في صف القوى التي تقف في مواجهة المشاريع العدوانية الإمبريالية، ما يعني أن سورية باتت لا تستند إلى دعم أطراف حلف المقاومة، ودعم الاتحاد الروسي فقط، بل تستند إلى دعم دول أخرى في حلف البريكس وغيره، ولدعم الشعوب في مختلف دول العالم.
وأخيراً يسجل لسورية العروبة، قيادة وجيشاً وشعباً رباطة جأشها، في مواجهة العدوان، التي تمثلت في تصريحات القيادة السورية بأن خيارنا الوحيد هو الانتصار، والاستمرار في مكافحة الإرهاب على طريق هزيمته النهائية.
خاص جهينة نيوز