جهينة نيوز:
ركزت صحيفة تشرين في عددها الصادر اليوم الاحد 3 كانون الاول 2017 على قرار تخفيض سعر الدولار المفاجئ والذي استحوذ على الحصة الأكبر من اهتمام السوريين، بحيث بات الأكثر تداولاً بلا منازع في الأوساط الاقتصادية والإعلامية وحتى جلسات المواطنين الاعتيادية، نظراً لأهميته المباشرة على حال الاقتصاد والعباد، وسط ارتفاع صوت الاعتراضات عليه، وهنا قد نتفهم تخوف خبراء الاقتصاد وأهل التجارة والصناعة أيضاً، فلهم كل الحق في تبيان المخاوف من تخفيض الدولار قرابة ستين ليرة بعد شهور من استقرار سعر الصرف، الذي انعكست آثاره على الواقع الصناعي والتجاري، دون تلمس أثر ملحوظ على أسعار السلع عبر تخفيضها لتكون متناسبة مع دخول المواطنين المحدودة، وسط تهرب التجار من الإقدام على هذه الخطوة بحجج وذرائع «ما أنزل الله بها من سلطان» تضمن المحافظة على أرباحهم المعتادة، التي اعتبروها في خطر، رافعين «زمور» التهديد بشل حركة الأسواق والامتناع عن البيع بسبب تخفيض سعر الصرف الجديد، فَلِمَ لَمْ نشهد مثل هذه الصرخات حينما كان يرتفع سعر الصرف ويبادر التجار من فورهم إلى رفع أسعارهم حسب السعر الجديد في لحظته دون انتظار أي تدخل حكومي لمعونتهم، ولماذا لا نشهد انخفاضاً في أسعار السلع يلمسه المواطن عند تخفيض الدولار بمثل خفة رفعهم للأسعار، ولماذا يظل المواطن يدفع الضريبة أضعافا ًبينما يقطف التجار الأرباح صعوداً وهبوطاً.
ما يهمنا تخفيض الأسعار
لم يمر أسبوع تقريباً على قرار المصرف المركزي تخفيض سعر الصرف المفاجئ، الذي نال نصيبه من الانتقادات عند أهل الاقتصاد والصناعيين والتجار، بينما هلل المواطنون له، على أمل تحقيق انخفاض في أسعار السلع يخفف من أعبائهم المالية، متمنين مواصلة الدولار تقهقره بغية استرجاع الليرة قيمتها بشكل يسهم في تحسين أوضاعهم المعيشية بعد نفي مسؤولي الحكومة المستمر لاحتمالية زيادة الرواتب، وللوقوف على آراء المواطنين في تخفيض سعر الصرف المفاجئ، قالت لمى حسن سيدة أربعينية موظفة حكومية بلهجة ساخرة عند لقائها في سوق باب سريجة: في السابق كان بائع البقدونس يتحجج بارتفاع سعر الدولار لرفع أسعار منتجه المحلي، أما اليوم فالتجار يرون أنفسهم غير معنيين بانخفاض سعر الدولار، وهذا طبيعي ما دامت وزارة التجارة الداخلية تغرد في سربهم ولا تضع لجشعهم واحتكارهم حداً.
في حين قالت نسرين محمد أم لأربعة أولاد التقيناها في السوق ذاته: ماذا يهمني من انخفاض سعر الصرف إذا بقيت السلع على حالها، في الحقيقة لا أملك سوى راتبي وليس لدي أي دولارات، لا أتحسر على انخفاض سعر الصرف، ما أريده كما كل الفقراء وأصحاب الدخل المحدود انعكاس ذلك على تخفيض الأسعار، حيث نستطيع إكمال الشهر من دون ديون أو الاكتفاء بالقليل من الاحتياجات الأساسية.
أسبوع فقط
لم يلحظ جمال السطل خبير اقتصادي وعضو سابق في جمعية حماية المستهلك أي انخفاض على أسعار السلع في السوق، فلا تزال الأسعار كما هي قبل انخفاض سعر الدولار، والسبب في رأيه أنه لا أحد يقدر على التاجر، فالحجج لديهم دائماً حاضرة أمام المواطن ولا أحد منهم يلتزم بقرارات وزارة التموين، على الرغم من أن جميع الحجج التي يقدمونها واهية، ولكن السؤال: أين دور مؤسسات التدخل الايجابي من الموضوع، فمنذ القديم والجمعية تطالب بأن تقوم بالاستيراد المباشر للسلع وليس كما تقوم به حالياً بشرائها من التجار، والتكديس في المستودعات، فهذا لا يعد تدخلاً إيجابياً وسيبقى المواطن عرضة للاستغلال والتحكم من التاجر مدى الحياة ، وأضاف: بالاستيراد فقط تستطيع تلك المؤسسات التدخل إيجابياً في تخفيض الأسعار والحد من التلاعب بقوت المواطن.
رأى السطل أن عدم لمس أي انخفاض في الأسعار على أرض الواقع يمكن أن يكون مبرراً لفترة زمنية محدودة لا تتجاوز الأسبوع، بعدها لا يمكن أن يكون الأمر مبرراً بالنسبة للتاجر ولا حتى وزارة التموين.
18:11