جهينة نيوز
لقد كتبت خلال العامين الماضيين عدة مقالات في موضوع التعليم بمدارسنا , أولويته وأولوياته , ومشاكله المتنوعة ومشكلاته سواء في المناهج أو أساليب التدريس , أو في البنى التحتية للمدارس أو في المدرسين , أو في أساليب تربية الطلاب وانتمائهم للوطن وغير ذلك من القضايا التي يجب أن تعالجها وزارة التربية والجهات ذات العلاقة , وقلنا منذ البداية إن التعليم يُعدّ القوة العظمى التي إن امتلكتها أمةٌ سادت بين الأمم، ، وما تخلفنا, إلا لغياب الاهتمام بإعداد الأجيال إعداداً جيداً يتسلحون بالعلم والإيمان والمعرفة والقوة والحماسة .
إن المطلوب في المقام الأول الأن هو إعادة بناء الإنسان بما يعزز الإنتماء الوطني والأخلاقي ويكرس الوعي المجتمعي البعيد عن التطرف والتعصب والمعتمد على المحبة والسلام والتسامح والتكافل الإجتماعي وتهذيب النفس . ومؤمن بالقضايا الوطنية الكبرى في تحرير الأراضي المحتلة ومقاومة الكيان الصهيوني الغاصب للأرض العربية . وإيضاح الأهداف الكبرى والغايات الصغرى التي يطمح لتحقيقها العدوان المستمر على سورية منذ 96 شهرا" , وقلنا في حينه بأن وزارة التربية تقع عليها المسؤولية الأولى في ذلك وفي تنشئة الجيل الجديد ورعايته من خلال إعداد وتطوير المناهج الدراسية وخاصة للسنوات الأولى التأسيسية بما يعزز هذا الإنتماء ويرسخ روح الفداء ويخدم التقدم العلمي والتطور الإجتماعي السليم للبلد بعيدا" عن الأفكار المتخلفة . ولكن الذي حصل من خلال ماشاهدناه حتى الآن وما تم تداوله في المجتمع الأهلي وعلى صفحات التواصل الإجتماعي بأن شيئا" من ذلك لم يتحقق وسارت الأمور من سيئ إلى أسوأ للأسف .
ونظرا" إلى اللغط الحاصل حول منع المدرسين من الدروس الخصوصية , فقد وجدت نفسي مضطرا" إلى الحديث عن هذا الموضوع مرة أخرى .
المشكلة أن وزراءنا يمسكون العصا بالمقلوب , لذلك تأتي نتائج أعمالهم معكوسة سلبا" على المجتمع وعلى الوطن بشكل عام .
من حيث المبدأ أنا لست مع الدروس الخصوصية ولكن هذه حالة خاصة وعلاقة طرفيها الأستاذ وبعض الأهالي , الذين يريدون أن يطمئنوا على أبنائهم بالنجاح بعلامات عالية وخاصة في الثانوية العامة , التي أصبحت بعبع يؤرق جميع الأهالي دون استثناء , وهو اسلوب امتحاني خاطئ يجب تغييره. هذه الحالة من حيث المبدأ لاعلاقة لوزارة التربية بها , طالما أن الأستاذ يعطي دروسه خارج أوقات الدوام الرسمي . والعلاقة تكون بتقييم أداء هذا الاستاذ في مدرسته هل هو أداء جيد أم لا . ففي حال الأداء الجيد يجب أن يكافئ وفي حال الأداء السيئ يجب أن يحاسب . لكن عندما أمنع شيئا" ما يجب أن أضع حلا" للشيئ الذي منعته , وإلا أكون قد سببت مشكلة إضافية للمشكلة السابقة وتتعقد الأمور ويصبح الوضع أسوأ , وهذا ماحصل حاليا".
إن عمل وزارة التربية غير متوازن للأسف ويعتمد على الشخصنة والأمزجة في معظم الأحيان وليس على العمل المؤسساتي . يا أخي استفيدوا من تجارب الآخرين الناجحة وأهمها تجربة سنغافورة , استفيدوا منها وخذوا مايلائم وضعنا وحاجاتنا.
كي لا أطيل أرى من الضروري طرح المقترحات التالية , التي يمكن أن تساهم في حل بعض المشاكل العويصة في هذا القطاع :
1- رفع رواتب المعلمين والمدرسين بحيث يكفي ليعيش كل منهم بكرامة دون اللجوء إلى أي عمل آخر, حتى لو وصل الراتب إلى مئات آلاف الليرات.
2-إن أركان العملية التعليمية هي المعلم، المنهاج، التلميذ، البيئة التعليمية . فإن اختل أحد هذه الأركان ضعف الآخر بدرجات متفاوته. فلا نتخيل أن نجد منهاجاً قوياً يقوم بتدريسه معلم ضعيف لا يتمكن من إيصاله للتلميذ على الوجه المطلوب ولا يمكن للمعلم مهما كان حاذقا" أن يتغلب على سوء البيئة التعليمية أو ضعف المنهاج إلى حد كبير.
3-توخي الحذر الشديد عند النظر في السياسات الجديدة، للتأكد من أنها صُممت لتتكامل مع السياسات السارية على أرض الواقع وترفع سوية التعليم من خلال المعايير العالمية ، سواء عبر التركيز على المناهج الدراسية, أوالأساليب المتّبعة في المدارس.
4- تأمين البنى التحتية اللازمة للمدارس ولو بالحدود الدنيا وإقفال المدارس التي يوجد بها عدد قليل جدا" من التلاميذ , وأنا أعرف بعض المدارس التي يكون فيها عدد المدرسين أضعاف عدد التلاميذ وهذا يؤدي إلى خسائر كبيرة وبقاء عدد كبير من المعلمين بدون مردود يذكر .
5- اعتماد المناهج العلمية المتوافقة مع المناهج العالمية شكلا" ومضمونا" وتطوير المناهج , التي تعزز روح المحبة والتسامح والانتماء الوطني للأجيال الصاعدة .
6- اعتماد المعايير العالمية المتعلقة بعدد الطلاب في كل حصة درسية
7- انتقاء المدرسين الاكفاء والمتميزين بعطائهم وقدرتهم على التدريس الناجح فمثلا" تختار سنغافورة معلميها من الثلث الأفضل من خريجي المدرسة الثانوية، ويُقبل واحدٌ فقط من كل ثمانية متقدمين للقبول في برنامج إعداد المعلمين وذلك بعد عملية انتقاء شاقة ومرهقة يتضمن كثيراً من الاجراءات والمقابلات الصارمة مع لجان الاختيار التي تُركّز على الميزات الشخصية التي تُكّون مدرساً جيداً، إضافة إلى مراجعات مركّزة لسجلهم الأكاديمي، ومساهمتهم تجاه مدرستهم ومجتمعهم. فالتدريس مهنة محترمة جداً في سنغافورة لأن الجميع يعرفون كم هو صعب أن يصبح المرء مدرساً فبفضلهم يتبوأ طلبة سنغافورة أعلى المراتب في العالم.
8- تقييم أداء المعلمين والمدرسين سنويا" وفق معايير تحددها الوزارة وتفريغ المعلمين المقصرين –حسب تقييم المشرفين-وإخضاعهم لبرامج تأهيلية لمعالجة اوضاعهم وربط تقارير المشرفين بالعلاوات السنوية لرواتب المعلمين، وإقرار بدلات للمتميزين.واختيار المعلمين المتفوقين لمنحهم الجوائز على المستوى الوطني
9- لابد من الالتفات لكليات التربية لدينا وتحسين أدائها ومخرجاتها، وفق ما يحتاجه الميدان التعليمي والتربوي. ويجب تدريب مديري المدارس والمعلمين كونهم يمثلون حجر الزاوية في نظام التعليم،
10- إحداث المعهد الوطني للتعليم , الذي يجب اتباعه لإحدى الجامعات, ومهمته تدريب المعلمين ومدراء المدارس وفق برامج ودورات متنوعة ومتعددة المدة والمستوى .
11- يجب على المناهج المدرسية أن تركز على مفهوم المواطنة، وتعليم القيم والأخلاق , والمهارات والمعارف وإلى دمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على نحو أفضل في المناهج وطرق التدريس والتقويم؛ بغية تحسين التعليم، وتنمية الكفاءات.التي تُعِدّ الطلاب للقرن الواحد والعشرين
12- بناء استراتيجيات تعليمية تحت شعار "تعليم أقل، تعلّم أكثر" وهذا يسمح بتقليص أوقات العمل لدى المعلمين، ومنحهم وقتاً أكثر للتفكير، بطريقة تدريسهم وبما يدرّسونه لتحسين عملية تعلم الطلبة في ثقافة المشاركة المفتوحة ، وعلى ضرورة التقليل وعلى نحوٍ واعٍ من حجم المحتوى الذي تغطّيه المناهج الدراسية، وذلك لإفساح المجال أمام الطلبة للتفكير وجعل التعلم أكثر جاذبية وفعالية. إن هذه المبادرة " هي الطريق الذي يقود من الاهتمام بالكم إلى النوع وهذا التحول يهدف للوصول إلى جوهر التعليم، ألا وهو: "لماذا نُدرّس؟ وماذا نُدرّس؟ وكيف نُدرّس.
13- إن القيادة الضعيفة هي سبب رئيسي لفشل المدارس وهذا الأمر يجب دراسته بعناية
14-اعتبار التعليم استثمار في رأس المال البشري، ومن هنا يجب أن يكون المنطلق
15- الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة وخاصة التجربة السنغافورية التي تعتبر من أفضل التجارب في العالم في مجال التعليم