جهينة نيوز
الحقيقة ، لا أدري ما السبب الذي جعل الحكومة تفتح دكاكين لبيع الخضار والفواكه ومواد السمانة ، ذات يوم ؟؟!!
كثير منا يتذكر فترة الثمانينات وكيف ان بعضا منها مر قاسيا علينا ولأسباب قد يعرفها الكثيرون .. وبالنسبة لبعض جزئيات حياة المواطن العادي فقد وصل الأمر أن اصبحت علبة المحارم حلما ! وصار توزيع علب السمنة على دفتر العائلة ، وصار الموز يهرب عبر الحدود !! وتصل بين مواطن وبين مراقب الجمارك على الحدود احيانا الى الشيطان الرجيم من اجل كيلو موز !!! وكم شاهدنا مواطنين يتدافعون على باب مؤسسة استهلاكية من اجل كيلو بندورة من انتاج الوطن ؟! ولا اظن ان مثل هذه الامور ذكريات جميلة ، لكنها حدثت ! اليوم ، ما هو موجود في بلدنا ولله الحمد من المواد التموينية وبالرغم من ثقل وطأة سني الحرب الطويلة ، يكفي سورية لسنوات ! والتجارة مزدهرة ، والبيع والشراء على أشده ، ولا ينقص المواطن سوى تحسين مستوى دخله كي يشتري حاجته أيا كانت .
الغريب في الأمر ، أن المؤسسات الاستهلاكية ، أوجدتها الضرورة ذات يوم ، لكنها ما تزال قائمة سواء انتفت الحاجة اليها أم لا !! وكلنا يعرف أو يسمع قصصا عن اناس عاملين فيها صاروا من اصحاب الأملاك ، وأن الكثير من هذه المؤسسات خاسرة ، واصبحت تضر بالاقتصاد الوطني لأنها اصبحت تسير وفق مصالح ضيقة في الغالب ، وبدل ان تعمل لصالح المواطن ، اصبحت وكأنها ضد مصلحته عموما ، لكنها صدرت بقرار ، ولم يخطر على بال احد - بالرغم من ان الكل يعرف - ان يفكر على الأقل بإيجابيات او سلبيات هذا القرار بعد كل هذه السنين !! طبعا ، ثمة مؤسسات وهي قليلة ، جيدة نوعا ما ، لكننا نتكلم في العموم . فاليوم ، يدعوك اعلان في احدى وسائل الاعلام الى المؤسسات بداعي توفر المادة ورخص الأسعار ، فتصدق الاعلان وتذهب ، وما ان تدخل احداها حتى تغشاك رائحة غريبة ، فتنظر ، فإذا الخضار معفسة وقسم منها قد أكله العفن، والفواكه متآكل بعضها وعفن بعضها الآخر ، واذا دخلت الى غرفة خلفية ، تجد أشباه نعنع وبقدونس وفجل وبصل !! واذا ما قصدت الرفوف التي تتربع عليها علب وقطارميز المعلبات ، فاجأك الغبار وكأنها مخزنة من سنين !! حتى أن البائع خلف الصندوق يخطىء معك قصدا في الحساب وطبعا لصالحه ، فإذا انتبهت ، اعتذر منك ، والا فتكون قد أكلتها كما يقال !!
دخلت مرة الى احدى المؤسسات فوجدت فيها موظفة وحيدة عندها ضيفة وكانتا تشربان المتة . بصراحة كان الوضع مزريا فلا توجد نظافة ولا ترتيب للمواد. سألت من تجلس على كرسي يبدو وكأنه كرسي الادارة عن الموز فقالت لي : هو في علبة الكرتون تلك ، ولما فتحت العلبة فاحت رائحة العفن منها وقد فاجأني لونه الأسود ، ويبدو ان الموظفة المؤتمنة ليس لديها القدرة ان تخرج الموز وتعرضه للشراء !!
اما اللحم سواء العادي منه ام الفروج ، فلا ينتابك ادنى شك في ان من فرغها في البرادات الصدئة ، قد فرغها من قلاب ، وتبحث عن هويتها فلا تعرف قرعة ابيها من اين ، وتجدها مكشرة في وجهك وكأنها مبردة منذ قرن ؟؟!!
انني اسأل ، هل يعقل اننا غير قادرين على ان تكون مؤسساتنا تليق بأن تكون قدوة في كل شيء ؟ اذا ، لماذا أنشأت وما الحاجة الحقيقية اليها ؟؟يقولون لك انها ارخص من السوق ! وقد سمعنا الكثير عن اناس يديرون مثل هذه المؤسسات وقد اغتنوا ، وصاروا من اصحاب الأموال ، ولا يتغير احدهم الا اذا فاحت رائحته أكثر من رائحة مؤسسته ، وازكمت انوف من حوله !! ومع ذلك ما تزال هذه المؤسسات سائرة بقوة وعناد !! طيب ، لماذا اذا تم تسليم هذه المؤسسات الى القطاع الخاص فيتغير ترتيبها ونظافتها وخدماتها الى الأحسن بشكل مختلف تماما عما كانت عليه ، ولكن الأسعار تختلف والمزاجية التجارية تتحكم في رقاب العامة !.
ترى ما الحكمة من بقاء مثل هذه المؤسسات ، لا ندري !! لكن ثمة مصالح للبعض في بقائها واستمرارها ، فهي توفر العمل لمن لا عمل له ، وهي باب رزق لأمثال هؤلاء سواء اضرت المصلحة العامة ام لم تفعل ، وربما وجه اولئك تهمة العداء للاشتراكية لكل من يقترح مجرد التفكير بجدواها ، فهي تلبي مصالح البعض على حساب المصلحة العامة ، وخاصة لأولئك المدعومين !! واننا نسأل : هل تحاول الحكومة بعد كل هذه المتغيرات في السوق ، ان تنافس بائع الخيار والبندورة في رزقه ؟ يا سيدي ، اذا كانت الحكومة قد أوفت بالتزاماتها تجاه مواطنيها ولم يبق لديها سوى ان تتاجر بالبندورة والخيار ، فلا بأس ! اما حكاية انها تساهم في حماية المستهلك من جشع بعض التجار ، فأعتقد انها حجة غير مقبولة ، طالما أن ثمة موظف مغيب ضميره ، ومحمي ظهـــره
15:40
15:59
00:42
17:16