جهينة نيوز-خاص
بدأت العملية العسكرية التركية الاستعراضية في التاسع من الشهر الجاري –كما كان متوقعاً- وذلك بعد أن فرضت القوات الأميركية في شمال سوريا وشرقها منذ سنوات، ثم انسحابها الصوري قبل أيام، واقعاً عسكرياً وأمنياً وسياسياً وديموغرافياً غايةً في التعقيد بحجة قتال التنظيم الارهابي "داعش"، ومساعدة القوات الانفصالية الكردية المسماة "قسد" في قتالها المسرحي لداعش...ثم حجة "إبعاد الجيش الأميركي عن حرب لا تنتهي" -حسب ترامب-...
والحقيقة هي أن هذا الدعم الأميركي لم يكن لدواعي قتال داعش، بقدر ما كان لأجل خلق واقع كردي انفصالي احتلالي في الأراضي السورية، حثّت عليه دراسات بعض المدارس الأثرية الغربية المعادية، كما نصّت عليه مراكز البحوث والدراسات الاستراتيجية الغربية بتقاريرها التي أُعدّت ضد سوريا ووحدة أراضيها التاريخية تدريجياً، ومواكبةً للأحداث الغادرة التي انطلقت عام 2011.
وبالتالي فقد تحولت منطقة الجزيرة السورية في السنوات السابقة –والتي اشتُهرت في وكالات الأنباء باسم "شرقي الفرات"- إلى ترسانة سلاح بيد فئة رفعت الأعلام الانفصالية الكردية والأميركية والاسرائيلية معاً، وقامت بتزوير وتشويه واقع أثري وتاريخي سوري يمتد إلى آلاف السنين قبل ميلاد السيد المسيح، وذلك لصالح خلق وجود قسري لـ"أكراد قدماء" في الجزيرة السورية، على حساب السوريين الأصليين الممتدة جذورهم إلى العصور الأكادية والحورية والآشورية والآرامية والسريانية، بينما تؤكد الحقائق الأثرية والكتابية والتاريخية عدم وجود أي جذر كردي قديم في المنطقة بأسرها يعود إلى الحقب المذكورة، وكل ما هنالك أن تاريخ الأكراد في الجزيرة السورية –تحديداً- لا يعود لأكثر من مئتي عام، وذلك عبر موجات لجوء متقطعة من إيران وتركيا، وهرباً من الحروب...
وقد نجم عن قيام الانفصاليين الأكراد في الجزيرة السورية وبعض المدن في الشمال السوري، بتزوير الواقع الأثري والتاريخي، اللجوء إلى عمليات ملحقة بذلك التزوير، تتلخّص في تغيير الواقع الديمغرافي للمنطقة بالاعتداء على السكان السوريين الأصليين، وذلك باقتلاعهم من بيوتهم وأراضيهم وتهجيرهم والسطو على أملاكهم ووثائقهم، استكمالاً لمخطط الانفصال الاحتلالي...
وبالعودة إلى أحداث الأيام الماضية من انسحابٍ أميركي صوري وهجوم تركي استعراضي مدروس، فعلينا أن نتذكر بشدّة ما أدلى به الرئيس الأميركي "ترامب" في السابع من الشهر الحالي حين قال –مبرراً انسحاب بعض قواته-: "...يتعين على الأتراك والأكراد حل الوضع فيما بينهم بعد انسحابنا من شمال سوريا"...ولعل ما قاله ترامب يغطي مسبقاً بعض أحداث الاجتياح التركي للأراضي السورية في التاسع من الشهر الجاري، فالقوات الانفصالية التي تزعم أنها ستدافع باستماتة عن الأراضي السورية في الجزيرة، شرعت منذ اليوم الأول للاجتياح التركي تتقهقر وتنسحب وتنشق، بالرغم من التصريحات النارية لمتحدثيها العسكريين، وبالرغم من الإمكانيات العسكرية واللوجستية التي امتلكوها من القوات الأميركية، وهذا من ناحية، أما من ناحية أخرى، فإن بعض المراسلين "الحربيين" –ومنهم مراسل وكالة سبوتنيك الروسية- يشير إلى أن انسحاب مسلّحي "قسد" قد تم بشكل متفاوت على طول المنطقة الحدودية الممتدة من رأس العين شمال مدينة الحسكة وحتى مدينة تل أبيض أقصى شمال ريف الرقة وبعمق تقريبي يوازي نحو 20 كم وسطياً، وهي منطقة تشكل جزءاً أساسياً مما يسمى "المنطقة الآمنة"... وللإشارة فهذه المنطقة التي انسحب منها مسلّحو "قسد"، هي نفسها المنطقة التي انسحبت منها القوات الأميركية صباح يوم الاثنين الواقع في 7/10/2019، وهي منطقة بطول 88كم وعمق 5كم، تبدأ من بوابة بلدة "رأس العين" حتى بلدة "تل ابيض" السوريتين الواقعتين في الشمال الشرقي...
وهكذا نلاحظ أن مسرحية "داعش"/"قسد" –أي الإخلاء والاستيلاء- تتكرر بين "قسد" و"أردوغان"، الذي وعد مدنيي المنطقة (من جميع المكونات السورية) أنهم سيعودون إلى بيوتهم آمنين مطمئنين بعد انتهاء عمليته المسماة "نبع السلام"... ولا شك أن ما ينوي أردوغان فعله هو إخراج السكان من مناطقهم سوريين وإعادتهم إلى منطقته "الآمنة" أتراكاً، ولعلها عملية تركية كردية أميركية مشتركة، الهدف منها منطقتان "آمنتان"، واحدة لأردوغان وأخرى لانفصاليي الأكراد، وقد زاد كارثية ما يجري مؤخراً، الفيتو الأميركي الروسي ضد إدانة الاجتياح التركي في يومه الثاني.
20:49
20:52
20:55
20:57
21:00
21:08
21:20
21:34
21:43
23:55
02:56
03:01
03:17
15:00
01:51