جهينة نيوز:
"كانت الوقائع الميدانية في شمال سورية توحي بأنّ المنطقة ستشتعل على وقع معارك إدلب، لقد أراد الأتراك إجهاض التقدم العسكري السوري، تحت حجة أنه مخالفة للاتفاقيات السياسية التي جرت في سوتشي، لكن المعارك تداخلت في الأيام الماضية، وبات المشهد ضبابياً، السوريون مع الحلفاء والروس ضد تركيا، الروس مع الحلفاء لا يريدون كسر تركيا، لكن أنقره تقاتل الجيش السوري على أرضه"، يقول عباس ضاهر في مقالته المنشورة في "النشرة" اللبنانية، ويضيف: استطاع الحلف السوري أن يحمي تقدم الجيش السوري وحلفائه شمالاً، إلى درجة أن السوريين أعادوا السيطرة على مكتسبات استراتيجية في الميدان، الجزء الأكبر من جبل الزاوية، ما يعني عسكرياً سيطرة سوريّة ناريّة على سهل الغاب وجسر الشغور والطريق من هناك نحو اللاذقيّة، تلك مساحات مهمّة جدّاً في المنطق العسكري والسياسي السوري.
ويتابع الكاتب: كادت الأمور تفلت بعد تصعيد الرئيس التركي رجب أردوغان بسبب خسارته عملياً في تلك المساحات، وسقوط قتلى وجرحى في جيشه، الأمر الذي ولّد إرباكاً داخل تركيا، وظهر في سجال النواب الأتراك إلى حد الكباش المُعلن، لكن مؤشرات رُصدت في خفايا المعطيات الميدانية والسياسية والدبلوماسية، لم يستخدم لا الأتراك ولا السوريين ولا الروس طائرات حربيّة نوعية، بل اقتصرت حربهم على مواجهات بريّة وعبر مسيّرات، اشتدت أحياناً وتراجعت أحياناً أخرى.
ويوضّح الكاتب: لم يسبق للجيش التركي أن خاض معارك عسكريّة بهذا الحجم منذ عقود طويلة، رغم حروبه ضد الكرد، فأوجعته مواجهات إدلب مع الجيش السوري الذي يخوض معمودية النار منذ تسع سنوات متتالية، لكن دور موسكو الوسيط بين السوريين والأتراك واجتماع القمة بين بوتين وأردوغان نتج عنه قرار وقف المواجهات في شمال سورية التي كسبت جولة في الحرب من خلال وصولها إلى نقاط جغرافية في إدلب، ستعمد الآن على تثبيت قواتها في مواقع إستراتيجية متقدمة، ولن يتراجع الجيش السوري إلى الخلف، ما يؤكّد انتصار السوريين، بينما لم يحصد الأتراك في معركتهم سوى صدى صوت أردوغان المرتفع في الإعلام.
ويبين الكاتب: لكن اللافت في كلام الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلته مع قناة إعلامية روسية قوله: بعد إدلب يأتي دور شرق الفرات، وهي إشارة واضحة بأن دور الكرد آت في الحسابات العسكرية السورية، ولاسيّما بعدما وصل الجيش السوري إلى جبل الشيخ عقيل، فهل هذا ما أكده بوتين لأردوغان في اجتماعهما المطوّل؟ جاء الاتفاق المشترك لتنفيذ ثلاث نقاط، مرتكزة على الاعتراف بسيادة سورية، وعلى تنسيق يومي عبر الدوريات الأمنية، مضيفاً: يستطيع أن يثق أردوغان بحليفه الروسي الذي تربطه به علاقات اقتصادية وسياسية مميزة وإستراتيجية، كما يثق أردوغان بالجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة التي أوحت أنها لا تريد التخلي عن حلفها مع الأتراك، خصوصاً في ظل الحاجة المتبادلة بينهما لبعضهما البعض في إقليم مشتعل.
ويختم الكاتب بالقول: على هذا الأساس، بات الحلف الروسي- الإيراني- التركي متماسكاً، بينما غيّبت الدول العربية أدوارها عن اللعبة الإقليمية، رغم أن الدور السوري كان يقتضي من الدول العربية أن تُقدم على خطوات الدعم لسورية.