جهينة نيوز:
"قبل إسدال الستار على الجزء المتبقي من العدوان والحرب المفروضة على سورية، ماتزال القوى الداعمة للمجموعات المسلحة تعتقد أنها قادرة على تغيير استراتيجيتها، من خلال تكتيك ومناورة الانشقاق والدمج والتشكيلات المسلحة برايات جديدة أو من خلال إعادة تدوير قادة المجموعات المسلحة، متناسية الواقع الميداني الذي يفرضه الجيش السوري والحلفاء في تلك البقعة الجغرافية وتحديداً في إدلب"، يقول حسام زيدان في مقالته التي حملت العنوان ذاته والمنشورة في موقع قناة "العالم" الإخبارية.
ويضيف زيدان: عناوين جديدة ورايات ترفع، واجهتها "جبهة النصرة" بشعار: "لا شفيع لمن ينشق عن الجولاني"، وخاضت لأجله معارك مع أبناء جلدتها من تنظيم القاعدة في التشكيل الجديد الذي أطلق عليه، غرفة عمليات " فاثبتوا" محاولة من جديد تشكيل الخرائط والوعي، ورسم معادلات جديدة، فبعد أيام من الاشتباك، حاولت المخابرات المسيطرة على قرار المجموعات المسلحة التوصل إلى هدنة، بين الطرفين في ريف إدلب الغربي، لكن ذلك الاتفاق لم يساوي الحبر الذي كتب فيه، وعادت الاشتباكات متقطعة في مناطق متفرقة من ريف إدلب الجنوبي بين الطرفين، بالرغم من الحديث عن إخلاء لحواجز بالقرب من جسر الشغور من الأطراف المتنازعة، وتحديداً في بلدة اليعقوبية التي شهدت اشتباكات عنيفة، وصولاً إلى منطقة دركوش.. هذه الحرب بين الأخوة الأعداء انطلقت بعد اعتقال "جبهة النصرة" المسؤول العسكري في الغرفة الجديدة، جمال زينية الملقب بـ"أبو مالك التلي" من منزله في بلدة سرمدا بريف إدلب، بالإضافة إلى اعتقال سراج الدين مختاروف، المعروف بـأبو صلاح الأوزبكي المنضوي في صفوف تنظيم جبهة أنصار الدين، ما أدى إلى تصاعد التوتر بعد ذلك، وتحول إلى اشتباك حين حاولت "جبهة النصرة" اقتحام بلدة عرب سعيد التي تتمركز فيها المجموعات المنضمة لغرفة "فاثبتوا"، وتزامن ذلك مع سيطرة " حراس الدين" على قرية اليعقوبية في جسر الشعور، وإغراق المنطقة بالحواجز العسكرية.. "حراس الدين" ذلك التنظيم التكفيري التابع مباشرة لتنظيم "القاعدة"، وأحد أركان غرفة " فاثبتوا" خسر في هذه المعارك عدد من قادته وعناصره، كان أبرزهم الإرهابي "أبو زيد الأردني" والذي قتل في معارك بلدة عرب سعيد في ريف إدلب الغربي.
ويتابع الكاتب: ما يجري في إدلب، يندرج في إطار عملية الإنعاش قُبيل اكتمال الهزيمة للمشروع الأمريكي ـ التركي هناك، حيث يتوهم من يدعم العدوان على سوريا، أنه ما يزال مُتاحاً التحرك باتجاه تحقيق ما جرى التخطيط له رغم ضيق مسرح المواجهة في إدلب ورغم الهوامش التي قَضمتها اتفاقات وتفاهمات أستانا وسوتشي، لذلك فإنّ ما شهدته إدلب ما هو إلا حركة العاجز المُفلس قبل إعلان عجزه وإفلاسه، فتنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي وعلى رأسه الجولاني، يدرك أن خياراته في رفض أو إعاقة التفاهمات الروسية - التركية ضعيفة جداً وشبه معدومة، والدعم التركي أو حتى غض البصر التركي عن عربدة النصرة كما يحلو لها، أصبح من الماضي، والجولاني بوصفه موضوعاً هو وتنظيمه على لوائح الإرهاب الدولية والتركية على حد سواء، هو رأس قد حان قطافه فيما لو قرر تخريب التفاهمات الروسية - التركية، فالقوات التركية أصبحت متواجدة بكثرة في المنطقة بتشكيلات مقاتلة كبيرة، وليس مجرد نقاط مراقبة منعزلة، والجولاني يبدو حريصاً على أن لا تتدحرج الأمور نحو صدام عسكري مع التركي لا يبقي ولا يذر، فتركيا هي مصدره الوحيد للإمداد اللوجيستي، وهي الوحيدة التي بإمكانها تأجيل مصير النصرة بالتفكيك النهائي، وهي الوحيدة أيضاً التي بإمكانها أن تمد غطاءها الاستراتيجي ليمنع عملية كبرى سورية - روسية ضد مواقعها في إدلب.
ويوضح الكاتب: من جانب آخر، سبق لتركيا أن لوّحت بصورة غير مباشرة بخيار محاربة "النصرة" ومحدودية خيارات الأخيرة تجاه تركيا، دفعت الأولى إلى الاعتذار عن مجرد فيديو سجله عناصر "النصرة" يتوعدون فيه الجنود الأتراك المنسحبين، ويسخرون منهم، في وقت سابق من هذا العام، كما دفعتها إلى إقرار التعامل بالليرة التركية في مناطقها من دون قيد أو شرط، ومن جهة أخرى يبدو أنّ تركيا تمثّل الحل الوحيد الممكن لتسريب عناصر النصرة إلى خارج سورية، وتجنيبهم مصيرهم المحتوم، وهو ما قامت وتقوم به الاستخبارات التركية عبر نقلهم للقتال على جبهات الساحة الليبية. ونتيجة لهذه العوامل جميعها بدأت النصرة التخلي عن حلفائها وشركائها الأكثر راديكالية ورفضاً للتفاهم الروسي - التركي على دفعات، والتخلص منهم تحت ذرائع الانشقاق وتشكيل تجمع عسكري، والانطلاق في قتالهم، بعد أوامر بالتخلص منهم بهذه الطريقة، في محاولة لتبيض صورتها، وتجميل وجهها، والتسويق أنها معتدلة، فقد سبق اعتقال التلي أيضاً مقتل المعروف بـ"أبو القسام الأردني" والقيادي في حراس الدين من قبل طائرة درون قد تكون تركية، وما يجمع كل هؤلاء وسواهم أنّهم من رافضي الاتفاق الروسي - التركي، وممن يحاولون تشكيل تحالفات جديدة ضد نفوذ النصرة كما هو تحالف "فاثبتوا"
ويختم زيدان بالقول: يدرك من يقود استراتيجيات العدوان والحرب التي فرضت على سوريا أن "جبهة النصرة" والرايات الخارجة من عباءتها، أصبحوا غير صالحين للاستخدام أو حتى للتعديل، في ظل هذه الظروف، ما يجعلهم يستميتون في تكتيك يخفف من مفاعيل تلك المجموعات المسلحة أو يعطل قدرتها، خوفاً من انكفائها نحو الإقليم أو العالم، لذلك إن فهمت تركيا والولايات المتحدة وكل داعمي الإرهاب أم لم تفهم، الطريق الوحيد لخروج هؤلاء هم الانسحاب نحو الدول التي أدخلتهم، فعمليات التجميل لهذه المجموعات المسلحة لن تغير من صورتها، إنها الإرهاب بعينه، فهي بكل راياتها، كتلة واحدة، أو أجزاء منفصلة، هي أحد أدوات الحرب على سوريا، وستنتهي