جهينة نيوز:
من جديد يدفع المواطن السوري فواتير الاستهتار الحكومي، لكن هذه المرة يدفعها من الكوّة الخاصة بوزارة الصحة، التي تُثبت يوماً بعد يوم أنها بلا رؤية أو استراتيجية محددة أو إرادة حقيقية لمواجهة فيروس كورونا المستجد المُتفشي في أرجاء البلاد دون حسيبٍ أو رقيب.
مراكز تحليل الـ(PCR) الخاصة بفيروس كورونا والتي أحدثتها الوزارة في دمشق، تُعاني أكثر مما يُعاني مريض الكورونا نفسه، ازدحام شديد أمام مركز الغفاري الذي يقع بجانب جامع الأكرم على أوتوستراد المزة، لا وجود للالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي التي أوصت بها الجهات المعنية، ناهيك عن عدم التقيد بارتداء الكمامات الواقية من قبل العدد الهائل من الأشخاص الذين قدمو لإجراء المسحات، وفوق كل ذلك معاملة سيئة من الحراس الذين يقفون على باب المركز وصياح وصراخ وشتائم تلحق بالمواطنين وداخل المركز لا يختلف عن خارجه، ازدحام ومشاحنات بين المواطنين أنفسهم من جهة، وبين المواطنين وموظفي المركز من جهة أخرى.
وعند مركز باب مصلى لا يختلف الوضع كثيراً عما يجري في الغفاري، لكنه يبقى أسوأ من واقع الحال في المركز الموجود بمنطقة التجارة، فعلى الرغم من سوء معاملة الحراس للمراجعين إلا أنه يقى أقل ازدحاماً من غيره من المراكز، أما بالنسبة لطريقة الحصول على ذلك التحليل، فيتم تسجيل الأسماء على ورقة بيد أحد العساكر الموجودين على الباب، ومن ثم تتم المناداة لكل أربعة أشخاص دفعة واحدة، وبعد أن يأخذ المواطن الوصل الخاص بالتحليل من الموظفة، - والذي يُشترط تقديم صورة عن جواز السفر والفيزا قبل الحصول عليه-، يذهب للمصرف التجاري الذي من جهته لا تقل أعداد الناس التواجدين فيه عن المتواجدبن داخل المراكز، ليدفع المئة دولار ثم يعود للمركز من أجل إجراء التحليل.
المُريب في المراكز الموجودة ضمن العاصمة دمشق، أنها تقوم بإجراء 22 مسحة في اليوم الواحد فقط، أي أنها أقل بعشرات المرات من المراكز المتواجدة في الدول المجاورة، ليُظهر ذلك أحد أهم أسباب الازدحامات الموجودة على أبواب المراكز، والأكثر غرابةً من ذلك أن تاريخ صلاحية المسحة لا يبدأ من وقت إجراء التحليل، بل يبدأ من اللحظة التي يحصل فيها المواطن على التصريح الذي يُخوّله إجراء المسحة، وبالتالي فإن الشخص الذي يحصل على التصريح إن تأخر قليلاً لإجراء مسحة الـ(PCR) فإنه من المحتمل أن تنتهي صلاحية تصريحه قبل موعد سفره، وبالتالي اضطراره لإعادة خوض مغامرة الرعب تلك مرة أخرى.
التقصير الوزاري وبخاصةً ما يتعلق بالواقع الصحي في البلد لم يعد جديداً، فالمسلسل المقيت الذي يعيشه المواطن داخل مراكز إجراء المسحات، كان قد سبقه مسلسلٌ آخر قبل حوالي شهرين، أي قبل انفجار الوباء في البلاد بشكل غير مسبوق، كان ذلك عندما قررت السلطات الحكومية استقدام المواطنين العالقين في الخارج ووضعهم لفترة من الزمن داخل مراكز العزل الصحي، في مناطق متفرقة من البلاد، وقتها طغت الواسطات والمحسوبيات على ظروف ذلك الحجر، فكان من يدفع أكثر يحصل على المسحة الخاصة بالفيروس ومن ثم يخرج من الحجر بعد أيام قليلة من دخوله إليه، وفي العديد من المرات كان البعض ممن يأتي من الخارج لا يدخل إلى الحجر إطلاقاً، أي أنه وبمساعدة أحد معارفه من المسؤولين يحصل على استثناء (غير علني) يمكنه من تفادي مراكز الحجر والواقع المزري داخل بعضها.
مع اقتراب الإعلان عن تشكيل وزاريٍ جديد، يبدو وكأن واقع الحال لن يتغير في البلاد، قبل أن توضع العديد من ملفات الفساد والاستهتار في أعلى جدول أعمال المؤسسات الرقابية، وفي مقدمتها ملف وزير الصحة وحال وزارته الهرمة، التي باتت المسؤولة بشكلٍ مباشر أو غير مباشر عن كل التخبط الذي يمر به الميدان الصحي، من خلال أداءٍ أقل ما يُقال عنه أنه هزّ هيبة الدولة بجميع مؤسساتها