جهينة نيوز-خاص: بعد أن فصّل د. سليم حربا في المحور السابق ما يمكن تسميته معركة ربع الساعة الأخيرة، وتداعيات الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري على الأرض، وألمح إلى خسارات أطراف المؤامرة على سورية مؤكداً تزايد حساباتهم الخاطئة، كان لابد من المرور على بعض التطورات والتحولات الإقليمية والدولية المتعلقة بالأزمة السورية. *كيف انعكست الأزمة الكورية على ما يحدث في الشرق الأوسط برأيكم، وعلى سورية بالتحديد؟. **الآن النظام العالمي لا أقول أنه بدأ يتغّير أقول أنه تغيّر وظهرت مرتسماته وملامحه وإسقاطاته واضحة جداً، وأعتقد أن التصريح الكوري الشمالي والتهديد للولايات المتحدة هو أبلغ وأقوى تصريح منذ الحرب العالمية الثانية إلى هذه اللحظة، ولاسيما أنه إذا أتى على لسان كوريا الشمالية فهو يعكس عمقاً إستراتيجياً ومواطن قوة لكل هذا الحلف (روسيا، الصين، إيران، دول بريكس) هذا الوزن النوعي يعني سياسياً، اقتصادياً، أمنياً، عسكرياً، بشرياً، تكنولوجياً، أن هذا الأمر أصبح واقعاً لا يمكن لأحد أن يتجاوزه، لذلك فالتصريح الكوري هو خبطة قدم وصرخة لكل هذا الحلف وزئير في وجه الولايات المتحدة، وأعتبر أنه براعة إستراتيجية لهذا الحلف بالتقاط اللحظة الإستراتيجية، فالولايات المتحدة في مرحلة انهيار على المستوى القيمي والأخلاقي لأنها على مدى ربع قرن مضى تتزعم النظام العالمي الجديد ولم تحقق شيئاً سوى الاحتلالات وازدياد العدوان والفقر والإرهاب والقرصنة وفتكت بالعالم، فعلى المستوى البنيوي تنهار أخلاقياً والأهم من ذلك أنها تنهار اقتصادياً ومالياً هي وحلفاؤها الأوروبيون، والمهم أنها تخسر عسكرياً وخاصة بعد انسحابها من العراق وانسحابها القادم من أفغانستان، أي بمعنى تنحسر إلى حدود ضيقة.. فالتقاط اللحظة هو التقاط بارع في القراءة الإستراتيجية لروسيا وحلفائها، وأقول هذه رسالة للولايات المتحدة، اللعب أو ما أسميه شفير الهاوية، أي التهديد باستخدام القوة والبراعة أن تحقق أهدافك دون استخدامها، لذلك التهديد والتصعيد يرعب الولايات المتحدة ولاسيما بقدرة كوريا على امتلاك صواريخ إستراتيجية ليس فقط على ضرب حلفاء الولايات المتحدة في البحر الأصفر والمحيط الهادي وبحر الصين واليابان وكوريا الجنوبية، وأيضاً لديها 30 ألف مقاتل في كوريا الجنوبية، فإذاً كل مصالح الولايات المتحدة الجيوستراتيجية متمركزة في هذه المنطقة، وخاصة أن كوريا مساحتها 120 ألف كم مربع وتملك صواريخ إستراتيجية مداها 10 آلاف كيلو متر وبعضها 4 آلاف كم قادرة على ضرب الولايات المتحدة في عمقها، أي أن هذه رسالة من حلف (روسيا المركب) الذي يضع قدمه بقوة في النظام العالمي الجديد، والأهم في قوته أنه يستند للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والشرعية الدولية ومكافحة الإرهاب في وجه الولايات المتحدة وحلفائها المتناقضين تماماً على المستوى الأيديولوجي الخارقين للقانون الدولي والمنتهكين لميثاق الأمم المتحدة وسيادة الدول والداعمين للإرهاب، وهنا المفارقة.. فالتهديد رسالة وصوت من حلف (روسيا والصين): إذا كنتم أيها الأمريكيون تهددون مصالحنا في الشرق الأوسط من خلال مشيخة تسمّى قطر أو ما شابهها وخاصة في سورية، فنحن سنهدد أمنكم أمن الولايات المتحدة الأمريكية في الداخل الأمريكي من خلال كوريا، هذه هي بلاغة الرسالة وهذا الأمر سيلقي بظلاله ويرغم الولايات المتحدة على إعادة القراءة والزيادة بالبراغماتية للتعامل مع الأزمة السورية وأيضاً الشروط والإملاءات الروسية لأنها تتحدث من موقع القوة وتتحدث بلسان كل هذا الحلف، لأن الولايات المتحدة مارست سياسة النفاق والوفاق مع روسيا، فالوفاق عندما قالت إنها مع الحل السياسي والنفاق عندما أمدت الإرهاب بالدعم وتوزيع الأدوار لدعمه، وهذه الرسالة وصلت تماماً وستحسن المناخ السياسي في العالم على ما أعتقد. * كيف تنظرون إلى تزامن ظهور الظواهري والبغدادي والجولاني في أسبوع واحد للإعلان عن طبيعة ما يسمّى "جبهة النصرة" وارتباطها بالقاعدة، وهل هو سعي لإيجاد مبررات لتدخل عسكري أمريكي بحجة محاربة القاعدة؟. **تنظيم القاعدة وهابي النشأة أمريكي الرعاية والنمو والاستثمار والترويض والامتطاء وخليجي التمويل، أنا أشبّه القاعدة بالإخطبوط فإذا كانت القاعدة تمثل قلب هذا الإخطبوط فكل هذه الأذرع تتبع للقاعدة من جبهة النصرة إلى لواء الإسلام والتوحيد وكل المسميات الأخرى، وهذا لا يفاجئنا منذ البداية لأننا وصفناه أنه تابع للقاعدة، وجبهة النصرة في سورية هي التي عرّفت عن نفسها في وقت مبكر والذين يدعمونها يعرفون أنها تنتمي إلى القاعدة ولكن لا يريدون أن يعترفوا لإضعاف موقف الدولة السورية وتحقيق أهداف العدوان وترحيل بعض الخلايا الموجودة في أوروبا إلى سورية وجعل وجود الإرهاب في سورية مركز جذب لكل الخلايا الإرهابية وخاصة من مناطق أفغانستان والعراق والأردن وكل دول ومشيخات الخليج وتركيا لتخدم مشروعاً أمريكياً صهيوناً يخوض حرباً بالوكالة، وهذا الاعتراف المتأخر للبغدادي بتحالفه مع الجولاني في سورية فيه بعد تنظيمي على مستوى تنظيم القاعدة وبعد سياسي وبعد ميداني. فالبعد التنظيمي بأن أغلب العناصر أتت من العراق أي كانت تتبع للبغدادي وتكونت البنية التنظيمية في سورية بعد أن نفذت مئات العمليات الإرهابية وتوهموا أنهم قادرون على التواجد الميداني وأصبح وجودهم الميداني واقعاً، وربما التقط هذا الأمر أبو بكر البغدادي بأن أبو محمد الجولاني يمكن أن يتقدم عليه وبالتالي يمكن أن يأخذ منه هؤلاء العناصر المرتزقة الذين أتوا بعد أن كانوا قد قدموا الولاء والمبايعة لأبو بكر البغدادي، لذلك التقط هذه اللحظة قبل أن ينقلب عليه الجولاني، ولكن البغدادي قفز عليه أيضاً وأعلن مبايعته لزعيم القاعدة وهذا بالمحصلة لا يهمنا، وعندما قال البغدادي آن الأوان للإعلان عن هذه البنية، لم يأتِ التبني متأخراً أو متقدماً فهؤلاء أساساً يحملون فكر القاعدة وهم جزء منها وعملوا تحت لوائها في كل المناطق. والأمر الثاني والمهم جداً الآن بالبعد السياسي له وجهان، الوجه الأول قد يراه البعض ربما يخدم الحل السياسي ويخدم تعرية الإرهاب.. هذا الأمر أنا أعتقد لن يقدم أو يؤخر لأننا كنا ومازلنا وسنبقى نتعامل مع كل هذه الأذرع الإرهابية في سورية بنفس الدرجة، وبالرغم من كل ما استخدمناه مازلنا نتعامل مع الإرهاب بأقل مما يستحق بأن يواجه لأنه إرهاب خارج عن القانون القيمي الأخلاقي الدولي الإنساني، ولكن في هذا السياق دائماً وأبداً أذهب إلى الذاكرة السياسية وأقول إن هذا الإرهاب ومشروعه هو خلق أمريكي، لذلك أرى أن هذا التصريح والتزامن في هذا الوقت عمل استخباراتي أمريكي يراد منه عدة مسائل، ونلاحظ عند انسحاب القوات الأمريكية من العراق كان هناك عدة مسائل يجب الوقوف عندها، العنصر الأول أن الأمريكان لم ينسحبوا من العراق حتى استطاعوا أن يمتنوا بشكل ممتاز علاقتهم بتنظيم القاعدة وتحديداً بأبو بكر البغدادي وربطه استخباراتياً، وهم انسحبوا من العراق بدون ضجيج وحتى إطلاق أي طلقة عليهم من قبل تنظيم القاعدة. الأمر الثاني كان هناك انقضاض على أسامة بن لادن وهناك تقارير ودراسات تؤكد ذلك من قبل أيمن الظواهري والتعاون مع الاستخبارات الأمريكية وتغيير الوجوه لتنظيم القاعدة وخاصة دور المخابرات القطرية والسعودية في ترويض الظواهري وجعله مطية في يد الولايات المتحدة باتفاق ألا تلاحق الولايات المتحدة ما تبقى من تنظيم القاعدة، وتقدم القاعدة بقيادة أيمن الظاهري الخدمات التكتيكية والإستراتيجية للولايات المتحدة بما لا يتناقض مع هذا الاتفاق بينهما، والأهم من ذلك أن هدف الولايات المتحدة هو ضرب الإسلام والمسلمين، بمعنى عجزت عن تفتيت وحدة المسلمين والعروبة، والآن هدفها الإستراتيجي ضرب الإسلام والمسلمين بأيدي بعضهم أي اقتتال الأغيار وهي إستراتيجية أمريكية مصدرها تشرشل، الذي قال في الحرب العالمية الثانية إنني سأقاتل الألمان حتى آخر جندي روسي أي تقاتل المسلمين ببعضهم البعض، وهذا أيضاً فكر وإستراتيجية صهيونية عندما قال أحد الحاخامات: العربي الجيد هو العربي الميت. ودائماً كما قلت ما نواجهه في سورية له أربعة عناصر ومكونات، الدخلاء الإرهابيون والمرتزقة، الخونة من السوريين والعملاء في الداخل السوري الذين باعوا أنفسهم للصهيونية وقادتهم الغريزة ولم تقدهم الوطنية، والكفلاء أيضاً هم قطر والسعودية وتركيا وهذه الأدوات التي تكفل بقاء الإرهاب بسلاحها ومالها ومرتزقتها حيوياً وحياً، والعنصر الرابع والأخير هم الأصلاء يعني إسرائيل والولايات المتحدة. لذلك هذا التصريح الآن هو تنسيق وإدارة وتخطيط أمريكي لتحقيق ثلاثة أهداف، الأول أن الولايات المتحدة وأطراف العدوان بعد أن أفلست قدرتهم العسكرية الخارجية والداخلية من هذا الإرهاب وعجزهم عن تحقيق أي منجز، يعيدون الآن بناء الخطط والإستراتيجيات، أي بمعنى حرق ما فات من الأوراق والانطلاق بأوراق جديدة من خلال هذا السيناريو الأول، إذ تريد الولايات المتحدة أن تقتطع أجزاء من هذا الإخطبوط وتدّعي أنه إرهاب مشروع وهي تدّعي أنه يوجد إرهاب مشروع وغير مشروع، غير المشروع هو جبهة النصرة والقاعدة والمشروع ما تبقى من هذه الأذرع التي لا تنتمي إلى منظومة القاعدة وجبهة النصرة، والتي تدّعي أنهم معارضة في الأردن وتركيا ولبنان أو في الداخل السوري. وهنا يجب أن نقول تعددت المسميات ولكن الإرهاب واحد أي بمعنى أنه لا يوجد اختلاف أو تباين إيديولوجي ولا إستراتيجي ولا من حيث الممارسة والسلوك بين كل هذه المكونات الإرهابية، فهناك من ينتمي إلى جبهة النصرة ومنها ما ينتمي إلى الإخوان المسلمين، وأنا أؤكد أنه واهم من يظن أن هناك تبايناً بين المشروع الوهابي القاعدي وبين مشروع الإخوان المسلمين، وربما يسوق أحياناً أن الإخوان المسلمين تنظيم سياسي كما حصل في مصر، كما أؤكد هنا أن إستراتيجية الولايات المتحدة تقول إن المشروع الوهابي القاعدي ومشتقاته يجب أن يخلق الشروط الأمنية والعسكرية لتنظيم الإخوان المسلمين، فالإخوان ليس لديهم مشروع سياسي لديهم مشروع الوصول إلى السلطة فقط لتطبيق دولة التنظيم وليس تنظيم الدولة المدنية، وما يحصل في مصر نموذج واضح، ولو عدنا إلى التاريخ سنرى أن ما نفذه الإخوان المسلمون في الثمانينات من أعمال قتل واغتيال وتخريب وتدمير وتفجير وتفخيخ كان يفوق ما تنفذه القاعدة الآن، إذاً هما وجهان لعملة واحدة، ولاحظ أن أول من انبرى للدفاع عن جبهة النصرة عندما وضعتها الولايات المتحدة على لائحة الإرهاب هو معاذ الخطيب، وقال هم أشقاؤنا في السلاح، أي في القتل والممارسة والإيديولوجيا، لأن استخدام السلاح يعكس فكراً وعقيدة إيديولوجية، والأمر الثاني بعد أن أعلن الإرهابي أبو محمد الجولاني مبايعته لتنظيم القاعدة انبرى للدفاع عنه رياض الشقفة المرشد العام للإخوان المسلمين، وقال هؤلاء جزء من النسيج السوري وهم إخوتنا وأشقاؤنا، كما انبرى للدفاع عن جبهة النصرة أمام الاتحاد الأوروبي الضابط الفار الذي استلم رئاسة ما يسمّى المجالس العسكرية سليم إدريس، دافع عنهم وتغنى ببطولاتهم!!. إذاً بالواقع الميداني وجود العصابات الإرهابية في سورية وتنظيمها وتنسيق أهدافها وإيديولوجيتها واستثمارها هو مشروع واحد وإن كان هناك تباين فهو مصلحي على مستوى تقاسم غنائم واستلام قيادة معينة في منطقة معينة، وبالتالي هذا البعد الأول الذي تريده الولايات المتحدة، أن تشرعن جزءاً من الإرهاب وتسوّقه على أنه حالة معارضة سياسية والبعد الثاني والخطير جداً والذي أحذر منه أيضاً بعد أن رأت الولايات المتحدة أن تنظيم القاعدة الذي يعمل في الداخل السوري وصل إلى مرحلة في امتلاك الأسلحة والمسلحين وبعد أن استطاعت أن تحول سورية لمركز جذب لهم ورحلت الكثير منهم من أوروبا، أرادت الآن امتطاء تنظيم القاعدة مرة أخرى، وخاصة بعد امتلاكهم الأسلحة الكيميائية واستخدامها في خان العسل وعدم قدرة الأمم المتحدة بضغط من الولايات المتحدة على إرسال لجنة تحقيق إلى سورية انطلاقاً مما طلبته سورية من الأمم المتحدة، وأرادت إطلاق العنان لهذه العصابات الإرهابية وإغرائها باستخدام السلاح الكيميائي، وهنا يمكن أن تتسلق الولايات المتحدة على حالة تسوقها أن الجيش العربي السوري غير قادر على معالجة والقضاء على تنظيم القاعدة في سورية وخاصة أن هذا التنظيم بدأ يشكل خطراً بما يمتلكه من أسلحة ليس على سورية والشعب السوري بل على جميع دول المنطقة، ولا أستبعد أساساً أن تحصل بعض التفجيرات في تركيا وفي الأردن وتدّعي الولايات المتحدة أن وجود القاعدة في سورية بات يهدد المنطقة وبالتالي يجب التدخل عسكرياً كما حصل في أفغانستان وكما احتلت العراق وتكون هذه الحجة هي منصة للتدخل العسكري في سورية وبالتالي تقلب الموازين كلها، المسألة الثالثة والخطيرة أيضاً أن أحد أهداف هذا العدوان مقدمة لشن عدوان إسرائيلي على سورية وخاصة دخول إسرائيل بشكل مباشر والتكشير عن أنيابها بعد أن فشل الوكيل والدخيل في الداخل السوري فتدخل الأصيل الإسرائيلي عندما قصف جمرايا، وعندما تدخلت وأصبحت العصابات الإرهابية تدخل وتخرج من الجولان برعاية وإدارة إسرائيلية وتتعالج في المشافي الصهيونية، وهذا التهديد والسيناريوهات التي نسمعها من تسليح وتدريب العصابات الإرهابية في الأردن برعاية إسرائيلية وأمريكية وإدخالها للداخل السوري وخاصة إلى منطقة العزل وبالتوازي نسمع تهديدات وسيناريوهات من إسرائيل بتنفيذ عدوان ومنطقة عازلة في الجولان المحتل وربما تترافق مع تضليل وكذب إعلامي عن أن سورية بدأت سحب قواتها من هذه المنطقة، وأنا لا أستبعد أن تعطي إسرائيل وأمريكا أمراً للعصابات الإرهابية بأن تطلق بعض القذائف أو خلق جو من التوتر في بعض المواقع الإسرائيلية في الجولان أو غير الجولان، حتى أنه من الممكن أن تنفذ بعض العمليات في داخل فلسطين المحتلة ضد مواقع إسرائيلية للإدعاء بأن تنظيم القاعدة في سورية يهدد أمن إسرائيل، وبالتالي تكون ذريعة لتنفيذ عدوان بهذا الاتجاه، لذلك أعود وأحذر من هذه المسائل لأن الولايات المتحدة هي الراعي الرسمي وضابط الإيقاع لمنظومة الإرهاب، ولا يمكن أن ينفذ هذا الإرهاب أي أمر لا أمنياً ولا عسكرياً ولا حتى سياسياً وإعلامياً بدون أن تضبط إيقاعه الولايات المتحدة الأمريكية. * لجأت عصابات "جبهة النصرة" و"الجيش الحر" مؤخراً إلى تكثيف عمليات التفجير وخاصة في دمشق وريفها بالسيارات المفخخة وإطلاق قذائف الهاون واستهداف المساجد والجامعات والمدارس.. كيف تفسّرون انتقال وتكثيف العصابات لهذا الأسلوب؟. **أنا أضعه في مسألتين، الأولى هي انعدام القيم الأخلاقية والإنسانية لهذه العصابات وأعتقد أن كل إنسان وليس فقط كل مواطن سوري أصبح يدرك أن هذه المنظومة من الإرهاب بكل مكوناتها التي ذكرت سابقاً لا تنتمي للإنسانية ولا للقيم، ليس فقط القيم السورية بل القيم الإنسانية، ولا تنتمي لقانون لا دولي ولا وضعي ولا شيء من هذا القبيل، وأعتذر من الجاهلية إذا قلت إنها تنتمي للجاهلية، لأن الجاهلية يوجد فيها منظومة قيم، لكن هذه المنظومة لا تنتمي لا للإسلام ولا لدين ولا للإنسانية، لأن من يستهدف الأبرياء والمواطنين والأطفال والعلماء ورجال الدين ويقطع أسباب ومعاني الحياة الحية التي تستهدف قوت المواطن من كهرباء وماء ونفط لا ينتمي إلى البشر. البعد الثاني هو بعد عسكري إستراتيجي، فهذه السيارات المفخخة وقذائف الهاون العشوائية تعكس إفلاساً عسكرياً بكل معنى الكلمة، لأن هذه العصابات لم تحقق أي هدف عسكري ولا تستطيع أن تتجمع وإذا تجمعت لا تستطيع أن تقف وإذا وقفت لا تستطيع أن تتحرك وإذا تحركت لا تستطيع الوصول إلى أي نقطة عسكرية، وذلك نتيجة تضييق الجيش العربي السوري عليها وعلى رقابها وكتم أنفاسها وسحقها في أوكارها وسراديبها والقائم منها والنائم والمناور والراكب والراجل في حالة شتات وفوضى، وبعض من تبقى منها الآن تحت الضربات النوعية والنارية والقتالية للجيش العربي السوري، والبعض منها يناور من مكان إلى مكان وهو قليل جداً، والبعض منها يتسلق على بعض المسائل الأمنية من موقع الهستيريا، وهذه ما سمّيناه هستيريا الربع ساعة الأخيرة، وحقيقة لو كانوا يستطيعون استهداف الجيش العربي السوري لما لجؤوا لضرب قذائف الهاون وغيرها، ولكن هذا الأسلوب يعكس عدة مسائل وأهداف، الهدف الأول عندما يستهدفون دمشق يحاولون التأثير على حالة التحدي الشعبية وخاصة في العاصمة العصية عليهم شعبياً وأمنياً، وبالرغم من حجم الإرهاب الذي فشل بدخول دمشق فإنهم يريدون معاقبة الشعب على موقفه واصطفافه وانتمائه وتكاتفه حول الجيش العربي السوري وطلبه بتقويض هذا الإرهاب واشتراكه بتقويض هذا الإرهاب من خلال جيش الدفاع الوطني في جميع المناطق. فحال الشعب إذاً يقول: هيهات منا أن نضعف أو ننحني أمام هذا الإرهاب، وسنملأ أوردة وشرايين وساحات وشوارع دمشق في كل لحظة. الهدف الثاني محاولة ثني ذراع الجيش العربي السوري عن متابعة وملاحقة هذه العمليات الإرهابية ونقل قسم من بعض قواته للمناورة بها، ولكن الجيش بيده المبادرة ويكشف مواقعهم وتحركاتهم في كل لحظة ويدك أوكارهم. الهدف الثالث ببعده التكتيكي يعكس حالة إعلان انسحاب، بمعنى أن هذه العصابات تطلق قذائف الهاون كطلقة أخيرة وتفر، وانسحاب هذه العصابات يأتي بعد امتلاك الجيش السوري تقنيات مهمة جداً للتعامل مع هذه الهاونات وهي هاونات أغلبها محلية الصنع فدقتها قليلة جداً وخاصة أن الهاونات في بلدان المنشأ نسبة إصابتها من الصلية الأولى لا تتجاوز 20% فيعول عادة على الصلية الثالثة والرابعة للإصابة، فهؤلاء يطلقون الصلية الأولى خبط عشواء من تصل تميته.. وللأسف القذائف المحلية الصنع الكثير من تقنياتها هي من خلال حركة حماس، إذ بعد أن امتلكت حماس هذه التقنية من خلال المقاومة في لبنان ومن خلال الجيش العربي السوري ومن خلال أشقائنا في إيران لتوجّه حممها وقذائفها على الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة وغيره، غيّرت حماس أرض الجهاد من غزة إلى سورية ليقتلوا الشعب السوري، وأقول دائماً أطفؤوا حماسهم ومشعلهم، وبالتالي هذا يؤلمنا، ولكن بالمحصلة الإستراتيجية والعسكرية أن هذا الشكل من الاستهداف الأمني من سيارات مفخخة وقذائف هاون مؤلم ومزعج ويدمي، لكنه لا يؤثر في ميزان القوى لا التكتيكي ولا الإستراتيجي، وشعبنا العربي السوري يدرك أن هذه القذائف هي قذائف النهاية لهؤلاء، فالجيش السوري كما أسلفت امتلك تقنيات محلية الصنع للتعامل مع هذه الهاونات وأؤكد كل هاون يطلق الآن من قبل العصابات يتم تدميره قبل أن تسقط قذيفة الهاون التي أطلقت من هذا الهاون وأيضاً يتم القضاء على من أطلقه. في المحور الأخير.. حقيقة معركة دمشق الكبرى.. وكيف مزق حذاء الجندي العربي السوري خارطة الشرق الأوسط الجديد؟.
10:53
19:18
20:10
20:31
21:41
11:58
20:46