جهينة نيوز-خاص:
لابد وأنت تحاور المفكر والباحث السياسي د. نبيل فياض من أن تصغي بكل جوارحك لما سيقول، وتدقّق في كل كلمة يعنيها أو يقصدها، إذ تجد نفسك على الدوام كما في كل كتبه وأبحاثه ومقالاته وآرائه، تمشي على حدّ السكين، والجرأة التي يتمتّع بها لا تنفي الموضوعية والعلمية ولا تقلّل من أهمية الخلاف والاختلاف معه، وما يجدر الانتباه إليه أيضاً أن الاشتباك مع فكر نبيل فياض هو في غالبه اشتباك مثمر.
ولأننا في "جهينة نيوز" نؤمن بأن تقييم المرحلة وأسباب الأزمة في سورية ومآلاتها يستدعي مراجعة نقدية متأنية للمرحلة السابقة مروراً بما وصلنا إليه من أبشع صور التطرف الديني والسياسي والاجتماعي والأخلاقي، وتحتاج إلى مفكر وباحث حصيف بمقام د. نبيل فياض لتحليل الأسباب والمآلات، فقد حلّ د. فياض ضيفاً على "جهينة نيوز" وقرائه ومتابعيه بهدف الالتفات قليلاً إلى الوراء بمراجعة موضوعية هدفها أولاً وأخيراً وضع النقاط على الحروف في بعض القضايا التي بدت إشكالية في تطورات الأزمة السورية وتحولاتها.
*منذ بداية الأحداث برز طغيان الطابع الإسلامي على ما سمّوه "المعارضة السورية" بأشكالها السياسية والمسلحة مع غياب شبه تام للتيارات العلمانية التقليدية.. لماذا برأيكم اتخذت هذه المعارضة الطابع الإسلامي؟.
**معروف تاريخياً منذ زمن طويل أن في سورية هناك معارضات عديدة، ولكن المعارضة الأهم والأبرز والأكثر تنظيماً هي الإخوان المسلمين، والدولة دخلت في حرب مع الإخوان المسلمين في الثمانينيات وحسمت المعركة عسكرياً لصالحها، ولكن فكرياً حُسمت لصالح الإخوان المسلمين، كيف ذلك؟!.. فبدلاً من أن تعلن الدولة علمانيتها على الطريقة التركية والتونسية "البورقيبية" ويتمّ نوع من القطيعة المعرفية مع التراث التطرفي الإقصائي والإرهابي الديني دخلت بنوع من المزايدة مع الإخوان المسلمين، لأنهم أقاموا كلّ ركامهم المعرفي على تكفير النظام في سورية على مبدأ أنه علماني طائفي.. فيما أرادت الدولة أن تثبت أنها غير علمانية وغير طائفية، ولكن من دفع ثمن هذه المزاودة هو الشعب السوري، حيث تمّ فتح معاهد تعليم القرآن الكريم وهذه المعاهد تحوّلت بشكل أو بآخر إلى مراكز للتطرف الديني، وأتذكر حوادث كثيرة في مدينة حمص وكتبتُ عنها كثيراً وقرأت برامجها التي تبث فكراً طالبانياً، الدولة اعتقدت أنها بالقبضة الأمنية القوية جداً تستطيع أن تقمع كل شيء وتركت لهم المجال ليفعلوا مايشاؤون، فكانت سلطتها فقط في المراكز، بينما الريف كان خارج نطاقها وكان مستولى عليه من قبل الشيوخ المتطرفين، ففي حمص من تحرك هي المناطق الهامشية فقط، أيضاً في دمشق ريف دمشق وحلب ريف حلب وإدلب ريف إدلب، لماذا؟.. لأن هذه المناطق كانت مهمّشة ومتروكة للتطرف الديني، والدولة اعتقدت في بعض اللحظات وهذا اعتقاد واهم، أن هذا التطرف يمكن احتواؤه أو السيطرة عليه بالقبضة الأمنية، وهذا الكلام غير دقيق لأن هناك انفجاراً ديمغرافياً سكانياً أدى إلى كمّ كبير من العاطلين عن العمل وإلى الفقر، والفقر يؤدي إلى التطرف، كما دخل الوهابيون على الخط وأيضاً لا ننسى الفساد.. فقد كنت أرى بأم العين الوهابيين يأتون إلى قرى سورية يوزعون الأموال وينظّمون الحلقات الدينية، ولم يبقَ مسؤول في سورية لم أضعه بصورة ما يحصل في ريف حماة وريف حلب الشمالي وريف دمشق، ولم يصغِ أحد لصوت العقل واعتقدوا أننا كعلمانيين ضد التطرف والدين والتيار الإسلامي، وأننا نهوّل أو حتى أننا ضد الإيمان وهذا غير صحيح، نحن كنّا نرى بعيني زرقاء اليمامة أن سورية مقبلة على هذه المرحلة، وأنا كتبت كثيراً أن تأجيل الموت لا يمنعه والدولة كانت تؤجل الموت لكن فجأة دخل الموت من درعا واجتاح الدولة كلّها.
اليوم أنا محبط لأن "جبهة النصرة" تستعمل السلاح الكيماوي وهذه كارثة تؤدي إلى القتل والتلوث وحالات سيئة جداً في سورية، وقد اتصل بي صديق من أمريكا يسأل عن الموضوع فقلت له بالتأكيد أن "جبهة النصرة" من استعمل السلاح الكيماوي وهذا أمر لاشك فيه، وما أوصلنا إلى هذه الحالة هو إعلام سوري يعيش وهم قناعات، ولا يعيش قناعات حقيقية، يجب أن نخرج من هذه المعضلة، الشعب السوري يتعرض لإبادة جماعية على يد جماعات إرهابية متطرفة مسلحة، ينبغي أن نوصل صوتنا للعالم، فأنا مثلاً أعمل من الصميم ومعي مجموعة من الشبان والشابات، نعمل ليلاً نهاراً من أجل إيصال الصوت المعنف السوري لكل الهيئات والمنظمات الدولية، وأتمنى من وزارات الإعلام والداخلية والخارجية أن تعي هذه المسألة ونحن كشعب لا نستطيع أن نعيش بمعزل عن العالم.
*تقول في إحدى مقالاتك: من تجاربنا السابقة، خاصة أثناء عملنا الدوائي في إحدى قرى ريف دمشق، يمكننا القول دون تردد إن فكر القاعدة كان منتشراً إلى حدّ ما في أوساط بعينها، وكان دور الدولة في ذلك واضحاً للعيان، إلى ماذا تلمحون في هذا القول؟.
**سأعطيك مثالين تمّ وضع الدولة في صورتهما المثال الأول: في التسعينات كنت أسكن مع صديق ألماني وهو الدكتور روديغر براون، حالياً هو في توبكن يعلّم اللاهوت ويعدّ رسالة دكتوراه عن الحوار الإسلامي المسيحي في سورية، وقد عملنا معاً كتاب اسمه "نيتشه و الدين "، فقد ذهب روديغر في إطار عمله عام 1998 إلى قرية في ريف حلب هي تركمان مارع وقال لي حينها إنه وجد كلية دعوة وهابية في تلك القرية، ووهابيين يعلّمون العقيدة الوهابية في تلك المنطقة، بدوري ذهبت مع اثنين من أصدقائي الألمان وبالفعل شاهدنا تلك الكلية وتحدثت مع رموز وجهات مهمّة في الدولة، وأيضاً تحدثت مع أصدقاء في هذا الموضوع وذهبوا ورأوا بأم العين ما حصل، ولم أجد أو أسمع أن أحداً اتخذ أي إجراء إزاء هذه القضية، وبقيت الوهابية تنتشر في تلك المنطقة بشكل غير طبيعي. وأيضاً المثال الثاني في جيرود فقد تعرفت على طبيب وكان أولاده مقاتلين في صفوف القاعدة وكانوا يأتون إلى جيرود بانتظام، وكانت هناك عمليات تدريب على السلاح من قبل جماعات تنتمي للقاعدة وتحدثت مع جهات رسمية مهمة جداً في البلد بخصوص ذلك، وأيضاً هناك جماعات منهم ذهبت للقتال في العراق وعادت للمنطقة والدولة تعرف هذا الشيء بتفاصيله الدقيقة، ولكن أحداً لم يشأ أن يسمع ولم يعطوا بالاً لتلك المواضيع واعتقدوا كما قلت أنهم بالضبط الأمني يستطيعون القضاء على كل هذه الظواهر ولكن بصراحة هذا غير صحيح.
*هل ثمّة حاضنة دينية واجتماعية تخلّت عن قيمها وأخلاقها في مجتمع يفترض أنه ينتمي إلى منجز حضاري عمره آلاف السنين لتنتج هذا الإرهاب الأسود وليغدو القتل المعادل الأول للتطرف؟.
**أرجو ألا نتوهم أكثر مما توهمنا، الشعب السوري ليس بالشعب السويدي ولا الدنماركي ولا السويسري، فمنذ مدة قامت إحدى الصحف الرسمية في سورية بإجراء مقابلات مع شباب وطلبة في إحدى الجامعات السورية حول قضية معينة، ومع الأسف وجدنا كماً من التخلف والجهل ولم أكن أتخيّل في لحظة من اللحظات أن الشباب السوري على هذه الدرجة من اللاوعي ومن اللاعلم واللا ثقافة، والمسؤول عن ذلك باعتقادي هو الإعلام السوري والانفجار الديمغرافي الهائل الذي نقل سورية من 9 ملايين إلى 23 مليوناً خلال أعوام قليلة، وقد قدمت منذ التسعينيات دراسة لمحمود الزعبي حول مسألة الانفجار الديمغرافي في سورية وحذّرت من خطورته، ولكن أحداً لم يصغِ أو يقرأ!!.
باختصار شديد في سورية كمّ الجهل وكمّ الفقر غير عادي، وعندما يأتي المنبر الأوحد الذي كنت أتعلم منه والذي تعلّم منه السوريون وهو المنبر الديني، لأن الدولة لا تستطيع إقفال المنابر الدينية بحكم التقاليد والعادات والقداسة، فإنه كان الطرف الأوحد الذي يبث نوعاً من المعرفة، وكانت معرفة دينية أصبحت متطرفة جداً لأن المموّل متطرف جداً، وبالتالي دخلت الوهابية وهي لم تغزُ سورية في يوم وليلة، بل دخلت خطوة خطوة حتى انفجرت في كل مكان، فالحج مثلاً أصبح منبراً لنشر الوهابية، وكنّا نتحدث دائماً مع المسؤولين عن خطر نشر الثقافة الوهابية عبر استقدام الحج وثقافة الكاسيتات والكتب الوهابية، ولم ينتبه أحد، وهناك مثال معرض الكتاب عام 1993 حيث وقفت خلال ندوة وألقيت محاضرة عن الكتب السلفية والوهابية والتكفير الديني وآثار هذه الكتب، وكان هناك كتاب اسمه "ضوابط التكفير" لمحمود القرني وحدثت مشكلة من أجل هذا الكتاب، ففيه دعوة لقتل الطوائف والإيقاع بين الطوائف الصغيرة في سورية ولا أستطيع أن أطلب من شخص بالأصل وهابي وهو القائم على المعرض أن يمنع الكتب الوهابية، وسأعطيك أيضاً مثالاً بسيطاً جداً وهو معروف للناس، مديرية الصحة في ريف دمشق هي مديرية وهابية إخوانية بالمطلق، فكيف أطالبهم أن ينشروا ثقافة علمانية أو ثقافة لا طائفية، وعندما تكون مفاصل الدولة مستولى عليها من قبل التفكير الوهابي لماذا ألوم الناس إذا أصبحوا وهابيين، ففي المنطقة التي عملت فيها سيطر الوهابيون على كل شيء، وأصبحنا نرى أعضاء الفرقة الحزبية يريدون رضا الوهابيين، وبالتالي يجب ألا ألوم الوهابي بل ألوم من وضع هذا المسؤول وجعله يمسك بمفاصل الدولة.
*لماذا انتقل كثير ممن تعرفهم من خانة العلمانية إلى خانة القاعدة، وارتدّوا من قمة المدنية إلى قاع السلفية، كيف تفسّر هذا الانتقال الجذري والانقلابي؟.
**لدينا حالات بسيطة وهي حالة الشيوعيين، فالشيوعيون السوريون انتقلوا فجأة من الشيوعية إلى حالة إسلاموية متطرفة جداً، وبصراحة في مجتمع أمي كالمجتمع السوري وجاهلي متخلف لا علاقة له بالمعرفة ولا حتى بالأخلاق، عندما نشاهد ما يكتبون على الانترنت من كلام مخزٍ مخجل، لا يمكن تصور الألفاظ التي يتمّ تناقلها على الانترنت فهي تعكس طبيعة هذا المجتمع المتخلف، وهذا الشخص الذي انتقل من الشيوعية إلى الإسلاموية لم يكن شيوعياً ولم يصبح إسلاموياً، فهل قرأ رأس المال؟! بالتأكيد لا، إنما فهم الشيوعية فقط حالة طوباوية تتيح للإنسان نوعاً من الكرامة الإنسانية الضائعة على أقدام الليبرالية والرأسمالية، كما لا يوجد أحد قرأ رأس المال أو أنجلز أو لينين، ولا أي شيء عن الشيوعية ولا يعرف إلا عناوين مثل "الدين أفيون الشعوب" و"الصراع الطبقي"، بل إن أهم رموز اليسار الألماني هايني لم يقرؤه أحد وأنا أعرف الكثير من الشيوعيين وكنت أسألهم عن هاينه وعن هيغل وهو أساس كارل ماركس وعن فويرباخ وله كتابان " جوهر الدين " و"جوهر المسيحية"، لأكتشف أنهم لم يقرؤوا كل ذلك.
كارل ماركس لم يصل لهذه المرحلة من فراغ، هو قرأ هيغل هاينه وفويرباخ وعشرات المفكرين في ذلك الزمن، وأنا بعلاقاتي وتجربتي وعمري لم أصادف شيوعياً قرأ لهؤلاء باستثناء شخص وحيد التقيته في طهران وهو عمار بكداش، وقد أذهلني عندما حدثني بهذه التفاصيل واستغربت حينها لأنني أعرف الشيوعيين لا يختلفون بأميتهم عن أي بدوي موجود في قلب الصحراء، وأيضاً هؤلاء لا يعرفون البخاري من مسلم من الزمخشري من الطبري، الشيوعية كانت موضة وقد ساروا في موضة الشيوعية والآن الإسلاموية موضة فلحقوا بالموضة الإسلاموية، إذاً نحن شعب دائماً يحب الموضة السياسية.
* وهل هذه اللاقناعات والهشاشة الفكرية والسياسية يمكن أن تنسحب أو نسقطها على جميع المؤسسات والأحزاب في سورية؟.
**نعم عندما يكون اتحاد الكتّاب العرب رئيسه علي عقلة عرسال مثلاً، ويرفض أن أدخل الاتحاد لأنني كافر، رغم أنني لم أقل في أي مرة إنني كافر، فإن ذلك ينسحب على مثل هذه المؤسّسات، وبصراحة أكثر لو أن الدولة لديها الحد الأدنى من الاحترام للذات لأقفلت الاتحاد وحرقت كتبه لتدفئة الناس الذين لا يملكون المازوت.
ما الذي يهمنا مما يطبعه الاتحاد من كتابات وقصائد غبية، القيمة المعرفية تكتسب أهميتها عندما تصل للناس، فما بالنا بقصائد وقصص وروايات لا يقرؤها أحد وكلّها غباء بغباء، هذا الاتحاد يعمل بالضرائب التي ندفعها نحن وبالتالي بنقود الشعب، وهو لم يقدم شيئاً للشعب السوري، فلا يوجد كتاب يمكن أن يحتفظ الإنسان به، وكمثال.. منذ فترة أرسل لي د. حسين جمعة رئيس اتحاد الكتّاب مجموعة من الكتب تتجاوز الـ 60 كتاباً، لم أجد كتاباً واحداً أستطيع الاحتفاظ به أو أقرؤه، فكتاب "رجوع شيخ إلى صباه" أفضل منها، على الأقل يشرح لك عن الجنس وتفهمه، يكفي ضحكاً على أنفسنا، البلد وقع في الأزمة لأنه كان مركباً بشكل خاطئ وبطريقة غير صحيحة، كان بلد شعارات ولا يوجد حقائق، فإذا استمرينا بالكذب على أنفسنا وعلى بعضنا فإننا لن نستطيع بناء علاقة سوية، وعلاقاتنا كانت نفاقية، علاقات خوف ومجاملة وعهر مجتمعي، لم يكن فيها شيء حقيقي، نحن دائماً كنا نقول لا مكان في هذا القطر إلا للتقدم والاشتراكية فوجدنا بالنهاية في هذا القطر لا يوجد إلا التطرف والوهابية.
هم كانوا يكرهونني لأنني كنت أقول الحقيقة، الوجه البشع أقول له بشع ولا أقول أنت غير جميل أو لديك مشكلة بل أنت بشع ولا تطاق، البلد كان بشعاً ووهماً، مثل الراقصة في عمر 90 عاماً وتعتقد نفسها بعمر 15 عاماً، وكالممثلات عندما يكبرن يملن لتأدية دور فتاة المدرسة في عمر 17 عاماً التي تحمل كتبها وتمشي. البلد كان عجوزاً شمطاء يريدون أن نقول عنها حلوة وهي ليست حلوة، وبالنهاية عندما نتكلم عن بشاعة البلد وأخطائه فإننا نسعى إلى تحسينه، مثله مثل البيت إذا كان فيه مشكلة في الماء والكهرباء نستطيع إصلاحها، ولكن إذا لم نعترف ونقول هناك مشكلة والبيت جميل جداً ويأخذ العقل فلن نستطيع إصلاحه. أضف إلى ذلك أنه لا يوجد لدينا إعلام حقيقي، فهو إعلام مرايا يشاهده مجموعة محدّدة من الناس، وأيضاً الإعلام الآخر كالجزيرة والعربية وغيرهما تحوّل لإعلام غبي له جمهوره ومتابعوه، وهذه الأزمة كشفت لنا أن الإعلام العربي إعلام غبي، نحن كنّا بحاجة لإعلام حرفي، بمعنى أن تشاهد المعلومة وتسمعها على أنها حيادية لا تشغلها بربوغاندا مكشوفة، وهذا الشيء لا يوجد حتى في أمريكا، بل يوجد فيها شيء اسمه "الموضوعية المغرضة".
عندما نشاهد ونتابع بعض المحلّلين على التلفزيون، فإننا إذا كنّا نحب البلد سنبادر بالمغادرة، فهم يكرهوننا بالبلد، ويتحدثون حتى الآن بلغة غريبة عجيبة ليس لها علاقة بالمعرفة ولا الثقافة، لقد مللنا الحديث عن المافيا والماسونية، بالتأكيد هناك مافيا وماسونية ويوجد هجمة، لكن كيف نحصّن أنفسنا، كل المصائب الموجودة في العالم الآن صارت في سورية، ولكن ماذا نفعل؟! نحن مللنا أشباه المثقفين، فعن أي أحزاب نتحدث، أعطني حزباً غير حزب البعث الذي تنتمي إليه الناس لأسباب جميعنا نعرفها يستطيع أن يجلب ويستقطب خمسة آلاف شخص، وهناك مثال عن أشخاص تقوم بشراء هويات كأسماء لتنتمي لحزب معين، ومنهم شخص أعرفه جيداً في معلولا، فإذا كان لديك حزب ولديك 600 عضو فيه ونقص 400 عضو يقوم هو بشراء 400 اسم مقابل 500 ليرة سورية لكل هوية والدولة تعلم هذا الشيء، فلماذا نحن حتى الآن نريد أن نعيش نظام النفاق، وأيضاً هناك أحد المسؤولين الحزبيين لم يستطع إحضار ورقة غير محكوم لأن لديه 17 قضية اختلاس وغيرها والدولة تعلم ذلك وقد دفع أموالاً لجلب الورقة.
إلى متى سنبقى محكومين بالمافيات، إلى متى سنبقى نكذب على أنفسنا، نعم يوجد حالة مرضية بالطرف المعادي للدولة، فـ"جبهة النصرة" حالة انفصالية عن الواقع حالة ناس أقرب للمعتوهين، لكن بالمقابل لا نستطيع الرد عليهم بأشخاص متطرفين بالطرف المقابل، بل يجب أن نرد عليهم بفكر علماني ديمقراطي وبإشاعة الحريات، وعند إشاعة الحريات في سورية حتى لو كان الظرف صعباً سيرضى الداخل والخارج ويصبح الشعب موجوداً ويقارن بين "جبهة النصرة" وما تفعله، ومن المستحيل أن يصطفوا إلى جانب "جبهة النصرة"، كما أن المجتمع الدولي يحترم بلداً فيه حريات وتعددية حزبية ويعتبره بلداً حقيقياً، المجتمع السوري كأي مجتمع ليس بغبي، عندما تقدّم له ثقافة تطرف سيصبح متطرفاً وعندما تقدم له ثقافة قبول الآخر سيقبل الآخر، فالهولنديون لم يتقبلوا الآخر لأنهم هم هكذا، ولأن ثقافة قبول الآخر انتشرت بسبب قدوم بعض الأقليات إلى هولندا كانت نموذجاً متقدماً جداً في ثقافة قبول الآخر.
لدينا مشكلة الآن، وكمثال نحن نحاول تقديم ثقافة مغايرة وليس لدينا مشكلة مع الرجل المتدين أو المتطرف، ليظهر ويتحدث بما يريد، ولكن بالمقابل دعونا نتحدث بحريتنا، وعندما نقول فلان لديه كتاب معين فليأخذ مقاطع من هذا الكتاب ويقرؤها على الهواء، إذا كنّا نخجل من نتاجنا الفكري لماذا نقدمه، الذي حدث معي أنني عملت أكثر من برنامج على التلفزيون وكان نجاحها خارقاً، منها برنامج تابو الذي حقق نجاحاً غير طبيعي وقدم أفكاراً متعددة، وقد سألني الناس عنه في أكثر من مناسبة، لماذا منع تابو، فقد كان يخرج ذلك الشيخ الذي أفتى بمنع تابو ويتحدث بكل ما يريد، وسبني وشتمني وكتب عدة كتب ضدي ووصفني بأني ماسوني، وليس لديّ مشكلة معه يتحدث كما يشاء بالنهاية لا يصح إلا الصحيح، أنا لم أقل يوماً أن الشيخ الفلاني تحدث كذا وكذا، لكن بالمقابل ابن تيمية قال كذا والبخاري قال كذا ومسلم قال كذا وعندما نتجنى عليهم فليعلقوا مشانقنا بالمرجة.
إذاً بالنتيجة لا نستطيع الرد على "جبهة النصرة" بتطرف موازٍ، فالتطرف الموازي الذي عملنا به في الثمانينيات أوقعنا في هذه المصائب، نحن نستطيع الرد بفكر مدني علماني ديمقراطي إنساني وطني لأنهم تجاوزا جميع أنواع التطرف وليس لأحد مجاراتهم، وحتى الآن لا يوجد هذا الشيء وهناك ناس ترى أننا تجاوزنا الأزمة والحقيقة أننا لم نتجاوزها.
*تقول: هنالك حسم أمني عسكري واضح بدأت تتجلى ملامحه مؤخراً، لكن هذا الحل إذا لم يترافق بنهضة توعوية شاملة فسوف نجد أنفسنا ندور في الحلقة المفرغة إياها، هل ترون أن ذلك ممكن حتى اللحظة، وهل ستكون هذه النهضة جسر عبور إلى مستقبل سوري مزدهر، وأين الأحزاب الجديدة من ذلك؟.
**لا يوجد أحزاب جديدة، يوجد سيدات ورجال أعمال بعضهم يريد فعل شيء، هذه الأحزاب والقائمون عليها لا يعرفون أنماط الانتخاب في العالم، ولا يستطيعون الإجابة عن هكذا سؤال وأنا أتحداهم، فهناك فضائح حصلت في طهران ومؤخراً كارثة في داما روز، أنا لم أحضر لأنني أحترم نفسي، لأن هذا يسمّى كذب ونفاق ودجل.. وهذه الأحزاب غير قادرة على فعل شيء، فالعمل يجب أن يتم بشكل جماهيري بالتواصل مع الجماهير، أنا كشخص منذ ثلاثين عاماً أعمل على الساحة الثقافية، فوجئت عندما ذهبت إلى حمص لإلقاء محاضرة بألوف الناس التي أتت إلى المكان رغم الأمن والمشكلات والخوف، ومعظمهم كان من الشباب الصغار وهم يرغبون برؤية شيء جديد، وبصراحة الدولة لا تريد ولا أعلم لماذا، إذ عندما أقدم فكراً علمانياً كنقيض لثقافة القاعدة ولا أدعو للإلحاد على الإطلاق وأنا لست بملحد، تتم محاربتي من قبل جهات في الدولة، فهل يعقل عندما أريد تقديم ثقافة علمانية أن أذهب إلى قطر لأقدمها، هناك أشخاص بالدولة تمنع برامجي وتمنع ظهوري وحتى لقاءاتي مسجلة خوفاً من سب الدين فما هذا الهبل، هل أنا مجنون لأسبّ الدين؟!!.
نحن في تجمع "عدل" لسنا حزباً بل تجمع معرفي، ولأنه لا يحق لنا الاجتماع تحت مسمّى تيار شكلنا التجمع، أنت لا تستطيع أن تصنع سياسة في بلد لا يوجد فيه معرفة سياسية، فكيف ستعلم الناس الصينية وهم لا يعرفون الحروف بالعربية.
لقد استطعنا بشكل أو بآخر تشكيل حالة ولديّ شباب يتمرنون ويتعلمون في كل أنحاء سورية، ولكن هم حالة تمّ إحباطها لصالح التيارات الدينية المتطرفة فمن أحبطها لا أعلم.
*ما الذي تريده واشنطن وحلفاؤها من زج عشرات الآلاف من إرهابيي القاعدة وغيرها من التنظيمات التكفيرية ممن قاتلوا تحت لوائها في أفغانستان والعراق بأتون حربها على سورية؟.
** من أول يوم قلت الأمريكان والروس سينظفون أنفسهم بالدم السوري نقطة على السطر، فهؤلاء الشيشان كيف يأتون إلى سورية هذه الكتائب والكم الهائل منهم هل أتى من المريخ أو كوكب الزهرة أو من القطب المتجمّد الجنوبي، هؤلاء يأتون من روسيا فلماذا الروس ينظفون أنفسهم بالدم السوري، والأمريكان ولاشك في ذلك يريدون الخلاص من القاعدة والمستفيد الأوحد من الحالة هي إسرائيل، فسورية دمّرت والجيش أصبح متعباً وأمريكا تخلصت من ألوف الأشخاص المنتميين للقاعدة، وأنا أعلم كم كانت تعاني أمريكا منهم حتى أن الحجاب أصبح يشكل لديهم أزمة، بقناعتي لأننا لم نكن حقيقيين وديمقراطيين وواضحين أصبحنا مكباً لنفايات العالم وصار العالم كله يأتي إلينا لينظف نفسه.
15:18
15:51
16:07
16:25
16:41
16:41
16:54
17:14
17:28
17:30
18:37
18:50
18:57
19:23
19:24
19:35
19:42
19:50
19:56
19:59
20:11
20:28
20:41
20:50
21:01
21:32
21:36
21:58
22:01
22:54
23:23
04:31
04:37
05:10
05:37
06:10
06:37
06:42
06:43
06:50
07:34
07:40
07:50
08:12
08:16
08:16
08:37
08:38
08:43
09:27
09:32
09:35
09:46
10:27
10:43
10:46
10:49
10:57
11:09
11:12
11:15
13:14
13:24
13:43
14:53
15:08
15:33
16:22
16:38
16:49
18:13
18:47
18:48
18:56
19:14
19:23
19:26
19:28
19:29
19:43
19:50
20:16
20:22
21:16
21:23
21:33
21:37
22:58
23:11
02:45
02:55
03:02
03:38
05:47
05:48
06:15
09:30
09:30
09:31
10:10
10:41
11:12
12:19
12:45
12:59
13:13
13:13
13:20
13:47
13:54
14:00
14:45
14:50
15:04
15:13
16:20
16:24
17:09
18:25
18:26
18:32
18:36
18:38
18:44
19:05
19:38
19:56
20:03
20:21
20:30
21:08
21:14
21:34
21:38
21:45
22:01
22:26
22:40
23:15
03:41
09:36
09:59
10:16
11:26
11:40
11:55
12:20
12:36
12:51
12:57
13:17
13:21
13:27
13:29
13:37
13:54
13:56
13:58
14:07
14:19
14:28
14:29
14:41
15:21
17:03
18:21
19:36
19:36
20:02
20:07
20:08
21:29
22:56
23:14
23:49
00:06
00:49
07:27
07:33
09:03
09:08
09:30
09:45
15:10
15:30
15:55
17:35
18:16
18:45
19:07
20:38
20:46
21:05
10:39
18:06
20:28
21:22
21:38
22:02
23:00
07:51
08:25
10:54
07:16
21:17