جهينة نيوز:
ما أقصر سنوات العمر ! . تمضي الأيام كلمح البصر فلا يحس الانسان بقيمتها الا عندما يقترب من النهاية . كم يشقى وكم يتعب وكم يضحي ولكنها السنين التي لا ترحم فلا يشعر المرء الا وقد صرفها في فترات ذاق فيها اللحظات الحلوة والمرة واذا به ينتظر النهاية التي لا بد منها وهذه هي سنة الحياة . ولئن مرت السنون على الانسان في صغره وشبابه ونضجه فقد كان محط اهتمام غالبا وصاحب قرار ولكن هل هو كذلك وقد وصل الى أرذل العمر ؟ لقد علمنا ديننا وتراثنا وجوب احترام الكبير في السن والتعامل معه باحترام واهتمام ينسيه وحدته وانشغال أقرب الناس اليه عنه بسبب متطلبات الحياة في كثير من الأحيان . فالكبير بحاجة ماسة الى الحب والحنين رجلاً كان أم امرأة وما أشد ما يعانيه الانسان في هذه الفترة من العمر بعد أن فقد فعاليته ودوره المؤثر ولذلك حثنا ديننا وموروث أخلاقنا على اكرام الكبير والاهتمام به للتعويض عليه ما فقده من دور هام في هذه الحياة . وكبار السن لهم علينا حق الاحترام والاهتمام والرعاية والصفح عن الزلات والهفوات ، وقد قال (ص) : "إن من اجلال الله اكرام ذي الشيبة " . وقال أيضاً (ص) : " من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منـــا " .
فكبير السن أحوج ما يكون الى العطف والاحترام وما يفعله المرء في شبابه لكبار السن سيفعله به القدر عند كبره ان خيراً فخير وان شراً فشر ، حتى تكاد هذه أن تكون سنة .
ان من المكارم العظيمة البر والاحسان الى الضعفاء ورعاية حقوقهم وعدم جعلهم يشعرون بنقص القيمة والمقدار ومن واجب كل انسان لديه كبير في السن ان يكون له عوناً في ازالة كل ما يمكن أن يكدر عيشه ويحزنه وهذا من اهم أسباب بركة العيش .
ان كل انسان ان طال به العمر يعتريه الضعف ومن واجبنا مساعدته واحترام حاجاته وحسن معاملته بالاكرام وطيب الكلام والتودد والمحبة وان نتحمل تبعات العناية به صحياً ووضعه النفسي فهذه الفترة من العمر تستوجب منا العناية والاهتمام به دون ملل او كلل ونحرص على ان يبقى بيننا عالي القدر والاحترام وان نتحاشى رميه في دور العجزة ايا كان المبرر الى ذلك وخاصة الأب والأم ، والله سبحانه أمرنا بذلك عندما قال : " وأوصينا الانسان بوالديه ..." وكل ذلك يزيد في البركة والرزق بينما الاهمال والبعد يجزى فيه الانسان بالسوء وضنك العيش .وكل انسان لديه كبير بالسن سواء كان أباً أو أماً أو أياً كانت درجة قرابته وشاءت الظروف ان يعيش الى جواره فمن واجبه رعايته لأنه بركة خفية والكبار احوج من اطفالنا الى التدليل والاسترضاء والعاطفة والحنان والرحمة والصبر والتضحية كي يعيشوا ما بقي من عمرهم بسعادة الى أن يلقوا ربهم .
كبار السن احوج من اطفالنا الى العناية بهم والكلمات التي تجرحهم قد تذبحهم
كبار السن فقدوا الكثير من حيوية الشباب وعافية الجسد ورونق الشكل ومجد المنصب وضجيج الحياة وصخب الدنيا
كبار السن فقدوا والديهم وفقدوا كثيرا من رفقائهم فقلوبهم جريحة ونفوسهم مطوية على الكثير من الأحزان
كبار السن لم يعودوا محور البيوت وبؤرة سعادة العائلة كما كانوا من قبل
كبار السن قد يرقدون ولا ينامون يأكلون ولا يهضمون يضحكون ولا يفرحون وقد يوارون دمعاتهم تحت بسماتهم
كبار السن يؤلمهم البعد عنهم والانصراف من جوارهم والانشغال عنهم
كبار السن يحتاجون من يسمع حديثهم ويأنس لكلامهم ويبدوسعيدا بوجودهم
كبار السن اولى من الاطفال بالرعاية والحنان عليهم والاحساس بهم
كبار السن يحتاجون الى بسمة في وجوههم وكلمة جميلة تطرق مسامعهم ويدا حاتية تمتد لأفواههم وعقلاً لا يضيق برؤاهم
كبار السن لديهم فراغ يحتاج اناسا عـقلا ء لملئه
كبار السن غادر بهم قطار الحياة محطة اللذة وصاروا في قاعة انتظار الرحيل
كبار السن قريبون من الله ودعاؤهم اقرب للقبول وعلينا التقرب اليهم قبل نفاذ الرصيد
كبار السن هم الأب والأم والجد والجدة وسواهم من ذوي القرابات ممن شابت شعورهم ويبست مشاعرهم
كبار السن راحلون وقريبا وستكون بدلا عنهم فاجعلهم يعيشون اياما سعيدة حتى تكافأ بمثلها عندما يأتي دورك
فكن العوض لهم عما فقدوا وكن الربيع في خريف عمرهم وعكازهم ان رغبوا في الحركة واجعلهم يعيشون اياما سعيدة ما امكنك ذلك فذات يوم ستكون انت الكبير المسن فازرع ما تحب ان تراه وانت يوما ما قد تكون مثلهم وفي مجتمعنا لا يوجد فيه بيت فيه كبير محترم ممن حوله الا وينظر اليه باحترام . وقديماً قالوا : أمران لا يدومان في الانسان : شبابه وقوته وأمران يرفعان البلاء : الصدقة وصلة الأرحام ، وأمران يرفعان من شأن الانسان التواضع وقضاء حوائج الناس فكيف اذا كانوا أهلاً أو مقربين ؟