خاص جهينة نيوز
مع إنهيار حلف وارسو و تفكك الإتحاد السوفيتي لم تخسر روسيا فضائها الجيوسياسي فحسب و لم تخسر جيوش الدول الأعضاء في حلف وارسو و بل أيضاً خسرت 50% من قوة الجيش السوفيتي و لم يبقى لديها الا بعض الأسلحة القليلة التي لم يتمكن الناتو من الوصول الى اسرارها, و لكن خسرت أسرار هائلة من صواريخ اس-300 الى ميغ 29 و ميغ 31 و اسلحة الليزر و حتى السلاج الجيوفيزيائي و اسرار طائرات الاقلاع العامودي من طراز ياك و صواريخ اس اس 19 و غيرها الكثير لدرجة أصبح من يتوقع أن تعود روسيا دولة عظمى أصبح أقرب للأحمق.
الخسارة لم تتوقف عند الأسرار العسكرية و قوة الردع و بل وصلت الى وقف تطوير الاسلحة و إنهيار الإقتصاد و إشتعال الشيشان و بحسب المحللين الغربيين فإن حرب أفغانستان دمرت الإتحاد السوفيتي و بناء عليه فإن حرب الشيشان كان يجب أن تدمر روسيا الى الأبد و لكن ماذا حدث ..؟
وفي الجانب الآخر من العالم كانت الإدارة الأمريكية تطبع عملات بدون ذهب و تشتري بضائع العالم بأوراق لا قيمة لها و تملك دخل قومي هائل و تسيطر على التأمين حول العالم و الإعتمادات التي تعطيها أرباح من كل عملية تجارية حول العالم و الحوالات و التجارة عبر الأنترنيت و الأنترنيت نفسه و تجارة السلاح و المخدرات و بين أيديها اسرار خصومها و قوة عسكرية لا منازع لها و لكن سنوات قليلة و تنقلب الصورة رأساً على عقب و الأمريكي فجأة يكشر أنيابه تجاه أقرب حلفائه, ديونه عشرين الف مليار دولار و يرفع سياسة حلب البقرة على حلفائه و يقف عاجزاً أمام خصومه من إيران الى كوريا الديمقراطية و سورية فضلاً عن دول عظمى مثل الصين و روسيا.
و للمفارقة فإن الساسة الأمريكيين يحددون الأخطاء بدقة لأسلافهم و ثم يرتكبونها مرة ثانية لدرجة تدفع المراقب الى الإعتقاد بأن زعماء البيت الأبيض منذ العام 2003 و حتى اليوم يعملون لصالح المخابرات الروسية, فالحرب الأمريكية الكبرى التي استنزفت الاقتصاد الامريكي و هي العدوان على أفغانستان كان حرب على حلفاء واشنطن و ليس خصومها , حيث أن تنظيم القاعدة و حركة طالبان كانوا صنيعه المخابرات الأمريكية لمحاربة السوفييت و الامريكي نفسه هو من صنعهم , و حتى العراق الذي كان متوازن بين الغرب و الشرق و لكن سياسته كانت تميل الى الغرب الذي نجح بتوريطه في الحرب مع إيران و تحويله الى عائق بين سورية و إيران في الوقت الذي كانت فيه سورية تبحث عن سند استراتيجي بعد توقيع مصر لاتفاق كامب ديفيد, و عليه فإن العدوان على العراق هو عدوان أمريكي على حليف استراتيجي و ليس خصم.
و للمفارقة الساسة الأمريكيين و حتى حلفائهم يدركون الخطأ الأمريكي و ثم يعيدون الكرة و يهاجمون حلفاء أمريكا في تونس و مصر (مبارك) و ليبيا حيث أن القذافي منح إستثمار الغاز للشركات الأمريكية رغم شروطها المجحفة و قرر شراء السلاح الآوروبي عوضاً عن الروسي و أكثر من ذلك مول حملة ماكرون, و عليه فإن الأمريكي شن حروب مباشرة و حروب بالوكالة على حلفاء واشنطن, في الشرق و في امريكا اللاتينية شن حرب اقتصادية على حلفائه كالتي يشنها حالياً على دول الخليج و تركيا عبر الإبتزاز, و فضلا عن ما سبق ارتكب الامريكي حماقات لا تغفر, و قدم لروسيا ما لا يمكن أن تحلم به, و ها هي روسيا تعود الى مصر كزمن عبد الناصر و تعود الى ليبيا و أكثر من ذلك و مجاناً.
و كل ما سبق لا يعادل الجوائز الكبرى التي حصلت عليها روسيا مجاناً من الإدارة الأمريكية و على رأسها العلاقات مع الصين و مع إيران فضلاً عن مجموعه بريكس التي أصبح إقتصادها يتفوق على إقتصاد الولايات المتحدة و آوروبا معاً ليصبح لروسيا سند إقتصادي لم تحصل عليه على مدى أكثر من مئة عام مضت و تجلى ذلك جلياً في زيارة وزير الدفاع الصيني الى روسيا حين لوح بحلف عسكري مع روسيا, و هو ما يدفع للسؤال هل كان بوش نسخة عن خراتشوف و هل كان اوباما نسخة عن غورباتشوف, و هل سيكون ترامب هو يلتسن الولايات المتحدة الأمريكية, ربما فلأمريكي لم يدمر فقط الإقتصاد الأمريكي نفسه و يكبده ديون تجاوزت الـ عشرين الف مليار دولار و لكن دمر إقتصاد دول الخليج و خسر حديقته الخلفية في امريكا اللاتينية ولا يزال يخلق الأعداء حوله لدرجة أصبح السؤال المطروح الى متى فرنسا و ألمانيا تجازفان بمصالح بلديهما لأجل الأمريكي.
21:16
08:07