الأسواق الشعبية آخر تقليعاتها العاجزة.. الحكومة السورية خسرت معركتها مع "حيتان المال"!

السبت, 2 أيار 2020 الساعة 05:13 | تقارير خاصة, خاص جهينة نيوز

الأسواق الشعبية آخر تقليعاتها العاجزة.. الحكومة السورية خسرت معركتها مع

جهينة نيوز- خاص:

بات لزاماً على السوريين جميعاً التسليم بالأمر الواقع والاقتناع بأن حكومة السيد عماد خميس قد خسرت المعركة وأعلنت عجزها الكليّ عن ضبط الأسواق وتحديد الأسعار بمواجهة "حيتان المال"، وها هي ماضية في حلولها الترقيعية وقراراتها الارتجالية التي أضرّت أكثر مما نفعت المواطن المغلوب على أمره وهو يواجه أولاً تداعيات الحرب المتواصلة منذ أكثر من تسع سنوات، وثانياً الحرب التي يشنّها عليه تجار جشعون لاهمّ لديهم إلا تعظيم ثرواتهم واكتناز المال حتى لو على حساب تزايد نسبة الفقر، وبالتالي تهيئة بيئة خصبة وفتح البوابة لتداعيات اجتماعية خطيرة، من بينها الجريمة والنقمة على الواقع المزري.

بالتأكيد لن نتوقف عند مشكلات الأسعار وانفلاتها الجنوني، أو البطاقة الذكية وطريقة توزيع الخبز والغاز والمقنن التمويني، وسوء إدارة هذا الملف من قبل مختلف الوزارات، لأننا مللنا من توجيه النداءات والتوسلات التي يفسّرها السادة الوزراء في العلن وبإطلالاتهم الإعلامية وجولاتهم الخلبية بأنها مطالب مشروعة يجب تحقيقها، فيما في الواقع وتحت مظلة التنفيذ يتعاملون معها بـ"تطنيش" وازدراء، بل يتلذذون –كما يبدو- بممارسة شتى أنواع القهر مع المواطن وكأنه عدوهم الأوحد، وبهذه الممارسات يريدون التمادي أكثر في احتقاره وإذلاله، بل سنتوقف عند آخر تقليعات حكومة السيد عماد خميس العاجزة، ونعني بذلك إحداث أسواق شعبية ضمن الساحات في بعض المحافظات بهدف تعميم تجربة البيع من دون حلقات وسيطة، أي من الفلاح إلى المستهلك مباشرة، لنطرح إزاء ذلك أكثر من سؤال حول هذه التجربة، والتي نجزم أنها ليست جديدة في سورية، لكن إحداثها في هذه الأيام يتناقض مع الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي وباء كورونا، ويتعارض مع مبدأ التباعد الاجتماعي والحظر المنزلي المفروض عالمياً للوقاية من المرض.

قبل شهرين أو أكثر، وقبل اشتداد موجة الغلاء، ورغبة الحكومة في مواجهته وإيجاد حلّ عملي له، وجّهت رئاسة مجلس الوزراء بتخصيص أماكن في المدن والبلدات وكافة الوحدات الإدارية، لإقامة أسواق شعبية خاصة ببيع منتجات الفلاحين والمنتجين إلى المستهلكين مباشرةً دون حلقات وساطة، حيث أوضحت اللجنة الاقتصادية يومها أنه تقرر تخصيص هذه الأماكن على أن تتألف هذه الأسواق من قسمين، يضم الأول تشكيلة من الخضراوات والفواكه، بينما يضم القسم الثاني المواد التموينية والاستهلاكية. وجاء في القرار أن يقوم رؤساء مجالس الوحدات الإدارية ومدراء المناطق والمدن بتأمين مستلزمات هذه الساحات والأسواق مع التسهيلات اللازمة للفلاحين والمنتجين، بهدف عرض منتجاتهم فيها بما يحقق فكرة وصول المنتجات من المنتج إلى المستهلك مباشرة.

وكانت محافظة دمشق، على سبيل المثال، أعلنت قبل أشهر أنه سيتم افتتاح أول سوق بسطات بعد اختيار تصميم له، حيث حددت 9 مناطق من أجل إقامة هذه الأسواق، وشملت المناطق الزاهرة والقنوات والميدان وساروجة وركن الدين ونهر عيشة وأوتوستراد درعا. ومؤخراً اختصرت المحافظة قرارها بتخصيص وتجهيز ساحتين فقط في الزبلطاني وابن النفيس!!.

يعلم الجميع أن بيع المنتجات، وخاصة المواد الأساسية، يمرّ بحلقات وساطة عدة قبل وصوله إلى المستهلك، منها بائع الجملة وبائع المفرق، وكل وسيط يضيف هامش ربح لنفسه، ما يرفع التكلفة النهائية على المستهلك، ويبقى المنتج أو الفلاح الحلقة الأضعف، وعلى هذا نسأل: هل قرار الفريق الحكومي الأخير بالتوجّه إلى الأسواق الشعبية يعني خسران معركته مع حيتان المال والمتاجرين بقوت الشعب الضائع بين سراديب القرارات الارتجالية، وبالتالي إعلان العجز والإفلاس والنأي بالنفس عن محاسبة هؤلاء الحيتان وفضح ممارساتهم الظالمة ومضيهم بجريمة التحكم بالأسعار، ومن ثم هل من مهمات الفلاح أن يجني المحصول ويتكبد عناء توضيبه ونقله إلى الأسواق وصولاً إلى بيعه للمستهلك، أم أن على الجهات الحكومية مسؤولية إيجاد بدائل للحلقات الوسيطة بإشرافها وتحت رقابتها، وتسهيل إيصال المواد والسلع إلى المواطن بأسعارها الحقيقية؟.

على أن السؤال الموجع أكثر مع هذه القرارات العشوائية: كم سينفق المواطن المغلوب على أمره من الجهد والوقت حتى يصل إلى ساحة السوق الشعبية، فهل سيأتي مثلاً أبناء حي المزة أو كفر سوسة أو البرامكة إلى ساحة الزبلطاني أو ابن النفيس من أجل كيلو بندورة ومثله باذنجان أو كوسا أو ليمون، أم أن على وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وباقي دوائرها أن تفكر بجدية وتكون صادقة في تأمين الاحتياجات الضرورية، وإحداث منافذ بيع وأسواق (مراقبة ومضبوطة الأسعار) في كل حيّ بما يخفف الازدحام على المواطنين ويريحهم من عبء التنقل والابتعاد عن أماكن سكنهم أو تواجدهم؟!.

أخيراً.. ونحن لسان حال كل مواطن سوري يواجه هذه المعاناة بصبر وألم نقول: كفانا حلولاً وقرارات عاجزة، لا يمكن بعد اليوم القبول بمثل هذه الحلول الترقيعية أو المعالجات الآنية التي تزيد من مشكلاتنا وتفاقم معاناتنا، وفي الوقت نفسه لن يقبل السوريون الذين صمدوا طوال سنوات الحرب الماضية وقدموا تضحيات جسيمة أن تكون لديهم حكومة عاجزة فشلت وخسرت معركتها مع حيتان المال، وما زالت تغرق وتغرق في قراراتها الارتجالية، وتصمت عن تهريب قوت الشعب إلى خارج الحدود أمام ناظريه، وتتوارى أمام سؤال يؤرق السوريين جميعاً: إلى أين ستمضون بالبلاد العاجزين في الدفاع عن قوت ولقمة مواطنيها؟؟!!.


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 جوزيف الاسمر
    3/5/2020
    08:34
    لعل حكومة ما بعد خميس تربح هالمعركة...
    سيضحك خميس كما ضحك الحلقي كما ضحك حجاب...وكل واحد سيقارن نفسه بالآخر بالقول "شو جاب لجاب"...!...مجلس مضحكة يستقر معظم أعضائه بعد الهجوم الأخير للإعلام، في دبي...ولا شك سيكون لديهم جوازات مناعة لتخطّي حواجز و"استراحات" كورونا...

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا