وفد منظمة التحرير الفلسطينية في دمشق... رأي في ما استجد وما استحق!

الجمعة, 7 كانون الثاني 2022 الساعة 18:31 | تقارير خاصة, خاص جهينة نيوز

 وفد منظمة التحرير الفلسطينية في دمشق...   رأي في ما استجد وما استحق!

جهينة نيوز- هانيبال خليل

لعل الزيارات التي تنظمها السلطة الفلسطينية –وباسم منظمة التحرير الفلسطينية غالباً- إلى دمشق، هي زيارات تعد على الأصابع منذ تنفيذ الشق "الفتحاوي" في المنظمة لبعض بنود اتفاق "أوسلو" والالتحاق بمدينة "رام الله" كمركز للسلطة الفلسطينية، يجمع تحت رايته وضمن مؤسساته السياسية والمدنية والأمنية كوادر حركة فتح –تحديداً- والتي حازت-ليس جميعها طبعاً- على موافقة طرفيْ "أوسلو" الفلسطيني والاسرائيلي –معاً- للانتقال إلى "رام الله"، وذلك ضمن واقع جديد لـ "حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح"، بعد قرابة ثلاثين عاماً من انطلاقة الثورة الفلسطينية وطوافها خلال تلك الفترة في جل العواصم العربية والدولية والإقامة فيها كثورة، لتحط رحالها في "رام الله" عاصمة العمل "الفتحاوي" الجديد، ضمن حالة معقدة من وضع يسيطر الاحتلال الاسرائيلي على جل تفاصيله ومفرداته ومفرزاته الأمنية والاقتصادية.

من "الأرض مقابل السلام" إلى "الأمن مقابل الاقتصاد"

ولا شك أن مسيرة منظمة التحرير الفلسطينية –قبل "أوسلو" 1993، وبعده بشكل جزئي- قد تميزت بعمل نضالي متميز وكفاح بطولي لأجنحة المنظمة كافةً، هذا فضلاً عن كفاح الشعب الفلسطيني المستمر داخل الأرض المحتلة وخارجها، لكن ما ميّز عمل قيادة المنظمة بعد هدوء الجبهات العسكرية وانخراطها في "العملية السلمية" -غير العادلة وغير القانونية- في الشرق الأوسط وتجاوزها لما اتفق عليه العرب بخصوص مؤتمر مدريد 1991، هو انتقالها السريع والمفاجئ -وعلى مراحل متعددة ومتسارعة- من مبدأ "الأرض مقابل السلام" إلى المبدأ المنحور "أرض مقتطعة مقابل السلام" –حيث لا تشمل سيطرة السلطة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية بعد "أوسلو" أكثر من 20% من مساحة فلسطين-، ثم –وبعد مبدأ "أرض مقتطعة مقابل السلام" آلت الأمور إلى المبدأ المعمول به –حتى تاريخه- وهو "الأمن لكيان الاحتلال مقابل الاقتصاد للسلطة الفلسطينية"، بما يُتَرجَم عملياً ومالياً رواتب للعاملين في السلطة الفلسطينية ومؤسساتها المُصَرَّح لها بالعمل في الأراضي الفلسطينية المشمولة باتفاق "أوسلو"، وبعثاتها الدبلوماسية وممثلياتها في الخارج.

لقاء "غانتس" "عباس" في القدس المحتلة

اختُتمت سنة 2021على مستوى عمل السلطة الفلسطينية، بزيارة الرئيس محمود عباس –وبعض مسؤولي السلطة- لوزير الحرب الصهيوني "بيني غانتس" في بيته في القدس المحتلة، وقبل الحديث عن بعض تفاصيل تلك الزيارة -التي اتّسمت بالوديّة وتبادل الهدايا- لا بد من القول إن عام 2021 كان من أسوأ الأعوام التي مرت –نسبياً- على فلسطين والسلطة الفلسطينية المقيمة في "رام الله"، وبالإمكان قراءة ذلك من خلال بعض ما حدث، ومنه ما يشير إليه تقرير لوزارة شؤون القدس التابعة للسلطة تقول فيه "إن سلطات الاحتلال صادقت خلال عام 2021 على بناء أكثر من 12 ألف وحدة استيطانية، وهدم أكثر من 177 مبنى، كما أصدرت قرارات بهدم 200 منزل في المدينة المحتلة "...

أما من جهة أخرى فتقول مؤسسات حقوقية "إن الاحتلال اعتقل خلال عام 2021 ثمانية آلاف فلسطيني، بينهم أكثر من 1300 قاصراً وطفلاً و184 امرأة... هذا فضلاً عن أعداد الشهداء والبيوت التي هُدمت والأراضي التي صودرت، وعمليات الاستيطان والتهويد –بكافة أشكاله- والتي لم تتوقف...

ومن الناحية المالية أشارت النتائج الأولية لميزان المدفوعات الفلسطيني في الربع الثالث من عام 2021 إلى استمرار عجز الحساب الجاري، والذي بلغ 316 مليون دولار...

وفوق كل ذلك –وربما استمراراً في تطبيق البنود الأمنية لاتفاق "أوسلو"- ما ذكره الاعلام الصهيوني نقلاً عن رئيس أركان الاحتلال، أن "جيشه كان يستعد لشنّ عملية أمنية واسعة في مدينة جنين قبل ثلاثة أشهر، لكنه مارس ضغوطاً على السلطة الفلسطينية لتنفّذ هي العملية.

وبالتالي فهل كانت جرائم الاحتلال الاخيرة المذكورة –ومثلها الكثير- مدرجة في برنامج اللقاء مع "غانتس"؟

روايات متضاربة تفوح منها رائحة ما سمي بـ"السلام الاقتصادي"

بالطبع ليس بوسعنا أن نعرف بدقة ما تم تناوله خلال لقاء "غانتس" "عباس" في القدس المحتلة، لكن الروايات المتضاربة قد تدعم قراءتنا للمشهد، فرواية "غانتس" تقول "إنه والرئيس عباس ناقشا قضايا أمنية ومدنية ووضعاها على المحك، مركّزيْن على الاهتمام المشترك بتعزيز التنسيق الأمني، والحفاظ على الاستقرار الأمني، ومنع الإرهاب والعنف ومواصلة الإجراءات الهادفة إلى تعزيز الثقة في المجالين الاقتصادي والمدني".

كما ذكر وزير الحرب الصهيوني "غانتس" أن "الحاجة لحماية إسرائيل ومواجهة حماس"، هما سبب لقائه بعباس، مشيراً إلى أنه أنه سيلتقي مع آخرين يمكن الحوار معهم لدعم الاستقرار والأمن ومصالح إسرائيل، وأن ذلك "مصلحة للفلسطينيين أيضاً، لأن الهدوء يدعم الاقتصاد ويوفر مستقبلا أفضل" –حسب "غانتس"-...

وقد تحدّث بعض الاعلام الصهيوني عمّا سيقدّمه "غانتس" للرئيس عباس بموجب اللقاء، وهو "نحو 30 مليون دولار كمدفوعات ضريبية، وتحديث بيانات 6000 فلسطيني من الضفة الغربية و3500 من قطاع غزة، لأسباب إنسانية -أي تجديد هويات الاحتلال التي تسمح لهم بالدخول والخروج- و600 تصريح لرجال الأعمال الفلسطينيين، بالإضافة إلى 500 تصريح لدخول الكيان المحتل بالسيارة، وعشرات من بطاقات الـ"VIP" لمسؤولين في السلطة الفلسطينية".

وكان وزير خارجية الاحتلال "يائير لبيد" قد غرّد عن لقاء "غانتس" "عباس" قائلاً "إن الاجتماع مهم لأمن إسرائيل ومكانتها الدولية".

أما الصحافي الصهيوني في جريدة "يديعوت أحرونوت""بن دروريميني"، فتحدث عن لقاء "غانتس" "عباس" قائلاً "لا يوجد شريك فلسطيني للمفاوضات السياسية وللسلام، لكن يوجد شريك للتعاون الاقتصادي والتنسيق الأمني"...

من جهته غرّد الناطق باسم الخارجية الأميركية "نيد برايس" معلّقاً على لقاء "غانتس" "عباس "قائلاً "إن بلاده سعيدة جداً، وتأمل أن تؤدي إجراءات بناء الثقة التي نوقشت إلى تسريع الزخم لزيادة تعزيز الحرية والأمن والازدهار للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء في 2022".

ومن الجانب الفلسطيني، وتعليقاً على لقائه بـ "غانتس" صرح الرئيس محمود عباس أنه "سيواصل مكافحة العنف بلا هوادة ومنع تدهور الأوضاع، لكن بشرط أن تقوم إسرائيل من جانبها بلجم المستوطنين"، محذّراً من أن "استمرار اقتحامهم للمسجد الأقصى قد يفجّر الأوضاع"...

أما الرواية التي قدّمها وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية "حسين الشيخ"، فتلخّصت في أن اجتماع "غانتس" "عباس" تناول "أهمية خلق أفق سياسي يؤدي إلى حل سياسي وفق قرارات الشرعية الدولية، وكذلك الأوضاع الميدانية المتوترة بسبب ممارسات المستوطنين، والعديد من القضايا الأمنية والاقتصادية والإنسانية".

"لاءات" الأفق السياسي

وبرأينا فإن الحديث عن "أفق سياسي" كان حديثاً خارج اللقاء المذكور في ظل طغيان القضايا الأمنية التي تشكل هاجساً لكيان الاحتلال وعاملاً مسرِّعاً لتوقيع اتفاق "أوسلو" قبل قرابة ثلاثين عاماً، بما يعد "الأفق السياسي" الممكن منحه من قبل الاحتلال للسلطة الفلسطينية، فالاحتلال يريد ضمان الهدوء في الضفة خشية اشتعالها مجدداً، وذلك مقابل تأمين الدعم المالي الاميركي والاوروبي والعربي، ومن ناحية أخرى فـ "لاءات" رئيس حكومة العدو "بينيت" أكملت مسيرة "لاءات" سلفه "بنيامين نتنياهو": حيث لا لحل سياسي يطمح إليه الرئيس عباس منذ قرابة ثمانية عشر عاماً، يتجسد في "دولة فلسطينية" أياً كانت، ولا لوقف الاستيطان ولا لوقف التهويد...

حقيقة "السلام" الجديد

يتبنى رئيس حكومة العدو "بينيت" –ومعه كل ساسة الكيان- مشروع ما يسمى "السلام الاقتصادي" الذي يلغي قضايا السياسة والحلول، التي كانت تستند إلى ثوابت "مدريد" و"المبادرة العربية"، وينعش مواضيع ما سمي "الهدوء والاستثمار"، في الوقت الذي تنتشر فيه جائحة التطبيع العربي مع كيان العدو، طبعاً، وصولاً إلى هدف تصفية القضية الفلسطينية عبر مشاريع لم تتحقق بعد، مثل مشروع "الوطن البديل" الذي يربط الضفة الغربية كسكان مع الأردن، ومشاريع أخرى تحقق جزء منها مثل فتح حدود اللجوء الجديد للفلسطينيين ووضعهم عالمياً ضمن لوائح "بلا وطن" مع العديد من الجنسيات التي حصلوا وسيحصلون عليها في بلدان اللجوء الجديدة، ولعل ذلك كان من ضمن أقصى ما تمناه ويتمناه كيان الاحتلال لتصفية القضية الفلسطينية والاجهاز على حق العودة لملايين الفلسطينيين إلى أراضيهم المحتلة عام 1948، ومنهم الرئيس محمود عباس.

"ترامب" نفّذ و"بايدن" دعم

وتعود تلك التطورات البارزة والمؤسفة على مسيرة القضية الفلسطينية، إلى الكثير من الخطوات الجديدة التي نفّذها الرئيس الأميركي السابق "دونالد ترامب" وفريقه –وأشهرهم صهره "كوشنر"- وذلك بما طُرح على الأرض من "صفقة القرن" واعتبار القدس المحتلة عاصمة أبدية للكيان المحتل، ومحاولة تعميم خرافة التوراة المسماة بـ "الوعد الإلهي" على العرب، وفرض بدعة ما سمي بـ "الديانة الابراهيمية" بزعامة يهودية في المنطقة، واتفاقيات التطبيع، الأمر الذي أزاح عن كاهل الولايات المتحدة كل ضماناتها للعرب والفلسطينيين ونقاشاتها القديمة معهم حول حل سياسي للقضية الفلسطينية، سواء بالشروط العربية والفلسطينية، أو بالشروط الاسرائيلية... وكانت تغريدة "الحرية والأمن والازدهار للفلسطينيين والإسرائيليين" للناطق باسم الخارجية الاميركية "نيد برايس" –تعليقاً على لقاء "غانتس" "عباس"- بمثابة التوقيع الأميركي الجديد على مصلحة الكيان الاسرائيلي، دون أية التفاتة من قبل الناطق المذكور إلى مبدأ "الحل السياسي"، أو الحقوق التي شرّعتها الأمم المتحدة للفلسطينيين –على الأقل-... أما "الازدهار" المزعوم للفلسطينيين فهو ليس إلا تأمين رواتبهم وامتيازاتهم –كمسؤولين وموظفين في السلطة- وسد رمقهم بأي شيء يحصلون عليه –داخل الأرض المحتلة وخارجها- كشعب مضيَّع ومكبّل ومشرّد بلا وطن ولا غطاء سياسي، لا أكثر.

خاتمة: وفد منظمة التحرير في دمشق و"عبوة زيت الزيتون"!

لا نعرف ما الذي سيقوله وفد منظمة التحرير الزائر لدمشق هذه الأيام بعد هذه المستجدات، غير الذي أُذيع عبر وسائل الاعلام، لكننا ننصحه بالاطلاع في دمشق عن كثب على حقيقة ما سماه الاعلام الصهيوني بـ "الطقس الاحتفالي الذي له دلالاته"، والمتمثل بعبوة زيت الزيتون "الاسرائيلي" التي قيل إن "غانتس" أهداها للرئيس عباس خلال اللقاء في القدس المحتلة، فهذا "الطقس الاحتفالي ذو الدلالات"، إنما هو طقس فلسطيني الأصل كنعاني الجذور، ومسروق من الفلسطينيين –مع ما سرق من تراثهم- ذلك أن استخراج زيت الزيتون هو صناعة كنعانية قديمة بدليل انتشار المعاصر الحجرية الكنعانية في فلسطين المحتلة، وبدليل اعتراف كتاب التوراة –كتاب "غانتس" الديني- بذلك وإقراره بأن "بني إسرائيل" لم يتوصلوا إلى "صناعة زيت زيتون إسرائيلية"، يتحدث عنها المزوّرون من الباحثين التوراتيين والصهاينة، وإنما لجأوا –حسب التوراة- إلى "دوس الزيتون بالأرجل" لاستخراج كميات بسيطة لأغراض المسح به، تختلف عن كميات زيت الزيتون الفلسطيني الكنعاني التي كانت تًصدّر –كمنتجات صناعية غذائية- إلى أنحاء الشرق القديم...أما "دوس الزيتون بالأرجل"، فتطور من التوراة إلى الوقت الحاضر، بدوس الصهاينة على كل الحقوق العربية في المنطقة، وعلى الرئيس عباس إعادة عبوة الزيت إلى "غانتس"، فيما لو أخذها فعلاً، بعد شرح مفصّل، وبعد اطلاع وفد المنظمة على حقيقة زيت الزيتون في دمشق، وذلك دعماً لموقف الرئيس عباس بعد لقاء "غانتس"، ورأباً للصدع الذي أحدثه هذا اللقاء بين الشعب الفلسطيني وقيادته.


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 محمد محمد
    11/1/2022
    22:04
    يجب الحذر من القادمين من عمّان وعبر عمّان!
    لا أعتقد ان سورية مضطرة لاستقبال أمثال جبريل رجوب...
  2. 2 نزيه العاقل
    13/1/2022
    14:07
    لا مكان للمنظمة مع الشعب الفلسطيني بعد الآن
    فالقضية بالنسبة إلى هؤلاء لم تعد أكثر من تأمين ملايين الدولارات لمسؤولي المنظمة وموظفيها...مقابل الاملاءات الأمنية لكيان العدو عليهم...

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا