جهينة نيوز-خاص
كما كان متوقعاً، حطّت البطاقة الذكية رحالها أخيراً في جيوب شبه فارغة إلا من بعض قصاصات النقود الجديدة التي لا يستطيع حاملها شراء ما يُأكل أو يُغني عن جوع...فالتلميحات القديمة الجديدة باستبعاد مواطنين من موضوع الدعم، أضحت حقيقةً مؤسفة، ليس لأولئك الذين لا ينتظرون الدعم، بل لأولئك الذين يستحقونه وأخطأ الفريق الحكومي -المكوّن من أعضاء وزارتين وشركة كبيرة- في استبعادهم، نتيجة خلل في المعلومات –حسب وزير التجارة الداخلية-، ونتيجةً لفشل في عملية الدعم بأكملها، بما فيها البطاقة المسماة "ذكية"، حسب الواقع المسجل حتى تاريخه...ذلك أن ابتداع حلول تقنية وإلكترونية في عصر التقدم التكنولوجي، إنما ابتُكر -أصلاً- في العالم ليكون سيد الحلول لكبرى المشاكل، لكنه –مع الأسف الشديد- كان لدينا أسوأ الحلول لصغرى المشاكل.
آلاف الشكاوى ملأت أمس صناديق الوزارات المعنية لمواطنين استبدّ بهم الواقع المعيشي، ليشكوا أمره للتجارة الداخلية والاتصالات والإذاعات والفضائيات المحلية، وفحوى الشكاوى هي حرمانهم من الدعم الحكومي رغم أنهم يستحقونه، فاختلط "حابل" مبررات التجارة الداخلية بـ "نابل" مسوّغات "الاتصالات"، وتُليت من قبل الشاكين المساكين من "تكامل" عدة ملاحظات تؤكد خطأ حرمانهم، فاشتبكت وتشابكت حكايات عدة في آنٍ واحد، وكأنها خيوط مجموعة من العناكب المخضرمة، تداخلت ببعضها في محاولة جماعية للنجاة من خطر ما، وعقّدت المشهد الاستهلاكي، فقذفت به إلى واجهة مشاهد المعاناة اليومية للمواطن، والمعنيين في آنٍ واحد، حيث لا شك بصدق نوايا وزير التجارة الداخلية وجهوده لصالح المستهلكين، إلا أن نبرات صوته عبر إحدى موجات الأثير الوطني أمس، أثبت وقوع الوزارة في حيرة واستغراب وتأنيب للنفس من حالة قرارٍ اتخذته دون آلية ناجعة لتنفيذه، ودون معلومات صالحة أصلاً لآلية تنفيذه، رغم الفريق التقني المدرّب المُختار من وزارتين اثنتين، هما التجارة الداخلية والاتصالات، الأمر الذي دعا الطرفين لطلب المؤازرة من وزارة الداخلية/إدارة الهجرة والجوازات، لإسعاف الموقف بالمساعدة في توفير المعلومات المطلوبة عن المواطن، المستحق وغير المستحق للدعم.
أما المفارقة المثيرة الآن فهي عودة الازدحام إلى شبابيك الهجرة والجوازات، رغم عدم وجود ورق لدفاتر الجوازات، وهنا سيختلط المشهد على من يحصي عدد الراغبين بالسفر، ليحصي معه عدد الراغبين بالبقاء، وسيكون مشهداً سريالياً بامتياز.
08:56