الإسلام السياسي.. سقوط بألف سؤال وإشارة استفهام؟!

الثلاثاء, 9 تموز 2013 الساعة 16:30 | مواقف واراء, كتبت رئيسة التحرير

الإسلام السياسي.. سقوط بألف سؤال وإشارة استفهام؟!

جهينة نيوز- بقلم فاديا جبريل:

ما إن مضت ليلة سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر ممثلاً بعزل الرئيس محمد مرسي، كنذير لانحسار موجة الإسلام السياسي التي حملت إلى كرسي دول «الربيع العربي» جماعات تبنّت الفكر الإسلامي إيديولوجيا تحكم الآخر وتحاربه وتحاصره بها، حتى امتدت موجة معاكسة من مئات الأسئلة وإشارات الاستفهام عن سر الانهيار السريع للإخوان في مصر، والسقوط المريع بعد عام فقط من مباشرة الحكم، ولماذا كانت السعودية أول المهنئين بسقوط الإخوان، والمباركين للخطوة التي قام بها الجيش المصري؟!.

إن معاينة أسباب ما حصل خلال الأيام الأخيرة التي سبقت تحركات (ثورة 30 يونيو) تستدعي باعتقادنا قراءة متأنية لا تغفل الوضع الداخلي لمصر، وفي الوقت ذاته لا تقفز عن الوضع الإقليمي والدولي وتحولاته التي تزامنت مع صعود موجة الإخوان وما تحمله من دلالات ومعان سياسية، ولاسيما أنها كانت محمولة على كذبة «الربيع العربي» التي سوّقها الإعلام الغربي وتابعه الإعلام العربي المأجور أيما تسويق، ومرفقة بأسئلة عن الهدف من دفع الإخوان لتولي السلطة والحكم في مصر كأول تجربة لهم في التاريخ المعاصر!!

فالوضع الداخلي في مصر خلال العام المنصرم، أثبت أن التجربة الإخوانية فشلت فشلاً ذريعاً في استيعاب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للشعب المصري، فضلاً عن عقم هذه الجماعة «المتحجّرة» وقصورها ومحدودية رؤيتها وقدرتها على إدارة البلاد، ولعلّ العامل الأساس في رفض المصريين لحكمهم هو افتضاح سياستهم بأن الإسلام لا يعدو أن يكون لديهم ولدى مؤيديهم محلياً وعربياً إلا جسر عبور ومركباً مؤقتاً للوصول إلى السلطة، حتى لو اقتضى ذلك تحريف الدين وتفسير آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة بما يتناسب مع أهوائهم وغاياتهم ورغباتهم في السيطرة على مفاصل الدولة واستثمار مقدراتها وأخونة مؤسّساتها وإداراتها، إضافة إلى إقصاء بقية الأحزاب والحركات والقوى السياسية الأخرى وإلغاء دورها الحيوي، والتعدي على الحريات العامة والخاصة، وإصدار فتاوى تتناقض وطبيعة المجتمع المصري، ومن ذلك دعوة «الجهاد» في سورية التي أطلقها شخصياً الرئيس المعزول محمد مرسي.

لقد استيقظ الشعب المصري بعد عام كامل من التزوير والتضليل على سلوك إخواني لم يسئ إلى مصر وحدها، بل أساء إلى صورة العروبة وصورة الإسلام الحنيف وشوّه معانيه السامية ورسالته النبيلة، بدافع تعميم الفكر والإيديولوجيا الإخوانية، التي ظهرت في أوضح تجلياتها بخطاب التهنئة الذي وجهه إسماعيل هنية رئيس حكومة حماس المقالة في غزة ليلة تنصيب محمد مرسي رئيساً لمصر، حيث لم يتوانَ هنية في استهانة بالعقول وبالقرآن الكريم عن تشبيه مرسي بالنبي يوسف، قائلاً: (ما أعجب أمر سجون مصر، دخلها يوسف عليه السلام وسجن فيها فخرج عزيزاً لمصر وسيداً فيها وملكاً عليها، ودخلها مرسي وسجن فيها ثم خرج لمصر رئيساً وعزيزاً فيها)!!.

وبالمستوى ذاته تأتي فتوى «مفتي الناتو» يوسف القرضاوي بحرمة الخروج عن مرسي، لأنه حسب مزاعمه منتخب بشكل شرعي وهو «رجل صائم قائم يخاف الله»!!، فيما يبيح القرضاوي لنفسه التحريض والدعوة لاقتتال السوريين ومدّ العصابات الإجرامية بالسلاح والاستعانة بالأمريكي، حليف وسيد الإخوان في المنطقة.

إن الممارسات الداخلية التي لجأ إليها الإخوان دفعت الأغلبية العظمى من المصريين لمراجعة تاريخ هؤلاء المتأسلمين والبحث في ثقافتهم وأهدافهم، فلم يجدوا إلا الإرهاب وقمع الآخر وتكفيره، ولعلّ ما فعلوه في سورية بداية الثمانينيات وتالياً في الجزائر عندما فشلوا في الوصول إلى الحكم، يؤكد أن ثقافتهم الدموية ومذابحهم التي لم يسلم منها طفل أو شيخ أو امرأة، إنما تقوم على نزعة الانتقام وإباحة قتل وهدر دماء من يخالفهم!!.

إذاً لقد انتفض الشعب المصري على من حوّل قاهرة المعز من دار للقرار العربي والوحدة العربية إلى وكر للموساد و«السي آي إيه» لتعيث فساداً وتخريباً وزرعاً للفتنة والحقد والكراهية بين أبناء الشعب الواحد والدين الواحد، فهل تستوي القاهرة التي واجهت عدوان 1956 مع القاهرة التي ترسل التكفيريين والقتلة والمجرمين إلى سورية بذريعة «الجهاد»، وهل تستوي القاهرة التي حارب جيشها في حرب تشرين 1973 ضد «إسرائيل» مع القاهرة التي حرفت البوصلة من مواجهة الصهاينة إلى اعتبار سورية «هي العدو»؟!.

أما على الصعيد الإقليمي والدولي، فقد أثارت مباركة العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز للرئيس المصري المؤقت عدلي منصور إشارة استفهام كبيرة، ولاسيما أن السعودية كانت ومازالت من أكبر الدول التي غذّت الحركات الإسلامية المتشدّدة في المنطقة سراً وعلانية، ولعلّ ما يثير الدهشة أكثر هو ردة فعل قناة «العربية» وهي تعرض فيديو يوضح إرهاب الإخوان المسلمين في مصر، إذ يقوم بعضهم بإلقاء معارضيهم من أسطح أحد الأبنية، وكأنها ترى هذا المشهد أول مرة أو أنها ليست طرفاً في تأجيج الإرهاب ودعمه.

وهنا لا يغيب عن الذهن سعي الإخوان المسلمين لزعزعة استقرار دول منطقة الخليج العربي، ما يشكل تهديداً استراتيجياً للمصالح الأمريكية فيها. حيث يقول توماس فريدمان: «إن سبب سقوط الإخوان أنهم تصرفوا بغباء ولعبوا سياسة بطرق تآمرية، خاصة أنهم ظلّوا سنوات طويلة يعملون في الخفاء».

لقد تآمروا على الإمارات والكويت عبر خازن بيت المال الإخواني حمد بن جاسم آل ثاني، من خلال دعم خلايا إخوانية إرهابية كانت تخطّط لتفجيرات وعمليات اغتيال في الخليج، ما دعا واشنطن إلى الاستدارة بعيداً عنهم، وطي لعبة التآمر المفضوح مع عصابة آل ثاني، ونقل مراكز القرار إلى السعودية، والبحث عن بديل للإخوان المسلمين الذين أثبتوا فشلهم في مصر، وفي قيادة «مجلس اسطنبول» وتالياً «ائتلاف الدوحة» لتحقيق الأهداف الأمريكية.

إن تنبّه السعودية وبإنذار مبكر من المخابرات الأمريكية عن خطر الإخوان المسلمين، وخشية واشنطن من اضطرابات وتوترات تنتقل إلى السعودية، عجّل كثيراً في رفع الغطاء عنهم، خاصة أن السعودية تعوم على بحر متلاطم وبركان خامد من التناقضات التي لو استُفزت ستحرق مملكة آل سعود وتجرفها إلى حيث انتهى نظام الإخوان المسلمين، وهذا ليس من مصلحة الأمريكيين الذي يبحثون في الوقت الراهن عن كل ما يحمي استقرار المملكة المرتبط بالأمن القومي الأمريكي.

يقول بروس ريدل المساعد الخاص للرئيس أوباما: (إن التغيير الثوري في المملكة سيكون كارثة على المصالح الأمريكية في جميع المجالات، فهو يمثل انتكاسة شديدة لموقف الولايات المتحدة في المنطقة)، وفي هذا دليل على أن التحديات والصراعات الأمريكية يهمها فقط الحفاظ على مصالحها في ظل الأزمات الكبرى والأوضاع الاجتماعية السياسية والاقتصادية المتقلبة في المنطقة.

وبناءً على ما سبق يمكن القول: إنه وفي ظل تلك المؤشرات القوية والخطرة لاحتمال دخول المملكة في أتون التغيير، عملت الولايات المتحدة على احتواء إرهاصات التغيير والإمساك بخيوطه، وتجلّى ذلك في كشف الغطاء عن الإخوان (المتأسلمين)، وإتاحة المجال للشعوب الغاضبة لسحقهم، مقابل إبراز الدور السعودي الذي دعم بقوة عملية الإطاحة بمرسي، على أن يكون السلفيون الذين ينضوون تحت الخيمة السعودية هم البديل الحتمي لواشنطن، وهنا سيستوقفنا سر انضمام حزب النور السلفي لثورة 30 يونيو ضد الإخوان المسلمين!!.

وفي الحقل الدولي أيضاً يمكن الإشارة إلى تقرير للمخابرات الأمريكية، كُشف عنه مؤخراً، يحذّر فيه أوباما من أن سقوط الإخوان بات مؤكداً، داعياً إلى «البحث عن البديل» فكان البديل هم السلفيون، في استنساخ تجربة يبدو أن الغرب هذه المرة سيدفع ثمنها غالياً، وهو الصانع والداعم للحركات الأصولية المتشدّدة.

إن ما حدث في مصر من عزل للإخوان، وظهور مفهوم سقوط الإسلام السياسي، يستلزم من القارئ الحصيف وضع ألف إشارة استفهام ولاسيما أن بعض الأوراق قد اختلطت بشكل غريب جداً بعد استدارة الولايات المتحدة وتغيير سياستها تجاه سورية، ولجوئها إلى دفع تميم إلى الحكم بدلاً من أبيه حمد بن خليفة آل ثاني، ونقل بعض الملفات الإقليمية إلى المظلة السعودية، وهذه ألاعيب يتقنها الأمريكي جيداً ويستطيع تغيير قواعدها بما يلبي مصالحه، ونجزم أنه من المبكر الحكم على ما جرى والغبطة بنجاحه، فمجسات وأذرع «السي آي إيه» ما زالت حتى اللحظة تنتقل من القاهرة إلى الرياض وبالعكس تاركة خلفها ألف سؤال وسؤال!!.

عن صحيفة تشرين

أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 أبن البلد
    9/7/2013
    17:38
    الأخطبوط الأمريكي وأذرعه
    عشرات المواضيع التي تطرقت الكاتبة الكريمة أردت التعليق عليها ... ولكن آخر ثلاثة أسطر كانت خلاصة وصف الوضع الأمريكي في الشرق الأوسط ... علينا بالفعل أن لانحكم على مايجري بالغبطة لنجاحه بل يجب أن نحذر ونكون دائماً على أستعداد لحركات أذرع الأخطبوط الأمريكي

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا