يحكى أنّ في مدينة عمان - منطقة المقابلين – يوجد سوبر ماركت ناجح جدا،تداورت عليه قيادات ناجحة جدا،وعملت على جعله منارا لأقرانه،واستمر الحال ما بين تميز ونجاح وإبداع،الى ان جاءت قيادات أحالت النجاح الى فشل،والبناء الى هدم،والإبداع الى قتل،حتى بات هذا الصرح مكسور الخاطر،وخاسر عاجز،لا يحتوي على بضاعة تلبي حاجيات ورغبات الزبائن،بعدما تم بيعها بثمن بخس،إلا انه وحفظا لماء الوجه يحتفظ ببعض المعروضات،ذلك لتستر عورته أمام الزبائن الذين يزورونه،فقط من اجل المجاملة والوفاء للعهد،هذا العجز جاء بسبب سوء الإدارة التي تفرض شخصيتها،ولا تستفيد من تجارب الآخرين بناء على المثل القائل "الشقي من يتعظ بنفسه والسعيد من يتعظ بالآخرين"هذه ببساطة قصة تلفزيوننا الأردني اليوم،الذي أصيب بشي من العقم المزمن،بحجه عدم وجود الدعم والميزانية الكافية.
عندما تم افتتاح التلفزيون الأردني من قبل الملك الراحل الحسين بن طلال رحمه الله،كان الهدف تسويق أفكار الأردن،ومن ثم جعله محجاً للموهوبين من أبناءه وأبناء أشقاء العروبة،وبالفعل جرت الأفكار بما اشتهت القيادة الهاشمية آنذاك وتهوى،وكان التلفزيون الأردني وبدأت القصة .
خرج التلفزيون كوادر أضاءت سماءنا العربي بل وأضحت مضربا للمهنية،واستمر هذا الحال الى ان سقطت عليه"بالبرشوت"قيادات عملت على ضرب أساساته وقواعده،فأحالته على الهامش،بحجة غياب الدعم.
يجمع القاصي والداني،والعالم والجاهل على ان النجاح لا يعتمد بشكل أساسي على المال،وإنما على الكوادر المدربة والمثقفة وهذه يغص بها تلفزيوننا الوطني بكثرة، إلا ان قتل هذه الكوادر أصاب العاملين فيه بشي من الفزع فمنهم من رضي بالأمر الواقع فسكت واستكان خوفا من قطع رزقه،ومنهم من فضل التغريد خارج سربه فهاجر وموهبته الى الفضائيات العربية،
وفئة يتم قتلها في اليوم ألف مره ومره من خلال نقلها من مكانها الى مكان لا يتوافق وموهبتها وإبقاءها على قائمة التعذيب ووأدها مع سبق إصرار وترصد،على يد كل إدارة جديدة تهدم انجاز ضرتها السابقة.
المشكل في تلفزيوننا الوطني الأردني الذي نعشق عشقنا لترابنا الطاهر تكمن في العقول،لا في الأموال،هذا بحد ذاته مشكل مستعصية لابد من الوقوف مطولاً عند حدودها بغيه إيجاد حل ينتشله من أخاديد إدارات الأبراج العاجية التي أوقعته فيها.
الخلل في العقول التي تفرض شخصياتها الفردانية السلطوية،التي تفكر في بروج عاجية بعيدة عن الرأي العام وبعيدة عن الحاجات المجتمعية التي تعتمل في الداخل الأردني وتحتاج الى تسليط الضوء عليها،وبحاجه الى رجال وأفكار يسايرون واقع المجتمع الأردني المثقف جدا والذي يعلم بالتفاصيل كل شي يدور حوله،بحاجه الى عقول تستشير محيطها الوظيفي لا تنقلب عليه وفق وصفات شخصية فترفع من تشاء وتذل من تشاء.
الخلل لا يكمن في الكوادر التي أفنت زهيرات شبابها في ميادينه التي تم الاحتفاظ بها في صندوق التلفزيون الأردني كما الأرشيف – الذي سرقته المحطات الفضائية لا نعلم كيف ولما ولماذا – حتى تأتي اخرى وتستقطبهم في وضح النهار كما إخوانهم السابقين . بل في الإدارات المتلاحقة التي استلمت زمام الإفشال وعملت على زراعة وصفاتها المشبوهة وسقتها بماء مستنقعاتها الاسنه.
الفشل اليوم له طعم أخر ولون أخر ونكهة اخرى وعنوان بالبنط العريض أخر خطه قلم صالح القلاب الذي زمر وطبل له حينما استلم المسؤولية كونه كان في نظر البعض حاملا للوصفة السحرية التي ستنتشل تلفزيوننا من حفرته التي وقع فيها،بناء على تجربته اليتيمة في قناة العربية متناسين ان التجارب لا تنقل .
لقد قلب القلاب إعلامنا وتلفزيوننا الأردني رأساً على عقب بحجة التطوير والاصلاح والتغيير،من خلال تجميده لعدد كبير من مقدمي الإخبار بسبب عدم صلاحيتهم وانتهاء أعمارهم الافتراضية،هذا التصرف يحيلنا الى السؤال التالي : ان كانوا لا يصلحون يا ترى من جلبهم الى التلفزيون وأسلمهم نشرات الإخبار؟؟!! سؤال برسم الإجابة نضعه الى طاولة القلاب ونتمنى ان نلقى جواب عليه يوما ما .
أليس من المؤسف ان يتم تجميد عدد كبير من مبدعي التلفزيون والابقاء على أصحاب الأجندة الشخصية في نشرات الإخبار،وعلى أصحاب الالفاظ البذيئة.
إلا يعلم السيد القلاب ان الإعلام الحق لا يقول بعدم وجود صوت او تقديم سلبي بل يقول بعدم وجود إدارة حق تستطيع الاستفادة من هؤلاء في المكان والزمان المناسبين،هل يستطيع ان يقول لنا السيد القلاب من هو الأفضل يا ترى حسن الكردي ام تلك المذيعة التي تتلفظ بألفاظ نابية سوقية من نوعية"يفضح عرضك" وعلى الهواء مباشرة،دون مراعاة لتاريخ هذا الصرح الهاشمي،ولشعور أبناء وبنات وطننا الغالي،هل يستطيع ان يقول لنا من هو الأفضل.
الى متى هذا الاستهتار بمبدعينا من قبل أصحاب النظرة الفوقية والآراء الشخصية والوصفات الانقلابية الجاهزة،الى متى يستمر تلفزيوننا الأردني دون سياسة عامة ومدونة سلوك أخلاقية تحكم القائمين عليه قبل ان تحكم موظفيه،تحكمه ولا تبقيه بيد إدارات تمتهن الفصل والتجميد وبناء الرفوف على بناء البرامج وقتل الواهب لا البحث عنها.
الى متى يستمر تلفزيوننا الأردني في هذا الدرب الشائك،الذي قاد جمهوره الى تطليق شاشته طلاقا بائنا بينونة كبرى لا رجعه فيه،الى متى ...الى متى ... الى متى سؤال نضعه على طاولة السيد القلاب ونتمنى ان نجد الإجابة عليه(....) الله يرحمنا برحمته ... وسلام على أردننا الهاشمي ورحمته من الله وبركة.