خاص جهينة نيوز – كفاح نصر
مقدمة للتذكير لا بد منها ..
كلمة نابوكو (نبوخذ نصر) و هي اسم مقطوعة موسيقية تحاكي ما سمي السبي البابلي لليهود في العراق ابان حكم نبوخذ نصر و تحولت في العام 2002 في تركيا و بضيافة أردوغان الى مشروع خط غاز هدفه منع تصدير الغاز الروسي الى آوروبا و الهدف الرئيسي اضعاف روسيا للسيطرة على ثروات القطب الشمالي و الوصول الى ثروات بحر قزوين حيث يمكن تهديد الامن القومي الروسي و كان مقدمة تدمير العراق في العام 2003 (بلاد نبوخذ نصر) لاجل نابوكو و قبله أفغانستان في ذات العام لاجل خط غاز من تركمانستان الى باكستان و الهند من بحر قزوين, ليكون توقيع عقد خط غاز نابوكو بمثابة إعلان حرب عالمية تستهدف روسيا.
في العام 2006 كان العدوان على لبنان و سقط خط غاز شرق المتوسط جزئياً و منع حزب الله الاحتلال من السيطرة على غاز جنوب لبنان ولايزال, و في العام 2014 تدخلت روسيا في سورية و سقط خط غاز شرق المتوسط نهائياً و تم منع إكماله من حيفا المحتلة الى جيهان التركي, و في العام 2009 كانت الحرب الجورجية و سقط الجزء الاسيوي من خط نابوكو, و في 2011 هزم الامريكي في العراق و سقط جناح الغاز لنابوكو , ولاحقاً تم القضاء على داعش بشكل نهائي و النصرة بشكل جزئي في سورية و سقط نابوكو , و مؤخراً و من تركيا نفسها (حيث اعلن عن نابوكو) دشن بوتين خط الغاز الروسي السيل التركي معلناً الموت النهائي لخط نابوكو الذي كان السبب في مقتل ما يزيد عن خمس ملايين مدني في المنطقة و لتصبح روسيا خارج الحرب القائمة في المنطقة و تتحول الحرب بين خط الغاز الاسلامي من ايران الى سوريا و خط الغاز الاسرائيلي من حيفا المحتلة الى قبرص , ايران هدفها النهائي تحرير فلسطين, و كيان الاحتلال الاسرائيلي لايزال اداة امريكية هدفه منافسه الغاز الروسي في آوروبا.
حرب الغاز بين إيران والاحتلال
مع بدء الثورات الملونة في المنطقة العربية أو ما يعرف بالربيع العربي كان الحديث عن حرب الغاز نوع من (نظرية المؤامرة) التي لا يصدقها أحد و لكن من مآثر صمود سوريا أن هذه الحرب أصبحت حرب معلنة (نسمعها على لسان ترامب اسبوعياً) و إن كان يشوبها نوع من التظليل أحياناً, و كذلك من نتائج صمود سوريا هو سقوط عدد من المشاريع الامريكية و مثال ذلك خط غاز شرق المتوسط القادم من مصر و الذي كان يجب ان يمر من حيفا المحتلة الى ميناء جيهان التركي توقف ولا مستقبل لإكماله من حيفا المحتلة الى تركيا , و أصبح الحديث عن ربطه مع قبرص ضمن مشروع جديد يسمى "ايست ميد", و كذلك خط نابوكو من تركيا الى آوروبا انتهى, و في المقابل انتهى خط الغاز الروسي السيل الجنوبي و أصبح تحت مسمى السيل التركي و تم تدشينه فعلياً و بالمختصر فإن المشروع الامريكي الأكبر "نابوكو" الذي كان سيدمر المنطقة إنتهى فعلياً , واما روسيا فقد خرجت من المعركة بعد أن دشنت خط غاز السيل التركي و اصبحت الوسيط الوحيد في المنطقة و معركتها الحالية ضمن خط غاز السيل الشمالي الثاني تكاد تنتهي, فيما أصبحت المعارك المقبلة ما بين خط الغاز الاسلامي (ايران العراق سوريا ) و بين خط الغاز الاسرائيلي المستحدث "ايست ميد" الذي وقعته كل من اليونان و قبرص و كيان الاحتلال الاسرائيلي مؤخراً, فيما تشخص العيون الى الموقف المصري و التركي من هذا الخط (و كذلك القطري و الخليجي اجمالاً و حماس و روسيا), و يبقى السؤال من الذي سينجح بإيصال خط غازه الى الاتحاد الاوروبي, و السؤال الأكبر هو هل كمية الغاز المعلنة لخط الغاز الصهيوني :ايست ميد" قادرة على تلبية المتطلبات الامريكية للسيطرة على سوق الاتحاد الاوروبي لمحاربة النفوذ الروسي, أم أن هذا الخط سيتم وصله لاحقاً بغاز تركي من شرق المتوسط و خليجي وربما مصري لكي يصبح خط منافس.
نعم يبدو أن موت و نهاية خط نابوكو الامريكي من تركيا الى الاتحاد الآوروبي لم يكن نهاية حرب امداد السوق الآوروبية بـ الغاز في المنطقة بل بداية مرحلة جديدة عنوانها إمداد آوروبا بالغاز من شرق المتوسط (بعيداً عن الاراضي التركية و بدون نابوكو) عبر خط غاز "إيست ميد" من كيان الاحتلال الاسرائيلي و قبرص الى اليونان علماً أن حوض شرق البحر المتوسط و بحسب دراسة امريكية، يحتوي على 122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، و1.7 مليار برميل احتياطي من النفط و الغاز المعلن عنه يكفي احتياجات آوروبا كاملة لمدة ثلاثين عاماً و بعبارة أخرى لأكثر بكثير من 300 عام من الإمدادات كحد ادنى و لكن رغم ذلك لا يكفي لتشغيل خط وفق الشروط الامريكية لمحاربة النفوذ الروسي في آوروبا و يبقى السؤال ما هو موقف أردوغان من خط الغاز (الاسرائيلي) مع الأخذ بعين الإعتبار بأن خط الغاز الاسلامي (المشروع الايراني) هو الوحيد الذي يتصدى للخط الصهيوني, وكذلك ما هو موقف مصر و الدول الخليجية و روسيا و الفصائل الفلسطينية.
الموقف التركي
في معرض اجابته على سؤال هل ستنضم تركيا الى خط غاز ايست ميد و بلهجة قوية (تشبه لهجته عن فلسطين التي تغطي حقيقة حمايه قواته لـ لرادار كورجيك الامريكي المخصص لحماية كيان الاحتلال الاسرائيلي من الصواريخ الايرانية) قال اردوغان: "هذا الامر ليس في جدول اعمالنا" و لكنه نسي أن يضيف الى عبارته كلمة (الآن ) أو (سنفكر مستقبلاً ) لان سياسة أردوغان في المنطقة توحي بأنه و رغم هزيمة مشروع غاز نابوكو لايزال يراهن على الامريكي و أكبر دليل على ذلك هو أنه لايزال رأس الحربة الامريكية ضد سوريا و العراق و بعبارة أكثر توضيح لا يزال يقاتل ضد خط الغاز الاسلامي القادم من ايران أحد خيارات تركيا الى سوق الغاز ولازال اردوغان يقاتل ضد طريق الحرير الصيني الذي يقدم لتركيا الكثير الكثير من المزايا, اي انه و رغم كل العويل الذي يطلقه و الصوت العالي الذي يرفعه لايزال يراهن على خط الغاز الاسرائيلي و لا يزال يراهن على المشروع الامريكي في المنطقة, و لم يتعلم من درس نابوكو الذي ارهق تركيا لاجله و دمر سوريا و العراق و ليبيا و دمر الاقتصاد التركي نفسه ليخرج منه خاوي اليدين, فالسياسة التركية فعلياً متطابقة مع المشروع الامريكي في ليبيا و في سوريا و في العراق و لا تتعدى عملية تبادل الأدوار و أكثر من ذلك فإن أردوغان في سوريا قام بتهجير الاكراد من الشمال السوري و من عفرين بهدف نقلهم الى الشرق السوري (النفط السوري) و هو ما اعلنه ترامب صراحة و الهدف النهائي طبعاً هو قطع الطريق امام خط الغاز الايراني , و لم تكن عملية (نبع السلام) سوى تعبير صريح عن أن تركيا تعارض خط الغاز الايراني لصالح خط الغاز الاسرائيلي.
الموقف المصري
يبدو أن مصر و بعد تجربة حسني مبارك مع خط غاز شرق المتوسط و نابوكو أصبحت أكثر براغماتية و في موقف الحياد فهي لا تراهن على خط الغاز الاسرائيلي ولا خط الغاز الايراني بل تسعى للحصول على حصة في مجال الغاز المسال الذي لا يحتاج الى انابيب غاز, و بدأت فعلياً بتسييل الغاز الفلسطيني المسروق من قبل الاحتلال الاسرائيلي و القادم اليها في الاتجاه العكسي للجزء المنفذ من خط غاز شرق المتوسط الى مصر و لكن رغم ذلك يبقى السؤال ماذا بعد إستخراج ثروات المتوسط و بشكل خاص الحصة المصرية و هو ما لا يمكن التنبوؤ به فيما يمكن القول ان مصر تنتظر المنتصر بالحرب لتقف معه بكونها تملك خطوط غاز (خط الغاز العربي و الجزء المنفذ من خط غاز شرق المتوسط) قادرة على تغذية المنتصر في الحرب القائمة حالياً, و لذلك تحافظ على حيادها و ما يحدث في ليبيا و صحراء سيناء ليس سوى محاولات لإخراجها من الحياد و إعادة مصر كأداة أمريكية في المنطقة كما كانت فترة حكم حسني مبارك ولاحقاً محمد مرسي.
ملاحظة ختامية:
من المؤكد أن نجاح خط الغاز الاسلامي من ايران الى العراق الى سورية بالخروج الى الحياة سيعني بعبارة واحدة أن اي قصف اسرائيلي على سوريا او لبنان هو قصف مباشر على الاتحاد الاوروبي, و لكن في حال نجاح خط الغاز الاسرائيلي فإن أي قصف سوري او لبناني على مواقع الاحتلال الاسرائيلي سيصبح عدوان على الاتحاد الاوربي, و من هنا يبقى السؤال ما هو الموقف الخليجي من هذه الحرب و لماذا خط غاز اسرائيلي الى الاردن و هل سيتلاقى مع خط قطري سعودي مستقبلاً و ما هي افق نجاح خطوط الغاز في , ونجاح محور المقاومة بطرد الامريكي من العراق, هو محور الجزء القادم.
المصدر: جهينة نيوز
04:49
05:48
01:37