جهينة نيوز-خاص
لا يجهل أحد من العاملين في المجال الصحافي والاعلامي عموماً، أن الحجم الذي ملأته أخبار وزارة التربية منذ تعيين وزيرها الأخير، إنما هو حجم يفوق-عادةً- الحجوم الحكومية المتاحة لأخبار الوزارات، سواء في الاعلام الرسمي المتلفز والمقروء، أو الالكتروني والمسموع، وما يرتبط بكل ذلك من وسائل تواصل وتغريد وإعادة تغريد...
ولا شك أن الحدث التربوي –وسط أحداث المرض المستجد كورونا- إنما هو حدث بات يحظى بالكثير من اهتمام المجتمع، نظراً لكثرة تداول هذا الموضوع عالمياً، ويضاف إلى ذلك ما تشهده العملية التربوية منذ سنوات قليلة، من تغييرات وتطورات على مستوى البرامج والمناهج والأساليب، تلك التي نقلت العملية التربوية في البلاد نقلة ما فوق "نوعية" وأكثر من "كمية"، عما كانت عليه منذ عقود تعود إلى مطلع سبعينات القرن الماضي...على أن تلك النقلة –وللأمانة الصحافية- لا يمكن وصفها بالإيجابية –أو فائقة السلبية- كما أنها لم ولن تكتمل معطياتها إلا في ضوء نتائج ستظهر في السنوات القادمة.
واليوم –كما في الأمس- تنهال علينا وسائل إعلام –ومنها ما يحظى بمتابعة شعبية كبيرة- بسيول من الأحداث والأخبار التي تغطي حقول التربية بإدارتها الجديدة... ولأن المجال هنا لا يتسع لكل الأحداث التي طرأت على الحقل التربوي، وفي جلّها عادية، إلا أن ما استوقفنا هو تلك الضجة التي رافقت خبر نقل معلمة من إحدى مدارس حلب إلى ريفها، ثم طي القرار من قبل وزير التربية، وكأنه أطلق رصاصة الرحمة على كل ما يعترض مسيرة التربية في البلاد من مساوئ، أو يتعارض معها من شرور!!!
وعادةً، يحدث قرار النقل وطيّه في الكثير من الأحيان خلال ساعات إن لم نقل أقل من ذلك...كما يحدث القرار المذكور وغيره من القرارات، دون طيّه، ولو بعد سنوات...إلا أن الاعلام لا يلقي شديد ضوءٍ على تلك الأخبار، بل لا ينقلها إلى صفحاته إلا ما ندر...!...أما أن يصبح نقل معلمة وطيّ قرار نقلها، المعجزة المحققة وزارياً وإعلامياً، فهذا -لعمري- بؤس في محاولة تلميع بعض الجهات، أو يعكس على الأقل فقراً كبيراً في المخزون الايجابي لتلك الجهات، جاء من يملأه بحركات حسن التصرّف والتدبير وإشاعة أجواء "الديمقراطية الحكومية" في مكان لم يكن أحد يسمع به أو عن أخباره شيئاً.
ولعلها وسائل التواصل... فقفزةٌ في المجهول فيها –أحياناً-، تجعل المجهول معلوماً، والمعلوم معمّماً، وبقدر وزنه "الريشيّ" في بلادنا، تأتي عضلات منفوخة من كل حدب وصوب لتحمله وتتبناه، فيما لو كان يعاني من أي محظور أو محجور أو محذور، فإنه لن يجد حتى متابعاً واحداً، وليس أشهر الأصوات الأثيرية لتصدح عبر الهواء بمظلوميته النادرة!
وفي المحصلة قد لا تختلف حالة المعلمة ذائعة الصيت، إعلامياً، عن حالة الطفلة التلميذة بائعة البسكويت، التي استقبلها وزير التربية في مكتبه الصيف الماضي، وقدّم لها المعونة بوجود وسائل الاعلام، ولعل مشروع هذه الظاهرة الأخلاقية كفيل بأن يقضي على الظلم والحرمان حين تتكرر الحالة مع كل المظلومين –كلٍّ حسب وزارته والافتراءات المضافة إلى إضبارته- وحينها يتحوّل مشروع الظاهرة إلى ظاهرة أخلاقية حقيقية، بوسعها أن تستعيد لبلد مثل سورية روحها الحائرة بين صعوبة الوضع والظروف، وإهمال الكثير من المسؤولين لقضايا الوطن والمواطن.
08:33
13:08
21:19
11:52
12:10
12:25
12:38