خاص جهينة نيوز:
من يسمع و يشاهد وسائل الإعلام الأمريكية في حملاتها الإعلامية الأخيرة يعتقد أن هناك فجوة هائلة بين نواب الكونجرس و البيت الأبيض رغم أن الملفات الخلافية بين البيت الأبيض و الكونغرس منذ تولي ترامب الرئاسة جميعها هامشية كبناء الجدار العازل مع المكسيك و بعض البنود التي لاقيمة لها في موازنة الحرب الأمريكية و لكن على أرض الواقع لايمكن ملاحظة فروق حقيقية بين الديمقراطيين و الجمهوريين من جهة أو بين الكونغرس و البيت الأبيض من جهة ثانية و ما موازنة الحرب الهائلة التي أقرها الكونغرس سوى نموذج لتلك الخلافات التي لا قيمة لها في السياسة بين البيت الأبيض و الكونغرس وجوهر السياسة واحد و يبقى السؤال ماهي الخلافات التي أدت الى المشاحنات الأخيرة التي وصلت الى حظر حسابات رئيس الولايات المتحدة الأمريكية على مواقع التواصل و منعه من التعبير عن رأيه و كأنه سوري أو فلسطيني يعارض السياسة الأمريكية في المنطقة.
في نظرة تاريخية نجد أن الديمقراطيين و خلال الأزمة المالية العالمية حصلوا من دول الخليج فقط خلال الازمة المالية الفائتة على أكثر من الف مليار دولار ثمناً للبنوك و الشركات التي أعلنت إفلاسها في الولايات المتحدة بدون ضوضاء و أما الجمهوري ترامب حصل على ذات المبلغ و لكن بشوشرة إعلامية واسعة وصلت الى تشبيه الأسرة الحاكمة في السعودية بالبقرة الحلوب و أما عن سياسة الحزبين كانت واحدة ولا فرق بينهما.
في عهد الجمهوريين أطبق الحصار على إيران و لكن الديمقراطيين لم يكونوا أفضل حالاً في السياسة تجاه إيران و الإتفاق النووي لم يكن سوى لتناثر جثث الجنود الأمريكيين في المنطقة و لن يعود أي من الحزبين للإتفاق إذا لم تتناثر جثث جنود الإحتلال الأمريكي في المنطقة مرة ثانية فالملف النووي أصلا لم يكن بسبب خرق إيران لشروط الوكالة الدولية للطاقة الذرية بل ملف مختلق للضغط على إيران و الإتفاق النووي لم يكن سوى تتويج للهزيمة الأمريكية الأولى في العراق وعودة واشنطن للإتفاق النووي لن تكون سوى نتيجة للصراع في المنطقة و ليس لتغير الرئيس و عملياً ترامب نفسه بدأ يشعر بحماقة الخروج من الإتفاق النووي.
و تجاه كوبا لم تختلف السياسية الأمريكية ولم يكن رفع اسم كوبا من قائمة واشنطن للدول الراعية من الإرهاب سوى إستراحة مقاتل مع سقوط النظم الموالية لواشنطن في أمريكا الجنوبية و عودة تشديد الحصار (الذي لم يرفع) على كوبا ليس أكثر من تعبير عن عودة بعض النظم الموالية لواشنطن الى السلطة في امريكا الجنوبية و بشكل خاص في البرازيل.
و على صعيد الاتفاقيات الدولية فالديمقراطيين أول من خرق الاتفاقيات الدولية و انسحبوا من معاهدة الدفاع الصاروخي في حين انسحب الجمهوريين من معاهدة الصواريخ متوسطة و قصيرة المدى و يستحيل أن يعود الديمقراطيين أو الجمهوريين للإتفاقية إلا إذا أصبح لروسيا قاعدة عسكرية قريبة من الأراضي الأمريكية, فحين وقعت واشنطن إتفاق الصواريخ المتوسطة المدى كان حلف وارسو على حدود فرنسا و بريطانيا وألمانيا الغربية و إنسحب الأمريكيين من المعاهدة لأن الناتو أصبح على تخوم روسيا وليس لأن ترامب هو الرئيس.
و في سورية رغم كل تصريحات ترامب و ضجيجه إستمر الإحتلال الامريكي بنهب سورية و الحرب عليها بواسطة شركاته الأمنية (بلاك ووتر – قسد – داعش – النصرة) و غيرها من الشركات الأمنية الأمريكية و لم يكن الإنسحاب الأمريكي من بعض النقاط سوى لتقوم تركيا بتهجير مواطنيين سوريين عن الحدود باتجاه مناطق البترول السورية ضمن عملية تهديد سورية بالتقسيم لترضخ للابتزاز الأمريكي و أي كان الرئيس الأمريكي القادم جمهوري أو ديمقراطي لن ينسحب من سورية إذا لم تتناثر جثث الجنود الأمريكيين و مرتزقتهم في الجزيرة السورية.
و حتى في تصريحات بايدن لم نسمع وعود سوى بالعودة الى إتفاقية باريس للمناخ و من المستبعد أن تعود واشنطن (بايدن) لهذا الإتفاق بدون تعديل شروطها في حين لم يعترض بايدن على أي من قرارات ترامب الأخرى ولم يتعهد بالعودة الى أي من الإتفاقات الدولية التي خرج منها ترامب.
و لكن يبقى السؤال لما كل تلك الضجة الإعلامية في الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة لوجود ترامب في السلطة, و هل هي تعبير عن خلافات حقيقة أم نتيجة أزمة داخلية يتم تغطيتها بهذا البالون الإعلامي ..؟
نعم هو سؤال حقيقي لماذا لم يعارض الديمقراطيين قرارات ترامب حين صدرت وفجأة في أسبوعه الأخير من السلطة تقوم الحرب ..؟ وهل السر يكمن في توجيه رسالة لكل الأمريكيين بأنه حتى الرئيس إذا دعا للتمرد لن نرحمه ..!!! ربما و لكن يجب أن لا ننسى بأن من مآثر فيروس كورونا بأنه يتخلص من جميع كبار السن المعارضين لثقافة الحياد الجنسي و يتخلص من آلاف المساجين و يغلق عشرات دور المسنين في الغرب و لكن بذات الوقت يصنع حالة من التمرد و يكشف ثغرات المجتمع الغربي ويعريه فهذا الفيروس و إن كان يخدم سياسة الليبراليين الجدد و لكنه بذات الوقت مبارزة على حافة الهاوية, و الثابت الوحيد هو أن بايدن لن يكون أفضل من ترامب إلا إذا اشتدت المقاومة للإحتلال الأمريكي في المنطقة وبشكل خاص المقاومة الإقتصادية التي تعتمد على نظام وليس على أشخاص قد يغيرون ولائهم فالسنوات الأخيرة أثبتت أن الإقتصاد هو أخر الحروب الأمريكية في ظل فشل العسكر.
كفاح نصر
03:53
10:34
03:00