جهينة نيوز- هانيبال خليل
شهدت الآونة الأخيرة من سنة 2021 إلحاحاً تدريجياً من قبل الكثير من المؤسسات السورية على ضرورة أخذ اللقاح ضد "كورونا"، وقد تطور هذا الالحاح في الشهر الأخير من السنة إلى فرضه إجبارياً على المواطنين، وذلك بأسلوب لا يخلو من القسوة واستغلال حاجات المواطنين لإنجاز أعمالهم ومعاملاتهم وحتى شراء حاجاتهم من النوافذ الحكومية...فهل تتوازى سيرة ومسيرة الداء ودوائه في البلاد مع إجبارية التطعيم؟
الأمم المتحدة: لا إكراه في التطعيم!
لا شك أن أحداً من فارضي التطعيم الاجباري، لا يلتفت إلى كلام الأمم المتحدة حول الموضوع، فيما إذا سلطنا الضوء على ما باحت به مؤخراً مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان "ميشال باشليه" من أن "فرض اللقاحات لم يكن يوماً مقبولاً"، وأن "على الدول ضمان احترام حقوق الإنسان"، وأن هنالك "اعتبارات حقوقية مهمة لا بد من أخذها في الحسبان قبل جعل التطعيم إجبارياً"، وأن "على أي تطعيم إلزامي أن يمتثل إلى المبادئ القانونية والضرورة والتناسب وعدم التمييز"، كما "لا يجب تحت أي ظرف كان إجبار الناس على تلقي اللقاح"....
أوضاع الدول لا تتشابه
وإذا ما شاء بعض فارضي التطعيم الاجباري على ضرب أمثلة من دول العالم التي فرضت التطعيم على شعوبها، فهو مخطئ، ذلك أن الأوضاع في الدول لا تتشابه، وقد شهدنا ذلك خلال مسيرة "كورونا" لدى الكثير من الدول ولدينا، فكنا في عداد الدول التي لم تواجه الجائحة –إبان أخطر مراحلها- بحرص جعل مواطني بعض هذه الدول يواجهون المرض بثقة وراحة تامتين، من خلال توفر أماكن العناية بالمريض والأدوية الملائمة والأوكسجين المطلوب، بل والتعويض المادي الضخم لمن تعطلت به سبل العيش بسبب قيود كورونا...ولا شك هنا أننا لن نعيد إلى الأذهان ما عانى منه المواطنون السوريون خلال قرابة سنتين مضتا من عمر الجائحة، ولن نتذكر مع القرّاء هبوب أسعار التداوي في المشافي الخاصة إلى درجة الويل، كما لن نوجع ذاكرتنا بالصعوبات التي كبّدت الكثير من المواطنين خسائر فادحة من جراء تأمين اسطوانات الأوكسجين وما شابه، ولن نعرج كثيراً على انتعاش سوق الأطباء والممرضين، ممّن امتهنوا بسرعة فائقة علاج حالات كورونا المشتبهة وتعهّد القضاء على الفيروس وكامل عائلته، ولن نأتي بالتفصيل على وصف أولئك الذين كانوا –وما زالوا- يشخّصون الاصابة بكورونا على أبواب عياداتهم ومشافيهم الخاصة لبعض المراجعين، دون التأكد من ذلك، ولو عبر اختبار مكلف، متحججين ببعض ارتفاع حرارة وذبذبات سعال لا يجهل أسبابه أحد...
لقاح إجباري بعد تراجع حدة المرض!
واليوم بعد أن خفّت حدة سعال الناس وهدأت حرارة الصيف على جباههم، يأتي من يريد أن يفرض اللقاح ويرفع في وجوههم سلاح الحاجة الملحّة، من عدم التمكين من إجراء المعاملات وشراء الحاجات وحتى الدخول إلى صالات الترفيه، دون تلقي اللقاح الاجباري، الأجنبي الذي يفوق قدرات وزارة الصحة ومخابرها على الخوض بتفاصيله وتداعياته وتبعاته.
الخوف من اللقاح فاق الخوف من المرض نفسه!
والمتابع للموضوع الآن يلاحظ أنه لم يكن هنالك خوف من تطعيم ضد مرض كما هو الخوف من التطعيم ضد كورونا، بل إن الكثير من الناس بات يخشى هذا التطعيم أكثر من الاصابة بالمرض ذاته...!...وإذا ما بحثنا في الأسباب والمبررات فهي كثيرة وأكثر من أن تحصى، وتتطلّب حشداً من الآراء والإدلاءات الصريحة، يتنوّر بها المواطنون قبل الخضوع للتطعيم الإجباري.
خاتمة بحلول مقترحة
لا شك أننا مع حماية المواطن السوري من كل ما قد يتعرض له من أمراض وجوائح قاتلة، ولكن ألم يتمخّض العقل الحكومي عن حلول حضارية تُشعر ذلك المواطن بأنه يملك ولو قسطاً صغيراً من (الانفراد) حتى بقرار سلامته من الأمراض السارية والمعدية؟!...ثم ألا يشعر الكثير منا بخلل في تصرّف الحكومة، التي أحاطت الكثير من الناس –بادئ ذي بدء- بأجواء (مؤامرة) اشتُمّت من أخبار "كورونا" الأولية، وذكّرت بمؤامرات شركات الأدوية العالمية المتجسدة ببث الجراثيم والفيروسات والسموم، وحصرية الترياق لديها، للسيطرة على العالم؟!
وختاماً فإننا نقترح حلولاً بسيطة (للغاية) للمعضلة علّها تجد آذاناً صاغية لدى "متصرفية" جائحة كورونا، فهي –وخلال اشتداد وطأة الجائحة- أسرّت لنا أن من أهم وسائل الوقاية هو تعقيم الأيدي واستخدام الكمامات الطبية، فهرع الناس إلى مستودعات بائعي المعقمات والكمامات، واقتنوا أكثر من حاجتهم لذلك...أما من ناحية اخرى، فقد تم تزويد معظم مداخل المؤسسات بأجهزة قياس الحرارة الحصرية بأعراض "كورونا"، هذا فضلاً عن اختبار "البي سي آر"...فهل تلك الإجراءات أغلى ثمناً من اللقاحات الأجنبية المعقّدة، والتي سمعنا أن بعضها قد وصل في البداية إلى مبالغ طائلة؟!...ومن ناحية أخرى، ألا تدعم بعض إجراءات التأكد من إصابة المواطن أو خلوّه من "كورونا"، خزينة الدولة؟ ثم ألا تفي الاختبارات المذكورة بحسن النوايا الحكومية الخاصة بسلامة الشارع السوري، سواء لمن أخذ اللقاح أو لمن لم يأخذه؟!...
وفي النهاية، فما سرّ هذا الكرم الأجنبي بتزويدنا بكافة أنواع المضادات ضد أعتى الفيروسات؟؟؟!!! أليست حدود الغرب محصّنة ضد كل من يحاول التسرّب عبرها منّا إليه، فيما لو أُصبنا جميعاً بالجائحة، وخرجنا جماعياً من حدودنا دون "بي سي آر"؟
02:41
02:43
02:48
02:51
02:53
02:56
03:01
03:06
03:10
03:18
03:20
19:25