جهينة نيوز–خاص
قادنا التيار الكهربائي المتقطع ليلاً –والمتردد كل ربع ساعة بلمعة مصابيح خاطفة وكأنها مؤثرات فنية على ما نسمع- للإبحار قليلاً في موجات "الإف إم"، ولنلتقط نبرة صوت قلّما نسمعها عادةً في الأخبار، وإذا بها نبرة صوت المهندس حسين عرنوس رئيس مجلس الوزراء، تتردد عبر أثير إذاعة دمشق، حيث أجرت الإذاعة، ومعها قناتا السورية والإخبارية الفضائيتان، ليلة الثالث من شهر كانون الثاني 2022، لقاءً صحافياً معه...
ولعل أكثر ما لفت انتباهنا في هذا اللقاء هو أنه يتخذ ببساطة عنوان لقاء "القيل والقال"، وذلك لأن أسئلة الاعلاميين لرئيس الحكومة كانت في غالبيتها منقولة ومتداولة في مواقع وصفحات متنوعة –حسب ما أبلغ به الصحافيون رئيس الحكومة- أي أنها لم تأت بجديد يناسب العام الجديد، أو يجعل من إجابات رئيس الحكومة برنامج عمل إعلامي حكومي مشترك في السنة الجديدة.
بين المهنية وبروتوكولات اللقاء مع المسؤول
وبالتأكيد فلا تقلل الأسئلة المطروحة من قيمة اللقاء كثيراً، كما لا تؤشر إلى عدم مهنية جميع الملتقين بالمسؤول الحكومي الكبير، ذلك أن فيهم من حاوره بجرأة ومسؤولية واضحتين من خلال نبرة الصوت والاصرار على سحب إجابات مقنعة ومهدّئة للبال والأحوال، لكن برتوكولات اللقاءات الاعلامية مع مسؤولينا لا تسمح باسترسال الصحافي مع المسؤول، لا سيما وأن جل المداخلات كان يبدأ بجملة "لكي لا يدركنا الوقت" و"إذا كان الوقت يسمح لنا"، مع أننا في مطلع سنة إدارية وحكومية جديدة، ومع أنه ليس لدينا أهم من فضائيتنا وإخباريتنا وإذاعتنا الوطنية كمنابر للّقاء مع رئيس الحكومة حول أمور تخص المواطن وتهمه!
"دردشة" بثوب "لقاء صحافي"
حيث أن الكثير مما وُجِّه لرئيس الحكومة من أسئلة، لم يكن ناجعاً ولا يحتاج إلى عصارات ذهنية خاصة للإجابة عليه، لا سيما وأن بعض تلك الأسئلة –كما ذكرنا- قد ردّد ما يتردّد في مواقع متعددة، وخاصة حول موضوع إحصائيات الفقر في العالم وموقع سورية فيها، وكذلك الأمر حول موضوع الفساد ومرتبة سورية بين الدول الأكثر أو الأقل فساداً، فكانت إجابات رئيس الحكومة متوقعة، تلخصت في شقّها الأول حول الدعم الحكومي للمواطن السوري، أياً كان راتبه، أما الشق الثاني فاختصره رئيس الحكومة بالقول إن الاحصائيات الخاصة بالفساد خاطئة، ولو كان صحيحاً ما يُشاع حول سورية من حالات فساد كبيرة لما صمدت.
وبالطبع فما كان على الصحافيين أن يسألوا بهذه الطريقة المنقولة عن الآخرين، بل كان يتوجب عليهم طرح حالات بعينها من الواقع المعاش، سواء تلك التي تخص الفقر وسوء الأوضاع المعيشية، أو تلك التي تخص الفساد، وبعد أن يتلقوا إجابات رئيس الحكومة، فبإمكانهم أن يوظفوا أقلامهم أو شاشاتهم أو أثير إذاعتهم ليردوا على القنوات والمواقع، حيث أن رد رئيس الحكومة قد التزم بحدود مسؤوليته التي تنص على عدم الحيادية في الاجابة.
محصّلة اللقاء
لم يتمخّض اللقاء الصحافي المذكور مع رئيس الحكومة عن جديد في المعلومات، بل بدت جميعها وكأنها "بانوراما" تصريحات حكومية أنهت بها الحكومة السنة المنصرمة، وجلها حديث عن تحسين الواقع المعيشي في وجه الإجراءات الاقتصادية الغربية القسرية غير الشرعية المسببة لمعاناة الشعب السوري، ومحاسبة الفاسدين (اليوم أو غداً) وضبط الأسعار وتثبيت سعر الصرف، والتشدد في الرقابة، وعدم النظر في إعادة من هم بحكم المستقيلين إلى عملهم بوجود من هم أبدى منهم (طبعاً دون التطرّق إلى مصير من صُرفوا من الخدمة تعسفياً) وإتاحة حوالي مئة ألف فرصة توظيف لمن يستحقون، ومواصلة الاصلاح الاداري، والحد من القفز إلى المناصب دون مسار وظيفي متناسب، ودعم حل مشكلة المواصلات بستمئة باص إيراني وصيني، والتشجيع على الزراعة، والاعتماد على الطاقة البديلة، ودعم المشاريع الصناعية الصغيرة والمتوسطة، واستثمار كل الفرص المواتية لزيادة الرواتب، وتحسين واقع الانتاج الكهربائي، حيث أكد رئيس الحكومة أن النصف الثاني من هذا العام (2022) سيشهد انفراجات في تأمين الطاقة الكهربائية، الأمر الذي أكده أيضاً مدير عام مؤسسة نقل وتوزيع الكهرباء عبر مقابلة إذاعية –بعد اللقاء مع رئيس الحكومة- قائلاً –على طريقة فلكيي رأس السنة- إن الشتاء الذي نحن فيه سيكون آخر شتاء لمشكلة الكهرباء، والتي ستشهد انفراجات تدريجية.