جهينة نيوز-خاص
سُجلت في محافظة السويداء حالات مؤسفة عدة لاستبعاد مواطنين من الدعم الحكومي، منها أن أحدهم كان يملك سيارة "أقساط بنك" قبل سنوات طويلة وباعها، وقد بيعت السيارة لاحقاً عدة مرات ولم يتم فراغها، فقام المواطن برفع دعوى قضائية بحق الشاري لإتمام عقد البيع ولكن لم يتم البت بالدعوى حتى الآن... وقد فوجئ برفع الدعم عنه، وحين راجع مديرية النقل أبلغوه أن لديه سيارة مسجلة باسمه...
فوضى "الأتمتة" في النقل نسفت المعايير
وبالتأكيد فإن فوضى المعلومات في وزارة النقل وغيرها من الجهات التي تمتلك معايير الدعم للمواطن أو عدمه، والتي أدت إلى استبعاد مواطنين من هذا الدعم، قد وضعت أولئك المواطنين في حيرة من أمرهم، فصاحب السيارة المسجلة باسمه –حسب قيود وبيانات النقل- لا يعلم أية جهة عليه أن يراجع، في الوقت الذي سيتكبد فيه مصاريف ملاحقة القضية، مترافقاً مع حرمانه من الدعم في أسوأ الأوقات، حيث قلة فرص العمل وكثرة الديون وغلاء أجور المنازل والخبز الذي سيكلفه مبلغ 2800 ل.س يومياً، كثمن لربطتيْ حر...على أن الاعتراض الذي قدمه للموقع الإلكتروني المخصص، لم يؤدّ إلى تفعيل بطاقته الى حين الفصل في طلبه كما وعدت الحكومة, فهل تُعيد له وزارة النقل السيارة مقابل رفع الدعم؟! ومن يبت في كل هذه الأمور؟
"أنا هنا، إذاً فأنا موجود"!...سِجِلّ الحركة في الداخلية بلا حراك!
من ناحية أخرى اشتكى عدد من المواطنين في السويداء –وغيرها من المحافظات- من رفع الدعم عنهم بسبب حجة تواجدهم خارج القطر، علماً بأنهم داخل القطر منذ سنوات(!) ولكنهم لم يراجعوا الهجرة والجوازات بسبب الازدحام الشديد... والسؤال هنا هو هل ينبغي على المواطن العائد من السفر تذكير الهجرة والجوازات بوجوده في القطر كلما احتاج الأمر؟! هل يُعقل أن يقول للداخلية أنا هنا، إذاً فأنا موجود؟! ألا تملك الهجرة والجوازات سجلاً للمغادرين والقادمين؟!... بالطبع تملك ولكننا نؤكد أن هذا السجل يحتوي على أخطاء عدة بسبب سوء تخزين البيانات، وغالباً ما يحتاج المواطن إلى عملية تصحيح بيانات مغادرته وقدومه وقت اللزوم، مصطحباً معه الأوراق الثبوتية اللازمة، وأهمها جواز السفر الممهور بأختام الخروج والدخول...وبالطبع فعليه في إدارة الهجرة والجوازات أن يقدم طلباً بطوابع عدة، وينتظر خارج غرفة المكلف المسؤول عن التدقيق وتثبيت المعلومات المغادرة من السجلات سهواً، ثم الانتظار داخل الغرفة لإتمام التدقيق، وبعد ذلك، الانتظار في طابور طويل يصل في النهاية إلى شبّاك المدقق الحاسوبي ليضيف المعلومات الناقصة...وهكذا...!... فهل الحصول على سلعة استهلاكية مدعومة يتطلب كل هذا الجهد؟ وهل على المواطن أن ينتظر إصلاحاً إدارياً جباراً في البلاد، وثورة في تكنولوجيا المعلومات، لاكتساب ميزة "الحد الأدنى" من الغلاء الفاحش؟!
خبزنا كفاف يومنا!
أحد المواطنين من السويداء متقاعد كان في صفوف الجيش العربي السوري، رُفع الدعم عنه رغم ظروفه السيئة، فابنه ترك المدرسة للعمل والمساعدة في تأمين مصاريف المعيشة...أما رفع الدعم عنه فكان بسبب سجل تجاري قديم لدكان صغير كان يملكه قبل سنوات، ولم يستطع هذا المواطن إيقاف السجل التجاري رغم اتصاله برقم الهاتف المعلن عنه في المواقع الرسمية لهذا الغرض، وقد اضطر هذا المواطن إلى إغلاق دكانه بعد أن خسر كل شيء بسبب الارتفاع المستمر للأسعار، رغم أن ريع الدكان في أفضل أحواله، لم يكن يكفي -مع راتب التقاعد- حتى لتأمين مصاريف المنزل... فلماذا تلغي الحكومة الدعم عن أمثال هذا الرجل الذي خدم الدولة لسنوات طويلة مقابل خبزه كفاف يومه, فاليوم –ورغم اعتراضه عن طريق الموقع الالكتروني المخصص للشكاوى- لم تتفعّل بعد بطاقته الذكية، فكيف سيشتري الخبز بنحو ثلاثة آلاف ليرة يومياً؟ وكيف بإمكانه أن يستمر حياً يُرزق، ولو ببعض أرغفة الخبز المدعوم؟!
بعيداً عن حواسيب الحكومة..الحاجة القصوى أم الحلول!
وختاماً، فإن ما يطلبه الجمهور الآن من الحكومة بخصوص الدعم، لم يكن وليد إلحاح من هذا الجمهور بقدر ما كان نتيجة إصرار من الحكومة نفسها على اتباع هذا النهج في مواجهة الحصار والعقوبات وما تسببت به الحرب الارهابية، فلتستمر الحكومة بدعم المواطنين، ولتتقبّل الشكاوى وتستجب لها، لأنه ما من مُستَبعد من الدعم سيسكت، بينما ستخفت في النهاية أصوات من لا يستحقون فعلياً لهذا الدعم، وبالتالي فإن الحاجة القصوى هي التي ستفرز المستحقين وغير المستحقين، بعيداً عن حواسيب الحكومة، وتجنّباً لعملية "إعادة هيكلة الدعم" التي قد تتهدّم يومياً بسبب معطيات جديدة تطرأ على وضع المواطن، والتي –أي "إعادة هيكلة الدعم"- كان يجب أن يسبقها تجسيد حقيقي لعملية الدعم قبل الوقوع بمغبّة إعادة هيكلته.