سورية وظاهرة الإطعام و"السلال الغذائية"... هل يصلح ذلك بوجود حكومة؟!

الجمعة, 15 نيسان 2022 الساعة 10:54 | تقارير خاصة, خاص جهينة نيوز

سورية وظاهرة الإطعام و

جهينة نيوز-خاص

لعل ما وصلت إليه حال البلاد والعباد هو أمرٌ مستفزٌّ للمشاعر، مستنفرٌ للتفكير، مستنهضٌ للهمم، وكيف لا وقد كانت سورية في العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين سلة غذائية تطعم خمسة بلدان، لتصبح الآن –وحتى قبل طبول الحرب "السلاﭬية" الجديدة- مركزاً كبيراً لتوزيع سلال طعام على الملايين من مواطنيها المحتاجين، فكيف حدث ذلك ويحدث، وأين هي كل مؤسسات الحكومة من هذا المشهد المفزع والخطير؟

"السلال الغذائية" ومشاهد الإطعام تُضعف الشعور القومي وتنال من هيبة الدولة

بل وتسهم في بث أنباء كاذبة عن البلاد، ففضلاً عن مبرر حالة الحرب والأزمة منذ أحد عشر عاماً، لا تكاد مناسبة تطرق باب البلد –وعلى الأخص مناسبات الشهر الفضيل والأعياد- إلا ويهرع كل من دخل –أو أدخل نفسه- بين قوسيْ "الأعمال الخيرية" و"الجهود الإغاثية والانسانية"، إلى توضيب سلال طعام للسوريين –أو وجبات- تحت عناوين بعضها قاسٍ ويحمل معاني الذل في قاموس السوريين، مثل "خسا الجوع" وما إلى ذلك من "الخير خيرك" و"إفطار صائم"...الأمر الذي ترتب عليه أن أول من تلقّف تلك السلال والوجبات ومحتوياتها، ليس المواطن المحتاج بل المنظمات المغرضة في العالم، والتي سارعت إلى إدراج سورية في لوائح الجوع وحواف الفقر العالمي، وذلك لضمّها إلى قائمة الدول الفاشلة...

ليست مشكلة جوع بل مشكلة سوء تصرّف وتوزيع للثروة

وفي الوقت الذي نرى فيه أن موزّعي جل السلال هم من أصحاب الفعاليات التجارية، والاجتماعية، والدينية –من كنائس ومساجد- وحتى الحكومية، بالإضافة إلى جهات خارجية، فإن المشكلة هنا ليست مشكلة جوع بقدر ما هي مشكلة سوء تصرّف وتوزيع عادل للثروة...فطالما لدى هؤلاء كل هذه السلال، وما خفي أعظم، فلماذا نلمس الفاقة والعوز الغذائي لدى الكثير من الشرائح الاجتماعية؟ وما هي مصادر التمويل الرئيسية للسلال؟ حيث ثمة ثمن لها في المحصلة... أما أن تُحل هذه المشكلة جزئياً وبهذه الطريقة المُذلة، فلعله عيب العيوب الحكومية.

المؤسسة السورية للتجارة أول من يرفع الأسعار، فلا عتب إذاً على التجّار

أما أحدث مثال فنسوقه من المؤسسة السورية للتجارة، فهي –وبشهادتنا وشهادة الكثير من مراسلي الأخبار المحلية على امتداد المساحة السورية- أول من يرفع الأسعار، فلا عتب إذاً على التجّار، ومع ذلك تعلن هذه المؤسسة عن "سلال غذائية" رمضانية، بعضها أرخص من السوق بحوالي 40%!!!...فلماذا يسمونها سلالاً، ولماذا لا توضع أسعار أغذية المؤسسة على أساس انخفاضها 40% عن أسعار السوق؟؟...لماذا تحميل المواطن منيّة انخفاض السعر عبر "سلّة"، وليس عبر سياسة تجارية منصفة؟!

الأزمة "السلاﭬية" وتبرير حالة الانكماش الاقتصادي

لن نبالغ إذا قلنا إن بعض الحكوميين قد رفع صوت طبول الحرب بين روسيا وشقيقتها السوفييتية القديمة أوكرانيا، حتى قبل أن يرتفع ذلك الصوت وتلفظ المدافع حممها بين البلدين، ونحن حين نقول إنها أزمة "سلاﭬية" فنعني ما نقول، ذلك أن الرئيس الروسي يرغب في صناعة تاريخ جديد لروسيا والشعوب السلاﭬية، يتصل مباشرةً بالقرن التاسع الميلادي، حيث أن الجذور المشتركة بين روسيا وأوكرانيا تعود إلى الدولة السلاﭬية الأولى، "كييفان روس"، الإمبراطورية التي أسسها الـ"ﭬايكنغ" في القرن المذكور، كما أن الرئيس الروسي يريد تدارك خطأ "لينين"، حيث أنه تم إنشاء أوكرانيا الحديثة بشكل كامل من قبل روسيا، وعلى وجه التحديد من قبل البلاشفة الروس، وجل قادتهم من اليهود، فبدأت هذه العملية عملياً بعد الثورة البلشفية عام 1917م، حين قام لينين ورفاقه بذلك على حساب روسيا من خلال تقسيم أراضيها التاريخية وتمزيق قطع منها، لذا فتاريخ الشعوب أو وضعها خارج الأمة السلاﭬية لا يعني "السلاﭬيين" كثيراً، وبالتالي فربط بعض الحكوميين المباشر بين أسعار أغذيتنا ويوميات الحرب السلاﭬية، ربط غير منطقي لأنه من غير المعقول التراخي بانتظار تقرير مصير الأمة السلاﭬية.

وحتى بغضّ النظر عن "تقرير مصير الأمة السلاﭬية"، وقبل شروع الرئيس الروسي بعمليته المشروعة، ماذا قدّم الحكوميون من أفكار وحلول ناجعة بخصوص اقتصاد البلاد المنكمش، أو ما "انكمش" –على الأقل- من أهم ثرواتها في أهم أجزائها المحتلة من قبل انفصاليين وغيرهم من الارهابيين؟

سلال غذائية؟! هل هي خاتمة أزمة أم بداية أزمات جديدة؟

قد لا ننصف بعض المسهمين في تأمين سلال غذائية للسوريين، حين نقول إن جل أصحاب السلال –سواء بمصالحهم أو تعثُّر نهجهم- هم سبب حاجة السوريين لها، فضبط الموارد والغلال الحكومية والأسواق، والاستثمار الأمثل للمساعدات والمنح والهبات والمعونات، وإعادة الروح لمؤسسات الحكومة ورعاية كوادرها، كلها إجراءات تنفع في الانفراج الاقتصادي، ولا شك أن تهديد الحروب قائم ومستمر، فمخاطر المشروع الصهيوني في منطقتنا، مروراً بالعشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين، لم تتراجع، أما الاستفادة من دروس التاريخ، ولو كان قريباً، فهي أمر يصلح الآن باستعادة ضبط المؤسسات الحكومية بما بُنيت عليه من تحمُّل المسؤولية الجماعية من قبل القائمين عليها، وليس التفرّغ للشؤون الشخصية ورمي الهم الوطني على عاتق ما يجري وسيجري في العالم.


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 محمود
    17/4/2022
    05:08
    الدولة المسؤولة أولا وأخيرا
    لا باس بهذه السلال...مشكورين أصحاب النخوة.. شريطة أن تكون تحت المراقبة الشديدة للسلطات المعنية من أمن وغيره...وليعرف المساهم بهذا العمل أنه لمصلحة الشعب والدولية وليس لأي مصلحة خفية...الحصول على هذه السلال هو حق شرعي لكل مواطن بل لكل مقيم من غير السوريين ولظروف الدولة الصعبة، لا بأس بأي مساهمة بتخفيف الأزمة من أي جهة كانت...وتشدد تحت مراقبة واعية وذكية من الدولة وأجهزتها...لكي لا نقع بالخطأ يوم كانت أموال الوهابية تتدفق بلا حسيب ولا رقيب...

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا