جهينة نيوز_خاص:
لا يمكن التنكر أبداً للجهود العظيمة التي تبذلها طواقم خدمات الإسعاف والطوارئ في منظمة الهلال الأحمر العربي السوري، والإشادة بما بذلته منذ تأسيسها، وتبذله من عطاء وتفانٍ متواصل حتى اليوم، لكن بالمقابل ينبغي الاعتراف ولفت الانتباه إلى أن هذه الخدمات تتفاوت بين فرع وآخر، وبين محافظة وأخرى تبعاً للضمير والإحساس بالمسؤولية لأفراد هذه الطواقم والفرق العاملة المنوط بها سرعة الاستجابة لأي نداء مهما كانت ظروفه، زمانه أو مكانه.
ففي الوقت الذي يشيد بعض المواطنين ممن تلقوا الدعم والإسعاف خلال الحرب في سورية، وكانت الاستجابة لندائهم جيدة أو أقلّه لا بأس بها، يرى آخرون أن نقل كيس بطاطا من الحقل إلى سوق الهال يتمّ بزمن أسرع من نقل مريض إلى المشفى، أو الاستجابة والردّ لنقل بعض الحالات الحرجة بين المحافظات، حيث تطفو على السطح بعض ظواهر اللامبالاة والترهل والمحسوبيات والواسطات والترجي والاتصالات لتلقي الاستجابة والتنسيق وخاصة بين المحافظات. فمن غير المعقول أو المنطقي أن تقبل إدارة المنظمة بما سمعناه قبل يومين بأنه "ستتمّ الاستجابة بعد الإفطار"، لأن مثل هذا الردّ يتنافى جملة وتفصيلاً مع مبادئ المنظمة وما بذلته من جهود خلال سنوات الحرب، بل يجب عليها التوقف عند هذا الكلام ومحاسبة المقصرين من كوادرها.
نعلم أن الواقع صعب، وأن المنظمة قدّمت الشيء الكثير وتسعى إلى تحسينه دائماً، وهناك أيضاً جهود تبذل لا يمكن النظر إليها إلا بكل تقدير وإجلال، لكن في المقابل علينا أن ننظر بالعين الأخرى إلى أن كوادر المنظمة يعاملون على أنها منظمة دولية ويقبضون رواتب عالية، وفاتورتهم مفتوحة باستهلاك الوقود، وإزاء ما سبق من غير المنطقي والمقبول أن ينتظر المريض 10 أضعاف الوقت المحدّد لوصول الإسعاف من أجل نقله إلى المشافي وخاصة في الريف السوري.
قبل أيام وصلت إلى موقع "جهينة نيوز" شكوى عن حالة لا يمكن السكوت عنها، لأنها تقدم "الإفطار" على إسعاف مريض، وسنستغرب أكثر إذا علمنا أن النداء كان موجهاً من قبل طبيب يقدّر بأن الحالة لا يمكن نقلها بأي سيارة عامة، وبحاجة إلى سيارة إسعاف عاجلة ليأتيه الرد "يمكن الاستجابة لكن بعد الإفطار!!"، ليفرض السؤال الإنساني نفسه لمن وضع هذه الإجراءات: ما هو الهدف منها، وهل يعقل أن ينتظر طالب الإسعاف تبييت استخارة لإمكانية إرسال سيارة إسعاف لطالبها؟، وما هي فائدة نظام الإسعاف الذي تعمل عليه المنظمة وتتمّ فيه الاستجابة من أقرب سيارة للمتصل، لكن على ما يبدو بتنا نخشى هذه التصرفات والأخطاء الفردية التي يجب مساءلة مرتكبها قبل أن تتعاظم وتكبر، بل يجب قمعها ومعالجتها فوراً ومحاسبة المسؤولين عنها حتى لا تتكرر أو تسمح بتوسيع حالة الترهل أكثر لتصبح عادة، كما هي حال الإسعاف في بعض مديريات الصحة!!.
وقبل ذلك كانت هناك شكوى من مشكلة، يبدو أيضاً أنها عامة، وتتمثل بنقل المرضى بين المحافظات والمدن والبلدات، حيث يجرى تبديل السيارة على الحدود الإدارية بين محافظة وأخرى، وخاصة للحالات الحرجة التي لا تحتمل التأخير، إذ قد لا تتوفر التجهيزات نفسها للحالة المسعفة في جميع السيارات، أو إمكانات وخبرة الفريق الطبي المرافق!!.عدا عن الوقت اللازم لشرح الحالة الصحية للمريض، وأمام هذه المشكلة نقول إنه من الطبيعي جداً والمطلوب أن يكون التنسيق عالياً بين فروع المنظمة في المحافظات، وأن تراعى الحالات الحرجة، وأن يكون قرار إيصال المريض إلى المشفى المقصود لا يخضع للتخمين أو التلكؤ، والإجراءات الإدارية الروتينية، والاتصالات والأخذ والرد، لأن حياة الإنسان التي قد تتوقف على دقائق معدودة أهم وأسمى من أي إجراءات وتوجيهات وأوامر إدارية!!.
أخيراً.. نعتقد أن منظمة الهلال الأحمر العربي السوري التي تأسّست منذ عام 1942 وتعدّ من أكبر المنظمات الإنسانية الإغاثية في سورية، وتاريخها حافل بالعطاء والتفاني في تقديم الخدمات الجليلة لن تقبل بمثل هذه الحالات التي نجزم أنها فردية، وتعلم علم اليقين أننا عندما ننتقد حالات التقصير والترهل وربما المحسوبيات، فإن الهدف والغاية الأساسية من ذلك المحافظة على سوية عملها ضمن المبادئ السبعة التي وجدت من أجلها، وعدم السماح لبعض الإدارات التعامل بعقلية سوق الهال والتجارة وانتظار الهاتف والواسطة، ولن ترضى أبداً بأن تصبح حياتنا بين يدي بعض أفرادها موتاً مؤجلاً حتى ينتهي إفطارهم، أو أن يكون أجل المريض قد وافاه وهم ينقلونه من سيارة هذه المحافظة إلى تلك المحافظة لأن القوانين أرادت ووجهت بذلك!!.