#I# برسم السيد وزير الثقافة.. تسريح تعسفي لباحث ودكتور بسبب رأيه في كتاب؟!!

شارك |

جهينة نيوز- خاص:

قد نتفهّم أن تقوم إحدى الوزارات أو الإدارات المعنية، وفي ظل الفوضى الإدارية التي تسبّبت بها الحرب، بمعاقبة موظف أساء إلى مكان عمله أو خان الأمانة وأفشى بعض أسرار الدائرة التابع لها، بدءاً بإنذاره أو تنبيهه مروراً بنقله إلى إدارة أخرى، وصولاً إلى فصله أو تسريحه من العمل مع بيان الأسباب الموجبة التي كفلتها له القوانين والتشريعات في سورية، لكن أن تُقدم وزارة الثقافة على تسريح باحث وأكاديمي يحمل شهادة دكتوراه في اختصاص يمكن من خلاله التعرف إلى تاريخ سورية والحضارات التي تعاقبت عليها، لمجرد أنه بيّن وكشف بالدليل والقرينة العلمية خطأ (مقصوداً أو غير مقصود؟!) ورد في كتاب المدير العام للآثار والمتاحف، فإن ذلك سابقة خطيرة ترتقي إلى مصاف الفضيحة التي لا يمكن أن تمرّ في دولة تخوض حرباً للدفاع عن مؤسساتها وسيادتها، بل ووجودها وموقعها على الخارطة الإقليمية والدولية؟!.

في المعلومات التي وردت إلى "جهينة نيوز" أنه وبعيد بث حلقة على الفضائية السورية ضمن برنامج "إلى حد ما" للإعلامي نضال زغبور بتاريخ 21/5/2015، ناقشت في جزء منها كتاب "الإرث الأثري في سورية خلال الأزمة 2011-2013" وبعض الأخطاء العلمية التي وردت فيه، وكانت سبقتها ندوة فكرية أيضاً باتحاد الكتّاب العرب في دمشق بتاريخ 13/5/2015، عقد مدير الآثار (مؤلف الكتاب!!) اجتماعاً مع فريقه الإداري ثم مع السيد وزير الثقافة بعد الحلقة بأربعة أيام، والذين أحجموا عن تلبية دعوات "الفضائية السورية" الثلاث للرد على المعطيات والأخطاء بالأسلوب العلمي نفسه، بل أفضى الاجتماع المذكور الذي كان الرد الوحيد على الحلقة، إلى تقارير تتهم الباحث الدكتور (إ. خ) بالمساس بسمعة المديرية العامة للآثار والمتاحف وتزوير الحقائق وتشويهها عبر الحلقة المذكورة، وهو نص عقوبة الإنذار المسجل المرسل إلى الباحث برقم 1858/4ص، تاريخ 25/5/2015، والذي لم تأبه المديرية وبعدها الوزارة لاعتراضه القانوني عليه ضمن الكتابين اللذين يحملان على التتالي الرقم 1495و.خ، تاريخ 3/6/2015 والرقم 3434/ج، تاريخ 12/7/2015.. ذلك أن اقتراح صرفه من الخدمة كان قد اتُّخذ بعد الحلقة مباشرة، فتم ذلك فعلاً بموجب قرار رئاسة مجلس الوزراء رقم /183/ تاريخ 19/1/2016، والمستند إلى تقرير وزارة الثقافة رقم 139/ص تاريخ 25/5/2015، أي بعد حلقة "إلى حد ما" بأربعة أيام، وقد تمّ ذلك (مع الأسف) دون تحقيق مع الباحث أو استفسار منه، علماً أنه قد تحفّظ -في حديثه على أثير الفضائية السورية- على ذكر اسم مؤلف كتاب "الإرث الأثري في سورية" -أحد محاور نقاش الحلقة- حرصاً منه على عدم الشخصنة والاكتفاء بالتشخيص العلمي!!.

بالتأكيد لسنا في "جهينة نيوز" بوارد إثارة الموضوع وإعطائه أبعاداً قد يفسرها البعض تفسيراً خاطئاً أيضاً، لكن يحقّ لنا كإعلام وطني، شأننا شأن القناة الفضائية السورية، أن نتساءل: كيف تُقدم وزارة الثقافة على تسريح باحث وأكاديمي كرّس علمه وشهاداته لخدمة الدولة منذ السنة الأولى لإيفاده من قبل وزارة التعليم العالي عام 1991، وهو المختص الوحيد بالحضارة الكنعانية الفينيقية في مديرية الآثار بشهادة دكتوراه نظامية هي الأقدم في الآثار والمتاحف حالياً، ومعدّلة من قبل مجلس التعليم العالي السوري منذ عام 2004، وكان عنوان أطروحته للدكتوراه "الحياة المدنية والدينية في المدينة الكنعانية الفينيقية في ضوء العهد القديم والحوليات الآشورية"، وهي أطروحة تنتقد وتدحض بستّمائة صفحة كل روايات التوراة والتوراتيين والباحثين الإسرائيليين بخصوص الشرق القديم، وتقدّم الحقيقة العلمية الموثقة بخصوص الوهم التاريخي الذي يتصوّره الكيان الإسرائيلي زوراً وبهتاناً في المنطقة باعتراف التوراة نفسها، وبموجب أبحاث محكّمة للباحث في هذا المجال في كل من تونس ودمشق، كما تفنّد الأطروحة من ألفها إلى يائها المزاعم الخاصة بما يُسمّى "إسرائيل" و"يهودا" اللتيْن أُدرجتا مؤخراً –كخطأ علمي مع الأسف الشديد- في خريطة لسورية القديمة ضمن منشورات مديرية الآثار والمتاحف دون استشارة المختصين.. (الخريطة منشورة في ص31 من العدد 13-14 من مجلة مهد الحضارات 2011)؟؟!!.

وكيف نصرفُ من الخدمة باحثاً وأكاديمياً نبّه بحرصٍ شديد إلى مخاطر تسييس الغرب لموضوع الدراسات الأثرية التي تجري في المنطقة، مطالباً السلطات الثقافية بتدارك ذلك، ومؤكداً في مناقشته للكتاب بأن إقصاء المدن الكنعانية الفينيقية من الساحل السوري يتطابق مع مؤلفات ومنشورات غربية يسعى بعضها لسلخ الهوية الكنعانية السورية عن حضارة الساحل السوري، وتستبدل تلك المؤلفات مصطلح الساحل السوري بمصطلح الساحل المتوسطي؟؟!!.

وهل يليق بوزارة منوط بها صنع وعي الإنسان السوري وتوجيهه الوجهة الصحيحة أن تُحجم عن الرد وترفض فتح باب للحوار العلمي عبر وسيلة الإعلام الوطني الرسمية –الفضائية السورية-؟؟؟!!!، فإذا كان الباحث (إ.خ) قد زوّر الحقائق وشوّهها، فإن حق الرد مشروعٌ لمدير الآثار على أثير البرنامج المذكور والذي وجّه مُقدّمُهُ دعوة إليه على الهواء مباشرة بعد أسبوع من بث الحلقة المذكورة، لكنه رفض تلبية الدعوة مفضّلاً إقامة دعوى على البرنامج ما لبث أن شطبها على الفور!!.

أما الأمرُّ والأقسى فهو اتخاذ سلسلة من الإقصاءات التعسفية بحق الباحث (إ. خ) بسبب تدخلاته العلمية ورغم منجزاته على مستوى التدريب والتوثيق والنشر الأثري، فضلاً عن المضايقات التي عانى منها أثناء أداء واجبه الوظيفي إلى لحظة مغادرته الوظيفة العمومية، حيث فوجئ مثلاً بإدراج اسمه من قبل إدارة الآثار –دون علمه وموافقته وقبل صرفه من الخدمة بشهر ونصف- كمتطوّع وأول اسمٍ في لائحة "أسماء المرشحين لدورة فصائل الحماية الذاتية" التي تنظمها محافظة ريف دمشق للمتطوّعين (الكتاب رقم 321/ص، تاريخ 1/12/2015)، علماً أنه المتخصص الوحيد في القائمة دون وجود غيره من المتخصصين، بل كان جلُّ المرشحين معه من الحرّاس والمراقبين، فكيف يحدث ذلك ولماذا وكيف تمَّ والإدارة تنتظر صدور قرار صرفه من الخدمة؟!، علماً أن إدارة الآثار تعرف أيضاً أنه معفى من الخدمة الإلزامية، وتعرف بوجود عذر صحي لديه منذ عام 2007 يمنعه من القيام بأي مجهود عسكري، وقد تقدّم مجدداً بهذا العذر، مما يؤكد وجود نوايا لإحراجه وإخراجه من العمل بكل الطرق والأساليب!!.

إن عرض هذه القضية لا يسعى كما أشرنا آنفاً إلى الإثارة والاصطياد في الماء العكر كما قد يتوهم البعض، بل هو تساؤل معطوف على الأسئلة السابقة نختزلها بسؤال وحيد نرجو من السيد وزير الثقافة الإجابة عنه: هل يستوجب الاعتراض على أخطاء علمية ومناقشة مدى صحتها في كتاب صادر عن الوزارة وعلى قناة مشهود لها في إعلامنا الوطني، بأن نصرف من الخدمة باحثاً وأكاديمياً دفعت الدولة أموالاً على تخصصه وإيفاده، ولماذا لم يتم الرد (علمياً) عبر البرنامج نفسه وفقاً لمبدأ الدليل بالدليل والحجة بالحجة؟؟!!.

أخبار ذات صلة

• بالصور.. إطلاق فيلم «مطر حمص» للمخرج جود سعيد