سنوات ونحن نشرب قهوتنا مع أهازيج صوتها, ذلك الصوت النقي الذي سمعه كل الأعمار, في الليل والنهار, وفي المقاهي والحافلات, وفي كل مكان نترنم على ألحانها الرقيقة, ونتغنى بشذى أغانيها, لكن عندما خانتها أيادي الغدر, ضاعت في غياهب النسيان, وكأنها شيء ما كان, وأين فيروز الآن, وهل من قيمة تبقى للإنسان, وفي نهاية المطاف هل ستحتاج قمة غنوتنا الصباحية لاعتصامات, واسمحوا لي أن أسميها (اعتصامات فيروزية) لأن الدموع هربت من مقاليها, فهل نسيناها عنوة أم فقط نتذكر من يسلينا, وهذا هو الخبر كما جاء (اعتصم الآلاف من اللبنانيين والعرب في وسط بيروت الاثنين 26 تموز 2010 احتجاجاً على منع المطربة فيروز من قبل ورثة منصور الرحباني من إعادة تقديم أغاني ومسرحيات الأخوين رحباني، الفنانون العرب توافدوا إلى الاعتصام ومن أبرزهم الممثلة المصرية إلهام شاهين، وجوليا بطرس، ورولا سعد، وزياد برجي، وهيام حمصي، ورولا حمادة، وليليان نمري... وغيرهم. كما غاب عن الاعتصام نجوم ونجمات لبنانيات, مثل ماجدة الرومي، ونجوى كرم، وهيفاء وهبي، ونانسي عجرم، وإليسا، وراغب علامة، ووليد توفيق، وعاصي الحلاني... وغيرهم. وقال د. جمال فياض ذات يوم من أيام أواسط القرن الماضي ، رفع الموسيقار الكبير زكريا أحمد دعوى قضائية ضد سيدة الغناء العربي وكوكب الشرق أم كلثوم ، وضد الإذاعة المصرية مطالباً بحقه المادي عن الأغاني التي لحنها لتغنيها ثومه في حفلاتها وتتقاضى عليها أجوراً كبيرة ،وتذيعها الإذاعة المصرية دون أن يصله كملحّن لهذه الروائع أي حق من حقوقه المادية , أي أن الشيخ زكريا يستمع مثل أي مستمع آخر لأعماله الموسيقية وروائعه التي وضع فيها عصارة فنه الجميل ، بصوت أم كلثوم دون أن تكون له أية صلة بها , انتفض زكريا وطالب بوقف إذاعة أعماله ومنع أم كلثوم من أدائها إلا إذا دفعت له أم كلثوم والإذاعة المصرية حقوقه التي قدّرها في حينه بأربعين ألف جنيه مصري , هذه قضية مثبته تاريخياً ، ونهايتها كانت بمصالحة تمت في المحكمة بعد سنوات وسنوات من التخاصم تدخّل فيه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر شخصياً لحلّه بأي شكل كي لا يحرم الخصام الأذن العربية من لقاءات صوت أم كلثوم بألحان زكريا أحمد , فهل تتكرر اليوم قصّة ثومه..؟؟؟؟ وقد قالت ريما ابنة فيروز نحن اليوم دعينا لنعتصم بصمت، ونحن لبيّنا الدعوة، لن نتكلم".
أما الفنانة اللبنانية جوليا بطرس فقالت "فيروز رمز لبنان.. ولديها صوت يهز الأرض.. فلبنان مرادف فيروز". وأضافت "لا يمكن لأحد أن يضع فيروز في مأزق.. لا محكمة ولا قاضي ولا قضية.. ولا أحد"، لكنها عادت لتقول "ليس من اختصاصي التدخل في القضاء، وإنما بالنسبة لي.. فيروز فوق البشر".
أما الممثلة المصرية إلهام شاهين، فقالت "فيروز قيمة كبيرة، فهي رمز للفن العربي.. ونحن في بيروت لنقف معها وقفة وفاء". وأَضافت "ليس من المعقول أن تكون حياتنا كلها ماديات.. وإذا كان الخلاف عائلياً فكان يجب أن يبقى داخل الأبواب"، وأنهت إلهام كلامها بالقول "يا رب يتراجعوا".
كانت فيروز قدّمت على مدى أكثر من نصف قرن أكثر من 15 مسرحية للأخوين رحباني, عاصي زوج فيروز وشقيقه منصور, لكنها عندما عزمت على إعادة تقديم مسرحية "يعيش يعيش" التي عرضتها عام 1970 اصطدمت بقرار الرفض من إدارة مسرح كازينو لبنان، بعد أن استلمت إدارة المسرح رسالة قانونية من ورثة منصور الرحباني أسامة وغدي ومروان.
ويعود الخلاف إلى أن ورثة منصور طالبوا فيروز باستئذانهم أولاً قبل إقدامها على أداء أي من أعمال الأخوين، وبإعطائهم الحقوق المادية عند تقديم تلك الأعمال في أي مكان تذهب إليه, وشكل الأخوان رحباني ثنائياً فنياً وقدما مع فيروز المئات من الأغاني التي أحدثت ثورة في الموسيقى العربية لتميزها بقصر المدة، وقوة المعنى، وبساطة التعبير، وعمق الفكرة الموسيقية، وتنوع المواضيع؛ حيث غنت فيروز للحب والأطفال والقدس والحزن والفرح والوطن والأم.
وتم تقديم عدد كبير من هذه الأغاني ضمن مجموعة مسرحيات من تأليف وتلحين الأخوين رحباني وصل عددها إلى 16 مسرحية.
كانت الخلافات بدأت تظهر إلى العلن أثر وفاة منصور الرحباني العام الماضي, حيث تم استصدار قرار عن وزارة التربية تم تعديله لاحقاً يقضي بتدريس أدب وفن منصور الرحباني في المناهج التربوية من دون الإتيان على ذكر عاصي الرحباني, وتنفي المخرجة ريما الرحباني ابنة فيروز، أن تكون لمنصور وورثته حقوق مادية يتقاضونها من والدتها، بل من جمعية المؤلفين والملحنين وناشري الموسيقى في لبنان والتي يفترض أن تعطيه حقوقه المادية, وأضافت داعية الجميع إلى العودة إلى الوثائق والحقائق والوقائع لأن هذه لا يمكن تكذيبها لأنها وقعت، ومهما حاولوا التضييق على فيروز لن يفلحوا." ومضت تقول إن "فيروز لا تتجاوز القانون ونحن لم نطالب يوماً إن نكون فوق القانون إنما مع القانون, يا ليت الجميع يطبق القانون كما تفعل فيروز".أما أسامة الرحباني، ابن منصور فقال إن ورثة منصور وجهوا رسالة لشركة كازينو لبنان بأن عليها أخذ موافقة الورثة على أي طلب لعرض مسرحيات الأخوين الرحباني، وما فعله الكازينو هو أنه اتبع القانون في رفضه طلب عرض المسرحية، مضيفا بأن "مثل هذا الخلاف يعالج على الطاولة وبحوار مباشر بعيدا عن الإعلام". ولم تتوقف محاولة منع فيروز من الغناء على لبنان، بل امتدت لمحاولة منعها من تقديم أي أعمال في البلاد العربية، كان أولها عرض مسرحية "صح النوم" في دمشق، ضمن احتفاليتها كعاصمة للثقافة العربية عام 2008, وتضامنا معها أعلنت إذاعة دمشق تضامنها التام مع فيروز بزيادة ساعات بث أغنياتها، وخصصت ساعةً يوميةً كاملة بعنوان "أندلسيات فيروز"، بالإضافة إلى الساعات الفيروزية التي تبثها في الصباح والمساء, أما إذاعة "شام إف إم"، فقد أطلقت حملة تضامنية ضد الدعاوى المرفوعة على فيروز، واستضافت خلالها العديد من الشخصيّات الفنية والإعلامية, وكما قالت وتقول دوماً (فيروز في القلب) وستبقى في القلب وأنا هنا لا أتحدث عن فيروز المغنية بل عن نهاد حداد الإنسانة الرائعة وعن كبرياء الطفولة التي تشع من عينيها, ولدت نهاد حداد في منزل مؤلف من غرفة واحدة ومطبخ, في بيروت 21 11 1935.. والدها وديع حداد كان عامل في مطبعة جريدة وأمها ليزا البستاني وأخوتها جوزيف وهدى وآمال, عرفت منذ صغرها بصوتها العذب النقي, التقت الملحن محمد فليفل مكتشفها, اقترح عليها تعلم الفن والموسيقى, وبدأت التمرين على درجات الصوت العربي والغربي في عام1946على يده, ثم عملت بناء على طلب من والدها في الإذاعة, وتلقت أول أجر لها, وبعد ذلك احتضنها الفنان حليم الرومي, وأطلق عليها اسم فيروز, وبسبب مشاغله قدمها لأبرز الفنانين وكان منهم عاصي الرحباني العازف في فرقة خاصة في إذاعة لبنانية أما منصور فكان يعمل في سلك الشرطة, وجاء عاصي إلى مكتب حليم ليعرفه على فيروز فقال له أنه يعرفها ثم بدأ التعاون بينهما بأغنية (عتاب), ثم كان الزواج في 1954 وأنجبت فيروز أربعة أبناء زياد وهلا وليال وريما, وفي عام 1957 وقفت لأول مرة أمام الجمهور الدمشقي وقد غنت في الإذاعة السورية بعد الإذاعة اللبنانية, بعدها توجهت للمسرح وقامت ببطولة عدة مسرحيات أهمها (هالة والملك, صح النوم, أيام فخر الدين) ثم غنت لسيد درويش عدة أغنيات أهمها (زروني كل سنة مرة, الحلوة دي) وكذلك غنت للقضية الفلسطينية, وقد سلمها أميل الخوري في مؤتمر صحفي في بيروت مفتاح مدينة القدس من خشب الزيتون المقدس, وبعدها أبدعت في السينما في فيلم (بياع الخواتم) وفيلم (بنت الحارس) وقال عنها محمد عبد الوهاب (فيروز الممثلة لا تقل عن فيروز المغنية).. وغنت له عدة أغنيات أهمها (يا جارة الوادي) وفي لحن خاص لها أغنية (سهار بعد سهار) وغيرها ... لكن تدخل عاصي قد جعل محمد عبد الوهاب يتوقف عن أعمالهما المشتركة, وفي عام 1972 مرض عاصي بنزيف دماغي ونقل المشفى, ثم تعاونت مع منصور وابنها زياد وغنت له (سألوني الناس) وقد هددت فيروز الصحافة بالابتعاد عن حياتها وعدم التدخل بأمورها الخاصة وليس لعدم قدرتها ومعرفتها الكلام, ثم تم الانفصال بينها وبين عاصي, فاختارت زياد وليد الرحابنة ليلحن لها أغنياتها القادمة فكانت (البوسطة, حبيتك تانسيت النوم) ثم كان التعاون مع فيلمون وهبة له قيمة كبيرة على مسيرة فيروز الغنائية, وكانت قد طلبت من رياض السنباطي أن يلحن لها وذلك في عام 1980, وقد أطلق عليها البعض لقب (شاعرة الصوت) فأين هو هذا الصوت الآن, وما عاد لقهوتنا طعم دون ذلك الحنان, لكن مهما حدث ستبقين في القلب, وستبقى حروف ألحانك في صدورنا, تعزف أغنيات فيروز البقاء فيروز الإنسان ....
07:56
11:05
00:41
19:10
19:10
16:40
16:54
05:28