جهينة نيوز- خاص
في خضمّ عملية بحثنا عن الأسباب الجوهرية التي تسببت بأزمة المشتقات النفطية في سوريا، طالعتنا تصريحات بالجملة والمفرّق لوزير النفط تؤكد أن واقع الانتاج ايجابي، ولكن تصريحات اليوم لوزير الكهرباء والحكومة، وترددات الواقع الراهن، تثبت أن كل ما تم التصريح به يندرج في إطار "البروبغاندا" الاعلامية والنفخ العلني في صدر المواطن لترتفع سقوف تفاؤله، ولكن عندما ذاب سريعاً ثلج أول هجمة قطبية على القطر، ظهر المرج، فسقط المواطن سقوطاً حراً جديداً!
تصريحات متناقضة في الأرقام والإحصائيات تطلقها وزارة النفط حول واقع المشتقات النفطية، وتتأرجح تلك التصريحات كالبورصة بين أسبوع وآخر، فيزيد مليون أو ينقص، لا فرق وإن كانت تلك الفروقات تشكل الكثير الكثير على كافة الأصعدة في قطاع تضبطه قواعد حاكمة في الأثر والنتيجة، الأمر الذي جعل المتابع يتوقف ملياً ويتساءل لماذا اعتمد الوزير غانم الأسلوب الاعلامي النظري في إدارة تحديات هذا القطاع، ولماذا تعاني سوريا اليوم من كل تلك الاختناقات إن كانت أرقام الوزير واقعية وتفاؤله المطلق مستنبط من خلاصة تقارير حول ما آلت إليه القدرة الإنتاجية للمنشآت النفطية ، والسؤال الأهم هو ألا تبدو الحكومة متفاجئة مثلها مثل المواطن المسكين عندما استفاقت من حلم " التعافي - والحال عال العال " الذي أطربها به غانم؟ وإلا كيف يخرج علينا وزير الكهرباء على - سبيل المثال لا الحصر - ليقول إن سبب أزمة الكهرباء هو عدم كفاية الغاز المغذي للشبكة، بينما يقول وزير النفط إن لديه ما يكفي؟!
التناقض بتفاصيله
في شهر تشرين الثاني من العام المنصرم أدلى وزير النفط بحديث مفصل عن عمل وزارته خلال عاميْ 2016-2017، متحدثاً عما سمّاه "المخازين الصفرية للمشتقات النفطية"، التي أدت سابقاً إلى اختناقات على الوقود في البلاد، وقال: "كانت المخازين آنذاك متدنية، وكانت هناك مساعٍ لتعزيزها، ولكن المفاجأة الأكبر تمثّلت بانقطاع التوريدات، ونتيجة ظروف الحرب وخروج أغلب المنشآت النفطية بتلك الفترة، تدنى الناتج النفطي إلى حدود كبيرة جداً، حيث كنا نصدّر، فصرنا نستورد، وللأسف مع نهاية 2016 وبداية 2017 انقطعت التوريدات النفطية، وتعثرت كل العقود المبرمة مع سوريا، نتيجة العقوبات الاقتصادية، ومع انقطاع الوقود تدنت المخازين للحدود الصفرية، ولكن الإجراءات التي اتخذت كانت فنية ومبتكرة من عمالنا، حيث استطعنا أن نعزز المخازين من خلال زيادة عمليات الحفر وعمليات الإنتاج، ما أدى إلى واقع مستقر في المشتقات النفطية والمخازين، وكانت هناك خطة من قبل الحكومة في العقود طويلة الأجل، والنوعية، والتبادلية، فانعكس ذلك على الواقع بشكلٍ واضح .
وفي 18-12-2018 قدم وزير النفط أمام مجلس الشعب عرضاً حول ما أنجزته الوزارة من خططها منذ بداية العام موضحاً أن العمل متواصل لتوفير الاحتياجات من المشتقات النفطية وزيادة الإنتاج والتوسع بالحفر والاستكشاف وتأمين مستلزمات الإنتاج بالمنشآت النفطية والغازية وتأهيل المحطات والحقول المتضررة، وقد طمأن الوزير المواطنين بأن الإنتاج النفطي والغازي في تحسن مستمر وقال: "نحن نسير باتجاه التعافي فيما يتعلق بإنتاج مادة الغاز المنزلي حيث بدأت الاختناقات تنخفض تدريجياً وهي لا تدوم عادة أكثر من أيام قليلة” مؤكداً أن الإنتاج المحلي من مادة الغاز المنزلي ارتفع مؤخراً وبات يغطي 50 بالمئة من الطلب، ما يسهم في تحقيق الاستقرار وسد الاحتياجات من هذه المادة.. كما بين غانم أن الانتاج المحلي للنفط وصل إلى 24 ألف برميل يومياً وإلى ما يقارب ال 16.5 مليون متر مكعب من الغاز...
وفي 16 كانون الثاني 2019، أجاب وزير النفط عن سؤال "هل يكفي الغاز المنتج لمحطات الكهرباء؟" قائلاً بأنه تم الدخول إلى كافة المنشآت النفطية جنوبي نهر الفرات وحفر 60 ألف متر طولي وإدخال 26 بئر غازي وإدخال منطقة شمال دمشق في الانتاج، وكان الانتاج يصل إلى 10.5 مليون متر مكعب من هذه المنطقة قبل الأزمة ونحن ننتج منها حالياُ 17.5 مليون متر مكعب يومياً..
ثروة تنضب مع الزمن، فما هو بديل وزير النفط؟
الشيء الملفت أنه في ذروة الأزمة أتحفنا وزير النفط بخطط استراتيجية للعام 2033 بينما يئنُّ الواقع تحت حقيقة العجز عن تأمين حاجات السوق لأشهر...!...والوزير بخطة "الهروب إلى الأمام" هذه، يقفز بالأزمة اليومية التي يعاني منها المواطن إلى مجهول قد يأتي وقد لا يأتي، تماماً كبواخر الغاز التي وعد بها بعد هدوء العواصف
يقول خبراء في مجال النفط والغاز أن هذا القطاع تحكمه قواعد لا يمكن الخروج عنها، فالثروة الباطنية تنضب مع الزمن ومن الضروري أن نكون مسلحين ببدائل، أما القاعدة الأهم فهي الاستثمار بشكل صحيح وعلمي لئلا نصل إلى حالة الاستثمار الجائر، وبالتالي خسارة الموجود بلا بدائل، تماماً كما حصل بآبار شمال دمشق، حيث ابتدأ الانتاج بـ 900 ألف متر مكعب يومياً ثم بدأ بالانخفاض بالرغم من القيام بحفر آبار جديدة...وفي مثال آخر -يثبت غياب الدراسة الفنية من قبل خبراء حقيقيين- تم حفر آبار جافة تصل تكلفة حفر كل بئر منها إلى أكثر من مليوني دولار! مما يشير إلى أحد أهم أسباب الأزمة الحالية وهو غياب التخطيط الجيد والارتجالية في اتخاذ القرارات والتغافل عن تحذيرات مديري وعمال الحقول.
ختاماً ومما سبق، فعشرات الأسئلة تتجلى برسم وزير النفط فقط، تبدأ بـ"لماذا" ولا تنتهي بـ"لأجل ماذا"، أي لماذا يحدث كل ما يحدث ولأجل ماذا؟
18:08
18:10
18:13
18:34
18:54
02:06
02:07
03:46
03:49
07:42
07:45
23:38
01:06
01:17
04:56
03:27
03:38
04:01
04:05
04:15
04:56
03:12
03:22
03:30
03:36
03:43
03:58
05:01
05:13
05:31
06:44
07:13
16:42
18:17
04:47
05:04