جهينة نيوز-خاص
لا شك أن كل شاشات الوطن متاحة بقدر متساوٍ من الأهمية لأهمِّ رموز الدولة والمواطنين على امتداد مساحة أراضي الجمهورية العربية السورية، تعرض طموحاتهم وهمومهم، وتعبّر عما يختلج في صدورهم من مشاعر وأحاسيس، ولكن ظهور السيدة أسماء الأسد على شاشة الفضائية السورية الرسمية أمس، إنما كان له وقع خاص على الشاشة ذات التاريخ السيادي الطويل، كما جسّد احتفاءً مضاعفاً، مثّل الفرحة بشفاء سيادتها من أخطر أمراض العصر، كما مثّل السرور بظهور سيادتها الأول على تلك الشاشة بعد مرحلة العلاج والشفاء، لبث خبر يُفرح القلوب، وهو في كل الأحوال خبر سيادي من الدرجة الأولى، عكس في شقه الأول الأليم –بشكل أو بآخر- رمزية ما ابتليت به البلاد من أحداث مشؤومة طيلة السنوات الماضية، ثم تبلور في شقه الثاني المضيء بأنباء شفاء سيادتها ضمن صدفة إلهية قدرية تزامن فيها خبر الشفاء بأخبار بلوغ مراحل هامة في الطريق إلى النصر النهائي لسورية على أعدائها.
ولعلها بشرى من مقاس تراتيل أسطورية سورية قديمة، كان الجحيم فيها ينقلب إلى جنة نعيم بعد دورة حياة جديدة، أتقن السوريون خوض غمارها بكل تفاصيلها، فكانت الحياة التي لم تنقطع إلى اليوم صفة أولئك السوريين عبر العصور، وطموحهم اليوم إلى عصور قادمة.
وقد رأينا جميعاً كيف وظّف الإعلام العالمي والعربي –المعادي منه خاصةً- حدث ابتلاء السيدة أسماء بمرضها سياسياً، وكيف استغل آلامها ومحنتها كأنثى وأم، ليجعل منها عبرة لأعمياء القلوب، وكأن الله الحيّ الذي لا يموت في عليائه غافلٌ عن إساءتهم للظن وعمّا يبدونه ويضمرونه في نفوسهم، فكانت عنايته السماوية الأبدية على موعد مع شفاء السيدة، وكان المرض والشفاء معاً عبرة محمودة للصادقين والصادقات الذين عانوا ويعانون من آلام الحياة وأخطر أمراضها.
إنها استعادة العافية والشفاء المبارك والخبر السيادي المُعلن على الشاشة الوطنية الرسمية في أحلك أوقاتها، ذلك أنه مرّ وقت طويل عانت فيه تلك الشاشة الكثير أثناء ممارسة سيادتها الاعلامية –كسائر أخواتها الحكوميات في حقول الاعلام وغيره- فهل يستعيد الاعلام وكل الوطن عافيته أيضاً، مفتتحاً مرحلةً جديدةً كما افتتح أمس شاشته بأجمل لقاء؟!
لقد أرعب التنوّع الاعلامي المحلي عبر أجنحته الخاصة والحكومية في السنوات السابقة، شرائح عدة في البلاد من خلال انزلاقاته المتعددة نحو المجهول الذي ظنه بعض المطوِّرين خطوة نحو الأفضل، إلى أن بات الخبر السيادي أحياناً–وعلى اختلاف مستوياته وحجومه- ضرباً من ضروب الشائعات أو الأخبار المبهمة التي تُركَن في زوايا الشاشات والمواقع، وبينما كان هذا الموضوع يحتاج ببساطة إلى ضبطٍ من قبل أدنى المراتب الاعلامية، فقد أجبرت ارتداداته أعلى الطبقات السياسية على الخوض فيه لتدارك سلبياته، الأمر الذي شرّع الأبواب لجحيم المُغرضين وإشعال معارك جانبية لم تُطفأ شراراتها حتى الآن، وليظهر الاعلام كأخطر الأجهزة ضمن تلك المعارك، فيجرح حين يستخدمه العدو، ويقتل حين يُخطئ صاحبه في استخدامه.
ولا ريب في أن نشوء مذاهب عدة لتفسير مفهوم السيادة الوطنية –في ظل غياب المفهوم الحكومي القانوني التقليدي- قد دمّر العديد من طموحات المواطنين ومتطلباتهم في مؤسسات حكومية عدة، وهو الموضوع الذي يطفو الآن على سطح المياه السورية الراكدة في شتى المجالات، وذلك على شكل معاناة وتذمُّر ويأس وإحباط وصعوبات بالغة في تدبير الشؤون العامة والخاصة وترتيبها والخلاص من ترهلات مراحل سابقة وتكلُّسات قاسية في أروقة الحكومة وبعض العقليات السائدة البائدة التي تديرها في مجالات الاعلام والقضاء والثقافة والمجتمع والاقتصاد والتعليم والبحث العلمي والتربوي وغيره...وكلها قطاعات تعاني جزئياً من الضعف في ممارسة مفهوم السيادة الحقيقي، والذي تذبذب وتأرجح كثيراً في ضوء انفراد بعض المسؤولين بآرائهم وعلاقاتهم الخارجية، وشعور آخرين باكتساب المزيد من حرية اللاقانون والاجتزاء اللامسؤول للقانون، ولتبدو عدالة الوطن كنوّاس فيزيائي ينقذ المرتكبين ذهاباً ويرمي بالأبرياء النزيهين إياباً!
إنها السيادة الوطنية التي تقوم الحروب بسببها ولا تضع أوزارها بيوم أو يومين، وكم ضحّى الوطن والجيش والقائد لأجلها!
وختاماً فإنه الشفاء المبارك للسيدة أسماء الأسد، وليكن شفاء الرمز رمزاً لشفاء كل الوطن وبدء تعافيه وإعلان ذلك على شاشة كل السوريين ومن في حكمهم.
07:00
07:04
07:10
07:13
07:16
07:19
07:23
07:24
14:09
23:10
23:14
23:17
23:50
03:51