خاص جهينة نيوز – كفاح نصر
في لحظة توحش الأمريكي الغارق في الديون و الحروب التي لا نهاية لها كان زلزال بوتين العسكري و الذي له تداعيات لا يمكن حصرها بمقال او دراسة توجب تسليط الضوء عليه في أكثر من مقال و فيما يلي بعض من الأمور التي أصبحت مسلمّات و بعضها خرج عن طاولة التفاوض بعد أن كانت أوراق بيد الأمريكي يحاول التفاوض بها لسنوات مضت:
1- ورقة التهديد بعمل عسكري خارج التفاوض
خلال وجود ديمتري روغوزين في صربيا لتدشين المركز الإنساني الروسي الصربي في مدينة نيشن قال روغوزين : الآن أنصبوا صواريخ اس-300 من خشب و سيرتعد الغربييون خوفاً" في إشارة للناتو و جاء خطاب بوتين ليؤكد أن ما قاله روغوزين أقل بكثير من الواقع فلا حاجة حتى للصواريخ الخشبية و يكفي فقط لأي دولة أن تكون حليفة لروسيا لتصبح محمية من طائرات و بوارج الناتو فما كشف عنه بوتين له تداعيات هائلة و أكثر بكثير من المتوقع و في لحظة قاتلة للغرب, حيث أن ديون الولايات المتحدة الأمريكية تزيد عن 20 تريليون دولار, و غارقة في حروب بلا نهاية و الأكثر من ذلك أصبح المطلوب من الإدارة الامريكية مخاطبة حلفائها من جديد و الأكثر من ذلك يجب أن تنسى مصطلح أن روسيا تحاول تغير النظام العالمي القائم لانه تغير فعلياً, و عليه من يريد أن يتفاوض مع روسيا بأنه قد يشن حرب على سورية أو على كوريا أو على صربيا أو على الجزائر عليه أن يعي حين تقول موسكو لا فعليه أن يذهب الى موسكو و يقول لها سأشن حرب على روسيا أو يخرس الى الأبد.
2- الدرع الصاروخي لا يعني روسيا و خارج طاولة التفاوض
أكثر ما كان يشغل تصريحات المسؤولين الروس الدرع الصاروخي الأمريكي و لكن لم تتأثر روسيا بهذا الأمر على عكس محاولة تهديد امنها في جورجيا حيث تدخلت عسكرياً في حين لم تتدخل في فضائها الجيوسياسي المباشر للضغط على الدرع الصاروخي الامريكي و مثال ذلك ليتوانيا و لاتفيا و استونيا رغم ان التدخل العسكري في تلك البلدان أسهل بكثير من جورجيا أو من سورية و ذلك ربما يؤكد أن موسكو بأقل تقدير من العام 2009 تمكنت من تحييد مخاطر الدرع الصاروخي و لكن لم تكشف عن إنجازاتها حتى أصبحت هذه الإنجازات قيد العمل, و حين أصبح الأمريكي في وضع المتوحش بعد إنسداد الأفق في ملفات أنفق عليها و بحسب ترامب 7 تريليونات دولار دون أي نتيجة, و هو في أمس الحاجة لورقة تفاوض أخرج بوتين ورقة التفاوض بالدرع الصاروخي من يده و أكثر من ذلك إذا أرادت واشنطن أن تعود الى إتفاق الدفاع الصاروخي فهذا سيحتاج الى تفاوض جديد, لأن منظومة اس-500 دخلت مجال التصنيع و منظومة أي-235 بدأت بالإختبارات.
3- اتفاقية ستارت 3 كانت لخدمة روسيا و ليس العكس
الى ما قبل خطاب بوتين كان العالم يعتقد ان اتفاقية ستارت ثلاثة تنازل روسي غير مبرر و بل فسره الكثيرين على أنه ضعف روسي و لكن بعد خطاب بوتين أصبح الإتفاق "ضربة معلم" من جهة تنتقم من خرق واشنطن لاتفاقية نزع الحوامل المتوسطة حين صنعت الامريكي التوماهوك على انه لا ينطلق من الارض ولا يخرق اتفاق نزع الصواريخ متوسطة المدى و الآن ستارت ثلاثة كذلك الأمر لم تتحدث عن الصواريخ المجنحة العابر للقارات, و أكثر من ذلك موسكو قد لا تحتاج الى صواريخ فضائية من طراز سارامات بالعدد المسموح لها في ستارت 3 و عليه فإن الأمريكي الذي كان يعتقد نفسه عبقري منذ عقود بإتفاقيات نزع السلاح تبين أن نهايته كانت موقف وضعه في قمة الغباء لان الأمريكي هو الآن بالتحديد من يحتاج الى العودة الى كل الاتفاقيات السابقة أو سيكون عليه الإختيار ما بين تقليل نفوذه خارج حدوده أو الدخول في سباق تسلح و هو في حال الإفلاس في حين أن محاولة الدخول في سباق تسلح فلربما يتمكن من تحقيق توازن و لكن يستحيل أن يحقق تفوق نووي و يستحيل أن يحقق أي مكاسب من سباق التسلح لان سباق التسلح عبارة عن صرف للأموال و تكديس للديون بدون عوائد مادية.
4- الحروب بالوكالة ليست حكر على الامريكي
جاء الزلزال العسكري الروسي بعد القضاء على داعش في سورية و العراق رغم كل الدعم الذي قدمه الناتو لداعش و بالتالي جاء زلزال بوتين بعد أن تمكنت روسيا بالتعاون مع سورية من الإنتصار في حرب على العصابات بالسلاح التقليدي و لكن في حال أرادت واشنطن أن يستمر الأمر على هذا المنوال يجب أن تأخذ بعين الإعتبار أن عدد القواعد العسكرية الروسية في الخارج بالكاد تتجاوز اصابع اليد في حين إذا قررت موسكو الرد بالمثل فإن موازنة الدفاع الأمريكية لن تكون كافية للحفاظ على أمن الجنود الأمريكيين في الخارج و عليه فإن قيام الأمريكي بنقل داعش الى أفغانستان لا يقلق روسيا من جهة و من جهة ثانية قد تعتبره موسكو حرب بالوكالة عليها و ترد بذات الإسلوب فتجربة القضاء على داعش نجحت حين فشل الأمريكي بتحقيق إنتصار في أفغانستان, و عليه فإن نقل داعش الى أفغانستان قد يخلق نزاع ولكن لن يكون ورقة ضغط.
5- حفظ ماء الوجه
بوتين لم يكشف عن مصير صواريخ التوماهوك التي أطلقها ترامب و تاهت و لكنه أظهر الإدارات التي سبقت ترامب بمظهر الأغبياء جداً جداً و بالتالي حين يحفظ بوتين وجه ماء ترامب لا يعني أنه قلق من قوة أمريكيا فهو هدد قوتها و و وضع اداراتها السابقة في موضع الغبي جداً الغير قادر حتى على تحليل كلام سياسي فضلا عن تقييم مخاطر من إيران الى كوريا الى الصين وصولاً الى زلزال بوتين, و عليه على ترامب أن يقرر السير على طريق من سبقوه أن عليه أن يخرج من أحلام اليقضة و يدرك حقيقة ما يحدث على أرض الواقع لان بوتين غير معني بحفظ ماء وجه أحد سوى بلاده و حلفائه, وقالها بصراحة على الحرس القديم أن يأخذ استراحة.
6- حرب الغاز
حاولت روسيا بكل الوسائل التكامل مع آوروبا و تعرض بوتين لانتقادات شديدة بسبب صفقة حاملات المروحيات الفرنسية و ذلك لتحويل العلاقات الروسية الآوروبية الى علاقات مميزة و لكن الآوروبي سار خلف واشنطن بحجة خطر التبعية لروسيا بالغاز و رغم فشل الأمريكي بعد حروب استمرت 16 عاماً و انفق خلالها الامريكي فقط 7 تريليونات دولار فضلاً عن النفقات الآوروبية و لم يتمكن الأمريكي من تحقيق أي إنجاز, و قد أثبتت السنوات السابقة ان روسيا كانت المصدر الأكثر أمناً للغاز فإذا أراد الآوروبي الغاز الروسي هو معروض للبيع و إذا أراد الغاز الأمري ليشتري و لكن من يحاول الإقتراب من الأمن الروسي في وسط آسيا و القطب الشمالي عليه تحمل تبعات الإعتداء على روسيا و أصبح على الآوروبيين تقرير مصير خط السيل الشمالي الثاني و السيل التركي و خصوصاً أن الأمريكي الآن سيبدأ بإبتزاز آوروبا و حلفائه ضمن سياسة (حلب البقر) بعد أن أغلقت في وجهه الحروب ضد خصومه.
7- لا يوجد صفقة قرن بعد الآن
إعلان بوتين نيته حماية حلفائه يعني أن الأمريكي غير مخول بعد الآن بحل أي مشكلة من طرف واحد بما فيها القضية الفلسطينية و ذهاب واشنطن للتصرف من طرف واحد لن يكون بدون تداعيات و خصوصاً أن الدول الوحيدة عربيا التي تقف في وجه تصفية القضية الفلسطينية هم حلفاء روسيا و على رأسهم سورية و الجزائر و العراق فضلا عن إيران التي تحولت الى حليف استراتيجي لروسيا, و ذلك بعد أن تم تحييد السلاح النووي من أي صراع قادم.
8- العالم لا يعيش حرب باردة بل سباق تسلح
من بدأ سباق التسلح هو الامريكي الذي خرج من اتفاق الدفاع الصاروخي و العالم لا يعيش حرب باردة بل سباق تسلح و على الامريكي أن يأخذ بعين الإعتبار أن الصين كذلك قد لا تكون صامتة في ظل نشر الدروع الصاروخية لان إنتهاك الامريكي للاتفاقات الدولية لم يهدد روسيا فحسب بل هدد دول غيرها, و عليه إذا أراد الأمريكي أن يبقى في السماء عليه تحمل تبعيات غيابه عن الارض لان العالم أصبح عالم متعدد الأقطاب .
00:05
01:53
04:13
21:14
02:28
12:52
18:02
01:57
05:21
21:11