ما بين الشـرق والغـرب.. الطريق إلى «جنيف 2»

الأحد, 2 حزيران 2013 الساعة 20:32 | مواقف واراء, كتبت رئيسة التحرير

ما بين الشـرق والغـرب.. الطريق إلى «جنيف 2»

جهينة نيوز-بقلم فاديا جبريل:

في الوقت الذي يقدّمُ الغرب نفسه ساعياً وحريصاً على حل الأزمة السورية سلمياً، يسعى جاهداً إلى تقويض تلك المساعي في «ازدواجية» مفضوحة تؤشر إلى مدى النفاق السياسي والمناورة الخبيثة بين الادعاء والممارسة!!.

خطوات متسارعة تقدم عليها واشنطن وباريس ولندن في محاولة لخلق عقبات كبرى في طريق الوصول إلى مؤتمر «جنيف 2»، تسقط عن وجهها الأقنعة «الوردية» التي تخفي وراءها قباحة الأهداف الاستعمارية تجاه المنطقة العربية. إذ كيف لمن يقود عدواناً أسقط معه كل المعاني الإنسانية والأخلاقية والدينية، وهتك بكل المعايير السياسية والنظم القانونية، كيف له أن يقود مشروعاً سياسياً لحل الأزمة السورية سلمياً؟!.

في الادعاء، غرب يحترم حريات الشعوب والأديان، لاهث وراء حقوق الإنسان!!.. وفي الممارسة متوحش متلوّن, آخر ما يعنيه الإنسان، يدمر الحضارة الإنسانية في سبيل مصالحه، كما يفعل اليوم في سورية. ولعلّ أكبر صورة من صور هذا النفاق تجلّت بوضوح، حينما أقرّ الاتحاد الأوروبي رفع حظر توريد الأسلحة إلى «المعارضة السورية» في الوقت الذي ترتفع فيه وتيرة حراكه الدبلوماسي تحضيراً لمؤتمر «جنيف 2»، أقل ما يقال في هذه الخطوة إنها انعكاس طبيعي لصورة الغرب الحقيقية التي تتحرك وفقاً لمصالحها حتى لو أُفنيت البشرية كلّها!!.

هذه الخطوة سبقتها خطوات تصعيدية مماثلة تتمثل بدعوة الولايات المتحدة الأمريكية وقطر وتركيا مجلس حقوق الإنسان لاجتماع عاجل بشأن سورية، وأيضاً القرار غير الملزم الذي أقرّته الجمعية العامة والقاضي بتحميل الدولة في سورية «مسؤولية العنف والأحداث الجارية».

وهنا ندرك واقعاً مفاده أن الطريق إلى جنيف مزروع بالألغام والعوائق، ما يجعل الوصول إليها في غاية التعقيد والابتزاز، وهذا ما عبّر عنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بالقول: «إن انعقاد مؤتمر جنيف ليس سهلاً.. والائتلاف السوري المعارض وقوى داعمة له في المنطقة تفعل ما بوسعها للحيلولة دون إطلاق العملية السياسية وتسعى إلى التدخل الخارجي..».

الطريق إلى مؤتمر جنيف، كما يلمس العالم كلّه الآن، تواجهه عقبات أساسية تحول دون الوصول إلى موعده الافتراضي أو المحدّد، إحدى أبرز تلك العقبات الوليد المشوّه المسمّى «معارضة سورية» التي تمّ التقاطها من هوامش التاريخ وتجميعها بهذه الصورة، إذ أشرفت على إنشائها أجهزة استخباراتية عدة لتكون بديلاً للسلطة السورية الشرعية!!. معارضة هي «أشتات» تركيبة مشوّهة لا يمكنها في حال من الأحوال أن تمثل نفسها حتى تمثل الشعب السوري، إذ ليست لديها القدرة على اتخاذ قرار تبعاً لمصالح الدول التي أنشأتها، وهذا ما عبّر عنه سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي «تشتت من أطلقوا على أنفسهم المعارضة السورية وعجزهم عن تحديد من يمثلهم في المؤتمر يشكل العقدة الأساسية التي تواجه هذا الاجتماع».

كما أن ثمّة عقبة أساسية أخرى تتعلّق مباشرة بواقع الحالة السياسية الأمريكية التي تبدو بشكل واضح أن الأمريكي ليس صوتاً واحداً، والإدارة الأمريكية إدارات، وأن القرار النهائي في السياسة الأمريكية كان وما زال مرهوناً برضا اللوبي الصهيوني، إضافة إلى أمر غاية في الأهمية وهو أن وضع الرئيس الأمريكي الذي يعدّ «رئيساً تنفيذياً فقط» محرج للغاية، فعلى سبيل المثال أعلن الناطق باسم البيت الأبيض أن الرئيس أوباما ضد تسليح «المعارضة السورية»، بينما نرى واشنطن ترحب بالقرار الأوروبي تسليح هذه «المعارضة»، ما يؤكد أن السياسة الأمريكية تتجاذبها ضغوط كبرى من أصحاب النفوذ والمصالح، كالمحافظين الجدد والحلفاء والأتباع، وستبقى تلك الأطراف تزيد من ضغوطها حتى تتمكن من إحداث اختراق يهيئ لتحرك تصعيدي كبير في سورية، يضمن استمرار القتال لتحقيق الأهداف الاستراتيجية المرسومة للمشروع الصهيو-أمريكي، وعندها سيطول الطريق إلى جنيف، إن لم يلغَ.

وفي تأكيد على التجاذبات واللااستقرار التي تحكم السياسة الأمريكية يأتي تسلل جون ماكين في زيارته التفقدية لمجموعاته الإرهابية في شمال سورية التي تزامنت مع لقاء جون كيري وزير الخارجية الأمريكية ونظيره الروسي سيرغي لافروف لبحث التحضيرات لمؤتمر جنيف!!.

في الطرف الآخر، أعلنت سورية موافقتها المبدئية على حضور المؤتمر الدولي، بالرغم من تذبذب الموقف الغربي ونفاقه، لتثبت للعالم أجمع أنها ترحب بأي مبادرة لحل الأزمة سلمياً تحت سقف السيادة السورية وإرادة الشعب السوري في تحديد من هم قادته وتقرير مصيره بنفسه، وأيضاً أعلن الحليف الروسي أنه مازال مصراً على المضي في التحضير للمؤتمر وهو المدرك تماماً صعوبة إنجاحه في ظل تضارب الأهداف الكبرى للدول الغربية.

إذاً, هو صراع المحاور «الأضداد» بين محور «غربي» لا يأبه بالقانون الدولي ولا تعنيه إرادة الشعوب، دائماً دينه وديدنه المال والمصالح ومناطق النفوذ وشعاره «الضرورات تبيح المحظورات»، ومحور «شرقي» يناضل لانتزاع حقه في تقرير مصيره بعيداً عن التبعية والارتهان، يؤمن بالعلاقات الدولية والتحالفات القائمة والمبنية على التكامل والندية.

بناء على ما سبق يمكننا القول: إن هذا الصراع المصيري هو صراع طويل الأمد للهدف الكبير الذي نشأ بسببه وهو تشكيل العالم الجديد، مدركين أن الهدف ليس سورية فقط وإنما محور المقاومة الذي يمتد من سورية إلى إيران مروراً بالعراق وحزب الله ومن يدعمهم.

وعلى هذا, فإننا نشهد اليوم مرحلة تحول تاريخي أكثر ما نحتاج فيها المزيد من الصبر والثبات والكثير الكثير من الثقة بقدرة هذا المحور على إفشال المخطط الصهيوني والقضاء على جيشه التكفيري الذي أطل برأسه الفتنوي على المنطقة كلها.

أما نحن السوريين فقد فهمنا جيداً النفاق الغربي ورسخنا قاعدة من عبق الصمود السوري «مهما اشتد نفاقهم فإن الميدان هو الطريق الأقصر إلى جنيف أياً كان رقمه»!!.

جريدة تشرين

أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 نصر سوريا
    3/6/2013
    02:59
    الدول الداعمة للإرهاب .... لايؤتمنون .....
    تمثيلياتهم لاتنتهي ..كلهم إرهابيون يقولون ويقولون وهم لايعرفون ماذا!! اجتماعاتهم السرية المغلقة يقررون من سيقتلون!! ومتى !!لايهم مايقولون ويصفون من كلام متناقض عشوائي لضرورة الكلام بالإعلام !!ولايهمهم سوى النتيجة التي يعرفها الجميع الربح المادي ونهب الدول لا غير...!!!
  2. 2 أبن البلد
    3/6/2013
    21:37
    نعم رســخنا فاعدة من عبق الصمود السوري
    لم ولن تكن الدول الأوربية مناصرة للشعوب أياً كانت ظروفها أو مذاهبها...والتاريح مليء بالأمثلة فهي تلهث وراء مكاسبها حتى ولو كان الثمن حياة شعب أو مستقبله وهي تمد الجسـور لمسـتقبلها فوق الجثث . ونعم نحن السـوريين شـعباً وقيـادةً فهمنا النفاق الغربي مباشـرة كانت أم عن طريق أمراء البترو دولار ...والميدان هو الطريق الوحيد إلى أسـتقلال القرار السوري وما المؤتمرات سـوى أسـتغلال السـياسـة للّعب في الوقت الضائع ومحاولة إعادة تنظيم الخطوط المعادية للمرحلة القادمة
  3. 3 Syrian expatriate
    3/6/2013
    22:57
    وصفك دقيق للأفاععي الغربية.
    لإنهمم قوم لا يؤتمن لهم و حقاً كما قلتي --- أما نحن السوريين فقد فهمنا جيداً النفاق الغربي ورسخنا قاعدة من عبق الصمود السوري «مهما اشتد نفاقهم فإن الميدان هو الطريق الأقصر إلى جنيف أياً كان رقمه»!!. --- فالمجد و الخلود لأبطالنا و لشهدائنا الذين يخطّون بدمائهم الطاهرة فصلً جديدً من تاريخ سورية ا،التي لم ولن تركع لأي قوة في الكون؛ و مهما عظمت أركانها. و دام قلمك كاشفاً لعورات كل المتصهينين المنافقين.

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا