صيف ساخن .. بوتين يسعر الغاز بالروبل وبايدن يلوح بـ عصا المليون برميل نفط يومياً

الجمعة, 1 نيسان 2022 الساعة 18:21 | تقارير خاصة, خاص جهينة نيوز

صيف ساخن .. بوتين يسعر الغاز بالروبل وبايدن يلوح بـ عصا المليون برميل نفط يومياً

خاص جهينة نيوز – كفاح نصر

ربما يعتقد البعض أن العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا هي المعركة القائمة حالياً وهي سبب إرتفاع أسعار الغذاء في العالم وكأن ما يحدث حرب بين بلدين توقف إنتاجهم وليس عقوبات غربية أوقفت الصادرات الروسية وحصار وألغام بحرية أوكرانية نشرتها أوكرانيا عطلت حركة النقل في البحر الأسود من السواحل الأوكرانية وحجزت عشرات السفن.

في الحقيقة المعركة ليست في أوكرانيا بل هي معركة إقتصادية أطلقها الغرب ضد روسيا تداعياتها أثرت على العالم أجمع وبغض النظر عن العمليات العسكرية في أوكرانيا فإن الحرب الإقتصادية القائمة اشتعلت ولن تتوقف بتوقف الحرب في أوكرانيا وبل كان من الممكن أن تتفاقم دون العملية العسكرية في أوكرانيا, وقبل هذه الحرب الإقتصادية وللتذكير جمعت الشركات الأمريكية (فيزا كارد – ماستر كارد – باي بال - أميركان اكسبرس – غوغل – مايكروسوفت – فيسبوك ...الخ) مئات مليارات الدولارات نتيجة فيروس كورونا الذي عطل الإنتاج وسلاسل النقل حول العالم وضمنها أوروبا وأنعش تحويل الأموال والخدمات والانترنيت وجميعها قطاعات تسيطرة عليها الولايات المتحدة, فالحرب الإقتصادية أصلاً قائمة بأشكال مختلفة ولكن مع إنطلاق العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وجد الغرب ذريعته لإعلان حربه الإقتصادية من الباب الواسع ضد روسيا وعلناً و بوقاحة ولكن الى أين تسير هذه الحرب.

وقبل الخوض في تفاصيل هذه الحرب ونتائجها وجب التذكير بأن الإتحاد الأوروبي جمد 300 مليار دولار من الأموال الروسية في البنوك الأوروبية وجميعها من ثمن الغاز الروسي وهو ما يشير الى أن روسيا أصلاً قادرة على الإستغناء عن جزء لا بأس به من عقود الغاز مع أوروبا , تلك العقود التي أموالها كانت تبقى في أوروبا التي هي المستفيد الأول من هذه العقود مع روسيا, في حين كانت روسيا تبيع الغاز وتحصل على أرقام حسابات في بنوك غربية دون أن ترى من المال شيء سوى بعض الأموال ربما التي ينفقها السيّاح الروس عادةً في الخارج.

والحرب الإقتصادية لم تؤثر على العالم النامي والفقير بل أثرت أيضاً على أوروبا نفسها حيث أن الأوروبيين الذين إعتادوا على مشاهدة طوابير الخبز والزيت والسكر في دول تعيش تحت العقوبات الغربية أو في دول يتم نهبها من قبل الشركات الغربية أصبح مواطنوها يبحثون عن الطحين والزيت ويقفون بالطوابير وأما الأسعار بدأت ترتفع أضعاف مضاعفة خلال أيام وتعيش أوروبا نفسها التضخم المفرط رغم أنها تسيطر على جزء كبير من الإقتصاد العالمي فلم يحدث هذا الأمر منذ الحرب العالمية الثانية حين أوقع الأنجليز بين ألمانيا والإتحاد السوفيتي ودفعوا بهتلر لمهاجمة السوفييت فتدمرت أوروبا وكذلك الإتحاد السوفيتي وجمعت واشنطن ذهب العالم أجمع وحولت عملتها الى عملة عالمية نتيجة المعركة التي حرضت عليها لندن و خاضها هتلر وحصدت ثمارها واشنطن وتدمرت على إثرها أوروبا والاتحاد السوفيتي وغالبية العالم باستثناء الولايات المتحدة.

ويعيش العالم اليوم ذات الفتنة بإسلوب مختلف وظروف مختلفة و جزء أساسي من هذه المعركة الإقتصادية للحفاظ على الدولار عملة عالمية بعد أن هشمتها ديون الولايات المتحدة نتيجة الحروب الأمريكية والنهج الليبرالي من جهة والحفاظ على عالم ذا قطبية واحدة عبر محاولة تحييد روسيا للاستفراد بالصين فضلاً عن السيطرة على ثروات القطب الشمالي وبحر قزوين ولكن ما يحدث اليوم يحدث بظروف مختلفة عن الحرب العالمية الثانية رغم أن الأوروبي وقع في الفخ الذي وقع به هتلر سابقاً والأمريكي يستعد لحلب أوروبا وقنص الفرصة مرة أخرى.

وللتذكير الإتحاد السوفيتي قبل الحرب العالمية الثانية كان ضعيف بينما روسيا حالياً وإن كانت ليست القوة العسكرية الأكبر ولكنها الأقوى عسكرياً في العالم ولا منافس لها, والإتحاد السوفيتي كان بدون إقتصاد قبل الحرب العالمية الثانية في حين أن روسيا قد لا تكون قوة إقتصادية ضخمة ولكن تملك إقتصاد مرن وميزان تجاري رابح وإكتفاء ذاتي بنسبة عالية ولها شركاء يعوضون أي نقص محتمل وبل أصبحت عصب الغذاء العالمي في ظل جنوح واشنطن لإنتاج الوقود الحيوي والتخلي عن إنتاج الغذاء وتملك روسيا عقود ضخمة لبيع الغاز الى الصين وفائض إحتياطات طاقة فضلاً عن كونها معبر إلزامي للطاقة من وسط آسيا وأكثر من ذلك الأموال التي حجزها الإتحاد الأوروبي والبالغة نحو 300 مليار دولار تؤكد قدرة روسيا على الإستغناء عن جزء لابأس به من السوق الأوروبية فيما لو أرادت في حين أوروبا تعيش أسوء ايامها نتيجة السياسات الأمريكية فالشركات الأوروبية خسرت عملها نتيجة العقوبات الأمريكية في إيران والعراق وليبيا وفينزويلا وحتى سورية والأسوء من ذلك تعتمد بشكل أساسي على الغذاء والطاقة والمعادن الروسية, وخدمات الفضاء واليورانيوم الروسي المخصب وكذلك الفحم وفحم الكوك فضلاً عن الإستثمارات في روسيا, ولم تخرج حتى الآن من تداعيات فيروس كورونا, والأسوء من ذلك منعها الأمريكي حتى من الشراكة مع روسيا وللتذكير فسخت فرنسا عقد بيع حاملتي مروحيات ميسترال مع روسيا في محاولة لمنع روسيا من إستعادة أموال الغاز خاصتها وإبقاء أكبر كمية من الأموال الروسية في أوروبا.

ومما سبق يمكن القول أن حرب هتلر على الاتحاد السوفيتي يمكن وصفها بنزهة مقارنة بالحرب الإقتصادية الأمريكية الأوروبية ضد روسيا حالياً, وهذا ما كشفته الأيام السابقة حيث أن روسيا أقل تضرراً من أوروبا بشكل كبير جداً نتيجة الحرب الإقتصادية التي أطلق عنانها الأمريكي وتبعه الأوروبي ضد روسيا حيث استعاد الروبل قيمته خلال شهر والأسهم الروسية صاعدة ورجال الأعمال الروس لم يعد يغريهم الغرب وأصبحوا يعودون لبلادهم نتيجة العنصرية الغربية والأسعار متوازنة على العكس تماماً للأوضاع في أوروبا التي بدأت تتحول الى جحيم لدرجة يمكن القول أن أوروبا هي من يدفع ثمن الحرب الاقتصادية التي شنتها أوروبا والولايات المتحدة ضد روسيا وأكثر من ذلك فصلت روسيا أسعار الغذاء الداخلية عن ما يحدث في العالم.

 

في حين لاتزال الولايات المتحدة الرابح الوحيد نتيجة هجرة رؤوس الأموال الأوروبية الى الولايات المتحدة وجنبي الأموال من بيع السلاح للأوروبيين علماً بأن الأرباح الأمريكية ستكون محدودة على المدى الطويل في ظل طرح الروبل كعملة لتجارة الغاز وخدمات الفضاء الروسية ولكن الأمريكي لايزال رابح حتى الآن والأوروبي خاسر في حين نرى روسيا وكأنها تقول (يا جبل ما يهزك ريح).

وفي ظل تفاقم الحرب الإقتصادية وبعد أن امتصت روسيا الصدمة بشكل كامل وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرار كرد على حجز 300 مليار دولار في الإتحاد الأوروبي يقضي الدفع بالروبل لشركة غازبروم ثمناً للغاز والدفع في موسكو وفي البنوك الروسية, فهل تتحمل أوروبا فسخ عقود الغاز, و من الخاسر من سقوط عقود الغاز مع روسيا.؟

وأما بخصوص خيارات الأوروبي لشراء الغاز وبحسب البيانات المتوفرة تؤكد أن الكثير من الدول الأوروبية غير قادرة مطلقاً على الإستغناء عن الغاز الروسي في حين بعض الدول الأوروبية قد تغامر وتستغني عن الغاز الروسي لثلاث أشهر في أحسن حال وتصبح مخيرة ما بين شراء الغاز بالروبل وبالتالي رفع عقوباتها عن روسيا أو الشراء من شركة نوفاتيك الروسية التي لازال بإمكانها بيع الغاز الروسي باليورو والدولار ولكن ومع توقف إمدادات غازبروم سيرتفع الغاز لأسعار خيالية وتكون أوروبا قد وقعت في شر عملها.

وفي حال نجحت أوروبا بالصمود دون الغاز الروسي لثلاث أشهر سيكون عليها خلال هذه الفترة شراء غاز أمريكي وبكميات محدودة وبأسعار مرتفعة جداً (سيربح الأمريكي مجدداً) وهو ما سينعكس على كل الصناعات الأوروبية ولكن ماذا ستفعل في الشتاء ..؟ علماً بأنه في الشتاء الفائت حتى الولايات المتحدة نفسها إشترت الغاز الروسي وبالتالي ستكون أوروبا أمام كارثة وإذلال غير مسبوق للروسي في أبعد تقدير حتى الشتاء القادم ويصبح السؤال المطروح كيف سيخرجون من الحفرة التي بيدهم حفروها.؟ وهل حقاً يمكنهم الإستغناء عن الغاز الروسي علماً بأن هذا الشعار طرح منذ عام 2002 حين كان الغاز الروسي يشكل فقط 22% من واردات الإتحاد الأوروبي فهل يمكن تحقيق الهدف اليوم و40% من واردات الغاز الأوروبية مصدرها روسيا؟

وأما الأمريكي في أول رد له على قرار بوتين تسعير الغاز بالروبل كان عبر طرح مليون برميل نفط بشكل يومي ولمدة ستة أشهر وطبعاً مثل هذا السلاح كانت الولايات المتحدة تستعمله ضد الإتحاد السوفيتي فهل يمكن أن ينجح ضد روسيا.؟ وفقط للتذكير روسيا قادرة على بيع النفط بسعر أقل من 50 دولار دون أن توقف الإنتاج في حين مثل هذا السعر سيوقف إنتاج النفط في الولايات المتحدة نفسها وقد عاش العالم هذه التجربة (تجربة إغراق الأسواق بالبترول) ولم تتأثر روسيا بل أوبك التي سارعت الى روسيا لتوقيع إتفاق أوبك بلس ودول الخليج من دفع الضريبة, وللتذكير فقط فإن روسيا شقت طريق بحر الشمال رسمياً وأصبح بمقدورها تغيير اتجاه ناقلات النفط ومن المستبعد تماماً أن تؤثر الخطوة الأمريكية على روسيا بشكل مؤلم ولكن يبدو أن الأمريكي يراهن على صيف ملتهب ويصبح السؤال هل يمكن لستة أشهر أن تزعزع إستقرار روسيا دون أوروبا؟

من المبكر التكهن بتبعات ما يحدث الآن وخصوصا أن هناك ترقب لرد فعل حلفاء واشنطن وبشكل خاص السعودية بخصوص إغراق الأسواق بالنفط والأهم هو المفاجئة التي قد أعدها الروسي و لكن إن تفاقمت الحرب الإقتصادية سيخسر المواطن الروسي رحلاته السياحية الى الخارج في حين سيخسر الأوروبي لقمة طعامه, ومن شبه المستحيل زعزعة إستقرار روسيا ولكن من غير المستبعد زعزعة إستقرار دول أوروبية.

و أما عن النتائج الحتمية فمن المؤكد أن الدولار لن يبقى العملية المهيمنة ولن يبقى عصا بيد الأمريكي لتجويع الشعوب وما توسل الولايات المتحدة لفنزويلا لإعادة إنتاج النفط بعد أن كانت لا تعترف بسلطتها والركض خلف إيران للعودة الى الإتفاق النووي سوى نموذج صغير عن المستقبل القادم حين يسقط الدولار ودليل على الورطة الغربية, ولكن يمكن الجزم بأن الغرب الذي يعتقد بأنه حفر حفرة لروسيا قد وقع في شر عمله ومقبل على ورطة كبرى خلال الأشهر القادمة.


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 محمود
    2/4/2022
    22:05
    فقاعة الغاز الخبيثة
    سردية لا بأس بها..وهذا لا يفرحني حتى يكتمل نصاب الأحداث منطقيا...الغاز الروسي هو المسيطر صحيح وتبقى ثغرة قطر...قطر التي رفضت التعاون مع موسكو لخلق توازن في سوق الغاز...قطر التي هاجم أمنها أو زعرانها بلباسهم الرسمي السفير تترينكو وداسوا رأسه على التراب...قطر هذه بحاجة لتأديب وعقاب مؤجل إلى متى؟ لا حاجة لروسيا لتلتهي بهذه الفقاعة الخبيثة-قطر- يكفي تسليح سوريا بما يلزم لتكون الفقاعة وغازها اللعين في خبر كان... على روسيا التصرف بحكمة بعيداً عن الاستهتار بسم العقرب، وهي الخبيرة بغدر جورجيا وبولندا واليوم أوكرانيا .. أميركا القبيحة على شفا جرف هاو، تحتاج لمن يدفعها فيه برفق حتى لا يزعج دويّ سقوطها طمأنينة الأمم. التحية للجيش الروسي والسوري وسائر الحلفاء

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا