جهينة نيوز-خاص:
على الرغم من إعلان الحكومة سلسلة من الإجراءات الاحترازية للتصدي لفيروس "كورونا"، وهي تعليق الدوام في الجامعات والمدارس والمعاهد التقانية العامة والخاصة لدى كل الوزارات والجهات المعنية ابتداء من 14-3 ولغاية 2-4 واتخاذ الإجراءات اللازمة لتعقيم المدارس والجامعات بما يضمن توافر الشروط الصحية للطلاب، وتخفيض حجم العاملين في مؤسسات القطاع العام الإداري إلى حدود 40 بالمئة، إلا أن جميع تلك الإجراءات السابقة يبدو أن تنفيذ بعضها ما زال معلقاً إن لم يكن مستحيلاً لدى بعض الدوائر والوزارات التي أدمنت انتظار التعليمات لتنفيذ قرارات الحكومة، وما نراه من ازدحام حتى هذه اللحظة على الأفران وصالات السورية للتجارة، والذي يعدّ بيئة خصبة لانتشار الوباء أكبر دليل على ما نقوله.
وبغض النظر أيضاً عن الإجراءات الحكومية الاستباقية المتخذة للتصدي للفيروس، وتعزيز سبل الوقاية وتقليل فرص الإصابة والانتشار، والقرارات المتعلقة بإغلاق مراكز خدمة المواطن في كل المحافظات والمتنزهات الشعبية والحدائق العامة ودور السينما والمسارح والنوادي والملاهي الليلية وصالات المناسبات للأفراح والعزاء، أو تأكيد السيد وزير الصحة الدكتور نزار يازجي عدم وجود أي إصابة مثبتة في سورية حتى الآن، وتشديده على الاستمرار بتطبيق الإجراءات الصارمة على المعابر والمنافذ الحدودية للتأكد من حالة القادمين إلى سورية واتخاذ ما يلزم في حال وجود أية حالة مشتبه بها، إلا أن هذه التأكيدات النظرية –باعتقادنا- غير كافية لتعميم الوعي بالوقاية من الوباء الكامن الفتاك، ما لم تقترن اليوم بخطة حكومية عملية تخفّف من الازدحام والأماكن المكتظة بالمنتظرين، وخاصة على الأفران وصالات السورية للتجارة!!.
قبل يومين أعلنت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عن اتخاذ جملة من الإجراءات لتخفيف الازدحام عن الأفران وصالات ومنافذ بيع مؤسسة السورية للتجارة في إطار الإجراءات الاحترازية للتصدي لـ"كورونا"، وخرج المشاركون بالاجتماع الذي ضم مديري التجارة الداخلية وحماية المستهلك ومديري فروع السورية للتجارة بالمحافظات بحزمة من الإجراءات أبرزها اعتماد آلية جديدة لتوزيع الخبز والتوسع الأفقي من خلال المعتمدين في جميع المحافظات وزيادة عدد أكشاك البيع وتعزيز صالات السورية للتجارة بالمواد والسلع الأساسية الضرورية للمواطنين وشراء أفضل أنواع المعقمات والمنظفات من المعمل أو المستورد مباشرة وتوفيرها بأسعار منافسة، والتأكيد على زيادة عدد صالات السورية للتجارة والتي وصل عددها إلى 150 صالة و(ستقوم) ببيع المواد عبر البطاقة الإلكترونية، والاستفادة من أي مكان متوفر لافتتاح صالات جديدة بالتعاون مع وزارة الإدارة المحلية والبيئة، إضافة إلى زيادة عدد السيارات الجوالة لتغطية مختلف الأحياء والمناطق التي لا يوجد فيها منافذ بيع والتشدد بموضوع ضبط الأسعار ولاسيما مواد التعقيم والتنظيف.
كما أعلن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور عاطف نداف أن جميع السلع الغذائية متوفرة في الصالات ومنافذ البيع وتم منح صلاحيات لمديري الفروع لتبسيط الإجراءات واتخاذ القرارات بعملية الشراء كما تم الطلب من المديرين تعميم تجربة حمص واللاذقية ببيع الخبز عن طريق المعتمدين على بقية المحافظات والتي أدت إلى تخفيف حالة الازدحام على المخابز، لافتاً إلى أنه سيتم شراء منتجات من وزارة الصناعة ومعامل القطاع العام بما فيها المنظفات والمعقمات لبيعها في صالات السورية للتجارة بأسعار أقل من السوق. إلا أن مراجعة بسيطة لإجراءات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وإسقاطها على واقع الشارع في دمشق وريفها، على سبيل المثال لا الحصر، سيدحض تصريحات الوزارة وفحوى اجتماعاتها، فالازدحام متواصل على الأفران وصالات السورية للتجارة بغية الحصول على المواد الأساسية للأسرة السورية حتى اللحظة، ناهيك عن الغلاء المتفاقم ولعبة التّجار ومحتكري السلع الغذائية التي تعرفها الوزارة، وتغيب عن أنظار وجداول عمل دوريات حماية المستهلك!!.
إن كانت الجهات الحكومية تطالب المواطن بالخضوع لإجراءاتها الاحترازية، وهي ضرورية بالتأكيد، فالأولى بهذه الجهات أيضاً ألا تتوانى في مواجهة الازدحام والبحث عن حلول عاجلة للحد منه، وصولاً إلى منعه نهائياً.. فهذا الوباء الفتاك لن ينتظر التعليمات التنفيذية والخطط الخجولة المؤجلة.. فماذا نحن فاعلون؟!