جهينة نيوز خاص
لا شك أنه في إطار الحرب الاقتصادية المعلنة على سورية، عبر الحصار الاميركي الدولي، فإن ذلك سيترك –بل يجب أن يترك- أثره على عمل الحكومة، أولاً وللتخفيف عن الشعب، فهذه الحكومة يجب أن يتجسد أداؤها في كسر الحصار -بعد أزمة طويلة تسببت بها حرب الارهاب المفروضة على البلاد- وليس إدارة البلاد اعتيادياً كأية حكومة في بلد لا يعاني من حصار جائر وعقوبات قاسية...
وبالتأكيد فما نقوله بديهي لكل مواطن، ولا يحتاج إلى تنظير سياسي أو شرح إعلامي عالي المستوى من هنا وهناك، فأداء الحكومة لكسر الحصار، إنما هو دفاع عن الدولة والشعب والمؤسسات، ويُخاض هذا الدفاع كما تُخاض أعتى الحروب، ويُعامَل خلاله المواطن الأعزل من القرارات، أفضل معاملة ممكنة، باعتباره المستهدف الأول من الحصار، والهدف الأسمى لكسره. عمل روتيني للحكومة، لا يكسر الجمود ولا "الحصار"!
خلال جلسة مجلس الوزراء المنعقدة في 18/1/2022، أكد المهندس حسين عرنوس رئيس المجلس، ما اكّد عليه في أكثر من مناسبة تلت مطلع السنة الجديدة 2022، سواء في لقائه مع وسائل الاعلام المحلية، او بعد ذلك خلال الجلسة مع مجلس الشعب... وذلك دون الافصاح عن آليات فعلية تُذكِّر بالحصار وكسره، ويمكن لمسها فوراً على الأرض...أما ما أكّد عليه فهو "أهمية تنفيذ خطة عمل الوزارات وفق ما هو مبرمج ومحدد للعام ٢٠٢٢ وربط التنفيذ ببرنامج زمني محدد، والحد من هدر الموارد وترشيد الإنفاق، وضرورة توسيع دور مؤسسات التدخل الإيجابي لتشمل كافة المنتجات الزراعية وزيادة الإنتاج في مختلف القطاعات لاسيما الزراعي والصناعي"...
نظام حوافز استعجالي، هل سيواجه حمّى الصعوبات المعيشية؟
فبدوره أكد المجلس في الجلسة المذكورة على "الإسراع بإعداد نظام حوافز بما يسهم في تحسين الوضع المعيشي للعاملين ويحقق زيادة في الإنتاج ويقلل التكاليف"، كما كلّف المجلس وزارة الصناعة "وضع استراتيجية وبرامج تنفيذية محددة لاستنهاض المؤسسات الإنتاجية بمجالاتها الغذائية والنسيجية والهندسية وتعزيز تواجد منتجاتها بالأسواق المحلية"...
ولمناقشة ما ورد، فنحن نرى خططاً عامة قّدِّمت بعناوين برّاقة، لم يعد أحد يرغب بسماعها، بقدر ما يرغب بضمانات تطبيقها الفوري على الأرض.
تنقيب عن النفط والغاز
ومن ضمن التكليفات ذات الأمد الطويل، كلف المجلس وزارة النفط "زيادة عمليات الحفر والتنقيب واستكشاف آبار غازية جديدة ومتابعة العقود المبرمة مع الدول الصديقة في هذا المجال"...
وكما نلاحظ، فالتكليف السابق ربما يحل مشكلة حيوية في سنوات قادمة، لكنه لا يوفر للمواطن احتياجاته المنزلية من الغاز والمحروقات، الآن في هذا الفصل البارد.
تعميم التجارب الطارئة
شهدنا قبل أيام –وبفعل توجيه رئاسي- كيف عولجت مشكلة الحمضيات، بدرجة معقولة من النجاح، مما حدا بمجلس الوزراء في جلسته المذكورة على تشديد "المتابعة المستمرة لتنفيذ القرارات الخاصة بتسويق موسم الحمضيات وتعميم التجربة على باقي المحاصيل الزراعية...فهل حقاً سنشهد ذلك "على باقي المحاصيل"، وقد آذنت شمس حصاد بعضها بالسطوع؟
أي وقت محدد للطاقة الكهربائية؟
من ناحية أخرى شدد المجلس على "تنفيذ تأهيل مشاريع الطاقة الكهربائية ووضعها بالخدمة في الوقت المحدد"، ولا نعرف لماذا لم يشدد على حل فوري وسريع لإضاءة مناطق بأكملها ترتجف برداً وتتيه في العتمة –وخاصة في الأرياف ولو بالتقنين المديني- ثم يتابع المجلس بهدوء "تنفيذ تأهيل مشاريع الطاقة"؟
أسواق "نعمة البلد"، هل هي جديدة؟!
وبخصوص "أسواق الهال" فقد تحدث المجلس عن ضرورة استثمارها بالشكل المطلوب والتوسع بالأسواق الشعبية بما يمكّن من تأمين المنتجات بكميات كافية وبأسعار مناسبة"...!...وهنا قد يسأل سائل: هل أسواق الهال والأسواق الشعبية جديدة في البلاد؟
الجفاف أثّر على الانتاج الزراعي، فأين التعويض الفوري للمزارعين المتضررين؟
قال وزير الزراعة والإصلاح الزراعي في الجلسة المذكورة "إن المجلس أقر ميزانية صندوق التخفيف من آثار الجفاف وأثر العوامل الطبيعية على الإنتاج الزراعي بميزانية قدرها 14 مليار ليرة سورية، بهدف التعويض على الفلاحين في حال حدوث أية أضرار ناتجة عن الصقيع والبرد والعواصف الهوائية أو أية أضرار على الإنتاج الزراعي النباتي والحيواني بنسب محددة"... وقد وصف وزير الزراعة تلك الإجراءات بأنها تأتي "حرصاً من الحكومة على تلافي حدوث أية خسائر للفلاحين نتيجة الأضرار التي تلحق بالإنتاج الزراعي وتمكين الفلاحين المتضررين من الاستمرار بالإنتاج الزراعي".
90% قمح وشعير مبذور...متى الحصاد؟
من ناحية أخرى لفت وزير الزراعة إلى أن مجلس الوزراء ناقش أيضاً واقع الإنتاج الزراعي وما تم تنفيذه حتى الآن في المساحات المقررة للزراعات الشتوية حيث وصلت نسبة المساحات المزروعة بالقمح والشعير إلى 90%، إضافة إلى نسبة جيدة من باقي المحاصيل المقرر زراعتها من المحاصيل الطبية والعطرية التي تتم زراعتها الآن، كما تمت زراعة كامل المساحات المقرر والمخطط زراعتها بالمحاصيل البقولية.
دورة علفية جديدة قديمة
وأوضح وزير الزراعة أنه "تم دعم الثروة الحيوانية بفتح دورة علفية جديدة بحيث يتاح لمربي الثروة الحيوانية الحصول على مقنن علفي جديد مع استكمال المقنن العلفي السابق، وبالتالي تم تمكين المربين من الحصول على كافة المخصصات من المقننات العلفية للدورة السابقة والحالية"...
ولكن هل يتطابق ذلك التصريح مع ما يرفع عقيرة مربي الدواجن بالصياح؟
ما هو وضع "الفرّوج" وهل سيبقى محلِّقاً بأسعاره؟
وأشار وزير الزراعة إلى أنه "رغم ارتفاع أسعار الأعلاف في السوق المحلية لم نقم برفع أسعارها بل حافظنا على الأسعار المعتمدة سابقاً" (!) وبالتالي "وصلت نسبة الدعم في بعض أنواع الأعلاف الموزعة إلى 40% من الأسعار الرائجة"، ويأتي ذلك –حسب الوزير- "تعزيزاً للدعم الذي تقدمه الحكومة للقطاع الزراعي في هذه الظروف الصعبة".
وبرأينا فإن "الحفاظ على الأسعار المعتمدة سابقاً"، والتي أججّت تحديداً أسعار الفرّوج (النيء والمطبوخ)، هو فشل ذريع.
"الماء يكذّب الغطاس"
وختاماً لا شك أنه مجهود إداري كبير يقوم به مجلس الوزراء، لكن النتائج على الأرض غير مطابقة لما يدور في جلسات المجلس ويُطلق بعدها من تصريحات، أما السوق، فإنْ كذب فيه البائع، فإن الشاري –المواطن- لا يكذب أبداً!