خاص جهينة نيوز – كفاح نصر
في المقالات الثلاث السابقة تم الحديث عن العوامل الطبيعية التي ادت الى انتقال الصناعة الى خارج الولايات المتحدة ولاسيما الصين وعن نشر الفوضى لاهداف جيوسياسية التي أسفرت عن وضع مغاير لما تريده واشنطن مروراً ببدأ فقدان الاحتكارات الامريكية وصولا الى التحديات التي على واشنطن مواجهتها من الصفر ويضاف إليهم وهو جوهر هذا المقال فقدان الأمريكي السيطرة على الممرات العالمية ولاسيما منها حديثة العهد.
من المعلوم أنه خلال فترة حكم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر لم يكن هناك سيطرة غربية على قناة السويس رغم العدوان الثلاثي على مصر ولكن ومنذ وصول السادات الى الحكم تعتبر معابر العالم تحت السيطرة الامريكية ولاسيما في الشرق الأوسط, واستغلت الولايات المتحدة حالة عدم الاستقرار في الصومال التي تم تدميرها عبر صندوق النقد الدولي لمهاجمة السفن لخصوم واشنطن وفي حال أشعلت الولايات المتحدة حرب مع الصين بالوكالة في تايوان على سبيل المثال أو مع الفلبين يمكن تقييد الصادرات والواردات الصينية ولكن وضع العالم تغير جذرياً وإنعكست الإمور رأساً على عقب وأصبح من الملاحظ ودون تحليل فقدان الأمريكي السيطرة على الممرات التجارية الرئيسية في العالم.
ممرات جديدة
يعتبر ممر بحر الشمال أكبر خدمة جليلة قدمتها روسيا للصين حيث بإمكان الصين الوصول الى أوروبا ليس فقط براً عبر روسيا وبل أيضاً بحرا عبر ممر الشمال ومع نهاية هذا الشتاء أصبح هذا الممر مفتوح صيفاً شتاءً واضافة الى ممر بحر الشمال أصبح هناك ممر آخر مباشر من الصين الى شرق روسيا وبناء عليه أصبح التأثير الأمريكي شبه معدوم حتى في حال إشعال حرب مع الصين ضمن تايوان الصينية علماً بأن خطط نقل صناعة أشباه الموصلات من تايوان الى الولايات المتحدة لم تنتهي وقد تطول لثلاث سنوات أي ان الحرب مؤجلة, ولكن لا يمكن للولايات المتحدة التأثير بشكل واسع على الصين لوجستياً علماً بأن أصدقاء الصين (أصدقاء حتى التحالف) يملكون سيطرة على ممرات مائية أخرى فمحاولات الولايات المتحدة وبريطانية السيطرة عسكريا على مضيق باب المندب للسماح للسفن المتوجهة الى إيلات بالمرور نجح الحوثيين بالسيطرة ليس فقط على باب المندب وبل أكثر من ذلك على المحيط الهندي وفي الجهة الثانية لشبه الجزيرة العربية كامل مضيق هرمز تحت السيطرة الإيرانية وتملك إيران أيضاً ميناء نفطي من خارج مضيق هرمز فأي تطور للاحدث لا يمكن للأمريكي السيطرة على أي ممر حيوي في العالم والمثير للسخرية أن الولايات المتحدة وبسبب حادث بسيط فقدت السيطرة على ممر ميناء بالتيمور داخل الولايات المتحدة نفسها , وكذلك هناك ممر جديد وهو ممر شمال جنوب ويضاف إليهم طريق الحرير الصيني والذي ومع نهاية احداث الشرق الأوسط يكون فعليا مكتمل وعليه يصبح مضيق جبل طارق وحتى مضيق البوسفور مناطق يمكن التخلي عنها في حال الصدام العالمي وفي المقابل فإن ممر الشمال يضغط على قناة السويس في مصر وممر شمال جنوب يضغط على مضيق البوسفور في تركيا مع العلم أن كل من مصر وتركيا تسعيان للحصول على أكبر نسبة من السياح الروس وفي كل من البلدين استثمارات نووية روسية والدولتين تعتمدان على القمح أو مرور القمح الروسي أي أصبح لزاما عليهما الحياد قدر المستطاع في الصراع القائم بين روسيا والناتو .
وعلى ما سبق أصبح هناك عدة نقاط يمكن لأي متابع ملاحظتها وعند جمع ما سبق يمكن الجزم بأن جرى ويجري هو عزل العالم الأنجلوساكسوني عن كامل اسيا وكامل افريقيا وصولا الى الدول التي طردت الغرب ولاسيما مالي النيجر وبوركينا فاسو وذلك من خلال تقيد عمل القوات البحرية الامريكية والسيطرة على الممرات التجارية وخلق ممرات جديدة والاستغناء عن الاحتكارات الامريكية وبالتالي يتم صنع عالم جديد لا تأثير فيه للأنجلوساكسونيين يشمل أوراسيا وكامل الجنوب العالمي, ولكن يبقى السؤال ولاسيما أن الحروب لم تنتهي بعد وبشكل خاص في فلسطين المحتلة هل يمكن إنقاذ الولايات المتحدة من الإنهيار القادم وخصوصا أن ترامب يطرح شعارات مثل عودة الولايات المتحدة عظيمة وعودة الصناعة الى الولايات المتحدة والقضاء على الدولة العميقة وهو جوهر المقال القادم هل يمكن لديمقراطية الشرطي السئ والشرطي الجيد إنقاذ الولايات المتحدة.