خاص جهينة نيوز – كفاح نصر
ست أشهر من القتال وأحياء بكاملها تحولت إلى رماد لم يترك الإسرائيلي مشفى أو جامع أو مدرسة أو طفل إلا وارتكب بحقه جريمة حرب حتى تجاوز عدد الأطفال الضحايا الـ 15 ألف طفل ودمر مئات الجوامع والمدارس وآلاف الأبنية.
ورغم ذلك "الإنجاز العسكري للعدو صفر" فكانت الإستراتيجية الثانية التي حدثت في الأسابيع الأخيرة وهي قيام الأمريكي بفتح معبر بحري في غزة من طرف واحد (دون قرار أممي أو قرار فلسطيني وبالتالي احتلال أمريكي بالقوة لمنفذ بحري) ويأتي هذا المنفذ وبإعتراف الأمريكي لتفتيش البضائع في قبرص وفي الجانب الأخر أغلق الإسرائيلي معبر رفح عبر السيطرة عليه عسكرياً وبدأ بذات الوقت العملية العسكرية التي نفذها سابقاً وفشلت, أي أن سحب القوات والهدوء السابق لم يكن سوى مهلة للامريكي لبناء ميناء بحري ليتم إكمال المعركة وفق وضع لوجستي جديد وهو ما يعني وبدون تأويل اتهام أمريكي إسرائيلي لمصر بتوريد السلاح لغزة أو تسهيل تدفق السلاح.
هل زودت مصر غزة بالسلاح أو سهلت مرور السلاح..؟
زعم جيش الاحتلال وجود مكونات عسكرية صينية في قطاع غزة وشوهدت أسلحة زود بها الغرب القوات الأوكرانية وبيعت في الأسواق السوداء بيد فصائل المقاومة الفلسطينية ولكن مثل هذه الأسلحة تم تهريبها قبل الحرب ولكن السلاح المستعمل في المعركة ليس من الأسلحة التي دخلت عبر الحدود, فالوضع في غزة مثلاً يختلف عن أوكرانيا فهناك قطارات تحمل المدافع والدبابات المدمرة لإصلاحها في بولندا وقطارات تنقل المعدات العسكرية للقوات الأوكرانية من الخارج ولكن في غزة لا يوجد سيارات ولا دبابات ولا وسائل دفاع جوي أو مدافع ذاتية الحركة وحتى الصواريخ غالبتها من منصات ثابتة, وغالبية الأسلحة الفلسطينية الضاربة ذاتية الصنع ولاسيما قذائف الياسين التي تستعملها القسام والتي دمرت مئات الدبابات والمدرعات المعادية وبمعادلة بسيطة فإن الإشتباكات البرية فرضاً لو كانت 200 يوم من إجمالي المعركة وهي أقل من ذلك باستهلاك 50 قذيفة يومياً وما استعملته حماس أقل من ذلك, فاجمالي ما استعملته حماس أقل بكثير جداً من 10000 قذيفة منذ بدء الحرب ومثل هذا الرقم متواضع جداً حيث أن هذه القذيفة لأول مرة تدخل المعركة والحديث عن حاجة المقاومة لسلاح عبر الحدود نسبة للسلاح الخفيف المستعمل لايزال من المبكر الحديث عنه, وخصوصاً أن الضربات التي توجهها المقاومة اقتصادية لابعد الحدود فحالات نادرة التي احتاجت لها دبابات العدو لأكثر من قذيفة, والحديث عن دخول أسلحة من مصر أمر غير متوقع تماماً.
لماذا الإستراتيجية الجديدة..؟
من المؤكد أن مصر لن تكون شريك بالعدوان على المدنيين الفلسطينيين ولذلك جاء الأمريكي بجلالة قدره للمشاركة في الحرب ويبدو أن الحديث يدور عن التجويع عبر السيطرة على ممر المساعدات وذلك لاستهداف القاعدة الشعبية للمقاومة, ولكن حتى هذا الاحتمال وإن كان ممكن ليس مكتمل لأن العدو بدأ عملية عسكرية جديدة في أكثر من محور ولاسيما مخيم جباليا وحي الزيتون, فالأمريكي لن يسمح بتدمير رفح قبل القضاء على المقاومة في شمال قطاع غزة و وسطها فماذا يعني تدمير كامل قطاع غزة وعدم القضاء على المقاومة ..؟؟ إنه كارثة حقيقية, ولكن ما يحدث يمكن إختصاره بالتالي:
حصل جيش العدو على هدنة عبر الإنسحاب من محاور القتال و وقف الهجوم وانقذ جيشه من الإنهيار في محاور غزة.
بدأ عملية جديدة في محاولة بائسة ثانية لدخول قطاع غزة والسيطرة عليه بعد استراحة لعدة أسابيع حصل خلالها على ذخائر وأكمل الإستعداد لحرب تجويع جديدة بتبادل الأدوار مع الأمريكي في محاولة التأثير على القاعدة الشعبية للمقاومة
ولكن ما حصل عليه العدو حتى الآن هو أن المقاومة أصبحت أقوى الآن والضربات الجديدة أكثر إيلاماً في حين يبقى خيار التجويع واستعمال المساعدات كسلاح ضد المدنيين كما تفعل جبهة النصرة في إدلب عبارة عن خيار يمكن اللجوء إليه ولكن قد يقابله ضرب إمدادات الاحتلال الصهيوني في البحر الابيض المتوسط وقد توعدت السلطات اليمنية بذلك وقادرة على ذلك.
في النهاية وبناء على الأحداث الماضية يمكن التوقع و بل الجزم وهو ما ستكشفه الأشهر القادمة بأن ما يحدث الآن جزء من التخبط الإسرائيلي ومن خلفه الأمريكي وما يقوم به العدو مبني فقط على إنعدام الخيارات وعلى الأمريكي أن يدرك أن عليه أما الدخول بقواته إلى المنطقة أو الرحيل وتأجيل إعلان إنتصار المقاومة لأسباب إعلامية رخيصة متعلقة بالانتخابات سيزيد الطين بلة و بل من المؤكد بأنه قد يعطي نتائج عكسية.